أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام ابراهيم عطوف كبة - -موريس كورنفورث والبراغماتية والفلسفة العلمية- (1-7)















المزيد.....

-موريس كورنفورث والبراغماتية والفلسفة العلمية- (1-7)


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 6653 - 2020 / 8 / 21 - 22:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نشرت في صحيفة"طريق الشعب" العدد 165 التاريخ: 22 نيسان 2008 مقالة بعنوان:"حول الملامح التربوية للفلسفة البراغماتية" – هذه المقالة وغيرها من البحوث المماثلة تحيي لنا،بجهل او بتعمد ولغاية في نفس يعقوب، الخصائص الرجعية للفلسفة الوضعية، فالتربية عندها هي الحياة وليس اعدادا لها، وهي توكيد للمبدأ المثالي الذاتي(التعليم بالعمل)وفق الفيلسوف جون ديوي(1859- 1952)او تفسير الحركة بتعقب نتائجها العملية الخاصة وفق الفيلسوف وليام جيمس.
ولغرض اطلاع اكبر عدد ممكن من القراء على مضمون البراغماتية سنقوم بنشر سلسلة المقالات للكتيب المعنون "البراغماتية والفلسفة العلمية" لمؤلفه موريس كورنفورث / ترجمة:ابراهيم كبة / منشورات الثقافة الجديدة / 1960 / مطبعة الرابطة/بغداد

موريس كامبل كورنفورث (1909 – 1980) : استاذ الفلسفة الماركسية في جامعات لندن وكامبريدج في مواد البراغماتية والفلسفة التحليلية
ابراهيم كبة (1919 – 2004) : استاذ الفكر الاقتصادي والاقتصاد السياسي في جامعات بغداد والمستنصرية ووزير الاقتصاد والاصلاح الزراعي في اول حكومة بعد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة
يضم كتيب"البراغماتية والفلسفة العلمية" فصل مهم تضمنه الكتاب الرئيسي الذي كرسه الفيلسوف البريطاني التقدمي المعروف موريس كورنفورث لنقد وتعرية البراغماتية ومدارس الفلسفة الوضعية المعاصرة،بعنوان(العلم ضد المثالية)- لندن،1954.وقد طبع الكتاب عدة مرات وبنسخ محدثة حتى وقتنا الحالي ، نعرض واجهات بعضها .
وكتب ابراهيم كبة في تقديمه هذا الكتيب :"ولست اشك في ان استيعاب هذا الفصل القيم،سوف يساعد القراء على اكتشاف الجذور الآيديولوجية لكثير من المناقشات الدائرة في الوقت الحاضر،وعلى اضافة سلاح آيديولوجي جديد لأسلحتهم في معركتهم الظافرة ضد الاستعمار والرجعية،في سبيل تثبيت وتطوير مكاسب الشعب "
ضم الكتيب - الفصل من كتاب كورنفورث :
1. البراغماتية كنوع من المثالية الذاتية
2. "المنطق التجريبي"و"منطق البحث"
3. النظرة الطبيعية للفكر
4. المعرفة والحقيقة
5. وجود العالم المادي
6. مشروع العلم
7. (مثالية العمل)كفلسفة للامبريالية الامريكية

آيديولوجيتان فقط !
" ان القضية موضوعة بهذا الشكل فقط : آيديولوجية بورجوازية او آيديولوجية اشتراكية. وليس هناك من حل وسطى – لأن الانسانية لم تأت بآيديولوجية ثالثة - ،ثم انه من جهة اخرى ، في مجتمع تمزقه التناقضات الطبقية ، لا يمكن البتة ان توجد آيديولوجية خارجا عن الطبقات او فوق الطبقات – ولذلك فان كل انتقاص من الآيديولوجية الاشتراكية ، وكل ابتعاد عنها يفترضان حتما تعزيز للآيديولوجية البورجوازية..."
لينين

