|
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح15
عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 6637 - 2020 / 8 / 5 - 02:49
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الشخصية الفاعلة الشخصية الفاعلة نمط سلوكي إيجابي يمنح لصاحبها بموجب مقدمات مهمة وتكوين أساسي متعلق بالوعي ومستخدم النظام العقلي المنطقي، بما فيه من خزين وذاكرة ومنشطات ومفاعلات لفهم الواقع أولا كما هو، وهل يمكن أن نتجاوزه بالقدرة على توظيف ما يمكن توظيفه لهذا التغير أو للهدف المنشود على قاعدة البحث عن الأحسن؟ هذ البحث ليس أفتراض فقط بل عن سابق تصميم يؤدي إلى إحداث نقلة نوعية باتجاه أولي نحو سد الحاجة الملحة وبدرجاتها ومن ثم الأنتقال إلى ما بعدها بالأهمية ثانيا، وفي مراحل أكثر تطورا لمحاولة سبق الزمن بقراءة السيرورة الخاصة بالأحداث المتوقعة ومحاولة سوقها وفق مصلحة حقيقية، أي تطويع الحدث أما للتخلص من سلبياته أو محاولة جني أكثر فائدة مرجوة منه أو على التأثير على مجريات الزمن وما سيفرضه على الواقع من نتائج، فهي تتقدم على واقعها وتنتج من هذا التقدم أسباب لتطور. إذن الشخصية الفاعلة يمكن أن نصفها بأنها القادر بالقوة أن تنشئ واقع جديد سواء أكان الواقع كلي عام أو جزئي خاص، المهم أنها تنتج تدبير إيجابي فاعل ومفعل لسلسة من الردات الإنفعالية دون أن تتحكم بها أدوات الواقع ولا شروطه القاهرة، فهي إيجابية بهذا المعنى عقلانية متفهمة واعية ومثمرة تحتكم للعقل وأدواته وتستقرئ الواقع، ومن كل ذلك تستنبط فعلها من مجموع كل هذه الأدوات. حتى يمكن أن تكون الشخصية فاعلة عليها أن تتكون طبيعي بأمتياز أي تعمل وفق نظامها الطبيعي هي وليس نتيجة دفع خارجي عنها ولا متصل بها، ومن خلال بيئة صالحة تشترط فيها الحرية أولا والسلام ثانيا والإعداد والتقويم ثالثا، وبدون هذه الشروط لا يمكن تصور تكوين هذه الشخصية إلا نادرا ولظروف خاصة تتجاوز طبيعية الشخصية فتكون استثناء إبداعي فقط، الحرية تمكنها من أن تختار من مجموعة خيارات تكون مسؤولة عن خيرها النهائي وتبني عليه لأنها تدرك أن النتاج المتحصل عائد لها وعليها فهي تمثل نفسها في النتاج. أما عنصر السلام مع الحرية يمنحها التعاطي مع موضوع والحدث والرؤية بعيدا عن القهرية والإستلابية التي تحول مفهوم الفعل من إيجابي إلى سلبي أتقائي، أي تحويل الجهد من محاولة الدفع عن الذات قهرا إلى صنع دفاع طبيعي مستديم غير مرتبط بالإلجاء القهري لصد عوامل طارئة. النقطتين الأوليتين لا يمكن تفعيلهما دون إعداد وإعادة تقويم مرحلي يترفق دوما مع كل خطوة إعدادية أو تمهيدية لحين اكتمال أساس القوة الذاتية في الشخصية كي تعمل بقوتها الخاصة، ويتم بناء الإعداد والتمهيد في المراحل التربوية والتعليمية وصولا إلى مرحة النضج الواعي، هنا يمكننا ان نثق أن ما ينتج من بناء التربية والتعليم قادر مع الحرية والسلام أن يهيئ للفرد أساسيات القوة القادرة على الفعل وأنتجه بدون الخوف من تأثيرات جانبية طارئة. أما عن كيفية تحويل هذا التكوين الحتمي إلى عطاء وهو المحور الثاني في معالجة الإشكالية الأجتماعية، فلا يحتاج إلا إلى إعادة زرع الثقة بالوعي وفسح المجال أمام الطاقات من خلال جملة من التدابير التشجيعية والتعوبية واللوجستية التي تساعد على إظهار المكمن الإيجابي من الفعل، دون أن نستصغر هذا الفعل أو نجعله عرضة لهزات تحد أو تمنع من تكرار المحاولة مثلا أو إعادة مستويات التخطيط والمتابعة إلى مراحل سابقة. واستكمالا للموضوع لا بد أن نعرج على مفهوم الشخصية المنفعلة وهي الشخصية التي تتعاطى مع الحدث بعد حصوله ومع الفعل بعد صيرورته واقع دون أن تتمكن من المشاركة في