|
الغنى .. والفقر .. غايتهم واحدة !
رشوان حسن
كاتب وشاعر
(Rashwan Hassan)
الحوار المتمدن-العدد: 6635 - 2020 / 8 / 3 - 14:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
- ورد لفظ الفقر في القرآن الكريم والسنة النبوية بكثرة ويحمل معان كثيرة منها الإفتقار إلى الله تعالى ومثال ذلك ما جاء في سورة فاطر الأية ١٥: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللّه {فاطر : ١٥} فهذه الأية دلت على أن الإنسان بحاجة إلى الله فالإفتقار في اللغة يأتي بمعنى الإحتياج وليس الإنسان فقط بل كل الموجودات جميعًا للبشر خاصة وللموجودات عامة وقد يأتي الفقر لعامة المسلمين كالنقص في الأموال الدنيوية التي يقدر الإنسان من خلالها التعايش مع الآخرين، وفي المقابل، فقد ورد الغنى في حق الله سبحانه بمعنى عدم الإحتياج للغير فقال تعالى: قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ هُوَ الْغَنِيُّ {يونس : ٦٨} أي الغير محتاج للولد تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا وأيضًا غير محتاج للغير عمومًا، وورد في حق البشر بمعنى الزيادة عن حد الإكتفاء أو الزيادة حد الإكتفاء بما يساعد المرء في معيشته.
- وفي الواقع ، فقد يبتلي الله العبد بالفقر وضيق في معيشته وما ابتلائه إلا محنة وإختبار فإن صبر وهو راض بما ابتلي نال البشرى قال تعالى: { وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ {البقرة : ١٥٥} وقال تعالى في الحديث القدسي " يا ابن آدم " يا ابن آدم لا تخافنَّ من ذي سلطان، ما دام سلطاني باقيًا، وسلطاني لا ينفد أبدًا. يا ابن آدم, لا تخش من ضِيق الرزق وخزائني ملآنة، وخزائني لا تنفد أبدًا. يا ابن آدم, لا تطلب غيري وأنا لك، فإن طلبتني وجدتني، وإن فُتَّني فُتُّك وفاتك الخير كله. يا ابن آدم, خلقتك للعبادة؛ فلا تلعب، وقسمت لك رزقك؛ فلا تتعب، فإن أنت رضيتَ بما قسمتُه لك، أرحتُ قلبك وبدنك، وكنتَ عندي محمودًا ، وعلى النقيض ، فإن أعرض عن القبول والرضى فياويلتاه على ما فرط قال تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّه وَرَسُوله وَقَالُوا حَسْبنَا اللَّه سَيُؤْتِينَا اللَّه مِنْ فَضْله وَرَسُوله إِنَّا إِلَى اللَّه رَاغِبُونَ {التوبة : ٥٩} ، وقد جاء ما سيكون له بعد الإعراض في الشطر الثاني من الحديث القدسي " يا ابن آدم " ، وإن لم ترض بما قسمتُه لك، فوعزتي وجلالي لأسلطنَّ عليك الدنيا؛ تركض فيها ركض الوحوش في البرية، ثم لا يكون لك منها إلا ما قسمته لك، وكنت عندي مذمومًا..إلى آخر الحديث.
- وفي الحقيقة ، فقد يبتلي الله العبد أيضًا بالغنى لينظر فيما يضعه قال تعالى: أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الخيرات بَل لاَّ يَشْعُرُونَ {المؤمنون : ٥٥} ، ومن هنا يتبدى لنا أن متاع الدنيا هو لإختبار هؤلاء البشر الذين تغرهم الحياة الدنيا بمتاعها القليل الفاني ، لقول الله تعالى : وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ {الحديد : ٢٠} ولقوله : - قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ {النساء : ٧٧} وعن عمرو بن عوف رضي الله عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: وَاللَّهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ، وفي نفس السياق فقد رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: يُؤْتَى بِالدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صُورَةِ عَجُوزٍ شَمْطَاءَ زَرْقَاءَ، أَنْيَابُهَا بَادِيَةٌ مُشَوَّهٌ خَلْقُهَا، فَتَشْرِفُ عَلَى الْخَلَائِقِ، فَيُقَالُ: أَتَعْرِفُونَ هَذِهِ.؟! فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ مَعْرِفَةِ هَذِهِ فَيُقَالُ: هَذِهِ الدُّنْيَا الَّتِي تَنَاحَرْتُمْ عَلَيْهَا، بِهَا تَقَاطَعْتُمُ الْأَرْحَامَ، وَبِهَا تَحَاسَدْتُمْ وَتَبَاغَضْتُمْ وَاغْتَرَرْتُمْ. ثُمَّ يُقْذَفُ بِهَا فِي جَهَنَّمَ، فَتُنَادِي: أَيْ رَبِّ أَيْنَ أَتْبَاعِي وَأَشْيَاعِي.؟! فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَلْحِقُوا بِهَا أَتْبَاعَهَا وَأَشْيَاعَهَا ، فعجبًا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ويطمئن لها، فلا يظن الإنسان أنه خلق فقيرًا أو غنيًا عبثًا بل للمحنة والإختبار ، فالغنى والفقر غايتهم واحدة ، وصدق الله العلي العظيم حينما قال : وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ {الأنبياء : ٣٥}
- وفي النهاية اللهم إنا نسألك أن تجعلنا عبادًا لك مخلصين .
#رشوان_حسن (هاشتاغ)
Rashwan_Hassan#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإستقلال
-
ثغر منة
-
كن حرا
المزيد.....
-
قائد الثورة الاسلامية: اثارة الشبهات من نشاطات الاعداء الاسا
...
-
قائد الثورة الاسلامية يلتقي منشدي المنبر الحسيني وشعراء اهل
...
-
هجوم ماغدبورغ: دوافع غامضة بين معاداة الإسلام والاستياء من س
...
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
-
رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات
...
-
مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب
...
-
بابا الفاتيكان يصر على إدانة الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غز
...
-
وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها
...
-
وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل
...
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|