|
ادارة الازمات . . والسياسة العراقية
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 6634 - 2020 / 8 / 2 - 14:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ادارة الأزمات . . والسياسة العراقية
الأزمة لغةً هي الشِدَّة، والضِيق، والتَطوُّر الفُجائيّ الخَطير . وباللغة الانكليزية Crises مشتقة من الكلمة اليونانيةKrisis وتعني لحظة القرار .
اما من الناحية الادارية والسياسية فهي حدث غير متوقع ينتج اختلالا خطيرا في المنظومة ، ويسبب ضررا بالغا على الافراد من مختلف النواحي الاجتماعية اوالادارية او الصحية او الاقتصادية او السياسية او الثقافية .
تؤدي الأزمة إلى معاناة المواطنين وعدم اليقين ، اضافة الى الشعور بالخوف من مخاطر محتملة . ممايتطلب ادارتها بطرق علمية لتجاوزها والتقليل من مخاطرها .
إدارة الأزمات هي التعامل بطرق مدروسة مع الازمات المتوقعة . وايجاد السبل الكفيلة للتغلب عليها وتجنب اثارها السيئه سواء على المدى القريب او البعيد ، وبالتالى تقليل الخسائر الناجمه عنها قدر الامكان .
وحسب الباحثان بيرسون و متروف فان الأزمة ترسل قبل حدوثها بفترة طويلة سلسلة من إشارات الإنذار المبكر أو أعراض قد تنبئ باحتمال حدوث اضطراب او كارثة وما لم يوجه الاهتمام الكافي لهذه الإشارات، فمن المحتمل جدا وقوع الأزمة .
تتطلب إدارة الأزمات غالبًا اتخاذ قرارات سريعة ، او خلال فترة زمنية قصيرة . وقد تشكل هيئة او مركزاً برئاسة اعلى منصب تنفيذي ، واعضاء من الجهات الداعمة والمساندة ، لوضع خطة لادارة الازمة والاشراف على تنفيذها . ومن الضروري الادلاء ببيان الى الجمهور ، يشرح فيه الازمة الحاصلة وكيفية مواجهتها لضمان الشفافية والمصداقية في التعامل معها . وبعد ذلك يجري العمل على احتواء الأضرار الحاصلة وتنفيذ ما خطط له ، والحيلولة دون تفاقم الأزمة وانتشارها .
وفي كل الاحوال لا يجوز إخضاع الأزمة للتعامل بنفس الإجراءات التقليدية، فالأزمة عادة ما تكون حادة وعنيفة ، وأيضاً لا يمكن تجاهل عنصر الوقت الذي قد يؤدي تجاهله إلى دمار كامل للكيان السياسي او الإداري الذي حدثت فيه الأزمة، فالأمر يتطلب التدخل السريع والحاسم من خلال اتخاذ القرارات وتبسيط الإجراءات مما يساعد على التعامل مع الحدث الأزموي ومعالجته . وفي مرحلة لاحقة يتم استعادة النشاط من خلال العمليات التي يقوم بها الجهاز الإداري لغرض استعادة توازنه ومقدرته على ممارسة أعماله الاعتيادية كما كان قبل الازمة .
ان عدم خبرة السياسيين في العراق ، وسوء تقدير الموقف ، والاستخفاف بالازمات ، اوالتقليل من شأنها … هي عوامل الفشل في ادارة الدولة . وكما هو معروف فان الدولة الفاشلة غير قادرة على أداء وظائف أساسية مثل ادارة الحكومة، والأمن والتعليم والصحة وغيرها من الخدمات الاساسية للمواطنين ، وهذا يؤدي في اغلب الاحيان الى تفشي ظاهرة العنف أو تدني مستوى المعيشة الى حد الفقر المدقع او كلاهما في ظل فراغ سلطة رشيدة ، وبالتالي يكون الناس ضحية لجرائم عديدة . فالدولة التي يعاني فيها ملايين الناس من الحرمان وعدم الأمان تدفع الى اليأس والانتحار او الافكار المتطرفة .
