أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد كشكار - الدين ليس مسألةً شخصيةً كما يعتقدُ اليساريون التونسيون، الدينُ اجتماعيٌّ أو لا يكونْ !














المزيد.....

الدين ليس مسألةً شخصيةً كما يعتقدُ اليساريون التونسيون، الدينُ اجتماعيٌّ أو لا يكونْ !


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6651 - 2020 / 8 / 19 - 11:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


ملاحظة: أنا يساري تونسي وكنتُ من رأيهم.

مقدمة ضرورية: سأتناول في هذا المقال علمانية أقصى اليسار التونسي (Les gauchistes staliniens : PCT, POCT, Watad & compagnies)، سأتناولها على المستوى الفكري لأن أقصى اليسار -من حسن حظ تونس- لم يحكم حتى يطبقها. علمانية مشوّهة ورثها فكريا عن الثورة الفرنسية المعادية للدين (1789) حيث كان شعارها الفظيع (كنتُ أراه رائعًا): "شَنقُ آخر ملك بأمعاء آخر قِسّ". وورثها أيضًا عن ستالين وممارساته البشعة ضد الأديان (مسيحية وإسلام) حيث هدم الكنائس والجوامع وجعل من الإلحاد دينًا يُدرّس في الجامعات. حسب رأيي المتواضع، ستالين لم يكن علمانيًّا بالمرة لأن العلمانية تحترم الدين ولا تعاديه، تبعده عن المجال السياسي فقط.

لُبُّ الموضوعْ:
يعتقد اليساريون التونسيون بأن الدينَ مسألةٌ شخصية، وهو في الواقع مسألةٌ تهمّ المجتمع أكثر مما تهمّ الفرد، وأخص بالذكر الدين الإسلامي، ديننا في تونس: كل طقوسِ أركانه الخمسة تؤدَّى جماعيًّا، وقد تفقد معناها الديني لو أجبِر المسلم على تأديتها وحيدًا معزولاً كما قد يقع أحيانًا لمسلمٍ مغتربٍ معزولٍ أو لمسلمٍ في سجن انفرادي. ويبدو لي أن هذا الاعتقاد الخاطئ والسائد لديهم هو الحبلُ الذي قيّدوا به أنفسهم وبأيديهم، مما أدّى إلى تقوقعهم وانحسارهم داخل المجتمع التونسي المسلم بنسبة 99%، والشعبُ ليس مسؤولاً عن جهلهم بالدين ولا عن عدم إدراكهم بأن للعلمانية مقاربات متعددة ولا على فشلهم الاجتماعي والثقافي والسياسي.

دعوتُهم لنفي البُعد الاجتماعي للدين وإقصائه من الفضاءات العامة لا تعدو أن تكون إلا دعوةً غير مباشرة، وقد تكون غير واعية، لاستئصال الدين من المجتمع، والواقع أن دينَنا لم يكن لِـيصمدَ قرنَين من الزمن ضد الغزو الثقافي الفرنسي لولا بُعده الاجتماعي، أي منذ غزوة نابليون لمصر سنة1798 . لذلك نرى المجتمع متشدّدًا دينيًّا أكثر من الفرد، ونراه قد يغفر الأخطاء الفردية المخالفة للشرع والأخطر على المجتمع (الرشوة، الربا، الاحتكار، الزنا، الشطط في الأسعار، إلخ) ولا يتسامح مع الأخطاء التي تُرتكب في الفضاءات العامة رغم أنها أقل ضررًا على المجتمع (الازدراء اللفظي العلني للمقدسات، الإفطار العلني في رمضان، البيكيني في الشط، إلخ).

لماذا بقيتُ أنا علمانيًّا إذن؟ بقيتُ ولكنني تطوّرتُ وتبنيتُ العلمانيّة على الطريقة الأنغلوساكسونية المتصالحة مع الدين (la sécularisation في أمريكا وكندا وبريطانيا وألمانيا والدول الأسكندنافية)، وتخليتُ عن العلمانيّة على الطريقة الفرنسية (La laïcité)، أي العلمانيّة المعادية للدين والنافية لأدواره الروحانية والعملية في المجتمع، أي أصبحتُ غير معادي للدين خلافًا لجل العلمانيين التونسيين (يساريين وليبراليين). بقيتُ علمانيًّا لأنني أؤمن بالفصل بين الدين والسياسة خلافًا لكل الإسلاميين. السياسة تدخل في مجال العقل، ولا شيء أفضل من العقل لسياسة الناس وتنظيم شؤونهم الدنيوية، أما الدين فهو يتجاوز مدارك العقل، هو مجال المعجزات، تؤمن بها أو لا تؤمن، لا مكان فيه لمنطقة رمادية بين الأبيض والأسود أو لمنزلة بين المنزلتين. والسياسة ترعاها أحزابٌ تتنافس فيما بينها من أجل الوصول إلى السلطة والهيمنة على باقي الأحزاب الأخرى، يحدث هذا حتى في الأنظمة الديمقراطية، أما الدين فهو خٌنوعٌ كله وتسليمٌ كله، خٌنوعٌ لله وتسليمٌ بمشيئته ورضاءٌ بقدره، وقناعةٌ بحلوه ومره.