البراغماتية كنوع من المثالية الذاتية

البراغماتية هي اتجاه امريكي خاص من الفكر الوضعي . ولقد كان لها ممثلوها الخاصون في بلدان اخرى امثال ف.ج.شيلر في بريطانيا ولروا في فرنسا وبابيني في ايطاليا- لكنها لم تكن لها جذور عميقة خارج الولايات المتحدة الامريكية.
لقد ايد وليم جيمس في كتابه (البراغماتية) نسبة صياغة تعبير البراغماتية كاتجاه فلسفي الى جارلس بيرس وذلك بقوله: (ان الاصطلاح مشتق من نفس الكلمة الاغريقية – براغما – التي تعني العمل،والتي اشتقت منها كلماتنا- براكتس – و – براكتيكال - ،اي عمل وعملي . ولقد ادخلت لاول مرة في الفلسفة من قبل السيد جارلس بيرس في عام 1870،اذ قال السيد بيرس في مقاله : ( كيف نجعل افكارنا واضحة ؟ ) بعد اشارته الى ان اعتقاداتنا هي قواعد حقيقية لافعالنا،بانه لاجل تطوير معنى فكرة ما،لا نحتاج الا الى تقرير ما عسى ان يكون نوع السلوك الذي تنتجه الفكرة،وان السلوك هو في نظرنا يمثل معناها الوحيد.. وللحصول على الوضوح التام في فكرتنا عن شئ ما لا نحتاج الا الى اعتبار ماهية الآثار العملية المتصورة التي يحتمل ان ينطوي عليها ، وما نوع الاحساسات المتوقعة منه،وما هي ردود الفعل التي يجب ان يهيئ لها. ان مفهومنا لهذه الآثار يمثل بالنسبة الينا كامل مفهومنا عن الشئ المذكور)(1).
وهكذا قال جيمس: (بأن الاسلوب البراغماتي يتضمن تفسير كل حركة،بتعقب نتائجها العملية الخاصة)(2)،ثم اوضح ذلك،مستعملا تعبيرا رمزيا شائعا في التجارة العملية: (اذا كنت تتبع اسلوبا براغماتيا فيجب ان تأخذ من كل كلمة قيمتها النقدية العملية،وتحركها ضمن تيار تجربتك .ولذلك يظهر هذا الاسلوب،كمنهاج لمواصلة العمل اكثر منه كحل للمسائل،وعلى الخصوص يظهر كاشارة الى الطرق التي يمكن بواسطتها تغيير الحقائق القائمة . وهكذا تصبح النظريات ادوات،وليست اجوبة على الالغاز يمكن الاطمئنان اليها.اننا لا نجمد عليها بل نتقدم،وبالمناسبة نستعين بها على مراجعة الطبيعة باستمرار)(3).وقد لاحظ جيمس بعد ذلك: (ان التزامنا بالتفتيش عن الحقيقة هو جزء من التزامنا العام للعمل على ما يعود علينا بالربح . ان الارباح التي تعود بها الافكار الحقيقية هي الاسباب الوحيدة التي تجعل من واجبنا متابعتها)(4).
وقد طور جيمس(مفسرا)الافكار والنظريات،بمقاييس(نتائجها العملية).وبهذه الطريقة باحثا عن(قيمتها النقدية العملية)كمفهوم متميز بطبيعة الحقيقة باعتبارها(خصيصة من خصائص بعض الافكار).او كما يقول جيمس: (ان الحقيقة تحدث لفكرة من الافكار،انها تصبح حقيقة،بواسطة الحوادث.ان حقيقتها هي في الواقع حدث،عملية تطورية،اقصد عملية تحقيق نفسها،تحقيقها،كما ان صحتها هي عملية تصحيحها)(5).
ان هذه(العملية التحقيقية)هي شئ نقوم به نحن تجاه افكارنا،مستخدمين اياها،حسب تعبير بيرس(كقواعد لعملنا).وهكذا فان الحقيقة لا تنطوي على(اتفاق)افكارنا مع حقيقة(واقع)سابقة ومستقلة،اي مع العالم الموضوعي المادي،او مع المركب(المعني)من حواسنا،بل انما الافكار والنظريات تصبح حقيقية بنسبة خدمتها لنا(كأدوات)في الحياة العملية.
