أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الشرطة و السجون : الأوهام الإصلاحيّة و الحلّ الثوريّ















المزيد.....


الشرطة و السجون : الأوهام الإصلاحيّة و الحلّ الثوريّ


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 6629 - 2020 / 7 / 27 - 02:09
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 657 ، 20 جويلية 2020
https://revcom.us/a/657/bob-avakian-police-prisons-reformist-illusions-revolutionary-solution-en.html

أثناء التمرّد الجميل ضد تفوّق البيض الممأسس و إرهاب الشرطة ، وقع تقديم مفهوم " عدم تمويل " أو حتّى " تفكيك " الشرطة – و تعويض الشرطة القائمة بقوّة من نوع مختلف ، و مصاحبة هذا بالتركيز على الحاجيات الإجتماعيّة للناس الذين هم الآن الهدف الأساسي لعنف الشرطة – على أنّه " الحلّ " . لكن هل تمثّل فكرة تغيير المؤسّسات و تغيير الأولويّات و التمويل ، ضمن النظام نفسه ، هل تمثّل حقّا طريقة لوضع نهاية لعنف الشرطة و جرائم قتلها ، و في الوقت عينه تتخطّى ظروف الميز العنصري و الفقر الذى يجعل الناس أسرى عنف دائم – كلّ من العنف الذى تمارسه الشرطة و العنف في صفوف الجماهير ذاتها ، و خاصة في صفوف شباب الأحياء الداخليّة للمدن ؟
لا . في الواقع ، هذه الفكرة ( فكرة " عدم تمويل " أو " تفكيك " الشرطة و تبديل الأوليّات و التمويل )شيء لن و لا يمكن أن يحلّ المشاكل التي يدّعى أنّه يعالجها . إنّه شيء لن و لا يمكن أن يحدث في ظلّ هذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي . إنّه عمليّا وهم خطير – أو نزع للسلاح الإيديولوجي سيؤدّى بالناس إلى نهاية تبعث على اليأس . و مردّ هذا هو الطبيعة و السير و المتطلّبات الأساسيّة لهذا النظام ذاته. لوضع نهاية لإرهاب الشرطة ، علينا أن نضع نهاية للنظام الذى يحتاج إلى إرهاب الشرطة.
ولنتعمّق في لماذا هذا صحيح .
" أوليّات " هذا النظام تحدّدها طبيعته الأساسيّة
ذكّرنى التفكير في هذا بأيام الحركة الجماهيريّة ضد حرب إمبريالية الولايات المتحدة في الفيتنام ، لمّا كانت مجموعات تعبت من " الحزب الشيوعي " ( الذى لم يكن في الواقعيدعو للشيوعيّة الحقيقيّة أو للثورة الفعليّة ) ترفع مطالب من مثل " المال للشغل ، ليس للحرب ! ". و تجب الإشارة إلى أنّه وقتها سبب خوض إبرياليّو الولايات المتّحدة للحرب في الفيتنام هو ذات سبب وجود معطّلين عن العمل في هذه البلاد : كلا الشيئان نبعا من الطبيعة و السير و المتطلّبات الأساسيّة لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي .
كان الناس معطّلين عن العمل داخل هذه البلاد لأنّ تشغيلهم لم يكن – أي إستغلالهم لم يكن – مربحا للرأسماليّين الذين يحكمون هذه البلاد ( أو يمكن أن يكون إستغلالهم مربحا بما فيه الكفاية ، نظرا للإكراهات التي يواجهها هؤلاء الرأسماليّون في تنافسهم مع الرأسماليين الآخرين ن ليس داخل هذه البلاد فقط بل أيضا على الصعيد العالمي ). كان من المربح أكثر ، و متطابقا مع إكراهات تنافس الرأسماليّين ، لإدخال التقنية تعويضا لعديد العمّال في هذه البلاد و في الوقت نفسه لإستغلال الناس إلى أقصى حدّ ، بأجور أدنى بكثير ، في أنحاء أخرى من العالم ( بوجه خاص ما يسمّى بالعالم الثالث لأمريكا اللاتينيّة و أفريقيا و الشرق الأوسط و آسيا ). و خوض الحرب في الفيتنام كان جزءا من ذات المتطلّبات الأساسيّة للذين يحكمون هذا النظام – في هذه الحال ، حاجتهم هي التحكّم الإستراتيجي في أنحاء من العالم لأجل الإبقاء على موقعهم الهيمني في العالم . و بالنسبة للحكّام الرأسماليّين – الإمبرياليّين لهذه البلاد أن " يغيّروا أولويّاتهم " – إنهاء حربهم في الفيتنام و إستخدام المال بدلا من إنشاء مواطن شغل للمعطّلين عن العمل في هذه البلاد – كان عمليّا سيمضى ضد حاجياتهم و مصالحهم الأساسيّة .(1)
و لذات الأسباب الأساسيّة ، في ظلّ هذا النظام ، لن يوجد " تفكيك " أو " عدم تمويل " حقيقيّين ( أو تغيير للدور الأساسي ) للشرطة و للتغيير ذي الدلالة للأولويّات و التمويل نحو الحاجيات الإجتماعيّة للناس الذين تستهدفهم الشرطة الآن إستهدافا عنيفا .
الواقع هو أنّه حتّى منح كمّيات هائلة من المال للبرامج الإجتماعيّة في ألحياء الداخليّة للمدن لم تستطع أن تتجاوز الظروف اليائسة لملايين الناس الناجمة عن السنوات و العقود و الأجيال و القرون من الإضطهاد ، عبر العبوديّة و الفصل العنصري والميز العنصري الجاري و مثلما أشرت في مقال " يمكن وضع نهاية للإضطهاد العنصري لكن ليس في ظلّ هذا النظام":
" بالرغم من ما يمكن لأي سياسي ( " ليبرالي " أو فاشيّ صراحة كترامب ) أن يقوله ، لا طريقة تمكّن النظام من أن " ينقلب على نفسه " ، و يعيد أجزء كبيرة من الصناعة إلى الأحياء الشعبيّة داخل المدن و يوفّر مواطن شغل هامة ، ب " أجورا للعيش " لكافة الذين هو الآن بصدد حرمانهم من ذلك. حتّى و إن وجدت " إرادة سياسيّة " لدى الحكومة لمحاولة القيام بذلك ، فإنّ تلك المحاولة ( تشغيل الملايين من المعطّلين عن العمل سابقا أو " شبه العاطلين " موفّرة لهم " أجورا للعيش " ) ستقوّض تقويضا جدّيا المواقع التنافسيّة للرأسماليين الأمريكان في الاقتصاد العالمي. و إن سعوا للقيام بذلك و في الوقت نفسه سعوا بجدّية إلى تجاوز كامل علاقات تفوّق البيض المتطوّرة تاريخيّا ، فإنّ هذا سيفكّك تماما " الوحدة " الإجتماعيّة التي تجعل هذه البلاد متماسكة ، و تفوقّ البيض جزء حيوي من ذلك ."
في إطار هذا النظام و من وجهة نظر طبقته الحاكمة ، إحداث ضرر حاد لتنافسيّة " رأس المال الأمريكي " و " التمرّد الاجتماعي " الذى ستتسبّب فيه عمليّا محاولة تجاوز ظروف إضطهاد و حرمان الجماهير الشعبيّة ى الأحياء الداخليّة للمدن في هذه البلاد – و اللامساواة المصاحبة لها – سيكون جدّ تدميريّ و غير عقلانيّ . و لهذا لن يحدث هذا في ظلّ هذا النظام.