عملية حصوله أو التأثير في المجريات الدائرة حوله، فهي سلبية بمعنى أنها نفسية حسية أكثر من كونها عقلية علمية منطقية تتعامل من خلال ما يطرحه الواقع نتيجة الفعل وردات الفعل، ولأنها متخلفة عن القياس والتوقع وغير قادرة على التنبؤ بسيرورته تستجيب فورا بالقدر الذي يهزها دون أدنى قدرة على أن تتغير أو تحاول التكيف مع المتغيرات، فهي دائما أسيرة ومنساقة لها، لذا تظهر فوضويتها وأحيانا عدم المبالاة وعدم الاكتراث للنتائج الحاصلة، إلا بالقدر الذي تستطيع معه حماية نفسها في لحظة الفعل وما بعده تنسى وتتجاوز لتقع مرة أخرى في نفس المطب وتبتلى بنفس الإشكالية في كل مرة، فهي دائما ما تنحدر للخلف والتحت ولا ترتقي بذاتها. هنا يكمن القياس من خلال الظاهرة السلوكية التي تتعامل مع الحدث فعل أو انفعال أو تتشارك مع الزمن بالتهيئة أو بالاستجابة الطبيعية للحدث، وعلية بالمقدار الذي يتوضح ويرشح ممكن أن نصف هذه الشخصية كونها إيجابية فعلية أو سلبية إنفعالية، ولكن قبل تعميم هذه النتيجة لا بد أن نلاحظ النقاط التالية:. 1. ليس هناك شخصية إيجابية بالمطلق بمعنى أنها تتعامل بالواقع ومع الواقع بهذه الصورة من التماميه والكمال، كما أننا يمكن أن نجد من جانب أخر بسهولة صورة للشخصية الإنفعالية بالمطلق، وخاصة في تلك المجتمعات التي تشرعن العبودية وتعيش جو من الاضطراب الأجتماعي والصراعات المستمرة، لأنها من نتاج تلك الأحوال والظروف. 2. هناك نسبة عالية تتداخل فيها الشخصيتان وتتشارك في المظاهر تبعا للأحوال العامة وتقلباتها وحسب ما يمكن أن تسمح به فترات الحرية والسلام، وهي الصفة الغالبة في كل المجتمعات التي تتحول تدريجيا من حالة الصراع والسيطرة إلى حالة السلم الأهلي والأستقرار المدني. 3. لا يعني أن تكون الشخصية فاعلة أنها لا تنفعل لأمر ما أحيانا وقد يكون شكل ردة الفعل فعل أخر قادر على التغلب على الفعل الأول واحتواءه أو لتقيل من مخاطره الناشئة، لا سيما في الحالات التي لا يمكننا توقعها أو تداركها بشكل طبيعي. 4. وأحيانا قد لا نجد حد فاصل حقيقي بين الفعل أو ردة الفعل وقد يتداخل الأمران معا، هن يكون قياس يتبع الأمر الأكثر تأثيرا والأقدر على الثبات من غيره وخاصة في حالات ردات الفعل الاستباقية التي يبادر بها الفرد قبل حصول الفعل المتوقع وهو نوع مهم من انواع الفعل الإيجابي.
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح14
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح13
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح12
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح10
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح11
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح8
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح9
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح7
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح6
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح5
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح3
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح4
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح1
-
قراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح2
-
الوردي وقراءة في نتائج التشريح الاجتماعي للشخصية العراقية ح1
-
الكتابة في زمن العولمة والحداثة
-
العربانية ووهم المعرفة الخاصة
-
السلفيون وتحديات النقد العقلي
-
القضاء القبلي (العرفي) بين القانون والشريعة ح3
-
القضاء القبلي (العرفي) بين القانون والشريعة ح1
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|