يمكن ان يرى الانسان مما جاء اعلاه بأن البراغماتية كسائر الانواع الاخرى من المثالية الذاتية،تقدم (اسلوبا لتفسير)افكارنا ونظرياتنا.ان هدف البراغماتية لا يزال منحصرا في تفسير(ما نقصده)باحساساتنا المختلفة،واظهار ان(ما نقصده)هو ليس ما يقوله في ذلك الماديون او ما يوحي به العقل السليم.ان افكارنا ونظرياتنا لا تشير الى العالم المادي الموضوعي القائم مستقلا عن تجربتنا الخاصة.ان صحتها او خطأها لا يتوقفان على انطباقها مع الحقيقة الموضوعية،بل بالعكس انها تشير فقط الى ما يجري في داخل نطاق تجربتنا الذاتية،وان خطأها او صوابها يتوقفان على كيفية عملها(في داخل تيار التجربة).ان هذا هو المذهب التقليدي للمثالية الذاتية الذي تكون البراغماتية اذن مجرد احد انواعه.ولهذا السبب،انتهى لينين الى انه من وجهة النظر المادية،يكون الفرق بين البراغماتية والانواع الاخرى من المثالية الذاتية(تافها وعديم الاهمية)(6).
ويتميز النوع البراغماتي عن الانواع الاخرى من المثالية الذاتية بتأكيده على(العمل).ان التجربة بالنسبة للبراغماتية تجربة(عملية)اي انها ليست مجرد تيار من الانطباعات الحسية،بل تيار من النتائج المجربة للافعال،ان الافكار لا تقتصر على فسخ او اعادة انتاج عناصر التجربة،وان وظيفتها لا تقتصر على مجرد ربط المعطيات الحسية او تسجيل الملاحظات او التنبؤ بنتائجها،ان الافكار انما(تحرك في داخل تيار التجربة)،وان ما تعنيه،هي ان تفسر وان توصف حقيقتها بمقاييس النتائج المجربة للعمل عليها.
وهكذا فقد فسر بيركلي عبارة(هناك طاولة في مكتبي)بانها تعني(لو كنت في مكتبي لربما ادركتها).اما النوع البراغماتي من البيركلية فيود ان يغير هذا التفسير بحيث يجعله يحمل ليس فقط ادراكي،بل مجموع تيار(القيم النقدية العملية)التي يمكن ان ترتبط بالادراك المذكور.ان البراغماتي،وهو اكثر عملية من بيركلي،يود ان يقول: (لو كنت في مكتبي لما ادركت فقط طاولتي،بل لجلست اليها،وكتبت بحثا في الفلسفة من شأنه ان يكسب لي منصب الاستاذية،وعقدا لاذاعة جملة احاديث اذاعية ودخلا ثابتا).ان الفرق هو مجرد في فرق التأكيد،ان البراغماتيين يتفقون مع بيركلي في انكار(ان الاشياء لها وجود ومستقل عن كونها قابلة للادراك).ان ما يؤكدون عليه،هو ان افكارنا عن الاشياء لا تشير فقط الى مدركات معينة،بل لمجموع تيار النتائج المجربة لافعالنا.ان الفلسفة البراغماتية تمثل اعادة صياغة الافكار الذاتية التقليدية،في الظروف الخاصة المتميزة للحياة الامريكية،في الجزء الاخير من القرن الماضي والجزء الاول من قرننا الحاضر.انها على الاخص لا تحتمل اي نوع من النظريات العامة،او اي نوع من انواع التفلسف النظري الذاتي او المريح،انها مقتنعة بثبات ان مشكلة الانسانية العظمى هي (انجاز التزامها لفعل ما هو مربح)وانها مطمئنة الى انه بالامكان انجاز هذا الالتزام،بل واكثر من انجازه،من قبل الناس المغامرين.انها تحاول ان تفسر وتقيم جميع الافكار بالمقياس المذكور.
ومما هو جدير بالذكر،ان وليام جيمس روج لفوائد فلسفته لمعاصريه من الامريكان تماما على طريقة التاجر الواقع تحت ضغط شديد.ان الاقتباسات التالية كان يمكن ان يحصل عليها الانسان تماما من احدى روايات أ.و.هنري:
(والآن ما هو نوع الفلسفة المعروضة عليك لسد حاجتك؟تجد الآن فلسفة تجريبية ليست دينية بما فيه الكفاية وفلسفة دينية ليست تجريبية بما يكفي لغرضك.اما انا فاعض عليك الشئ الذي يسمى بغرابة ونفور(البراغماتية)كفلسفة يمكن ان تسد كلا النوعين من الطلب،فيمكن ان تبقى دينية كالعقلانية،ولكنها بنفس الوقت كالفلسفات التجريبية يمكن ان تبقى على تماسها الغني بالحقائق.اني آمل ان تجد هذه الفلسفة لدى الكثير منكم نفس التأييد الذي تجده لدي..وحسب المبادئ البراغماتية،اذا كانت فرضية الله تفعل مفعولها بشكل مرض بالمعنى الواسع للكلمة،فهي اذن صحيحة .. وعندما اقول لك بانني كتبت كتابا حول تجربة البشر الدينية اعتبر بوجه عام مؤيدا لحقيقة الله،ربما اقلعت عن اتهام براغماتيتي بتهمة كونها نظاما الحاديا..ان نوع الدين الجماعي والاخلاقي الذي عرضته،هو تركيب ديني لا يقل نفعا عما كان من المحتمل ان تجده بنفسك)(7).
