|
إتفاقية الجزائر
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6641 - 2020 / 8 / 9 - 10:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بحلول الخامس من غشت من كل سنة ، تحل ذكرة اتفاقية الجزائر التي بحلول الخامس من غشت الجاري 2020 ، تكون قد مرت على توقيعها إحدى وأربعين سنة ... انها الاتفاقية المبرمة ، وتحت اشراف النظام الجزائري ، بين الجمهورية الموريتانية ، وبين جبهة البوليساريو القاضية بالانسحاب الموريتاني من إقليم وادي الذهب ، وتسليمه الى الجمهورية الصحراوية التي اعترفت بها الجمهورية الموريتانية مباشرة بعد توقيع اتفاقية الانسحاب . ما تم توقيعه بين الموريتان وبين الصحراويين وبتوجيه النظام الجزائري ، هو اتفاقية وليس بمعاهدة دولية ، ومن ثم فانْ كانت الاتفاقية تأتي في مرتبة ادنى من المعاهدة التي تبرم بين دولتين او بين مجموعة دول ، فقوتها القانونية الضعيفة جعلت النظام المخزني المغربي يضرب بها عرض الحائط ، ومن غير انتظار وجه الجيش لاسترجاع الإقليم الذي انسحب منه الموريتان ، حتى لا يصبح النظام امام الامر الواقع ، الذي قد يدفع بالوضع الى الارتباك ، فيما لو نجح الصحراويون من بسط سيطرتهم على الإقليم المتنازع عليه . ورغم ابرام اتفاقية الانسحاب ، واعتراف النظام الموريتاني بالجمهورية الصحراوية ، فان الاعتراف ظل محتشما ، لأنه ظل متذبذباً ، ولم يرق الى تبادل السفراء بين الجمهورية الموريتانية ، وبين الجمهورية الصحراوية . لكن مؤخرا اكد الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني ، وتماشيا مع سياق الاحداث وتطوراتها ، اعتراف موريتانية الصريح بالجمهورية الصحراوية ، وهذا ليس بالشيء الجديد ، لأنه مجرد تذكير بما حصل عند ابرام اتفاقية الخامس من غشت 1979 ، والذي شجع الرئيس الموريتاني بالتذكير بهذا الاعتراف ، وفي تحدٍّ لمحمد السادس ، هو اعتراف الملك المغربي بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، كشرط لدخول النظام المغربي عضوا بالاتحاد الافريقي الذي ينص قانونه الداخلي على ذلك ، أي انّ اية دولة من خارج الاتحاد ، اذا ارادت الانضمام اليه ، عليها الاعتراف الكامل والصريح ، بكل الأعضاء العضو بالاتحاد الافريقي ، والاعتراف بالحدود المتوارثة عن الاستعمار . فعندما يعترف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، وامام انظار العالم ، والاعتراف منشور بالجريدة الرسمية للدولة المغربية ، فماذا سيمنع موريتانية او غيرها من الدول ، من الاعتراف ، او من تأكيد والتذكير باعترافها بالجمهورية الصحراوية ؟ لأنه لا يمكن ان يكون الاعتراف حلالاً على النظام المغربي ، ويكون حراما على اية دولة تريد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية .. والسؤال الآن وبعد تذكير الرئيس الموريتاني بالاعتراف الموريتاني بالجمهورية الصحراوية ، هل سينتقل النظام الموريتاني الى تبادل السفراء مع الجمهورية الصحراوية ، وهو اجراء يبقى واردا في القادم من الشهور .. ولنا ان نتساءل بعد هذا الاعتراف الموريتاني على غرار الاعتراف الجزائري : هل حقيقة انّ الدولة الموريتانية بعد اعترافها بالجمهورية الصحراوية ، تلتزم موقف الحياد من الصراع الدائر بالمنطقة ، ام انها أصبحت بهذا الاعتراف بمثابة طرف عضو في النزاع ، وليس بطرف محايد . ولو كانت حقا الدولة الموريتانية تلتزم بالحياد وليست منحازة ، فكيف لها ان تعترف كالنظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، والاستفتاء الذي تنص عليه كل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وقرارات مجلس الامن لا يزال عالقا ولم ينظم ؟ ان اتفاقية الخامس من غشت 1979 اربكت النظام المغربي ، حين اصبح حليفا في النزاع متآمرا ومنحازا للطرف الآخر ، في قضية لا تزال بين ايدي الأمم المتحدة التي تبحث لها عن حل طبقا للمشروعية الدولية التي عكستها قرارات مجلس الامن ، التي تربط أي حل بضرورة تحقق شرطين واقفين ، هما شرط القبول وشرط الموافقة ، أي قبول وموافقة اطراف النزاع معاً على الحل المقترح .. فهل تحقق شرط القبول وشرط الموافقة حتى تعترف الجمهورية الموريتانية بالجمهورية الصحراوية ؟ ان اكبر خطأ استراتيجي سقط فيه النظام المغربي ، هو حين ركز على اتفاقية مدريد الغير قانونية ، لتقسيم الصحراء كغنيمة بين النظام المغربي الذي آل اليه إقليم الساقية الحمراء ، والنظام الموريتاني الذي آل اليه إقليم وادي الذهب ، واسبانيا التي كانت حقوقها نصيبا من ثروات المنطقة ... ستبيع إسبانيا حصتها التي تحددها لها اتفاقية مدريد ، لكن الملك الاب خوان كارلوس اضحى فارا من عدالة بلاده بسبب الرشوة ، والبيع والشراء في الضمائر . ان تقسيم الصحراء بمقتضى الاتفاقية المذكورة ، جعل النظام المغربي يعتبر إقليم وادي الذهب ارضا موريتانية ، وليست مغربية كالساقية الحمراء ، وسكانه موريتانيين وليسوا مغاربة . لكن عندما انسحبت موريتانية من الإقليم ، واسترداده من قبل النظام المغربي ، سيعود وادي الذهب مغربيا وليس موريتانيا ، وسكانه مغاربة وليسوا موريتان ، فاصح النظام المغربي يسيطر على ثلثي الأراضي الما وراء الجدار ، في حين ظلت الجبهة ولا تزال ، تسيطر على الثلث الذي تعتبره بالأراضي المحررة . والسؤال هنا بالنسبة للنظام المغربي : هل يعتبر ثلث الأراضي التي تسيطر عليها الجمهورية الصحراوية أراضي مغربية ؟ . واذا كان الامر كذلك ، كيف يتعايش مع تواجد جبهة البوليساريو فوق أراضي يعتبرها النظام جزءا من المغرب ، لكنها ليست تحت سيطرته ؟ . ويبقى السؤال هنا بالنسبة للشعار الذي يُرفع داخل المغرب " من طنجة الى لگويرة " . من هي الدولة التي تقع لگويرة تحت سيادتها ؟ هل تخضع لسيادة النظام المغربي ؟ هل تخضع لسيادة النظام الموريتاني ؟ ام انها تحت السيطرة المباشرة للجمهورية الصحراوية ، التي تنازلت عليها موريتانية عندما تخلت عن كل الأراضي التي آلت اليها بمقتضى اتفاقية مدريد الغير قانونية ، لان من جهة اسبانيا لم تعترف بها لأنها غير منشورة في جريدتها الرسمية ، ومن جهة لم يصادق برلمان النظام المغربي ، وبرلمان النظام الموريتاني على الاتفاقية المذكورة ، ورغم عدم قانونيتها تم اقتسام الصحراء على أساسها .. ان من اهم ما جاء في اتفاقية الجزائر الموقعة بين النظام الموريتاني ، وبين جبهة البوليساريو : 1 ) تأكيد اطراف الاتفاقية الموقعة على احترام مبادئ منظمة الوحدة الافريقية التي ستصبح الاتحاد الافريقي ، وعلى رأسها احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار .. 2 ) تأكيد الأطراف الموقعة على الاتفاقية على التمسك بحدود ما قبل سنة 1975 . 3 ) تأكيد النظام الموريتاني انْ لا مطالب له في تراب الجمهورية الصحراوية . 4 ) اتفاق اطراف الاتفاقية على وضع حد لما سموه بالحرب الظالمة ، والشروع بدل الحرب ، في عملية السلام ، وبناء جدار الثقة والاخوة بين الشعبين الموريتاني والصحراوي . 5 ) تأكيد جبهة البوليساريو بدورها انْ لا مطالب لها بالتراب الموريتاني . 6 ) وضع نسخ من اتفاقية الجزائر المبرمة بين الموريتان وبين الصحراويين بمنظمة الوحدة الافريقية ، وبالأمم المتحدة . امّا لگويرة فبمقتضى الاتفاقية المذكورة ، تعتبرها الجمهورية الموريتانية جزءا من أراضي الجمهورية الصحراوية ، وعلى هذا الأساس فهي اليوم تخضع لسيطرة البوليساريو ، ولا تخضع لسلطات النظام المغربي ، الامر الذي يفند ويكذب شعار " من طنجة الى لگويرة " .. ويبقى التساؤل الكبير : -- الا يعتبر اعتراف النظام المغربي بحل الحكم الذاتي ، تشكيكا في مغربية الصحراويين من قبل النظام ، وليس الصحراويون من شكك في مغربيتهم ؟ --- الا يعتبر اعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، اعترافا بشعب اسمه الشعب الصحراوي ؟ --- هل من الممكن الاعتراف بدولة دون ان يكون لها شعب ؟ --- هل من المعقول الجلوس للتفاوض وتحت اشراف الأمم المتحدة مع الجبهة بجنيف بسويسرة ، وبمانهاستن بأمريكا لو لم تكن الجبهة تمثل وتتفاوض باسم شعب ، هو الشعب الصحراوي الذي اعترف به النظام المغربي ؟ --- الا يعتبر هذا التيه وفقدان البوصلة للنظام المغربي ، بمثابة اعترافه بقرار الجمعية العامة 34/37 الصادر في سنة 1979 ، الذي يعتبر جبهة البوليساريو الممثل الشخصي الوحيد للشعب الصحراوي ؟ --- ماذا حين ستلغى محكمة العدل الاوربية بقرار الزامي ، الاتفاقيات التجارية ، والفلاحية ، واتفاقية الصيد البحري المبرمة بين الاتحاد الأوربي وبين النظام المغربي ، بخصوص ثروات الصحراء باعتبارها انها أقاليم متنازع عليها ، وتنتظر حلها من قبل الأمم المتحدة بما يضمن حل الاستفتاء وتقرير المصير ؟ --- وحين ستصدر محكمة العدل الاوربية قرارها الاستئنافي الالزامي ، الذي سينضبط له الاتحاد الأوربي ، الا يعتبر القرار القادم ، والتزام الاتحاد به ، بمثابة عدم اعتراف صريح من قبل الاوربيين بمغربية الصحراء ، وخاصة وان الاتحاد الأوربي على علم مدقق باعتراف النظام المغربي بالجمهورية الصحراوية ، ومنها اعترافه بالشعب الصحراوي ؟ --- الا يعتبر هذا الاعتراف للنظام بمثابة اعترافه بعدم مغربية الصحراء ، وهو تناقض يعكس الاستثناء المغربي / استثناء النظام ، بين عدم الاعتراف بمغربية الصحراء عندما اعترف بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، وبين ترويجه لشعار " المغرب في صحراءه ، والصحراء في مغربها " ، و " من طنجة الى لگويرة " التي فوتتها موريتانية الى الجمهورية الصحراوية التي يرفرف بها علمها ورايتها .. --- اين قسم المسيرة الخضراء الذي لم نعد نسمع به ؟ --- اين آلاف الجنود الذين سقطوا في حرب الصحراء ، وتم دفنهم في مقابر جماعية ، وتركوا عائلاتهم تتدور الجوع والفقر ؟ --- وأين اسرى الحرب الذي مكثوا بسجون المخابرات الجزائرية لما يزيد عن ستة وعشرين سنة من العذاب الذي فاق عذاب السجن الرهيب تزمامارت ؟ --- اين يقود النظام الصحراء ؟
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهامش الديمقراطي
-
محنة عمر الراضي / لا يعذر احد بجهله للقانون ، والقانون لا يح
...
-
تحليل خطاب الملك
-
دعاة التغيير
-
القرارات ( الارتجالية ) للدولة المغربية
-
بلاغ وزارة الداخلية
-
محاولة الحكومة مصادرة مقر المنظمة الطلابية - الاتحاد الوطني
...
-
وهم الاسطورة السياسية
-
في الزمن الرديء ، الزمن الموبوء ، تصبح الخيانة نضالاً باسم ح
...
-
هل النظام المخزني قابل للإصلاح ؟
-
- شرق عدن غرب الله -
-
محكمة العدل الدولي تصدر قرارا ضد الحضر الجوي على إمارة قطر
-
بين تصريح الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، وتصريح أبا بشرايا
...
-
من المسؤول عن عرقلة حل نزاع الصحراء الغربية ؟
-
إسبانيا الأمة العظيمة ، ترتعش من شدة الخوف ، من الجار المغرب
...
-
مواصلة الصراع السياسي في المغرب
-
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يدعو النظام المغربي الى تقديم
...
-
هل من علاقة بين التناوب / الانتقال الديمقراطي ، وبين المنهجي
...
-
هواة سوق الوهِم ، سوق الانتخابات
-
حملة مسعورة قريْشية ، سعودية ، إماراتية ، ضد شعوب شمال افريق
...
المزيد.....
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
-
فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
-
لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط
...
-
عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم
...
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ
...
-
اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا
...
-
العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال
...
-
سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص
...
-
شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك
...
-
خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|