|
((إذا كنت لا تعرف كيف تمنح البركة فتعلم كيف تنزل اللعنات))
خلف الناصر
(Khalaf Anasser)
الحوار المتمدن-العدد: 6647 - 2020 / 8 / 15 - 13:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن حكامنا العرب قد أخذوا بالحكمة (النيتشويه) التي تقول: ((إذا كنت لا تعرف كيف تمنح البركة فتعلم كيف تنزل اللعنات)) ، وهي الحكمة التي قال بها الفيلسوف الألماني "فردريك نيتشه" في "هكذا تكلم زرادشت"! لكن الحكام العرب على ما يبدو قد أخذوها جميعهم بالمقلوب ، بدءاً من "إمامهم الأكبر" "الرئيس المؤمن محمد أنور السادات" ومروراً بخلفائه مبارك والسيسي ، ومروراً بحلفائه "الحسين بن طلال" والحسن الثاني و "فتح عرفات" والملوك والامراء والرؤساء العرب الآخرين ، وصولاً إلى "حكيم العرب" الراحل (قابوس بن سعيد) الذي ذهب إلى ربه بــ (وجه أبيض) موشحاً بخطين أزرقيين تتوسطهما "نجمة داوود" ، وليس انتهاءً بولي عهد "آل نهيان" الصغير وعباءته البيضاء! فهؤلاء الحكام العرب جميعهم بدلاً من أن ينزلوا لعناتهم على أعدائهم ، أخذوا ينزلونها على أنفسهم وارواحهم ـ بعد مماتهم ـ وذرياتهم ، وعلى ارواح اسلافهم إلى آخر جد من فصيلة القرود التي انحدروا منها!
ويبدو أنهم قد أصبحوا "السلف الصالح" للحكام العرب الحاليين ولهم اتباع كثر بين حكامنا العرب الباقين السابقين والحالين ، والذين هم جميعهم يتوجهون بصلاتهم اليومية إلى "البيت الأيض" و "الكنيست الصهيوني" والكونغرس و C.I.A طالبين رضا وغفران ربهم الأعلى (Donald John Trump) (رض عنه وأرضاه) ، والذين من المحتم أنهم سيظهرون تباعاً هذا العام والاعوام التي ستليه والتي ستليها ، حتى "يظهر الله أمره" ويمتلك بني صهيون أرض العرب "من الفرات إلى النيل" ، ويرثها عنهم احفادهم واحفاد احفاد احفادهم!! ***** من المهازل الكثيرة التي يعج بها واقعنا العربي ، أن تظهر مسألة أو قضية أو موقف يتخذه البعض اليوم ، ثم يتنكر له صاحبه في اليوم التالي معتمداً على ما يعتقده من سذاجة في الناس ، متصوراً أنهم لا يمتلكون عقولاً يفكرون بها ولا آذان يسمعون بها ، ولا حتى عيوناً يبصرون بها ! فقد ظهر قبل أيام قليلة وتحديداً ظهر يوم 23 - 6 - 2020: على فضائية (سكاي نيوز عربي/الاماراتية) في برنامج : (نيران صديقة) : حلقة بعنوان : (قطر وتركيا.. أدوات للتطبيع) وكان ضيوف هذه الحلقة : شخص بحريني .. والقيادي الفلسطينيّ نبيل عمرو! .. وجميعهم يتكلمون (بنخوة وشهامة عربية أصيلة) عن أن تركيا وقطر ، ويتهمونهما بأنهما تقودان حملة وسعة لجر جميع العرب إلى "عملية تطبيع" شاملة مع "إسرائيل".. وقد كتبت أنا في حينه معلقاً بالمثل العراقي المعروف الذي يقول : (غراب يكَل لغراب وجهك أسود) !!
وإذا كان هذ موقف الامارات ـ رغم تطبيعها السابق مع الصهاينة ـ قبل أيام قليلة ، نجدها اليوم لا تطبع مع الصهاينة فقط ، إنما تقيم معهم علاقات كاملة سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية وامنية وعسكرية شاملة ومتشعبة ، تحقيقاً لمتطلبات "صفقة القرن" التي أخذت طريقها للتنفيذ التفصيلي ، رغم أنف فلسطين والفلسطينيين وحقوقهم و "دولتهم المستقلة" ورغم أنوف العرب أجمعين ، واضعين نصب أعينهم ـ هذه المرة كما في كل مرة ـ المعادلة الذهبية لــصفقة القرن القائمة على: [المال الخليجي / والتكنلوجيا "الإسرائيلية" / والأيدي العاملة المصرية والفلسطينية الرخيصة].. وها هي خزائن "آل نهيان" تفتح للصهاينة على كل مصاريعها ليغرفوا منها ما يشاؤون ، لتقوية كيانهم وهيمنته وعملقته أكثر فأكثر!