هناك إرهاب شرطة لأنّ هذا النظام يحتاج إلى إرهاب الشرطة
لقد أخذت أعداد متزايدة من الناس تحصل على معنى أساسي لكون تفوّق البيض قد بُني في أساس هذا النظام في هذه البلاد منذ تأسيسها . في عدد من اكتابات ( و أحدثها في مقال " يمكن وضع نهاية للإضطهاد العنصري لكن ليس في ظلّ هذا النظام " ) ، قد حلّلت علميّا و ببعض العمق لماذا إضطهاد السود (و كذلك اللاتينو والأمريكيين الأصليّين/ الهنود الحمر )لا يمكن القضاء عليه ى ظلّ هذا النظام ، لكنّه ينزع إلى التواصل ، كنتيجة ل" الخليط السام " للعنصريّة و الرأسماليّة . و هذا سبب كبير للماذا لا يمكن لا " تفكيك " الشرطة تفكيكا تاما و لا " إصلاحها " جوهريّا لتسير دون ترهيب ، و تماما دون قتل الجماهير الشعبيّة المضطهَدَة .
لكن السلط الحاكمة لهذا النظام تحتاج هذا النوع من قوّة الشرطة العنيفة ليس فقط بل تفرض بعنف الإضطهاد العنصريّ ، مهما كانت دلالة ذلك ز و يقوم هذا النظام على و يولّد بإستمرار إنقسامات و نزاعات إجتماعيّة - بين الجماهير الشعبيّة و الطبقة الحاكمة ، و في صفوف الجماهير الشعبيّة ذاتها – نزاعات لها إمكانيّة و تتحوّل عادة إلى عنف و " فوضى " قد تبلغ في ظروف معيّنة أبعادا تهدّد " إستقرار" هذا النظام . لذلك تحتاج الطبقة الحاكمة الرأسماليّة إلى قوّة عنف مأسّساتيّ منظّم – شرطة ( و كذلك جيش )- لتحاصر و تتحكّم في هذه النزاعات و لقمعها بالقوّة عندما تتحوّل إلى عنف و " فوضى " يهدّدان مباشرة أو قد يهدّدان ،" النظام القائم " . و حتّى بإختلافات بينها حقيقيّة و بطرق ما حادة ، حول بعض خصوصيّات كيفيّة إنجاز ذلك ، الطبقة الحاكمة بأكملها على إتفاق جوهري بشأن الحاجة إلى هذا لأنّه مرّة أخرى ينبع من و يتناسب مع الطبيعة و المتطلّبات الأساسيّة لهذا النظام .
و تناقض جدّي يشقّ هذا المجتمع - شيء ينجم عن " سير " هذا النظام نفسه لكنّه في الوقت ذاته يتسبّب في مشاكل لنظام الطبقة الحاكمة – هو واقع أنّ هناك أعداد كبيرة من الناس ضمن المضطهَدين الذين هم فعلا " محرومين من " " الاقتصاد النظامي " العادي و الذين ، في ظروف و في إطار هذا النظام ، تبدو لهم الجريمة كوسيلة وحيدة لشقّ طريق في العالم ، أو بالنسبة للبعض الوسيلة الوحيدة للبقاء على قيد الحياة ، حتّى بكلّ المخاطر التي يعنيها ذلك. و جزء من هذا يجع القلب ينقبض هو واقع أنّ في هذا الوضع ، أعداد كبيرة من الشباب المضطهَد في الأحياء الداخليّة للمدن يقتلون بعضهم البعض. و هذه الأيّام بوجه خاص ، هناك كافة هؤلاء الفاشيّين ينهقون بجريمة " السود ضد السود ". هؤلاء العنصريّين منافقون تماما : لا يهتمّون أبدا بالفظائع التي يعانى منها السود ، و يستخدمون " جرائم السود ضد السود " فقط لحرف الإنتباه عن أو لتبرير إرهاب الشرطة و قتلها للسود – لبعث " رسالة " أنّ السود " حزمة من الحيوانات " التي تحتاج أن تبقى تحت مراقبة الشرطة ، و بالعنف اللازم . لكن الواقع هو أنّ قتل السود ، بوجه خاص الشباب ، بعضهم البعض مشكل حقيقيّ جدّا و جدّي جدّا ، وهو سبب لإنشغال عميق لدي كلّ الذين يريدون حقّا رؤية نهاية لهذا و للظروف ( و طرق التفكير ) التي ولّدت هذا و أبقت عليه متواصلا .
لكن ، طبعا ، الجريمة ليست مقترفة فقط من قبل بعض الناس في الحيا الداخليّة للمدن. الجرائم ، بما فيها الجرائم العنيفة ، هي و ستون ظاهرة و مشكلا لهما دلالتهما ، في المجتمع ككلّ طالما أنّ المجتمع يتميّز بعلاقات الإستغلال و الإضطهاد و الإنقسامات و النزاعات التي تفرزا – و كلّ هذا يتعزّز بالإيديولوجيا ( طريقة التفكير ) " الحصول على متاعكم " و التقدّم بمصالحكم الخاصة على حساب الآخرين ، وهو شيء يُشجّع عليه على نطاق واسع عبر هذا المجتمع ، من القمّة إلى القاع.
و هنا يوجد تناقض له وزنه : في هذا الصنف من المجتمع ، من جهة ، دون جرائم الشرطة ، سيوجد مشكل أكبر حتّى ، ليس فحسب بالنسبة للطبقة الحاكمة بل للمجتمع و الناس عامة ؛ بينما من الجهة الأخرى ، ستوجّه الشرطة " إنتقائيّا " نحو فرض القانون و نحو إستخدام واقع الجريمة ك " تبرير " لترويع فئات كاملة من الجماهير ، لا سيما جماهير السود الذين يُنظر إلى مجرّد وجودهم في ظروف الميز المنهجيّ و الإضطهاد و الحرمان ، كتهديد للنظام . و لا مخرج من هذا في ظلّ هذا النظام .
لتلخيص النقطة الأساسيّة : طالما أنّ المجتمع مؤسّس على العلاقات التي تجسّد الإستغلال و الإضطهاد ، و تولّد نزاعات و عنف عدوانيّين ، بما فيها الجريمة العنيفة – بكلمات أخرى ، طالما أنّ هذا النظام النظام الرأسمالي – الإمبريالي يواصل الحكم و يحدّد إطار كيفيّة سير المجتمع – ستوجد قوّة شرطة ستستعمل العنف و الإرهاب للحفاظ على " النظام " و تعزيز الظروف و العلاقات المتناسبة مع الطبيعة الأساسيّة لهذا النظام و متطلّباته . لا أوهام أو تفكير آمل يمكن أن يُغيّر هذا الواقع .
و الشيء نفسه ينسحب على وجود السجون و دورها .
في ظلّ هذا النظام ، لا يمكن و لن يمكن أبدا إلغاء السجون ، أو جعلها تنهض بأي دور مختلف جوهريّا عن الدور الذى تنهض به الآن : ممارسة التحكّم و أجل ن إرهاب الذين ( كلّ من الذين هم عمليّا في السجن و الذين يعتبر السجن بالنسبة إليهم إمكانيّة حقيقيّة لا تغيب أبدا ) قد يمثّلون تهديدا " للسير المنظّم لهذا النظام " بطريقة أو أخرى – عبر " النشاط السياسي الثوري " أو " الجريمة الشائعة " أو ببساطة لأنّه يُنظر إلى ظرفهم ذاته كمضطهَدين و معيشتهم ذاتها الذين سيؤدّيان إلى التمرّد على أنّهما يمثّلان تهديدا ممكنا للنظام .
لهذه الأسباب الأساسيّة ، في ظلّ هذا النظام ، السياسيّون الذين يتوصّلون إلى و يبقون في مواقع السلطة لن يتبنّوا عمليّا أبدا سياسات تجعل الشرطة ( أو السجون ) تفعل أي شيء مختلف جوهريّا . حتّى إن ( أو متى ) يمكن أن يقع إنتخاب شخص لمسؤوليّة على أرضيّة " إعادة النظر في دور الشرطة " ( أو " إلغاء السجون " ) سيواجهون الإحباط و الهزيمة و يحوّلون بعيدا عن أيّة محاولات لإدخال تغييرات تهدّد بجدّية أو تقوّض السير الأساسي لمؤسّسات و قوى القمع و السيطرة العنيفة – دور من و " مهمّة " من هي الحفاظ على حكم و " نظام " هذا النظام – سواء بالأشكال القصوى الأكثر سطوعا ( مثلما هو الحال مع البرنامج الفاشيّ الذى يمثّله نظام ترامب/ بانس و الحزب الجمهوري ) أو بإصلاحات صغرى أو في نهاية المطاف إصلاحات لا معنى لها ( و كذلك بالنسبة لقسم " سائد " من الطبقة الحاكمة ، الممثّل بالحزب الديمقراطي ).
