لماذا فوجئوا العرب كشعوب وحكومات، بعض الدول العربية والاسلامية بالتطبيع ؟!

سمير حنا خمورو
(Samir Khamarou)

الحوار المتمدن-العدد: 6651 - 2020 / 8 / 19 - 17:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لماذا فوجئوا العرب كشعوب وحكومات، بعض الدول العربية والاسلامية بالتطبيع ؟

منذ سنوات ودوّل خليجية تقيم علاقات سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية والتنسيق و في مجال المخابرات مع اسرائيل ... اما لماذا أخرج الرئيس الاميركي ترامب من ادراج مكتبه الاتفاق تطبيع العلاقات بين اسرائيل والامارات ممثلة بمحمد بن زايد على انه مفاجأة وانجاز تاريخي ؟ اراد ترامب قبل الانتخابات القادمة تسجيل انتصارا ارضاءا للوبي الصهيوني في اميركا بعد ان قدم لهم الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل وقضم ثلثي اراضي الضفة الغربية في خارطة الطريق التي اعلنها صهره مع نتنياهو.
كما نعرف ان معاهدة السلام بين مصر واسرائيل عام 1979 كانت خرقا مهما وخطيرا للثوابت العربية، وبعد حرب الخليج الاولى -الحرب على العراق- عام 1991، وتدمير بنيته العسكرية والاقتصادية وفرض الحصار عليه، استغل الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب و وزير الخارجية جيمس بيكر هذه اللحظة التاريخية ودعا إلى عقد مؤتمر في مدريد إسبانيا، بين إسرائيل والدول العربية " شاركت فيه دول عربية مع اسرائيل، أطلق عليه اسم مؤتمر مدريد للسلام. وكانت نتايج مؤتمر مدريد، مفاوضات سرية مباشرة بين الاسرائليين ومنظمة التحرير في مدينة اوسلو بالنرويج، وتوصلوا في النهاية الى اول إتفاق سلام وقعه الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين في واشنطن، الولايات الأمريكية المتحدة، في 13 سبتمبر، 1993، وسمي باتفاق أوسلو. وفي 4 مايو/أيار 1994، تم التوقيع على اتفاق تنفيذي لاوسلو واطلق عليه اتفاقية غزة أريحا، وتضمن الخطوة الأولى لانسحاب إسرائيل من غزة وأريحا وتشكيل السلطة الفلسطينية وأجهزتها، وأتبع باتفاقين تنفيذيين. وهنا لم يجد الاردن امامه اية عقبة فوقع معاهدة سلام مع اسرائيل في نفس السنة. واتفقت منظمة التحرير واسرائيل في مدينة طابا المصرية برعاية حسني مبارك على اتفاق سلام بينهم وتم التوقيع الرسمي في العاصمة الأمريكية واشنطن في تاريخ 28 ايلول/ سبتمبر 1995. وتوالت الاتفاقات، اتفاق واي ريفر الأول 1998 مهد لهذا الاتفاق باجتماع رئاسي في 15 أكتوبر/تشرين الأول 1998 ضم الرئيس عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في منتجع واي ريفر. واجتمعوا مرة اخرى يوم 4 سبتمبر/أيلول عام 1999 في شرم الشيخ بمصر ، وكانت النتيجة اتفاقية سميت "واي ريفر الثانية".
وفي عام 2000 عقد الرئيس الأمريكي بيل كلينتون قمة سلام بين الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود باراك، دامت القمة لمدة اسبوعين ولكن ترك عرفات الاجتماع غاضبا واتهمته الادارة الاميركية بافشال خطة السلام المقترحة ؟!

اما بالنسبة للدول الخليجية فاليكم نبذة عن هذه العلاقات :

فتحتا قطر وعمان مكاتب تجارية لهما في إسرائيل، وكذلك فعلت الأخيرة. وتجاوزت عمان العرّف العربي في مقاطعة اسرائيل ، فقد استضافت محادثات حول المياه عام 1994 ضمَّت إسرائيل ودولًا عربية. وكذلك فعلت قطر التي استضافت هي الأخرى مؤتمرًا حول انتشار الأسلحة عام 1994 في الدوحة، دُعيت إليه إسرائيل. واستضاف رئيس الوزراء المؤقت شمعون بيريز وزير الخارجية العماني حينها يوسف بن علوي في القدس عام 1995. وأنشأت عمان مركزًا لدراسات المياه بالتعاون مع إسرائيل، كما وقعت إسرائيل وعمان في يناير 1996 اتفاقاً حول الافتتاح المتبادل لمكاتب التمثيل التجاري. ولكن العلاقات جمدت رسمياً مع اندلاع الانتفاضة الثانية في أكتوبر 2000. والتقى وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني خلال زيارتهم لقطر في 2008. وجه السلطان قابوس دعوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بزيارة السلطنة في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 2018 حيث احتفى به السلطان قابوس وتناول الرجلان الغداء سويا، استغرقت الزيارة 8 ساعات. ووصف نتنياهو زيارته بأنها اكثر من ناجحة، واجرينا "محادثات مهمة للغاية"، وتعهد لأعضاء حكومته بمزيد من الزيارات وفتح الطريق للتطبيع الكامل. وشكلت الزيارة أول لقاء رسمي يعقد في هذا المستوى منذ 1996.

في يناير 2010، شارك “عوزي لانداو”، وزير البنية التحتية في إسرائيل، في مؤتمر إيرينا في أبو ظبي، وهي المرة الأولى التي يقوم فيها وزير إسرائيلي بزيارة دولة الإمارات العربية المتحدة ، وفي يناير 2014، ألقى وزير البنية التحتية الوطنية والطاقة والمياه سيلفان شالوم كلمة في مؤتمر إيرينا الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (إيرينا IRENA ) في الإمارات والتقى مع عدد من وزراء الحكومة العربية. اما في المجال العسكري فقد شارك الطيارون من إسرائيل والإمارات العربية المتحدة في تدريب تدريبي مع طيارين من باكستان وإسبانيا في الولايات المتحدة اب/ أغسطس 2016،. في عام 2017، عقدت القوات الجوية الإسرائيلية والإماراتية مناورات مشتركة مع القوات الجوية للولايات المتحدة وإيطاليا واليونان.
كما حضرت وزيرة الرياضة والثقافة الإسرائيلية السابقة، ميري ريغيف، بطولة دولية للجودو في أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية، وبكت الوزيرة التي تتولى حاليا وزارة النقل، فرحا، حينما فاز لاعب إسرائيلي بميدالية ذهبية وعزف النشيد الوطني الإسرائيلي على ارض خليجية، وهو شيء غير مسبوق في شبه الجزيرة العربية.
وبعد فترة قليلة، استضافت امارة دبي مؤتمر عن "السلام والامن" وحضر مسؤول اسرائيل، وتحدث عن رؤيت حكومته للسلام والامن ؟!

كما زار وزير النقل الإسرائيلي العاصمة العمانية مسقط، مقترحا إنشاء خط سكة حديد بين إسرائيل والدول العربية. اما قطر فلديها مكتب للتنسيق والتعاون مع اسرائيل وقد زار قطر عدد من الوفود التجارية الاسرائيلية ... والتقى رئيس الوزراء باراك بالشيخ حمد بن جاسم، وزير خارجية قطر، في الأمم المتحدة في سبتمبر / أيلول 2000. وزار شمعون بيريز، نائب رئيس الوزراء، الدوحة في يناير / كانون الثاني. 2007. وفي عام 2008، ألقت وزيرة الخارجية ليفني الكلمة الرئيسية في منتدى الدوحة. في صيف عام 2018، التقى ليبرمان مع وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

اما دولة البحرين فلها علاقات معلنة، وزيارت فيما بينهم. فقد التقى وزير الخارجي البحريني نظيره الإسرائيلي في الأمم المتحدة في عام 2007، وفي يوليو/ تموز 2009 زار وفد من وزارة الخارجية الإسرائيلية المنامة للمشاركة في مؤتمر لأعضاء مجموعة العمل حول الأمن البحري والطيران، ونقلت القناة 13 الإسرائيلية عن وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد آل خليفة عام 2017 في لقاء مع على هامش مؤتمر البحرين الاقتصادي إن “إسرائيل جزء أساسي وشرعي من الشرق الأوسط والشعب اليهودي جزء من تراث المنطقة، ولم يكتف بذلك فقد عاد وصرح في مايو 2018، "أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها" بعد أن أطلقت صواريخ على أهداف إسرائيلية في مرتفعات الجولان المحتلة. وأشادت إسرائيل بتعليقاته التي تم نشرها على نطاق واسع كعرض للدعم التاريخي لدولة إسرائيل.

والسعودية ليست ببعيدة عن ذلك وقد راينا لقاءات بين مسؤولين كبار سعوديين واسرائيليين... وفي عام 1981، ضلت سفينة صواريخ إسرائيلية طريقها وعبرت مضيق تيران صوب شواطئ المملكة العربية السعودية بعد انطلاقها من مدينة أم الرشراش، وقامت الولايات المتحدة بالتوسط بين إسرائيل و المملكة العربية السعودية للسماح بإنقاذ السفينة، وتم إطلاق عملية أولندي ماعوف لإنقاذ السفينة والطاقم بالتعاون بين القوات الخاصّة الإسرائيلية والقوات الخاصّة السعودية واستمرت عملية الإنقاذ 62 ساعة. وظلت العملية سرية حتى كشفت عنها صحيفة "هآرتس" العبرية في عام 16 أبريل 2016، وباعت شركة AGT الإسرائيلية المسجَّلة في تلِّ أبيب ونيويورك وزيورخ معدَّات مراقبة وتجسِّس للإمارات، لمراقبة آبار نفط ومواقع استراتيجية أخرى. ووظَّفت السعودية -وَفقًا لتقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية- شركةً إسرائيلية تُعنى بمراقبة شبكات التواصل الاجتماعي، لأغراض تعقُّب النشاطات والمنظَّمات الإرهابية.
وبعد توقيع الامارات اتفاق التطبيع مع اسرائيل ارتفاع صوت قطر منددة، باكية على الحقوق الفلسطينية، وشنت قناة الجزيرة حربا اعلامية على جارتها ولكن تعالوا لنرى علاقاتها باسرائيل، بدأت قطر علاقاتها مع إسرائيل بعد مؤتمر مدريد مباشرة، وكان أول لقاء قطري إسرائيلي مع رئيس الحكومة الإسرائيلي شمعون بيريز بعد زيارته لقطر عام 1996 وافتتحا المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة ووقعوا اتفاقيات بيع الغاز القطري لإسرائيل، ثم إنشاء بورصة الغاز القطرية في تل أبيب. ولم تخفِ قطر علاقاتها بإسرائيل، فقد وقعت معاهدة التجارة الحرة (الجات)، الاتفاقية لها شروطها ومنها انه لا توجد مقاطعة بين الدول الموقعة، وباشراف مباشر من حاكم قطر عمل على انشاء علاقات علنية مع إسرائيل على كل الأصعدة من التجارة إلى الأمن. ‎وقام حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني بعد اجتماع وزراء الخارجية الخليجيين في جدة بزيارة سرية الى اسرائيل من اجل ان تقوم الاخيرة بتحريك اللوبي الإسرائيلي في الكونغرس للعمل في دفع الحكومة الاميركية على التدخل بصورة علنيا وضرب النظام السوري، والتقى بنيامين نتنياهو سراً مع رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم في باريس لابرام صفقة تبادل الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط. كما تعهدت لاسرائيل في حالة تأهل فريقها ان تسمح له بالمشاركة بالبطولة العالمية لكرة القدم عام 2022. وفي عام 2013 نقلت الخطوط الجوية القطرية 60 يهوديا من اليمن الى اسرائيل، وكانت العملية بالتعاون مع اسرائيل واستقبال ما تبقى من يهود اليمن وعددهم يقارب 400 شخص. ولا ننسى دور قناة الجزيرة التي قامت باجراء حوارات عديدة مع الباحثين والاعلاميين الصهاينة، الى درجة اصبح الناطق باسم الجيش الاسرائيلي ضيفا دائما في برامجها الاخبارية.

‏‎ولقد سعت الإدارة الأمريكية بقيادة ترمب إلى توجيه تعزيز العلاقات بين إسرائيل والدول العربية عامة خاصة الخليجية لمواجهة إيران نظمت الولايات المتحدة في فبراير 2019، مؤتمر وارسو للشرق الأوسط الذي ركز على العداء الإسرائيلي والخليجي لإيران. وقد شاهدنا صور لنتنياهو إلى جانب الوزراء أو المسؤولين السعوديين والإماراتيين والبحرينيين... كما عقد الجنرال السعودي السابق أنور عشقي اجتماعًا عامًا في واشنطن مع المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية ومستشار السابق لبنيامين نتنياهو "دوري جول"، وكان أنور عشقي قد عقد معه خمس جلسات سراً، ولا يمكن اطلاقا ان يجتمع هذا الجنرال السعودي مع مسؤول اسرائيلي دون موافقة السلطات، كما زار العشقي إسرائيل في العام التالي مع وفد من الأكاديميين ورجال الأعمال السعوديين... و
هَذِه العلاقات بين الدول الخليجية واسرائيل معروفة ومعلنة ولكن ما خفي منها ومنذ زمن طويل ربما هي اوسع واكثر عمقا. فاين هي المفاجأة ؟
وهناك توقعات حقيقية بان تتبع الامارات في تطبيع علاقاتها رسميا مع اسرائيل، البحرين وعُمان والمغرب..والدول الثلاثة لها علاقات طويلة ومعروفة مع اسرائيل. فمثلا ان علاقات المغرب مع اسرائيل معروفة فقد صرح "سيلفان شالوم"، وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق، قبل زيارته للمغرب في نوفمبر 2005، للإذاعة الإسرائيلية قائلا: "تبعا لاتصالات سرية ولقاءات مع مجموعة من الوزراء المغاربة يتضح أن المغرب قرر إعادة ربط علاقات مع إسرائيل"، وقبله كان "شالوم كوهن"، المدير العام للشؤون الخارجية الإسرائيلية، قد قام بعدة زيارات إلى المغرب في سرية تامة. كما قامت عدة وفود مغربية، رسمية وغير رسمية، بزيارات عمل إلى الدولة العبرية، وكذلك دأب مسؤولون ورجال أعمال مغاربة على لقاء نظرائهم الإسرائيليين سواء بإسرائيل أو خارجها، ولعل آخر لقاء من هذا النوع جرى في يوليوز 2007، بين محمد بنعيسى وزير الخارجية الاسبق والطيب الفاسي الفهري وياسين المنصوري وبين وزيرة الشؤون الخارجية الإسرائيلية بالعاصمة الفرنسية، باريس. وهناك شركات اسرائيلية تعمل في المغرب في قطاعات مختلفة، وشركات مغربية تروج لمنتوجات إسرائيلية في الأسواق، في مجال التكنولوجيا المتقدمة، شركة " إم.تي.دي.إس" (MTDS)، موقعها بالرباط و"أنور تيكنولوجي " (ANNOUR TECHNOLOGIE) بالدار البيضاء، وكلاهما مرتبطتان بالشركة الإسرائيلية "شيك بوانت" (CHECK POINT). وسبق لإسماعيل العلوي، عندما كان وزيرا للزراعة، أن اعترف بوجود شركات مغربية تستورد من هولندة والدانمارك منتوجات مصنوعة بالدولة العبرية. كما زار رئيس الوزراء الاسرائيلي إسحاق رابين الرباط، مباشرة عقب توقيعه على اتفاق غزة -أريحا واجتمع بالملك الراحل الحسن الثاني ..
فهل ستتحدث ما تبقى من الدول العربية والاسلامية وشعوبها عن مفاجأة عند توقيع المغرب او البحرين او عمان ...معاهدة سلام ؟ وهل سيقف رئيسا اميركا آخر ليقول انه انجاز تاريخي ؟

#سمير_حنا_خمورو (هاشتاغ)       Samir_Khamarou#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات