|
ثم لم يبقى أحداً..؟؟
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 6653 - 2020 / 8 / 21 - 13:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ثم .. لم يبق أحداً ؟! سيمون خوري: ثم لم يبق احداً ، عنوان رواية للكاتبة " أجاثا كريستي " إستعرته دون إستئذان .لا أحد يستأذن الموتى .والنص لا علاقه له بالراحلة كريستي ، أو الأموات الأخرين. بل ببعض الأحياء الأموات كلينيكياً. -------------------------------------------------------------------------------------------- على خشبة المسرح ، كرسي واحد فقط . لممثل عجوز واحد . يؤدي دور الزعيم والشعب معاً. مقاعد فارغة ، رحل الجميع ولم يبق احداً . سوى بضعة أفكارعجوزه من زمن الصحراء . تمارس مونولوجها الذاتي . مثل كافة المجترات الأخرى ، التي أفرزت مناخاً مجدباً ، وعقيماً واتجهت بالحياة نحو " الآخرة " ولما كانت " الآخرة " غيباً فقد تفننوا في الحديث حولها بلا دليل . ولا أحد يملك سوى الصراخ ..مثل رهان " باسكال " . صراخ ، صراخ ..ثم يخفت الصراخ ، وتتحول الشعارات الى فؤوس وبنادق والى عنف الثنائيات . يسار ويمين ، سني وشيعي ، مسلم ومسيحي كافر ، خائن و " وطني " ؟! ..الخ الكلمات التي تفننت بها العقليات التي ابتليت بمرض التهريج. وهكذا تبقى الدماء تسكن أودية الجهل . لأن الوهم المقدس تحول الى واقع والخرافة الى تراث . حتى هذيان أدعياء الدين وكوابيسهم ، تحولت الى عقائد وصولاً الى رموزهم. هنا مسرح العجائب ، " ماريونيتس ". وموطن كافة الأنبياء ومدعي النبوة ..؟! والسيوف والنصوص معاً.هل يمكن أن نتحول الى شىء اخر غير الوهم بأننا " خير أمة اخرجت للناس " وكما نتهم القوى العظمى بالأمبريالية ، والسعي للهيمنة الكونية . فنحن ايضاً لدينا ذات الأفكار الأمبريالية في الهيمنة، الأثنية والدينية على العالم . بغض النظر حول قدراتنا الذاتية. هذه العقلية المحنطة غير قادرة على عقد صلح مع المستحيل ..مع الآخر المختلف . بعضنا كأفراد إستنشقنا الموت، وأدركنا مبكراً قيمة الدفاع عن الإنسان ، وليس عن " الإله " فهو لا يحتاج لمن يدافع عنه أو يقاتل في سبيله ، منحه الحياه ولم يصادر سعادته .نؤمن بالخمرة مثل " ابو نواس " فمن لا يحتسي الخمر لا يدخل الجنة . انها لحظة الصدق مع الذات.لا شئ مقدس سوى الإنسان، وما عداه من أفكار ونصوص ترتدي عمائم ، ليست أكثر من كلام في الريح. أعتقد أنه من حسن حظي، أدركت ولو متأخراً حكمة " برتراند رسل " الفيلسوف الأنجليزي " لست مستعداً للموت من أجل أفكار " ي "، لأنها قد تكون خاطئة ". من يدري .؟! ولهذا بقيت في السنوات الاخيرة " كأيوب العصر" الحديث ، يملؤني الرعب والحزن معاً، بل والتعاطف، وأنا أتأمل طوابير اللاجئين والمهاجرين من سفينة " نوح " هذا " التيه " في شوارع المدن الاوربية وليس الإسلامية ؟؟،.ولانني مثل هؤلاء المساكين عانيت ايضا قساوة الهجرة في طفولتي، أتعاطف معهم وأشعر بتلك المرارة القاسية داخل ذواتهم . وشكرا لليونان التي منحتنا مواطنيتها في الوقت الذي أغلق فيه الأخرون أبوابهم ، حتى اوطان سابقة .