ان هذه الجمل تظهر البراغماتية،كسائر اشكال المثالية الذاتية،هي الاخرى تقدم توفيقا بين وجهتي النظر الدينية والعلمية . وكما لاحظ لينين: (ان البراغماتية تستنتج الخالق للاغراض العملية وللاغراض العملية وحدها)(8).انها تعتبر كلا العلم والدين كمؤشرين للعمل اكثر من اعتبارهما نظريتين عن طبيعة العالم،وان لكل منهما مكانه الخاص في توجيه السلوك الانساني.
ان هذا الجانب من جوانب البراغماتية،جذب اليها انتباه اناتول فرانس الذي لاحظ ما يلي بهذا الصدد: (لقد اخترعت في المدة الاخيرة البراغماتية بالضبط للغرض المكشوف لتثبيت صحة الآراء الغيبية في اذهان العقليين)(9).
وفي الواقع،كان للبراغماتية تأثير مهم في الثيولوجيا البروتستانتية والليبرالية المتجددة في الولايات المتحدة وغيرها،على ان البراغماتية هي اكثر من اسلوب لتبرير الغيبية.ان هذه هي احدى مهامها فقط. انها تؤدي اكثر من اي شكل آخر للمثالية،الى مجموعة كاملة من التبريرات الرأسمالية،تشمل جميع ميادين النشاط الاجتماعي،منتجة مختلف النظريات المرشدة الى طريق(القيم النقدية العملية)في التاريخ والقانون وعلم النفس والتربية والتجارة والسياسة.وبمقارنة البراغماتية كنظرية للتفسير واسلوب(لتوضيح)معنى الافكار،مع الانواع الاخرى من المثالية الذاتية الاوربية،نلاحظ لاول وهلة بعض الفروق الصارخة كما يلي: فحسب رأي الانواع الاوربية،يجب تفسير الافكار والنظريات والآراء،كقواعد للتنبؤ بنظام ترتيب الاحساسات.اما البراغماتية فترى انها(قواعد للعمل)و(ادوات)لمساعدتنا (على التقدم الى امام،وبالمناسبة مراجعة الطبيعة بين حين وآخر).
وحسب الوضعيين الاداريين يجب ايضاح فكرتنا عن شئ ما ببيان(ماهية الاحساسات التي تتوقعها منه).اما البراغماتية فتضيف الى ذلك(ماهية ردود الفعل التي يجب ان تتهيأ لها).ان البراغماتي لا يجد اية(قيمة نقدية)بمجرد ملاحظة الاشياء،بل يجدها بالاحرى في(عمل ما هو مربح)وهو يهتم فقط (بالارباح التي تعود بها الافكار الحقة).وحسب الوضعيين الاوربيين ينطوي(التحقيق)على مقارنة نماذج الآراء بنماذجها المتبعة في الخبرة.اما بالنسبة للبراغماتية فانه ينطوي على(تحريك افكارنا في العمل).ان البراغماتيين لا يهتمون بمقارنة الافكار بالوقائع،بل بايجاد (الطرق التي تمكن من تغيير الوقائع القائمة).
ان البراغماتية تستبدل مفهوم هيوم الذاتي والفردي الخالص في الوقائع،باعتبار ان الانسان ما هو الا(حزمة من الاحساسات)،ذلك المفهوم الذي خيم على الفلسفة الاوربية مدة طويلة،تستبدله بمفهوم الانسان باعتباره فاعلا في تبادل التأثير مع محيطه،دائبا على العمل وعلى انجاز النتائج،مغيرا الاشياء المحيطة به.ومهما تبدو هذه التعديلات في الموقف التقليدي المثالي الذاتي،لاولئك الذين يعلقون قيمة على ظواهر الكلمات،متضمنة الكثير مما يصلح للموافقة عليه،الا ان ما تعبر عنه التعديلات المذكورة هي فلسفة فقط اكثر عدوانية من الاشكال التقليدية للفلسفة البورجوازية من ناحية اخضاع جميع الاعتبارات المبدئية والمتصلة بالحقيقة لكسب (القيم النقدية)،بل هي ايضا اكثر اضطرابا وتناقضا ذاتيا في نظريتها للمعرفة.
ويمكن التعبير عن الصعوبة النظرية الرئيسية والمركزية التي تعتور البراغماتية،بطرقة اولية،بالشكل التالي:
من الصحيح اننا نحتاج الى صياغة الافكار والنظريات لا لتنسيق معطياتنا الحسية بل لتوجيه سلوكنا،وارشادنا،اي(مراجعة الطبيعة بين الحين والآخر)و(تغيير الوقائع القائمة)،الا ان تغيير الوقائع بصورة واعية يفترض وجود الوقائع المذكورة المطلوب تغييرها،ومعرفة خواصها وارتباطاتها وقوانين حركتها.ولقد كتب بحق – وان لم يكن ذلك من قبل احد البراغماتيين – بأن (الحرية هي معرفة الضرورة)،اي اننا نستطيع ان نتوجه بصورة مباشرة الى النتائج المقصودة بقدر معرفتنا بالخصائص الموضوعية وقوانين الاشياء والعمليات التطورية التي يجب علينا معالجتها.ان افكارنا التي نعالجها،لاجل ان تؤدي غرضها (كقواعد للعمل)،يجب ان تجعل متفقة مع الاشياء الحقيقية وخصائصها،ويجب ان تعيد تمثيل،وان(تنسخ)ارتباطات وقوانين العالم الموضوعي.وكما عبر لينين: (يمكن ان تكون المعرفة مفيدة بيولوجيا،مفيدة في العمل،مفيدة في حفظ الحياة وحفظ النوع،فقط عندما تعكس حقيقة موضوعية مستقلة عن الانسان.وبالنسبة للمادي،يبرهن نجاح العمل على الاتفاق بين افكارنا والطبيعة الموضوعية للاشياء التي ندركها)(10).
والبراغماتية من الجهة الاخرى ترى كامل اهمية الافكار في وظيفتها البراغماتية(كقواعد للعمل)،والانطباق الوحيد الذي تقترن به مع الحقيقة،هو الانطباق بين خطة معينة للعمل وبين الانجاز الناجح للخطة المذكورة.وكما ان الوضعية الاوربية فسرت الافكار كقواعد للتنبؤ بترتيب الاحساسات،فان نفس البراغماتية تفسر الافكار كقواعد للسلوك.وعليه فبالرغم من بعض الفروق انهما يتفقان في القاء الضباب في تفسيراتهما على حقيقة اننا نقوم فعلا باكتشاف قوانين عمليات التطور المادية الموضوعية،واننا انما نبني المعرفة على اساس العالم المادي الموضوعي.وفي قضية وليام جيمس،ادى به هذا في كتاباته الاخيرة لصياغة فلسفة(للتجربة الخالصة)اطلق عليها اسم(التجريبية الراديكالية).
لقد كتب وليام جيمس: (ان نظريتي هي اننا لو انطلقنا من الافتراض بأن هناك مادة اولية واحدة في العالم،مادة ينطوي عليها كل شئ،واذا اسمينا هذه المادة- التجربة الخالصة-،عندئذ يمكن تفسير المعرفة بسهولة كنوع خاص من العلائق المتبادلة بين اجزاء مختلفة من التجربة الخالصة.ان العلاقة نفسها هي جزء من التجربة الخالصة.ان احد طرفيها يصبح الذات – اي حامل المعرفة او العارف - ،ويصبح الطرف الآخر موضوع المعرفة.ان هذا بحاجة الى الكثير من الايضاح قبل ان يتم فهمه)(11).
ولاشك ان الجملة الاخيرة صحيحة.الا ان ما يبدو انه قابل تماما للتفسير،هو ان جيمس بانكاره اية اشارة الى العالم المادي الموضوعي كان ملزما ان ينتهي الى الاتفاق مع بيركلي وماخ وكثير من الميتافيزيين المثاليين الذاتيين الآخرين،من ان الشئ الوحيد الموجود وهو(التجربة الخالصة).انه يذهب الى حد تأكيد ما سبق ان اكده ايضا الفينومولوجي الالماني هسرل،بأن هذه(التجربة الخالصة)(مكتفية بذاتها)اطلاقا،(وان كان كل جزء من اجزاء تجربتنا يستند على الجزء الآخر..الا ان التجربة كمجموع،تكون مكتفية بذاتها ولا تستند على اي شئ)(12).
وبهذه (التجريبية الراديكالية)يكون المفهوم البراغماتي لمعنى الافكار قد ارجع في النهاية من قبل وليام جيمس الى نفس المفهوم التقليدي الذاتي تماما،وان(القيمة النقدية)للافكار اصبحت تدفع بعملة (التجربة الخالصة).

