نبيل عودة
كاتب وباحث
(Nabeel Oudeh)
الحوار المتمدن-العدد: 1595 - 2006 / 6 / 28 - 11:29
المحور:
الصحافة والاعلام
السؤال مستهجن أليس كذلك ؟ هل من مواطن عربي في بلدة عربية يرفض ان يرى بلدتة على خارطة التقدم الثقافي والفني ؟! الا نشعر بالضجر والقلق من غياب مراكز ثقافية في بلداتنا العربية !؟
الا يقلقنا وقت الفراغ الذي يعاني من اولادنا ويدفعهم احيانا لممارسة ما يشكل تهديدا لمستقبلهم ولسلامة اجسامهم؟
ننتقد سياسة التمييز العنصري للسلطة في اسرائيل , التي ملأت البلدات اليهودية بالمراكز الثقافية والقاعات بينما الوسط العربي يفتقد لمثل هذة المراكز والقاعات لدرجة ان الفرق الفنية على انواعها, كثيرا ما تذهب الى البلدات اليهودية المجاورة لتقديم عروضها , كما هو حال الكونسيرتات التي يقدمها العازف المبدع المعروف عالميا , ابن الناصرة سليم عبود اشقر... في قاعة المزرعة اليهودية , القريبة من الناصرة , لان مدينته (الناصرة العربية ) لا تملك قاعة تليق بالعرض الموسيقي؟.. وهذا ما يحدث ايضا مع فرقة سلمى للرقص الشعبي التي تعرض برامجها في قاعة المركز الثقافي في الناصرة العليا ( اليهودية ) لجمهور الناصرة .. وهذه حال سائر الفنانين الذين يفضلون قاعة في الناصرة العليا ليقدموا عروضهم للجمهور النصراوي ... حتى متى ؟ واضح القصور الذاتي في تفكيرنا للاهمية غير العادية لبناء قاعة في الناصرة وقاعات اخرى في سائر البلدات العربية ... منذ اكثر من عقدين ونحن نثرثر حول بناء قاعة ... هل يستوعب المسؤولين العرب في السلطات المحلية اهمية هذه القاعات في المجتمعات الحديثة ؟
ومع ذلك هناك ظاهرة خطيرة في الوسط العربي .. ولم اطرح السؤال عمن يخاف من المراكز الثقافية في البلدات العربية كعنوان لمقالي بالصدفة . في الواقع هناك حقا من يخاف ولا يتردد في ارتكاب ابشع الجرائم لاغلاق المراكز الثقافية ومنع نشاطها .
قبل سنوات قليلة حرق المركز الثقافي في الناصرة , والقاعة الجميلة التي شهدت برامجا فنية وثقافية واجتماعية وسياسية مختلفة اصبحت رمادا , واعيد ترميم القاعة ويتوقع افتتاحها من جديد قريبا... وما صرف على ترميمها كان من الممكن الاستفادة منة في مشروع ثقافي اخر.
وليت الامر توقف هنا , لقلنا انها زعرنة منفردة , ولكن يبدو ان هناك محركات اخرى اكثر خطورة تقف وراء التخريب والحرق , وهذا الاستنتاج يمكن الوصول اليه بناء على تخريب وحرق مراكز ثقافية في بلدات عربية اخرى ... حقا يبدو التخريب منهجيا وموجها .
في كفرقاسم في المثلث الجنوبي لطخ المركز الثقافي وكسرت النوافذ , في قرية كابول الجليلية , تخريب وحرق للمركز الثقافي , نفس الامر مع المركز الثقافي في قرية دبورية ايضا .. لم ينج المركز من التدمير وهذه ليست كل الحكاية.. اذ علمت عن اعمال تخريب اخرى في مراكز ثقافية اخرى , ويبدو حسب ما نرى ان الحبل على الجرار ..
ونعود للسؤال : من المستفيد من هذا التخريب وهل بالصدفة ان المراكز الثقافية تدمر وتحرق , وتلوث ويشل نشاطها ؟! ولماذا هذا التركيز على المراكز الثقافي ؟؟ من يخاف من نشاطات هذه المراكز ؟! واي فكر اسود يقف وراء شل نشاطها ؟! وراء حرقها .. تكسيرها.. تلويثها ..؟
السؤال للوهلة الاولى يبدو صعبا .. والاجابة علية محيرة , قد يسارع البعض للقول انها اعمال زعرنة .