في تغطية لفضائية BBC البريطانية لعملية اقامة علاقات اماراتية إسرائيلية قال الضيف الصهيوني : إن هذه العملية فرضها وجود عدو مشترك للطرفين وهم (الــشـــيـــعـــة!!) ولم يقل إيران!.. مما يعني أنها ستؤدي إلى صراع اجتماعي عربي داخل كل مجتمع عربي وداخل جميع المجتمعات العربية ـ وهو الحاصل فعلياً والمطلوب صهيونياً ـ في حين صور الضيف الاماراتي العملية على أنها نصر لفلسطين وايقاف للاستيطان وضم الضفة الغربية ، بينما قال الـ (النتن ياهو) ان عملية الضم قائمة لكنها متوقفة وقتياً ، لأسباب تتعلق بالجانب الأمريكي فقط وليس لأي سبب آخر! ***** المعتقد أن عملية صلح الامارات مع الصهاينة واعترافهم بكيانه واقامتهم لعلاقات كاملة ومتشعبة معه ، لم تفرضها أية ضرورات سياسية أو اقتصادية أو أمنية اماراتية ، إنما هي ضرورات فرضتها مصالح ترامب الانتخابية ، بعد أن تدنت شعبيته ادنى حدودها بسبب أدائه السيء في مكافحة كورونا وتأثيراتها الاقتصادية وبما سببته قضية (جورج فلويد) وتعامله معها بشكل عنصري ، وتأجيجها لمظاهرات أمريكية كبيرة لا زالت مستمرة في بعض المدن الامريكية ، ولهذا اطلق ترامب على هذه العملية تسمية "الانجاز التاريخي" طبعاً بالنسبة له هو نفسه ، لأنه سيوظفه في الانتخابات الأمريكية التي على الأبواب! كما أنها كانت محاولة لمد يد العون لنتنياهو الذي ينام ويصحو على مظاهرات كبيرة من قبل المستوطنين أمام بيته بشكل يومي ، تطالبه بالاستقالة وبتقديمه للمحكمة التي تنتظر رفع الحصانة عنه بعد خروجه من منصبه الرسمي كرئيس لوزراء الكيان الصهيوني.. وهو أيضاً قدم عملية الصلح والاعتراف الاماراتي بكيانه باعتبارها "انجازاً تاريخياً" شخصياً له كما هي لترامب ، والتي ستجلب "استثمارات ضخمة وعملاقة" لكيانه كما قال من خلال تقديمه لها! لكن في كل الحالات : كانت الضرورات الانتخابية لترامب ونتنياهو ، هي التي فرضت ابرام هذه الاتفاقية في هذا الوقت بالذات ولم تكن للإمارات أية مصلحة فيها ، ودور ولي العهد الإماراتي في هذه الاتفاقية لا يزيد على دور (موظف صغير) في وارة الخارجية الأمريكية جاءته الاوامر بتوقيع هذه الاتفاقية فوقع.. لأن ليس أمامه إلا أن يطيع وينفذ هذه الاوامر!! ***** والامارات في حقيقتها كانت عبارة عن قطعة مرمية على اطراف الصحراء ، تجوبها قبائل هائمة على وجهها في أرجائها المختلفة ، لكن ضرورات المصالح الاستعمارية استوجبت تحويلها من مشيخة إلى دويلة أو دولة ، لمعتها دولارات النفط والارادات الاستعمارية وجعلتها كياناً يلعب دوراً أكبر من حجمه في مصير العرب والحياة العربية ، ويدس انفه الوسخ في كل قضية من قضاياه ، وعلى رأسها القضية الفلسطينية! وإلا ما هو المبرر لدويلة مثل دويلة الامارات أن تلعب مثل هذه الدور الخطير في مصير فلسطين والقضية الفلسطينية؟.. ماذا قدمت لفلسطين حتى يكون لها مثل هذا الحق في رسم مصيرها؟ أعتقد أن كل العرب : فلسطينيون ولبنانيون وسوريون ومصريون وعراقيون وحتى جزائريون وليبيون ، لهم الحق في أن يشاركوا في قضية فلسطين ورسم مصير فلسطين ، لأنهم جميعهم قد اكتسبوا هذا الحق بأروحهم التي جادوا بها لأجل نصرتها وبدمائهم التي سالت على بطاحها وروابيها .. أما الإماراتيون وأما الخليجيون جميعهم فبأي حق مثل هذا الحق يكتسبون؟؟
#خلف_الناصر (هاشتاغ)
Khalaf_Anasser#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (6) …الاستشراق
...
-
الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (5) تفكيك الأمم
...
-
الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (4) محو الذكرة
...
-
الاستشراق التقليدي والاستشراق الإيديولوجي .. (3) ما زرع بالأ
...
-
يا ساعات النوم العشرة!
-
الاستشراق الإيديولوجي .. الأصل والصدى (2)!!
-
الاستشراق الإيديولوجي .. وصداه العربي!! !
-
عودة المسيح / هرمجدون / الإنجيليون / المحافظون الجدد / المصا
...
-
أهو ربيع أمريكي؟ .. وجورج فلويد هو بوعزيزي الأميركان!؟
-
سورية والسيليكون والحرب الكونية؟؟!!
-
جائحات العرب كثيرة.....وجائحة كورونا أقلها فتكاً!!.
-
رأيٌ في .. ماهية النهضة؟!..... (الجزء الثالث والأخير)... محر
...
-
كورونا العنصرية!!
-
رأيٌ في .. ماهية النهضة؟!... (الجزء الثاني) : مراحل التاريخ
...
-
رأيٌ في ..... ماهية النهضة؟!... (الجزء الأول).. دور النهضة و
...
-
تآكل الدولة الوطنية العربية..ونهوض القوى الشعبية!!(2)
-
تآكل الدولة الوطنية العربية..ونهوض القوى الشعبية!!(1)
-
((صفقة القرن)): حصيلة عمل منظم لأكثر من مائة عام!!.....(2 وا
...
-
((صفقة القرن)) ليست مصادفة: إنما هي حصيلة عمل منظم ومخطط لأك
...
-
((علقوا لي المشنقة!!*)) ..... (2-2) والأخير .
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|