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". حديث يمكن تطبيقه في الدين، لكن يبدو لي أنه من المستحيل تطبيقه على الأحزاب السياسية: فهل يجوز أن نطلب من حزب الجبهة الشعبية أن يحب لأخيه حزب النهضة ما يحب لنفسه؟ حزبان متنافسان متصارعان وسيبقيان كذلك ما بقيت الديمقراطية، سُنّة السياسة في المجتمع وليست سنّة الدين.

ملاحظة ديونتولوجية: أيها العلمانيون التونسيون "à la française"، إذا لم يَرُقْ لكم رأيي وأظن أنه لن يروقَ، فأنا أتحمّل مسؤوليتَه كاملةً غير منقوصة: "كنتُ يساريًّا ماركسيًّا وكنتُ كذلك، واليومَ أصبحتُ يساريًّا غير ماركسي ولم أعُدْ كذلك!".

إمضائي (فكرة فيلسوف حمام الشط، تأثيث مواطن العالَم، والجليس اليومي الثالث نهضاوي)
"إذا كانت كلماتي لا تبلغُ فهمَك فدعْها إلى فجرٍ آخَرَ" جبران

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، الأربعاء 23 ماي 2018.

تقديم المقال في حساب علي بالحاج علي (ڤ--------بلي):
ولو ساد هذا الخطاب ساحاتنا السياسية والثقافية لخمدت كل صراعاتنا البَينيّة، وما بقيتْ إلا صراعاتنا المقدور على حسمها، عقلا، وقانونا، وسياسة.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحزب الشيوعي والبوكت والوطد، أحزابٌ ستالينيةٌ، هي وحدها تقر ...
- الحرية والعدالة الاجتماعية قِيمتانِ نبيلتانِ، لكن للأسف لم ي ...
- في مقهى البلميرا، سُئِلَ فيلسوفُ حمام الشط: ما الفضيلةُ يا س ...
- المسلم الداعشي هو الإنسان الوحيد الذي يتمتع ب-حريته الطبيعية ...
- الأخلاقُ ليست معرفةً حتى ندرّسَها، بل هي فِعلٌ نمارسُه في ال ...
- هذه هي هيبة الدولة بالحق (أمريكا، 1957)!
- الفنّانون في المجتمع: هل يَصْلُحُونَ لِشيء؟
- إشكالية مطروحة منذ بداية التاريخ: هل نجحت الأخلاق الفلسفية أ ...
- اللغة العربية، التغيير والديمقراطية: أي علاقة؟
- الحداثة الغربية المعلّبة المعولمة غولٌ يغزونا بسهولةٍ وسيولة ...
- توضيح حول مقولة ماركس الشهيرة -الدين أفيون الشعوب- التي وظفه ...
- وددتُ لو تعددت العواصمُ في كل دولة؟
- أطلِقوا سراح جورج إبراهيم عبدالله، -مانديلا الشرق الأوسط- كم ...
- صرخة ضد التمييز حسب العائلة أو المهنة أو الشهادة العلمية (ال ...
- قبل أن ننقد الدولة على ما لم تفعله، علينا أولا أن ننقد أنفسن ...
- طوفان.. طوفان.. ولا سفينة في الأفق!
- ما هي مواصفات الفرد التونسي التي أنتجها النمط الحضاري-الرأسم ...
- ماذا أنتظر من وزير السياحة القادم؟
- حضرتُ اليوم ندوةً حول الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من وجهة ن ...
- الجيش المصري أصبح في عهد السيسي جيشًا شَرِهًا نَهِمًا جَشِعً ...


المزيد.....




- مؤسس ويكيليكس جوليان أسانج رجل حر في أستراليا.. بماذا أقر في ...
- الشرطة الكينية تطلق الرصاص على محتجين ضد قانون جديد للضرائب ...
- اكتشاف جديد يفسر سبب ارتفاع معدل الوفيات بين مرضى الكبد الده ...
- ما الأسلحة التي يمكن أن تزود بها كوريا الجنوبية الجيش الأوكر ...
- الإسرائيليون محبطون للغاية وغير مستعدين لحرب حقيقية
- حرب إسرائيل ولبنان يمكن أن تخرج عن السيطرة
- ?? مباشر: الولايات المتحدة تضغط على إسرائيل لتفادي حرب مع حز ...
- مصر.. كنائس ومساجد تفتح أبوابها لطلاب الثانوية للمذاكرة بسبب ...
- محاكمة مؤسس ويكيليكس: أسانج ينهي الأزمة مع أمريكا بعد الإقرا ...
- عيد الغدير.. منشور نوري المالكي وتعليق مقتدى الصدر وتهنئة مح ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد كشكار - الدين ليس مسألةً شخصيةً كما يعتقدُ اليساريون التونسيون، الدينُ اجتماعيٌّ أو لا يكونْ !