|
عودة لموضوع علامات الترقيم الحديثة في القرآن
سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 6634 - 2020 / 8 / 2 - 22:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أود أولا أن اشير لمتابعي بأني قررت وضع كل كتبي العربية وغير العربية مجانا للجميع (قرابة 70 كتاب)، بإستثناء ترجماتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن ويمكنكم تحميلها من موقعي: https://www.sami-aldeeb.com/livres-books/ ارجو تعميم هذه المعلومة على معارفكم لعل فيها بعض الفائدة
--------
أثير حاليا في صفحتي في الفيسبوك موضوع خلو القرآن من علامات الترقيم الحديثة وهو موضوع مهم لفهم القرآن. فنص القرآن العربي المتداول حاليا هو نص مدرسي، خال من علامات الترقيم الحديثة التي يتلزم بها أي محقق للمخطوطات القديمة. يقول عسلان في كتاب "تحقيق المخطوطات بين الواقع والنهج الأمثل": «لا بد من الانتباه أثناء [نسخ المخطوطة] من وضع علامات الترقيم المعروفة من فاصلة، أو نقطة، أو قوسين، أو علامة تنصيص، أو استفهام، أو تعجب، أو معقوفين، أو علامة الجمل المعترضة ونحو ذلك» . فإن كان هذا مطلبًا لتحقيق المخطوطات بصورة عامة، فكم بالأخرى يجب إتباعه في تحقيق نص القرآن ذاته؟
صحيح أن هناك في القرآن العربي علامات «الوقف والبداء والضبط». ولكل من المشارقة والمغاربة علاماتهم الخاصة. ورغم كثرة هذه العلامات، ليس فيها ما يشير إلى علامة الاستفهام وعلامة التعجب وعلامة التنصيص. إذن هي لا تفهي بما يحتاجه القارئ لفهم القرآن.
وعلامات الترقيم الحديثة مهمة بالنسبة لمترجم القرآن مثلي أنا في ثلاث لغات. فعند تعامله من النص العربي للقرآن الخالي من تلك العلامات يحتار المترجم أين يضع تلك العلامات. فهو لا يقوم فقط بدور المترجم، بل بدور المحقق للنص القرآني. ولهذا السبب وقع اختلاف كبير بين ترجمات القرآن.
فعلى سبيل المثال تقول الآية 59-39: 53: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وواضح هنا ان المتكلم هو الله، والمخاطب هو محمد. ولكن بما انه من غير المتصور ان يقول محمد «يَا عِبَادِيَ»، صححها المفسرون بحيث تقرأ كما يلي مع علامات التنصيص: قُلْ لعِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ: «لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ».
وقد قام حميد الله بترجمة الآية كما هي في القرآن كما يلي مع علامات التنصيص: قُلْ: "يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ". Dis: “ô Mes serviteurs qui avez commis des excès à votre propre détriment, ne désespérez pas de la miséricorde d’Allah. Car Allah pardonne tous les péchés. Oui, c’est Lui le Pardonneur, le Très Miséricordieux”
بينما قامت زينب عبد العزيز بترجمتها كما يلي متبعة كتب التفسير: قُلْ لعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ: "لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ". إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. Annonce à Mes serviteurs, qui firent des excès contre eux-mêmes : « Ne désespérez pas de la miséricorde d’Allah ». Certes, Allah Absout les péchés en totalité. Il Est Lui l’Absoluteur, le Miséricordieux.
ولو أن النص القرآني كان محققا تحقيقا علميا مع علامات الترقيم الحديثة، لما اختلف المترجمان في ترجمتهما. وطبعتي العربية للقرآن هي الطبعة الوحيدة بالتسلسل التاريخي مع علامات الترقيم الحديثة: نقطة، فاصلة، علامة استفهام، علامة تعجب، إلخ...
ولكن لماذا لا يضيف رجال الدين علامات الترقيم الحديثة للقرآن؟ الأسباب متعددة، أولها عدم اتفاقهم على أين يضعون تلك العلامات. ولذلك هم يفضلون الإبقاء على النص المتداول. وفيما يخص القرآن برواية حفص، فمصر والسعودية على سبيل المثال تعتمدان على مصحف الملك فؤاد لعام 1923. وهو في حقيقته كتاب مخصص لطلبة المدارس ويهدف إلى توحيد النص القرآني الذي بين أيديهم. وهذا المصحف لا يلتزم بأبسط قواعد التحقيق العلمي للمخطوطات.
ولو أن السلطات الدينية نشرت طبعة عربية محققة للقرآن تحقيقا علميًا، فسوف يكتشف المسلمون أن القرآن كتاب مقطع الأوصال، لا ترابط بين جمله وآياته، مليء بالفجوات (وهو ما اطلق عليه المفسرون تعبير الحذف والتقدير). ولو انهم اضافوا لهذه الطبعة في الهوامش ملاحظات حول التقديم والتأخير والقراءات المختلفة والأخطاء الإملائية والنحوية سيخلق ذلك لا محالة اضطراب بين المسلمين الذين يفهمون العربية. وقد أشار إلى هذه المشكلة وغيرها المعارضون لنشر القرآن مع علامات الترقيم الحديثة.
