صلاح حسن رفو
(Salah)
الحوار المتمدن-العدد: 6638 - 2020 / 8 / 6 - 09:59
المحور:
حقوق الانسان
14.8.2014
وصلت لليوم الثاني تواليا لهياكل عمارات " دابين" المكتظة بالمئات من الحكايات الحزينة ،دخلت إلى ذلك الهيكل الذي يشبه الغول في الأفلام ،يبلع الكبار ويرمي بالصغار بعيداً... بعيداً جداً ، قابلت في أحد الطوابق شخصاً منهاراً، تشاركه زوجته آلامه بأنينٍ موجع ،أخبرنا دون تحفظ كأي ملسوعٍ يحاولُ إخراج صرخته : ناضلتُ وشقيتُ حتى استطعت ان أنقذ أطفالي من الجوع والحصار خلال الأسبوع الفائت ،وحال وصولي لهذه الهياكل اللعينة وفي لحظات غفلة مني ومن زوجتي ليلة أمس وقع طفلي البالغ أربع سنوات من الطابق الثالث!
15.8.2014
في طريق العودة للمنزل رأيت شخصاً تجاوز الأربعين بالقرب من إحدى إشارات المرور،يعلن عن بضاعته بخجل مفرط " كلينس ...كلينس للبيع". كانت ملامحه تشبهني كثيراً ، الخيبة نفسها ،والاندثار نفسه .
كان في جيب بنطالي الأيمن ألف وخمسمئة دينار ،أعطيتها له حال نزولي من التاكسي ،رفضها بعد معرفته بأنني لست بحاجة لمناديله الورقية، أخبرته بمرارة : أنا مغضوبٌ عليه مثلك أيها الطيب. رمى علبة المحارم ككرة مضرب بين يدي وقال : أخجلُ أن ترى هذه المدينة الجميلة وناسها الكرماء متسولين سنجاريين في الشوارع، خذ بضاعتي يا أخي ،لم تكن يوماً بحاجة للمناديل مثل حاجتك إليها اليوم ! خذها ،فهناك الكثير من الخيبة والأسى على وجهك لتزيله ،وستندب حظك والقدر أكثر من مرة ،وستبكي كثيراً بعد الآن.
أخذتُ العلبة منه دون أن أودعه ،إذ بت أكره الوداع.
16.08.2014
كنت أترجم للسيدة سيلين وهي تلقي محاضرة مملة لمجموعة من النساء الأيزيديات الهاربات كحال المئات من العوائل المكتظة في مدرسةٍ بقضاء زاخو، المحاضرة عن الحالة النفسية وكيفية مواجهة آثار ما بعد الصدمة التي هم فيها الآن، وكانت النساء يهزن رؤسهن عن مضض لحين انتهاء المحاضرة، أخبروها إن كانت تريد أن تضيف شيئاً، قالت بابتسامة : لا ، بل أنا انتظر أسئلتكم.
سيدتي، الذي يعيش منذ أسبوع مع أكثر من مئتي شخص مستخدمين مرحاضاً واحداً لا يعرف فكرة الانتحار التي تسعينَ أن نتجنبها، بل نفكر جدياً _إن كنت تستطيعين المساعدة _ أن تجلبي أحذية لنا ولأطفالنا للذهاب بها إلى المرافق الصحية المزدحمة.
#صلاح_حسن_رفو (هاشتاغ)
Salah#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