|
هزاره جل و علا
منال شوقي
الحوار المتمدن-العدد: 6634 - 2020 / 8 / 2 - 10:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ذات يوم شعر الله بالملل فأراد أن يفعل شئياً جديداً وفيه كثيراً من الساسبينس الذي يحبس الأنفاس ليزجي عن نفسه، فنادي علي جبريل ودار بينهما الحوار التالي: الله: قولي يا جبريل، أخبار إبراهيم خليلي إيه؟ من بعد ما نجيته من الحرق بالنار وأمرت النار ألا تمسه بسوء وأنا مش شايف إنه معترف بجميلي عليه كما يجب. جبريل: ده حقيقي جلالتك، يظهر إنه مشغول بابنه اللي خلفه علي كبر وفرحان بيه والفرحة شغلاه عن جلالتك الله: أهاااا فرحان بابنه (يهرش في رأسه مفكراً)، يعني تفتكر إنه بيحب ابنه ده اكتر مني؟ جبريل: الظاهر كده جلالتك، إنت عارف بئا البشر لما بيخلفوا علي كبر بعد طول انتظار، عقولهم بتخف من شدة الفرحة بعيد عنك سبحانك. الله: طيب ايه رأيك بئا يا جبريل، يا أنا يا إبنه، إبراهيم لازم يختار بيننا جبريل: إزاي جلالتك؟ الله: يعني يا إما يختار يفضل خليلي وصديقي الصدوق، يا إما يختار إبنه اللي خلفه علي كبر. جبريل: يعني هتخيره بين صداقتك وحبه لإبنه سبحانك؟ الله: أنا هخليه يحلم الليلادي إنه بيدبح إبنه وهقيس درجة إنزعاجه من الحلم والليلة اللي بعدها هخليه يحلم إني غضبان عليه واقيس درجة إنزعاجه واشوف هينزعج من دبح إبنه اكتر ولا من غضبي عليه أكتر. جبريل: فكرة جهنمية سبحانك جل وعلا الله: (يقهقه منتشياً) فكرة طازة لسه طالعة من الفرن اللي في الدرك الأسفل من النار، الفرن بتاع فرعون ما انت عارفه جبريل: (يدير وجهه بعيداً ليسمح لوجهه بالتعبير عن امتعاضه من سماجة الدعابة ومضيفاً بتردد وحذر) بس إنت سبحانك يعني لو تسمحلي مش تبقي بتقلل من نفسك لما تقارن ذاتك الإلهية بالواد إسماعيل ابن إبراهيم؟ الله: (متفاجئاً بالسؤال) ها؟ لا طبعاً مفيش أي مقارنة، أنا بس عاوز أتأكد إن إبراهيم يستاهل لقب خليل الله، إنت عارف أنا عمري ما شرفت حد من البشر بصداقتي إلا هو، فلازم يبقي جدير باللقب. جبريل (بمكر): يعني جلالتك مش متأكد من حبه ليك ومش عارف إذا كان بيحبك أكتر من إبنه ولا بيحب إبنه أكتر منك؟ أنا خايف بس تطلع عليك سبحانك سمعة وحشة وإبليس بئا يدور يلسن عليك ويقول إنك لا بتعلم الغيب ولا يحزنون!!! الله: إيه الكلام ده يا جبريل؟ أنا أعلم الغيب ونص وانت عارف كده كويس، أنا بس عاوز إبراهيم نفسه ياخد باله إن أنا أهم عنده من ابنه. جبريل: تمام جلالتك، كده أنا فهمت حكمتك وعظمة سيناريوهتك الإلهية التي يعجز أمثالي محدودي الحكمة عن فهمها.
وعلي الأرض في ذات الليلة، كان إبراهيم ينظر لإبنه إسماعيل بعينين تفيضان حباً وحناناً، بعد أن اشتد عود إسماعيل وأصبح ذراع أبيه اليمني في الحقل، كان إسماعيل يعمل بهمة ونشاط وبلا كلل حتى أن أبيه أشفق عليه فطلب منه أن يذهب للنوم ليرتاح، فقد نال منه التعب بعد يوم طويل من العمل الشاق. وبينما إبراهيم نائم، إذا أرسل الله له كابوساً فظيعاً، فرأي نفسه يذبح إبنه الحبيب إسماعيل. وعندما استيقظ إبراهيم من النوم علم أن ما رأه ليلة أمس لم يكن كابوساً بل رؤيا، لأن الأنبياء لا يرون في نومهم إلا الرؤي، فهم ليسوا كالبشر العاديين الذين يرون في منامهم أحلاماً عادية قد يكون بعضها بفعل الشياطين. عندما توصل إبراهيم لتلك الحقيقة، واكتشف أن ما رأه في نومه رؤيا وليست حلماً عادياً كأحلام البشر العاديين من غير الأنبياء، وجد أنه في اختبار صعب، وعلم أن الله يريد منه أن يذبح إبنه فجلس تحت شجرة ورأسه بين يديه والخوف يملأ نفسه وأنفاسه تتقطع من هول ما هو مقدم علي فعله، وإذا هو كذلك لاحظ إسماعيل أن أبيه لا يبدو على ما يرام وظن أنه مريض، فجلس بجانبه ووضع ساعده علي كتف أبيه و قال له مداعباً: ماذا بك يا أبا إسماعيل؟ هل أنت مريض اليوم، أم أنه العمر يا رجل؟ حاول إبراهيم أن يبذل مجهوداً كبيرا ليبتسم في وجه ابنه ولكنه لم يستطع وقص عليه الأمر برمته ليشاركه أحزانه ومخاوفه. لكن إسماعيل الذي يحب أبيه ويشفق عليه من الحيرة التي تكاد تقتله، آثر أن يخلص أبيه من شعوره بالذنب إن هو اتخذ قرار ذبحه بمفرده، فقرر أن يعفي أبيه من هذا الشعور القاتل ويساعده في اتخاذ القرار، وبالمرة ينوبه من الحب جانب ويري الله أن إسماعيل ممتثل هو أيضاً لمشيئته وأوامره ولو على رقبته. وبينما كان إبراهيم منهمكاً في سن السكين على صخرة أغرقتها دموعه، كان إسماعيل حائراً بين رغبته في أن ينظر لأبيه الحبيب أثناء الذبح ليكون وجه أبيه هو أخر ما تقع عليه عيناه قبل أن يموت، وبين إشفاقه على أبيه من رؤية وجه ابنه وقد ارتسمت عليه ملامح الهلع فيرق له ويحجم عن إتمام الأمر الإلهي. في ذات الوقت في السماء السابعة كان الله في خيمته مركزاً بصره على قرية صغيرة في شرق أسيا يعبد سكانها الأشجار من دونه وقد قرر أن ينتقم منهم بتفجير بركان ضخم في قريتهم ليحرقهم وأشجارهم التي يعبدون، ومن فرط غيظه وحنقه على هؤلاء الأسيويين المشركين، نسي الله تماماً لعبته مع إبراهيم التي يختبر بها حبه له. أما جبريل الذي كان يتمني من أعماق قلبه ألا يرسب إبراهيم في الاختبار، وذلك ليس حباً في إبراهيم وابنه، ولكن لأن الله كان قد منحه إجازة في فترة نبوة إبراهيم، ذلك أن إبراهيم كان واحداً من الأنبياء الذين قرر الله أن يكلمهم بنفسه وبدون تدخل من جبريل فأراح الله بذلك هذا الأخير من عناء رحلاته المكوكية بين السماء والأرض، فإذا ذبح إبراهيم ابنه قرة عينه إسماعيل، فليس بعيداً أن يموت بعدها حزناً وكمداً فيضطر جبريل أن يقطع أجازته ويعود لعمله كهمزة وصل بين الله والنبي الذي سيلي إبراهيم. نظر جبريل من فتحة الخيمة فرأي الله منهمكاً في النفخ في بركان خامد في شرق الأرض وقد استشاط غضباً واصطبغ وجهه باللون الأحمر، ثم حول جبريل بصره لمنطقة الشرق الأوسط فوجد إبراهيم وقد وضع رقبة ابنه على فخذه استعداداً لذبحه. كان جبريل يعلم أنه لا يستطيع مقاطعة الله وإلا صب عليه هذا الأخير غضبه الذي لا ينضب، ففكر بسرعة و هداه تفكيره أن يلقي بأحد أكباش الجنة فوق إسماعيل المستلقي باستسلام علي فخذ أبيه، و بينما الكبش يهوي من السماء إلي الأرض، وقعت عين الله عليه، فتذكر لعبة بتحبني أنا أكتر و لا ابنك إسماعيل أكتر والتي كان يلعبها مع خليله إبراهيم في الليلة الماضية، فقهقه الله قهقهه ارتجت لها الجبال رجا و انهمرت لها دموع السماء انهمارا، و قال الله سبحانه لإبراهيم خليله بعد أن أثبت له هذا الأخير أن مفيش حد في قلبه غيره : يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا – انا كنت بهزر معاك يا راجل – إنا كذلك نجزي المحسنين ( الصافات 105)
بعد مرور قرون طويلة كان الله جالساً مع ملائكته في ساعة صفا يتندرون علي البشر وسذاجتهم وخاصة الكفار منهم، فقال جبريل مخاطباً الله: سبحانك جل شانك، حتى هزارك مع بني أدم فيه حكمة عميقة وتشريعات عظيمة. فقال عزرائيل: هزار الله؟ كيف هذا؟ هل تعلم ما لا نعلمه يا جبريل؟ فنظر جبريل إلي الله نظره ذات مغزى وانفجر الاثنان في الضحك، ثم شرع جبريل يقص على الملائكة بحماس شديد قصة الخروف الذي القاه جبريل فوق جسد إسماعيل لينقذه من الذبح في اللحظة الأخيرة، فاتخذ بنو أدم من تلك الحادثة طقساً وعيداً لهم وفهموا أن الله يأمرهم بذبح الخراف ليُطعموا الفقراء منهم، فانفجر الملأ الأعلى بالضحك وقام مالك خازن النار يرقص ويغني أغنية ارتجالية من وحي اللحظة تقول: وناديناه يا إبراهيم كنت هتقلبهالنا بغم لولا الرحمان الرحيم كان ابنك سايح في الدم وفديناه بذبح عظيم اضحك بقا وافردها يا عم
#منال_شوقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معجزة القرآن
-
تجوع الحرة !
-
الغائية في الفكر الديني
-
أن نكون شوكة في حُلُوق الأفاقين
-
القاموس القرآني ( الإنسان )
-
الرقص بخاصرة الوطن .
-
رب العزة ذَلَّ وهذَى
-
شعوب تتنفس إحتقار النساء
-
المسلم شيزوفرينك بالضرورة.
-
بلاهوته و ناسوته (1)
-
إستعذ من عقلك الذي يوسوس في رأسك
-
النمط الدائري للمجتمعات المتخلفة حضارياً
-
كل المساندة لشريف جابر
-
جواري محمد
-
يادي خاشقجي إللي فلقتونا بيه
-
المسيحية ... تلك الديانة السامية
-
التحدي الهزلي
-
الله المكار و ذكائه البتار حجة علي الكفار
-
دور الإسلام في ظاهرة التحرش الجنسي 2/2
-
دور الإسلام في ظاهرة التحرش 1/2
المزيد.....
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|