وقد دار حديث بيني وبين صديقة جامعية مدرسة من شمال أفريقيا لفت انتباهها موضوع علامات الترقيم الحديثة. وأقرت لي بأنها لم تفكر ولا مرة في هذا الموضوع: "ولا مرة ولا ربع مرة ولم انتبه للامر بتاتا" حسب كلامها.
فقلت لها بأني "حاوي اخرج الأفعى من تحت الحجر. وانا اصطدمت بهذه العلامات عند ترجمتي للقرآن في ثلاث لغات.... أين أضيف النقطة والفاصلة وعلامة الإتفهام في كتاب ليس فيها هذه العلامات".
أجابت: جميل. هي تفيد فئة المسلمين تزرع فيهم الشك. اما الذين تخلصوا من الإسلام ذهنيا بماذا تفيدهم؟ صح في البداية تدفع للتفكير لكن فيما بعد!
واضح من جوابها بأنها ترى في إثارتي هذا الموضوع هدف زرع الشك عند فئة من المسلمين. ولكن في الحقيقة لم يكن هذا أبدا هدفي. فأجبتها: "انا اكتب أولا لنفسي فالكتابة تساعد على ترتيب الأفكار. ثم ان ساعدت كتاباتي الغير فهذا يسرني. دوري هو فتح باب السجن... وللسجناء الخيار بين الخروج من السجن والبقاء فيه.
فردت: انت لا تكتب لنفسك بل للآخرين بدرجة كبيرة. لو كنت تكتب لنفسك لما نشرت حرفا في الفايسبوك او كتاب. تخيل لو كان كل المفكرين يعيشون في جزر فارغة ومعزولة هل سيكتبون؟ سيعرفهم الناس؟! أبداً اذن نحن نكتب للاخر ونفرح بمشاركته لنا تحياتي لك. لست متزمتة ههههههههههههههه
فأجبتها: تجربتي هي أن افضل طريقة للتعلم هي الكتابة لأنها تجبر على ترتيب الأفكار. ولا اكتب إلا في المواضيع التي تطرح نفسها علي. الكتابة عندي هدفها الأول الإجابة على تلك الأسئلة. لكن لن ارفض ان يستفيد من كتاباتي الآخرون الكتابة مثل الباب في البيت. الهدف منه الدخول والخروج منه. أولا لك، ولكن أيضا للضيوف إن جاؤوا. ولكن ان لم يأتوا فهذا شأنهم
-------
هذا وقد اثار البعض في تعليقاتهم موضوع الإسترزاق من كتبي وقناتي. فهم يعتقدون بأن هناك جهات صهيونية أو غيرها تمولني لتشويه الإسلام. وقد كتب أحدهم: هل هناك مردود مادي من قناتك وكم هو؟ وكان جوابي: نعم هناك مردود مادي لا يغطي الكهرباء .. وانتظر من يتبرع لي ببئر بترول لإضاءة سراجي
--------
وكتب آخر: ارجوك يا سامي الذيب لا تشوه الاسلام امام الغرب والاجانب فهذا موروثنا ولنا الحق ان نحافظ على موروثنا الاسلامي ونفتخر به كما يفتخرون هم بموروثهم المسيحي وكان جوابي: ان انت غير متفق مع ما اقول حاول تفنيده اظنك تريد ان تبقي على الفهم الخطأ خوفا من ان يكتشف الناس خطأ رجال الدين المسلمين. انت تدافع عن رجال الدين وتريد ابقاء الناس في الجهل
-------- مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com طبعتي العربية وترجمتي الفرنسية والإنكليزية والإيطالية للقرآن بالتسلسل التاريخي وكتابي الأخطاء اللغوية في القرآن وكتبي الأخرى: https://www.sami-aldeeb.com/livres-books/
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة إلى فضيلة شيخ الأزهر بشأن محمود محمد طه
-
فريدريك نيتشه: فيلسوف أم معتوه داعر؟
-
جرجيس كوليزادة: دعوة الى اعادة كتابة القران الكريم من جديد
-
السعودي احمد هاشم: القرآن (شمل العديد من الأخطاء ... قدرت ب2
...
-
أخطاء القرآن اللغوية: 11) تقطيع معيب للآيات وعلامات الترقيم
...
-
أخطاء القرآن اللغوية: 10) تفكك أوصال آيات القرآن
-
مشكلة في سورة الزخرف الآية 45
-
القضاء التونسي فقد عقله
-
أسئلة لمتابعي: رأيكم يهمني
-
أخطاء القرآن اللغوية: 9) نواقص القرآن ونظرية الحذف والتقدير
-
أخطاء القرآن اللغوية: 8) التكرار والتشتت والحشو أو اللغو
-
نقاش حول تناقض القرآن
-
سامي الذيب: هل يمكن اصلاح الأديان عامة، والإسلام خاصة؟
-
لماذا اهتم بأخطاء القرآن اللغوية؟
-
أخطاء القرآن اللغوية: 7) تناقض النص القرآني
-
ردي على من يدعوني للإسلام
-
اريد ان انتحر - رسالة من السودان
-
اريد ان انتحر
-
أكل الدجاج حرام
-
أخطاء القرآن اللغوية: 6) الأخطاء النحوية ونظرية الإلتفات (تك
...
المزيد.....
-
عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي
...
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|