ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 1599 - 2006 / 7 / 2 - 02:37
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
من قال أن الشعوب ولدت أحراراً في عالم يتسع لها , قد يحق البعض في قولهم في أنهم ولدوا أحراراً , لكننا نختلف معهم في أن حريتهم التي ينعمون بها على جزء ضئيل من العالم , في حين يغدو الجزء الأكبر من العالم سوقاً لاستعباد واسترقاق البشر , الدليل على ذلك طبيعة الأنظمة السياسية الحاكمة في ذلك الجزء الآخر من الكون , ولا نستثني منها منطقتنا العربية , خصوصاً وأن ظاهرة الاستعباد امتدت على طول المجتمع العربي وعرضه منذ سنوات مغرقة في القدم .
لو عدنا قليلاً وبحثنا في التاريخ نجد أن الإسلام نفى هذه الظاهرة وخفف من حدتها , كونها تتنافى مع أعرافه وقيمه السماوية , التي تستنكر استعباد بني البشر بعضهم لبعض , فالإسلام دين عبادة العبد لخالقه وليس دين استعباد بمعنى العبودية المطلقة لأسياده , وبالتالي لا تمييز بين أبيض وأسود في عرقه وجنسه ونسبه , ما أدى إلى إرساء أسس المساواة والعدالة بين الأفراد جميعاً , دون أن يشعر كل واحد منهم بالابتزاز نتيجة ضعفه .
إن تطور أنماط الحياة أدخلت الإسلام في منظومات سياسية مختلفة التركيب والبنيان , فكان الإسلام شاهداً على استعبادها , ولم يكن في مقدوره فعل أي شيء سوى الرفض والإدانة , لاستعباد هذه النظم لرجال الدين من خلال ربطهم بها .
ويبقى التساؤل قائماً بحق هذه النظم .. متى استعبدتم الناش وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟ للإجابة عليه يبدو أن البشر ولدوا عباداً متعبدين أسيادهم الأحرار , الذين خرجوا من رحم أمهاتهم أحراراً , أمّا باقي البشر فهم مستعبدون لهم , لطالما ولد أسيادنا أحراراً فحريٌ بنا بني البشر أن نكون أحراراً مثلهم , فالحر يستمد حريته من محرريه الأحرار , بعكس الفرد المستعبد , حقاً إنها معادلة معكوسة ( شعوب مستعبدة من أسيادها الأحرار ) فالحرية حريتهم وحرية أزلامهم وحواشيهم وحدهم , وما على معبود يهم إلا أن يكونوا أقل مرتبة منهم , فهم ليسوا إلا رعايا في نظمهم , فعلاً إنها حرية ما بعدها حرية .
النظام الغربي ليس منزهاً عن غيره من النظم , فقد كان سباقاً في انتهاج هذه الظاهرة لا سيما في القرون الوسطى , وعانى الغربيون ما عانوه , مع العلم أن ظاهرة الاستعباد كانت تجري باسم الدين وبكنف الكنيسة الحاكمة , على نقيض الإسلام الرافض لها , فالواضح أن المشهد انقلب رأساً على عقب , فصار الغرب أكثر تحرراً من هيمنة الكنيسة وقوانينها بفضل نظامه السياسي الديمقراطي الحديث , بينما تحول الشرق بفعل أنظمته المستحدثة أكثر استعباداً ورجعيةً .
لا ندعي بأن الإسلام يملك الحل الشافي لهذه الظاهرة , فقد لا يتفق معنا البعض في هذه الرؤية ممن يسلكون مساراً أيديولوجياً يختلف عن الإسلام , وسواء اتفقنا أو اختلفنا حول الحل , نظل مجمعين أنها عبودية ما بعدها عبودية إلى أن يأتي الحل .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