ولكن الحقيقة يعرفها الكثيرون , ويعرفها المسؤولين في السلطات المحلية . الحقيقة صعبة الوقع على الاذن , وقد لا تفهم اذا قيلت , ومهما حاولنا الالتفاف على الحقيقة المأساوية , لما يجري في مجتمعنا , الا ان الهرب من مواجهة الواقع اكثر مأساوية .. هناك خطة مبرمجة تنفذها ايدي غير مسؤولة , في الناصرة و كفرقاسم وكابول ودبورية وغيرها من البلدات العربية ..
نحن مجتمع بات يرى بالثقافة انحرافا وسلبيات , وباللقاءات المفتوحة , التي لا يمكن اجراء نشاطات بدونها , قمة الانحراف ...والا لما تجرأ بعض المهووسين على حرق وتدمير وتلويث المراكز الثقافية .
ربما كمجتمع بتنا بحاجة الى شرطة ثقافية , والى شرطة اخلاق والى شرطة تصرفات والى شرطة اكل ومشرب وسواقة, وشرطة لضبط الالسن عن التجاوزات اللفظية . مجتمع مثل هذا لا يستحق الحياة لانة ليس اهلا لها , وهو مجتمع يسهل تضليلة وحرقة والتلاعب بة , ومسؤولية كل واحد منا ان نتصدى لحرق الثقافة , ودفعنا نحو الانغلاق والانقطاع عن الحياة , والصمت على الجريمة سيضاعفها . لا اتهم تيارات او تنظيمات انما مجموعات صغيرة منغلقة تتوهم انها على نور , وكل شعبها على ضلال , هذا هو تفسير الوحيد لحرق وتدمير وتخريب المراكز الثقافية
مونديال للاغنياء فقط
كتب الكثيرعن "المونديال" ... وكانت القضية الاساسية التي اثيرت هي رسوم مشاهدة المونديال على القنوات التلفزيونية .
كرة القدم هي الرياضة الاكثر شعبية في العالم ... هي رياضة الفقراء كما يقول البعض , رغم ان لاعبي الكرة اصبحوا من اصحاب المدخولات الضخمة ,ويصنفون الى جانب اغنياء العالم .
ومع ذلك هل اصبحت كرة القدم او الرياضة بشكل عام وقفا على القادرين على الدفع فقط ؟
هل المونديال , هذا المهرجان الكروي العالمي , لا حق للفقراء بمشاهدته ؟
هل صار المونديال محكوما لنظام العولمة المتوحشة ؟
ما قيمة الرياضة اذا اصبحت لمن يقدر على الدفع فقط؟
لا الوم منظمي المونديال فقط , انما الدول المشاركة .. وكل الدول التي حولت هذا المهرجان الانساني الى تجارة عبيد رخيصة ومخجلة.
هناك حلول قائمة لتوفير المشاهدة لجميع الراغبين عبر الاعلانات التجارية في اطار بث المباريات , ليدفع القادرون وليتمتع المحرومون ... على الاقل مرة واحدة كل عدة سنوات وفي مهرجان رياضي دولي وشعبي للغاية.
حتى في الرياضة يبرز الاملاق المخيف لفقراء العالم , اللعبة التي كانوا هم وقودها والرياضة الوحيدة المتاحة امام الاجيال الناشئة من ابناء فقراء العالم تغلق مشاهدتها عنهم وتباع بالملياردات للقادرين على الدفع .
لو كان فلما سينمائيا لاستطعنا ان نفهم , لو كانت وجبة في مطعم لما اعترضنا.
عندما التقي مع مجموعة ناشئين يضطرون للذهاب لمقاهي الارجيلة التي تنتشر وتمتلىء بالشباب او المقاهي العادية لمشاهدة العاب المونديال اصاب بالاكتئاب الشديد لما قد يتعرض لة الناشئين من انحرفات على مجتمعنا وكل مجتمع انساني ان يحتاط منها , واضح ان الجلسة في المقاهي تضطرهم لشرب شيئ ما , او ربما يجربون الارجيلة, وفيما بعد ما هو اخطر من الارجيلة ... وكل ذلك لان العولمة المتوحشة قررت حرمانهم من مشاهدة المهرجان الرياضي لكرة القدم العالمية على شاشات التلفزيون في بيوتهم ... والاخطر ان ثقافة الاراجيل ستصبح خيارهم في هذا الزمن الساقط ...
هذا المهرجان - المونديال - يجلب السعادة للبعض من المداخيل والارباح الضخمة .. ولكنة , وهذا الاساسي جدا , يجلب الحزن والضياع وتجسيم البؤس عند اكثرية سكان المعمورة . فهل تبقت اخلاق رياضية او اخلاق عادية يمكن للمرء ان يكتسبها من مشاهدة المونديال ؟
#نبيل_عودة (هاشتاغ)
Nabeel_Oudeh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