الهوامش

(1) وليم جيمس: (البراغماتية)،ص 46،بالانكليزية.
(2) نفس المرجع،ص 45.
(3) نفس المرجع،ص 53.
(4) نفس المرجع،ص 230.
(5) نفس المرجع،ص 201.
(6) لينين: (المادية والنقد التجريبي)،الفصل السادس،المقطع الرابع،الحاشية،بالانكليزية.
(7) وليم جيمس: (البراغماتية)،ص 15،33،299،301.
(8) لينين: (المادية والنقد التجريبي)،الفصل السادس،المقطع الرابع،الحاشية،بالانكليزية.
(9) اناتول فرانس: (ثورة الملائكة)،الفصل 30،بالانكليزية.
(10) لينين: (المادية والنقد التجريبي)،الفصل الثاني،المقطع السادس.
(11) وليام جيمس: (مقالات في التجريبية الراديكالية)،ص 4،بالانكليزية.
(12) نفس المرجع.



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اختطاف افراح شوقي يرفع الى الواجهة ملف جرائم الميليشيات وافع ...
- قانون الحشد الشعبي والميليشيات
- الشبيبة الديمقراطية العراقية وذكرى ميلاد اتحادها المجيد
- الحط من القيمة التاريخية لثورة 14 تموز في العراق - تعقيبا عل ...
- ديناميكا الفوضى في الطبيعة والمجتمع والنموذج العراقي
- وطنيون ام همج ورعاع؟!
- متى كانت مسابقات ملكات الجمال فعالية ماسونية ؟!
- العدالة الاجتماعية – المفهوم والكوابح والمعالجات/العراق نموذ ...
- العدالة الاجتماعية – المفهوم والكوابح والمعالجات/العراق نموذ ...
- العدالة الاجتماعية – المفهوم والكوابح والمعالجات/العراق نموذ ...
- العدالة الاجتماعية – المفهوم والكوابح والمعالجات/العراق نموذ ...
- داعشيات ما قبل الداعشية
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 24 والأخير
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 23
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 22
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 21
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 20
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 19
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 18
- عقد كامل على رحيل عالم اقتصادي متميز- 17


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلام ابراهيم عطوف كبة - -موريس كورنفورث والبراغماتية والفلسفة العلمية- (1-7)