الصحة العقلية للمتظاهرين

جواد الديوان

الحوار المتمدن-العدد: 6650 - 2020 / 8 / 18 - 13:38
المحور: الطب , والعلوم
    

في العام 1999 ظهر اول تعريف وتحديد للصحة العقلية ، بناءا على طلب الرئيس الامريكي ترومان بعد الحرب العالمية الثانية، ثم قدمت منظمة الصحة العالمية تعريفا في 2004. وكانت الفترة طويلة لحسم الموضوع للتخلص من ثنائية مريض نفسي او غير مريض نفسي! ولا زالت هذه شائعة في مجتمعنا العراقي. وظهر اتفاق في البحوث بان التمتع بالصحة العقلية الكاملة تعني الازدهار flourishing. وسبق ان نشر مقال عن الصحة العقلية للشباب العراقي http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=144881&r=0 .
والازدهار للشاب يعني الادراك بان الشاب ليس لوحده في هذه الحياة (يحصل على المساعدة في وقتها)، وللشاب اهداف معروفة في الحياة (يعرف ماذا يريد من الحياة)، ويستطيع الشاب مقاومة التوترات ولديه مودة والفة (الشعور بانه قريب من اهله واصدقائه).
شهد العراق تظاهرات للشباب اغرقت شوارع المدن بالبشر، وشعارات واضحة تصدح ومنها نريد وطن. ونقلت وسائل الاعلام صدامات واسعة للمتظاهرين مع قوى الامن. واستشهد شباب والارقام فلكية، واستمرت المظاهرات. والتظاهر فعل جماعي collective action، وهو عمل يشير الى مشاركة مجموعة في انجازه او تقديمه وصناعة القرار به جماعي. فاذا قرر انسان ان يعتزل الناس، فهذا قرار شخصي، وان اعتزل اخرون. ويميز هذا المصطلح (عمل جماعي) بين الايثار altruism والانانية selfishness. وهنا الفروق بين مجموعة تستعرض لهدف خاص بها مثال ذلك العودة للعمل بعد فسخ عقودهم (اشارة لما حصل مؤخرا مع المفسوخة عقودهم من القوات الامنية)، وبين مجموعة تطالب باصلاحات مثل محاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين وممن اثروا على حساب معاناة الشعب واصلاح التشريعات وغيرها.
مظاهرات الشباب في العراق فعل جماعي collective action من اجل المجتمع، اي اكبر من الفائدة الشخصية للشاب المشارك في المظاهرات، ومثل ذلك حصل في اسبانيا بعد عقد على الازمة المالية العالمية، وعانى الناس من فشل البنوك فيها في عام 2017، وهناك امثلة حول العالم كثيرة.
ودرس البعض الصحة العقلية للمتظاهرين في العراق، وكانت العينة من ساحة التحرير (مركز تظاهرات الشباب). وتم اختيارهم ممن يتحرك او يقف في الساحة، وبعد اسئلة بسيطة وموافقة للمشاركة في البحث كانت الدعوة لمقابلة interview. وشملت الاستبانة الرفاه العاطفي (تاثير نوعية الحياة على السلوك) والراحة النفسية (قبول النفس والغاية من الحياة والمبادرة بالفعل وغيرها) والرفاه الاجتماعي (القبول والادراك الاجتماعي والمساهمة الاجتماعية)، ولكل متغير استبانة خاصة اضافة الى معلومات ديموغرافية.
كانت نسبة الازدهار (التمتع بصحة عقلية كاملة) بين المتظاهرين 21.3%. وهي نسبة اكبر كثيرا مما تم تسجيله سابقا (2010) عن الصحة العقلية بين الشباب العراقي (5.6%). وتفسير هذا التحسن في نسبة التمتع بالصحة العقلية الى المشاركة في الاحتجاجات (المظاهرات). اشارت دراسات عديدة في العالم الى ان المساهمة في الافعال الجماعية تؤدي الى تغيرات اجتماعية. وظهرت بحوث عديدة في العالم تؤكد بان النشاط الجماعي يدفع لتحسين الصحة النفسية. واكد العلماء في دراساتهم بان العمل لهدف من اجل المجتمع، بل وهدف ابعد من المصلحة الشخصية يحسن الصحة العقلية. والعمل ضمن مجموعة يؤدي الى تغيرات شخصية نحو التمكين والادراك الافضل.
التغيرات النفسية المشار اليها اعلاه تشمل العلاقات مع الناس، وحياة العمل، والسلوك العام والالتصاق بالشرعية ومراجعة النفس وتقييمها، وتزداد الثقة بالنفس وكذلك المعرفة وغيرها. وهذه التغيرات مجتمعة تمثل التمتع بصحة عقلية. وقد تظهر الراديكالية ضمن التغيرات بنسب بسيطة، وقد يدفعها المجتمع للتضخم.

#جواد_الديوان (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات