|
طمس التاريخ والتنكر لبطولات الجيش من خطط البيجيدي.
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 6630 - 2020 / 7 / 28 - 23:58
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أثارت ولا زالت تثير جريمة تغيير اسم أحد الشوارع الكبرى بالدار البيضاء الذي ظل يحمل اسم "الجولان" منذ حرب أكتوبر 1973 ضد الكيان الصهيوني تكريما لـ 170 من الجنود والضابط المغاربة الذين استشهدوا على أرض الجولان بمدينة القنيطرة ، ووضعوا محلها يافطة تحمل اسم "عبد الله باها" الذي داسه القطار أو انتحر حسب بعض الروايات . إن الإقدام على مثل هذا الفعل هو جريمة نكراء في حق الشعب والوطن والتاريخ والشهداء وأسرهم . جريمة في حق الشعب: بحيث يسعى البيجيديون إلى محو الذاكرة الجماعية من كل الرموز التي تجعل المواطنين ، خاصة حديثي السن ، يستبطنون الاعتزاز بإنجازاتها أو تضحياتها ، ومن ثم تتشكل هوياتهم الوطنية، فيتم إدماجهم في المجتمع بكل يسر. إن طمس هوية الشعب من أخطر الاستراتيجيات المعتمدة من طرف تنظيمات الإسلام السياسي ، لأنها تُفقد المواطنين عناصر المناعة والمقاومة وتجعل فرض الوصاية عليهم أمرا يسيرا. نفس الجريمة ارتكبها البيجيدي في مدينة تمارة لما أطلق أسماء رموز التطرف والكراهية والإرهاب على بعض شوارعها . فالشعوب تقاوم المسخ الهوياتي بتراثها الثقافي ورصيدها الحضاري ورموزها الوطنية . إنهم يسعون إلى تزييف وعي الشعب بتاريخه الوطني وطمس ذاكرته الجماعية مثلما فعلوا في بعض المدن (تارة ، طنجة ، الدار البيضاء ..) ؛ وهو نفس النهج الذي اتبعه إخوان مصر ويتعبه اليوم الحوثيون في اليمن واتبعته إسرائيل منذ احتلال فلسطين . جريمة في حق الوطن : من حيث كونهم يستبدلون رموز النضال والتضحية إما برموز التشدد والتطرف قصد التطبيع مع عقائدهم التخريبية وإيديولوجيتهم الدموية التي لا تؤمن بالوطن ولا بقيم المواطنة وحقوق الإنسان ، أو بأسماء نكرة ليس لها رصيد وطني في المقاومة أو النضال من أجل الحقوق والحريات .بل إنها أسماء ناهضت الحقوق والحريات وتصدت لمطالب النساء في المساواة والكرامة والمواطنة (عبد الله باها شارك في كل المعارك ضد مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية) . ومن شأن هذه الإستراتيجية إضعاف مشاعر الانتماء إلى الوطن والاعتزاز بحمل جنسيته والافتخار بأمجاده لدى الأجيال الصاعدة ؛ ومن ثم قتل روح التضحية والعطاء والتفاني من أجل الوطن. إنها رسالة خطيرة يبعثها البيجيدي إلى الشباب الذي اختار الالتحاق بالقوات المسلحة الملكية قصد الدفاع عن حوزة وأمن الوطن واستقراره. جريمة في حق الشهداء الذين قدموا أرواحهم دفاعا عن القضايا السامية التي يؤمن بها الشعب المغربي والتي يثبت بها ارتباطه االعاطفي والعضوي واستعداده للتضحية من أجلها ( قضية فلسطين والأراضي المغتصبة ، قضية الوحدة الترابية ..). وهذه الجريمة تتجسد في التنكّر للشهداء المغاربة سواء الذين افتدوا بأرواحهم أرض الجولان المحتلة أو الذين ضحوا من أجل استقلال المغرب أو حماية وحدته الترابية في الأقاليم الجنوبية. فمن حق الشهداء على كل المسؤولين في المجالس الترابية تكريمهم بإطلاق أسمائهم على الشوارع والساحات العمومية والحدائق والمنتزهات حتى تبقى ذكراهم حية تغذي الروح الوطنية والذاكرة الجماعية. هؤلاء الشهداء من أجل الوطن والأمة هم الأحق بأن تحمل الشوارع أسماءهم وليس الأشخاص الذين لا رصيد وطني ولا تضحيات لهم من أجل الشعب والوطن. فالشعوب لا تنسى أبناءها البررة وشهداءها الأبطال الذين كتبوا تاريخها بدمائهم ورصعوه بتضحياتهم. جريمة في حق أسَر وأهل الشهداء الذين فقدوا أعز أبنائهم دفاعا عن سيادة الوطن وشرف الأمة. وإطلاق أسماء الشهداء أو مواقع استشهادهم هو تكريم لهم وفي نفس الوقت اعتراف وتقدير رسمي لتضحياتهم تجد فيه أسرهم وعوائلهم العزاء والسلوان يبعثان على الفخر واعتزاز بوطنيتهم .لكن تغيير أسماء الأماكن العامة التي ترمز إلى التضحية من أجل الوطن أو الأمة بأخرى لا تاريخ ولا نضال لها هو أكبر من إساءة إلى الشهداء . هو جريمة في حقهم وحق أسرهم. إنه قتل متواصل وبلا رحمة للشهداء يتجرع الأهل آلامه ومرارته دون انقطاع. جريمة في حق الجيش المغربي الذي كتب ملاحمه البطولية بالدماء والأرواح دفاعا عن الوطن ونصرة للقضايا العربية . جيش مصدر فخر واعتزاز الشعب المغربي ، على صخرته تكسّرت أطماع التوسع الخارجية وكل مخططات الانفصال والإرهاب . وتغيير اسم "الجولان" رمز الشهادة والتضحية باسم "باها" هو تنكّر لبطولات الجيش وملاحمه وإساءة خسيسة لمؤسسته وجريمة نكراء في حق جميع عناصر القوات المسلحة الملكية .فهل جزاء من يُفدون الوطن والشعب بأرواحهم ودمائهم هو التنكر لتضحياتهم والإساءة لشهدائهم ؟ إن قرار تغيير اسم الجولان رسالة إلى مؤسسة الجيش مفادها أن قيمة بيجيدي واحد أهم وأفضل من كل الجيش. لطالما تمشدق البيجيديون بنصرة فلسطين وجعلوا تحريرها من الاحتلال الصهيوني أولى أولوياتهم . كما انتصروا وناصروا حزب الله في حربه ضد إسرائيل التي تحتل أجزاء من لبنان (مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر) ، لكنهم لم يفعلوا الشيء نفسه مع سوريا ومصر .إنهم لا ينتصرون للقضية وللشعب وللأرض العربية التي تحتلها إسرائيل ، بقدر ما ينتصرون لبَني مرجعيتهم الإيديولوجية (الإسلام السياسي) .انتصروا لحماس وحزب الله ولم ينتصروا لسوريا نظام الأسد في حربها ضد إسرائيل أو لمصر نظام السادات لما وقع معاهدة كامب ديفد التي مكنته من استرجاع سيناء .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أية وطنية للإسلاميين ؟
-
هل يقبل البيجيدي بالمراجعة بالجذرية لعقائده ومواقفه؟
-
إستراتيجية التمكين لدى البيجيديين.
-
المغرب وإستراتيجية مواجهة الإرهاب.
-
مدرسة البيجيدي تجعل الغش نزاهة وخرق القانون شفافية.
-
البيجيدي يستغل كورونا لتنفيذ أجندته.
-
الأمانة العامة للبيجيدي تناصر الوزيرين في خرق القانون.
-
إستراتيجية جماعة العدل والإحسان للانقلاب على النظام.
-
أدبيات البيجيدي وتصريحات قادته تناهض الدولة المدنية.
-
هل القانون لا يسري على وزراء البيجيدي؟
-
إنهم يخافون ولا يستحيون.
-
جماعة العدل والإحسان والعنف المؤجًّل.
-
وزير انتهاك حقوق الإنسان .
-
نداء النفاق الوطني لحركة التوحيد والإصلاح.
-
يساريون في خدمة أجندات الإسلاميين.
-
أي تصور يقدمه البيجيدي لمواجهة آثار كورونا ؟
-
رجاء لا تبتزّوا الدولة في ملفات الاغتصاب والاتجار بالبشر.
-
هل سيجيز د.الريسوني اللواط كما شرْعَن من قبل الاغتصاب؟
-
من يتخذ المودودي مرجعه يفقد ولاءه للشعب وللوطن.
-
إنهم يطمسون الهوية الوطنية يا وزير الداخلية.
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|