ان الحكومات العراقية المتعاقبة لم تعطي الاهتمام المطلوب لحالات الازمات الكثيرة ، فشهدت البلاد اخفاقات متعددة في النواحي السياسية والعسكرية والادارية والانسانية كافة ، وتلجأ الحكومة في كثير من الاحيان الى العنف والاساليب القسرية لمواجهة الازمات ، وهذا ناتج من فكرها العدواني المتطرف ، فطغى الحل العسكري على المباديء العلمية في ادارة الازمات .
ولذلك يواجه العراق على الدوام مشاكل وعقد كثيرة على المستويين الداخلي والخارجي ، بسبب سوء التعامل مع الازمات ، وتراكمها ، وقد ادى ذلك الى مظاهر عديدة ، أهمها الفساد وضعف الاداء الحكومي وتفشي السلاح خارج نطاق الدولة وخضوع الأجهزة الأمنية الرسمية للميليشيات المسلحة . . وزادت الامور سوءا بالتدخلات الايرانية في كل مفاصل الدولة . ونتيجة لذلك اصبحت الدولة عاجزة عن معالجة او ادارة الازمات التي تواجهها ، مثلما حصل عندما تمكنت فصائل داعش الاجرامية المسلحة من السيطرة على مساحات شاسعة من الارض العراقية ، وبقائها لفترة طويلة نسبيا دون تمكن الدولة من حماية المواطنين منها . وكذلك انفلات الميلشيات المسلحة وعصابات الجريمة المنظمة والتهريب والمخدرات وسيطرة الاحزاب على موارد الدولة واخيرا وليس اخرا جائحة كورونا وافلاس الحكومة .
ان الحكومات المتعاقبة منذ الاحتلال الامريكي للعراق والى يومنا الحاضر لا تحاول التصدي للازمات بطرق عقلانية وتتعامل معها بطرق بدائية ، اما من باب انكارها او منع الحديث عنها ، او افتعال مشاكل محلية لاشغال الناس عنها بدل معالجتها ، اضافة الى انعدام الشفافية ومصارحة الشعب ، وبذلك تثبت فشلها وعدم قدرتها لتجاوزها . وهكذا تتراكم الازمات من دون حلول جذرية حتى وصلت الدولة الى هذا الخراب الشامل الذي انعكس سلبا على المواطنين وكل قطاعات المجتمع .
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التغلغل الايراني التركي في المنطقة
-
الملابس والهوية
-
اغتيال الفكر الوطني
-
مشروع ضم اراضي فلسطينية
-
شيوع الايمان بالمؤامرة
-
نكسة حزيران بداية نكوص العرب
-
نشأة العقائد اليهودية
-
الخيارات المتاحة امام الكاظمي
-
زراعة الشرائح الالكترونية والاخ الاكبر
-
سمات المجتمع العراقي . . وعودة الوعي
-
سياسيو السلطة بين الأقوال والافعال
-
اسباب انتشار covid19 في مناطق دون اخرى
-
مصطفى الكاظمي وكابينته الوزارية
-
الحب اساس الأمن الانساني
-
الحجر الصحي في زمن كورونا
-
مستقبل التعليم مابعد كورونا
-
ترشيح عدنان الزرفي والمستقبل المجهول
-
نظرية اجنحة الفراشة . . الكورونا انموذجا
-
المرأة العراقية نخلة شامخة
-
الثورة مستمرة رغم دسائس السلطة
المزيد.....
-
سقط من الطابق الخامس في روسيا ومصدر يقول -وفاة طبيعية-.. الع
...
-
مصر.. النيابة العامة تقرر رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الإرها
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى يستخدمها -حزب الله- لنقل الأ
...
-
كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
-
حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع
...
-
البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان
...
-
أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
-
مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
-
أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|