ورغم وجود حالات سيئة ومتخلفة ، بين صفوف المهاجرين واللاجئين ، بيد أن ذلك لا يؤدي الى إطلاق أحكام عامة على الجميع . بشر فقدت ايمانها وثقتها وخسرت اوطانها السابقة ، ومرابع طفولتها . رحلت دون حقائب . إمتطت صهوة الموت . و دون نظرة الى الخلف كزوجة نبيهم " لوط " التي خسرت فرصتها في الرحيل. وضحت بمستقبلها عندما نظرت الى ماضيها. ثم لم يبقى احداً..؟ .ربما المكسب الوحيد للهجرة واللجوء ، هذا الهروب الكبير من مختلف الأعمار، من بلدان التعددية العرقية والطائفية ، هو هامش الحرية الكبير المتاح للإنسان .وخاصة للإجيال الشابة الصغيرة .واتمنى ان يجري استثمار هذا الهامش من الحرية ، بما يعيد لهذا الإنسان انسانيته خاصة المرأة التي هدر دمائها في أوطانهم السابقة .وعلى حد رأي صديقي الكاتب " طلعت ميشو " في امريكا ، أنه لو جرى رفع الحصار عن إمارة غزة ، وقيود الهجرة والسفر من البلدان " العربية " الأخرى لن يبق احد ..؟؟! على كلا الحالات اتمنى لكافة الناس الخير والسلام والاستقرار . و " هجرة مباركة " رغم أني لست ممن يؤمنون بالمعجزات حتى لوكانت ورقة يانصيب . لذا فقد إستهلكت زمني الأخير في جدل ذاتي عميق . اغلق مساءاً نافذتي على " الواح سبينوزا " وليست " موسى ". وكهنته التي " صادرت " وثائق بابل حول الخلق . وأفتحها في الصباح على " أسفار ريتسوس " . إنتفت رحلة الصيف والشتاء . لأن كافة الحقائق التاريخية التي غطيت بأساطير، تبين أنها تعاني من فقر دم مزمن . وكتبت بطلب من السلطة السياسية – الكهنوتية ، التي كانت حاكمة حينها.هكذا هو التاريخ يكتبه المنتصر. وهكذا جدلي مع ذاتي في أحيان عديدة أتعارك معه . لأنه يورقني بسؤاله الدائم ، الى أين يمضي " العالم العربي " رغم أنه ليس عربياً بالمعنى الأثني مائة في المائة .فهو عرقيات وطوائف . كل شئ فيه على تضاد مع الأخر . ربما المنطقة بحاجة الى " كرنتينا " للتخلص من فيروساتها الفكرية . ورموز سياسية وطائفية وحزبية تمارس أدواراً مزيفة بصنع وهم التاريخ وحتمية النصر " مماثلة لحتمية الماركسية التقليدية " .رموز تمارس في الحقيقة الإستبداد ونفي الآخر . ونكأ الجروح القديمة في تاريخها " العظيم ".رموز ربما تستحق محاكمة في محكمة حقوق الانسان .لقيادتها الفاشلة لهذا الجزء من العالم ، وتحويل المنطقة الى بلدان فاشلة بلا شعوب. فعلياً الى أين يمضى هذا العالم " العربي " ؟؟؟! العالم في تغيير دائم ، كل صباح هناك ولادة جديدة ليوم جديد . أختراعات جديدة تكنولوجيا عالية . سياسات قائمة على تبادل المصالح ، إستراتجيات مستقبلية . إلا افكارهم من عالم أصم وأعمى . لا يعرف سوى الصراخ . والرغبة في الموت ..؟! مشهد جحيمي كارثي ، يدفعك ببطء الى الجنون .هل يمكن لحالة من هذا النوع المأساوي " الكفكوي " ان تفتح يوماً كوة في جدار عقلها الحجري ؟ وتفكر بعقلانية مستقبلية؟ وتبتعد عن إثارة عقول الأخرين، بكلمات لا معنى لها سوى الإثارة الحيوانية .هل ما زال البعض يتذكر شعارات ايام زمان ، وتلك الحكاوي عن امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ، أو شعارمن النهر للبحر أو من الخليج العربي الى المحيط ، والثورة الخضراء ..أو لاآت الخرطوم الثلاث .أم سننتظر " غزوة المريخ " بإذنه تعالى ، واذا لم يوافق ... ستنفجر المركبة الفضائية .! ثم لن يبقى أحداً...؟ ما يسمى بعالم " عربي " تنتظره سيناريوهات قادمة ، أكثر انعطافاً مما جرى حتى الأن . وهي نتيجة طبيعية للصراعات السياسية والعرقية والطائفية ،والحزبية الإنتهازية .وصراع المصالح الكبرى القائمة على النفط والمياه وصناعات المستقبل .إنتظرنا " الربيع " العربي ، لكنه تحول الى أداة بيد المستعمر الأمريكي والروسي والإيراني والتركي – الأردوخاني . وفي ظل هذه الحالة المأساوية ، فإن التفكك الجغرافي ، سيكون عنوان المرحلة القادمة ، وهناك بلدان عديدة على قائمة " الويتنك ليست " والتوطين السياسي بعد التوطين البشري ، قادم على الطريق . هل الحل في الصراخ واستحضار تراث الأموات الذين لا يستأذنهم احداً !؟ أم البحث عن مقعد في قطار المستقبل ، حتى لو كان في عربة العفش . ؟؟ . أعتقد لم يعد مقبولاً اختزال وطن ما في شخص الرئيس الضوئي ، وقرار مرافقيه. أو رئيس حزب طائفي ومافيات دولية. أو أحزاب دينكوشيتيه. ولتكن لدينا الجرأة على دفن كل ما هو ميت فينا. والنظر للحياة من موقع المستقبل . يحزنني جدأ وضعنا الراهن ، ويعمق جراحي المزمنة. وما بين التشاؤم والأمل أرجو أن يجد البعض موقعهم في بناء الحياة. ثم لن يبقى أحداً؟؟ المستقبل هو قرار الاجيال الشابة الصغيرة وليس قرار العجائز . هنا في اليونان اقترحت عليهم عدم السماح للعجائز أمثالي ، ما فوق السبعين بالتصويت . على أن يسمح لمن هم في الخامسة عشرة بالتصويت . لأن ثقافتهم ومعارفهم أفضل من ثقافاتنا ومعارفنا القديمة . هل فكر أحدهم في اليابان نموذجا بعد الحرب العالمية الثانية ؟ أو الهند بلد ألاف العقائد والأديان .وهل فكر أحدهم في أفكار " نيلسون مانديلا " وطن واحد للعرق الزنجي والاوربي " المستعمر السابق ؟ هل يمكن لكافة مكونات المجتمع السوري او العراقي التعايش معا على قاعدة حقوق المواطنة الكاملة للجميع ، بعيدا عن رهاب الدين . وهل يمكن اعتبار " النقاب والحجاب " في امارة غزة الإسلامية حرية فردية ؟؟! وهل يمكن تصفية مفاهيم دولة التقاسم الطائفي - الوظيفي في لبنان.. وهل يمكن أن يصبح " قبطي " مصري رئيساً للجمهورية ؟؟ ...القائمة طويلة جداً قرون من الإستبداد والهيمنة ، هكذا فنحن أيضاً امبرياليون التفكير والممارسة . وفي داخلنا تكمن " عنصرية " محجبة أحياناً ،عندما تميط اللثام ... يا للهول ..؟ يختفي الجميع ولم يبقى أحداً سوى الرئيس وصوره عارياً ..؟ لا أدري ..؟ عندما بلغ الفيلسوف " جيته " الثمانين من العمر قال : يجب علي أن أتغير ، وأجدد شبابي على الدوام وإلا تعفنت " . سيمون خوري - اثينا 18-8-20
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إكليل الشوك ..
-
الأعياد وثقافة المحبة..
-
كلن عندن سيارة ..؟
-
مزمار القرية...
-
لماذا يبتسم المطر في وجهك ؟
-
المرض ... يقزم رغبات الإنسان .
-
كل الأنهار ...تصب في عينيك .
-
إنتظرنا - ذوبان السكر - ؟؟
-
من وعد بلفور..الى وعد ترامب .
-
لموتي القادم ..أغني ..؟
-
أثينا ..فجأة ابتلع الشتاء الصيف ..!؟
-
لصوص الزمن ..
-
أهلاً .. يا ضناي .
-
هل انتهى الفرح من العالم
-
إنه ..القطار ..؟
-
الربيع ...ومواسم أخرى
-
سفر التكوين السوري
-
عام أخر من القلق / والخوف والمرض والغرق
-
بعد عشرين عاماً ..؟
-
انتصار لليونان ..ورسالة للإتحاد الاوربي .
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|