و سبب كون السياسيّين الذين يدفعون إلى مثل هذه الأرضيّات ينزعون إلى الإخفاق ليس مجرّد أنّ أعدادستكون قليلة نسبة لممثّلى " الوضع القائم " الذين " فات أوانهم ". بأكثر جوهريّة سيعود الأمر إلى كون هذا النظام لا يستطيع السير – " سيتداعى " أو يتمزّق و يشهد فوضى تدميريّة فعليّة – دون نهوض هذه المؤسّسات ( الشرطة و السجون ) بوظائفها القمعيّة ، بالخبث و العنف الضروريّين .
هذا النظام لا يمكن " الضغط عليه " ليصبح شيئا آخر مغايرا لما هو عليه ، ببساطة لأنّ البعض أو حتّى الكثير من الناس، يرغبون ى ذلك . يمكن أن يسير فقط في إنسجام مع طبيعته و متطبلّباته و ديناميكيّته الأساسيّين. و عاجلا أم آجلا ( الأغلب عاجلا ) ، كلّ من يحاول أن يجعل الأشياء تعمل بطريقة مختلفة أساسا في ظل هذا النظام – بطريقة تمضى ضد طبيعته و متطلّباته الأساسيّة- سيقع تذكيره عادة بالقوّة بعدم إمكانيّة ذلك.
يمكن وضع نهاية لكلّ هذا – لك ليس في ظلّ هذا النظام بل فقط بواسطة ثورة تقضى على كامل هذا النظام و إنشاء نظام مغاير جذريّا و أفضل بكثير .
الثورة : مجتمع مختلف رادكاليّا و أمن عام مختلف راديكاليّا
كما عُرض في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " – نظرة شاملة و مخطّ" ملموس لمجتمع مختلف جذريّا و تحرّريّا – في ذلك المجتمع الإشتراكي الجديد ، ستظلّ هناك بعدُ حاجة إلى قوانين و مؤسّسات أمن عام ( و قوّات مسلّحة ) ، و كذلك سجون ، لأنّه ( فضلا عن تهديدات الحكومات الإمبرياليّة و القوى الرجعيّة الأخرى الباقية في العالم ) ستظلّ هناك تناقضات داخل المجتمع الإشتراكي ذاته المفرز للنزاعات بما فيها النزاعات العنيفة . و رغم أنّ " الجريمة الشائعة " لن تظلّ مشكلا إجتماعيّا كبيرا ، لن يظلّ من الممكن إلغاء كلّ مثل هذه الجريمة . ستوجد قوى ستبحث عن العودة على المجتمع القديم عبر وسائل عنيفة و سنحتاج إلى إلحاق الهزيمة بها . لكن لن توجد حاجة إلى و لا تسامح مع شرطة تدوس حقوق الناس و ترهب فئات كاملة من السكّأن – و في الواقع ، أيّ من مثل هذه الأفعال سيمثّل بنفسه تجاوزا للقانون، و سيكون قابلا للعقاب في ظلّ القانون . سيكون مبدأ أساسيّا مرشدا لمؤسّسات الدفاع و الأمن العامين التي يكون هدفا من أهدافها الأساسيّة صيانة حقوق الناس في هذا المجتمع الإشتراكي الجديد بما في ذلك حقّ الناس في المعارضة و الإحتجاج. و حتى حقّ معارضة النظام الجديد و البحث عن العودة إلى المجتمع القديم و الإستغلالي سيتمّ حمايته ، طالما لم تلجأ المعارضة إلى العنف .
و في ما يتّصل بالسجون ، لأسباب عرّجنا عليها هنا ( و تحدّثنا عنها بصورة أتمّ في " دستور الجمهورية الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " ) ، ستظلّ ضروريّة لبعض الوقت ، في التعاطيّ مع تجاوزات جدّية للقانون. لكن السجون أيضا ، ستكون مغايرة راديكاليّا في هذا المجتمع الجديد . و سيكون التعذيب بايّ شكل كان و العقاب الوحشيّ و غير العادي من أيّ صنف كان أمرا غير قانونيّ في التعاطى مع المسجونين ( و في المجتمع ككلّ ). و كما يشرح هذا الدستور إيّاه ، التوجّه الأساسي في ما يتعلّق بالمدانين بسبب جرائم و المسجونين سيكون إعادة تأهيلهم ، و "و إطلاق سراحهم و إدماجهم كعناصر منتجة من المجتمع الأوسع، حالما يكون من الممكن القيام بذلك ، وفقا لتقدير أنّ هذا يمكن حدوثه دون أي تهديد أو خطر غير مقبول على المجتمع و الشعب ،و حيث القيام بذلك لا يكون في تعارض مع ما يعرض في هذا الدستور " و " لا يمكن بأيّة حال إبقاء الناس فى السجن لفترة أطول من تلك التى يضبطها القانون ومن خلال تراتيب السيرورة القانونية اللازمة. " و أكثر من ذلك :
" لهذا ، التعليم ، فى تلاؤم مع المبادئ الواردة أعلاه فى هذا الدستور - ... بما فى ذلك التدريب على الرؤية الشيوعية للعالم و القيم الشيوعية لكن أيضا توفير طائفة متنوّعة واسعة من الأعمال السياسية و الفلسفية و العلمية و الأدبية و غيرها ، تعبّر عن تنوّع وجهات النظر - يجب توفيره للسجناء . و يجب أن توفّر لهم وسائل المشاركة فى العمل المنتج للمساهمة فى تطوّر المجتمع ، فى ظروف ليست فقط إنسانية لكن أيضا تتطابق مع المقاييس العامة للعمل فى المجتمع بصورة أعمّ ." (3)
و فقط مع تقدّم الشيوعيّة عبر العالم – بإلغاء و إجتثاث كافة العلاقات الإقتصاديّة و العلاقات الإجتماعيّة التي تتضمّن عناصر إستغلال و إضطهاد و تولّد نزاعات عدائيّة ؛ و مع التغيير الثوريّ للثقافة و الأخلاق و طرق تفكير الناس – فقط حينها سيكون ممكنا التخلّص من كامل النظام الرأسمالي – الإمبريالي ، القائم على الإستغلال و الإضطهاد ، سيكون من الممكن لهذه المؤسّسات أن تكون مختلفة راديكاليّا و أن تخدم سيرورة ليس إستغلال و إضطهاد و إهانة الناس بل التحرّك بإتّجاه هدف إنهاء كافة الإستغلال و الإضطهاد و الإذلال .
لئن كان سيحدث تفكيك حقيقيّ للشرطة التي ترعب الجماهير الشعبيّة ، لا يمكن لهذا أن يحصل إلاّ و لا يمكن أن يؤدّي حقّا إلاّ إلى شيء إيجابي ، فسيحدث كجزء من الثورة التي نحتاج إليها . و بهذه الثورة ، مؤسّسات القمع و العنف المنظّمين التابعين لهذا النظام ( و الشرطة و القوّأت المسلّحة و كذلك السجون ) سيقع تعويضها بمؤسّسات جديدة تقودها نظرة مختلفة راديكاليّا وهي تخدم هدفا و غاية مختلفين جذريّا .
هل يعنى هذا أنّ الشيء الوحيد الذى يمكن القيام به الآن هو إنتظار هذه الثورة كي تحدث " بشكل سحري ّ" ؟ لا . يجب العمل بنشاط و بوعي و علميّا من أجل هذه الثورة . و جزء كبير من هذا هو التصدّى الآن لتفوّق البيض الممأسس و لإرهاب الشرطة و كذلك للطرق الأخرى التي يضطهد بها هذا النظام و يذلّ ويقتل الجماهير الشعبيّة ، في كلّ ناحية من أنحاء العالم ، بينما ينهب البيئة – و بناء هذه النضالات بأقوى ما أمكن و ربطها على أساس الإقرار بأنّ لها جميعها مصدر مشترك هو هذا النظام الرأسمالي- الإمبريالي ، و إقامة أساس الإطاحة بهذا النظام بواسطة ثورة فعليّة .
العمل من أجل هذه الثورة – العمل الآن لمقاومة السلطة و تغيير الناس من أجل الثورة - هذا ما هناك حاجة ماسة إليه . و هذا يعنى :
- تعزيز مقاومة الجماهير الشعبيّة و تمرّدها ضد فظائع النظام و ظلمه فيما يتمّ النضال لكسب الناس إلى النظرة و المنهج و الأهداف التحرّريّة و أخلاق هذه الثورة ، إعتمادا على الفهم العلمي بأنّ فقط الإطاحة و إلحاق الهزيمة و تفكيك كامل هذا النظام و كافة مؤسّساته الإضطهاديّة و القمعيّة ، يمكن في نهاية المطاف أن يضع حدّا لكافة هذا الظلم و هذه الفظائع ؛
- تنظيم أعداد متنامية من الناس ضمن صفوف الثورة على هذه القاعدة ؛
- التحرّك لإيجاد " أرضيّة سياسيّة " و لجعل تفكير الجماهير الشعبيّة أكثر مواتاة للثورة لأجل " التسريع " في تطوّر الأشياء بإتّجاه وضع حيث تصبح هذه الثورة ممكنة ، و بناء القوى الثوريّة المنظّمة التي ستكون قادرة على إستغلال هذا الوضع.
إلى هذا يكرّس الشيوعيّ,ن الثوريّون أنفسهم و هم مصمّمون على القيام به من هنا فصاعدا .
و في هذا نستند إلى الشيوعيّة الجديدة التي طوّرت أكثر الشيوعيّة كنظرة و منهج و مقاربة و برنامج و إستراتيجيا و مرشد عمل علميّين صريحين ، مقدّمة بحيويّة الحاجة للثورة و إمكانيّتها و وسائلها و أهدافها ،و غايتها الأسمى تحرير الإنسانيّة جمعاء من كلّ أشكال الإستغلال و الإضطهاد مع بلوغ الشيوعية عبر العالم .(4)
هذا ما يحتاج إلى رؤيته إكلّ شخص ، كلّ من يرغب حقّا في رؤية نهاية لتفوّق البيض الممأسس و لإرهاب الشرطة و لكافة العلاقات الإضطهاديّة ، ما يحتاج إلى أن يصبح عمليّا منخرطا فيه الآن – متخلّصا من الأوهام و عاملا من أجل الثورة .
-----------------
هوامش المقال :
1- في نهاية المطاف إضطرّ إمبرياليّو الولايات المتّحد إلى الانسحاب من الفيتنام لأنّهم لم يكونوا قادرين على بلوغ هدفهم في إلحاق الهزيمة بمقاتلى تحرير الفيتنام و إخضاع الفيتنام إلى هيمنة الولايات المتّحدة ، و في النهاية تطوّر " توافق " في صفوف الممثّلين السياسيّين لهذا النظام ، أنّه من الأفضل " إيقاف الخسائر " في الفيتنام قبل أن يقوّض ذلك في الأساس و يصبح تهديدا لموقعهم العالمي ككلّ – و داخل الولايات المتّحدة ذاتها حيث وُجدت معارضة جماهيريّة للحرب و إحتجاجات و تمرّد نضاليّين ضد إضطهاد السود و الفظائع الأخرى التي يقترفها هذا النظام ، و قد بلغ التجذّر صفوف القّات المسلّحة للإمبريالية الأمريكيّة عينها . لكن لا هذا الانسحاب من الفيتنام و لا " الإنتصار " اللاحق لإمبرياليّى الولايات المتّحدة ( و حلفاؤهم ) في " الحرب البادرة " ، بإنهيار الإتّحاد السوفياتي في بدايات تسعينات القرن العشرين – لا شيء من هذا أنتج " إيرادات سلام " ( مصاريف حكوميّة على البرامج الإجتماعيّة إلخ ) التي أعلن مختلف الإصلاحيّون أنّها قد تكون نتيجة إنهاء هذه الحروب ( " الباردة " و " غير الباردة " ). و عدم حدوث ذلك يعود مرّة أخرى إلى الطبيعة و السير و المتطلّبات الأساسيّة لهذا النظام الرأسمالي – الإمبريالي.
2. This article by Bob Avakian (Racial Oppression Can Be Ended—But Not Under This System) is available at revcom.us.
3. The Constitution for the New Socialist Republic in North America, authored by Bob Avakian, is available at revcom.us. The passages from this Constitution quoted (or referred to) are from Article III, “Rights of the People and the Struggle to Uproot All Exploitation and Oppression,” Section 2, “Legal and Civil Rights and Liberties.”
4. The substance of the new communism, brought forward by Bob Avakian (BA), is contained in BA’s Collected Works at revcom.us. This includes BAsics, from the talks and writings of Bob Avakian, the handbook for revolution. Along with the sweeping vision and concrete blue-print- for a radically different society in the Constitution for the New Socialist Republic in North America, the strategy for the revolution leading to this radically new society is spelled out in BA’s speech, Why We Need An Actual Revolution And How We Can Really Make Revolution (the text and video of which are available at revcom.us), and is spoken to in more recent writings by Bob Avakian, in particular A Real Revolution—A Real Chance to Win, Further Developing the Strategy for Revolution, which is also available at revcom.us. As the title suggests, a basic summary of the new communism, and its relation to the communism founded by Karl Marx, is found in BA’s work Breakthroughs: The Historic Breakthrough by Marx, and the Further Breakthrough with the New Communism, A Basic Summary (which is also available at revcom.us) and there is a fuller presentation of the new communism in the book by BA, The New Communism, The science, the strategy, the leadership for an actual revolution, and a radically new society on the road to real emancipation (Insight Press, 2016).



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول التماثيل و النصب التذكاريّة و الإحتفال بالإضطهاد - أم وض ...
- بوب أفاكيان حول الكذب فى خدمة ترامب و الكلمات و الجمل الشنيع ...
- إسرائيل تهدّد بضمّ قسم كبير من الضفّة الغربيّة الفلسطينيّة – ...
- ثورة حقيقيّة ، تغيير حقيقي نكسبه – المزيد من تطوير إستراتيجي ...
- حول 1968 و 2020 : الأكاذيب حينها و الأكاذيب اليوم و التحدّيا ...
- الفاشيّون اليوم و الكنفدراليّة : خطّ مباشر و علاقة مباشرة بي ...
- من وثائق ستّينات القرن العشرين : بيانان لماو تسى تونغ ينقدان ...
- مقدّمة الكتاب 37 : إضطهاد السود في الولايات المتّحدة الأمريك ...
- حقيقة إستفزازيّة أخرى على أنّها بسيطة وأساسيّة حول الشيوعيّة ...
- فيروس كورونا يجتاح هوستن بالولايات المتّحدة : ازمة صحّية عام ...
- وفايات كوفيد-19 غير الضروريّة تبيّن أنّ هذا النظام فات أوانه ...
- إلتحقوا بالشوارع في 4 جويلية ! إلتحقوا ب - لنرفض الفاشيّة - ...
- تمرّد جميل : الصواب و الخطأ و المنهج و المبادئ
- كيس منتفخ من القذارة الفاشيّة ، ترامب ليس - شرسا - – الجزء 2 ...
- بوب أفاكيان : قائد مختلف راديكاليّا – إطار جديد تماما لتحرير ...
- ترامب و الشرطة + الانتخابات البرجوازية + و نمط الإنتاج
- دون ليمون و مارتن لوثر كينغ و الثورة التي نحتاج
- بوب أفاكيان و القانون و العدالة و وضع نهاية للإضطهاد و الإست ...
- - آه ، الآن يقولون - – إنّها الفاشيّة !
- كلّ شيء عدا الحقيقة - بوب أفاكيان يفضح الإفتراءات و التشويها ...


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الشرطة و السجون : الأوهام الإصلاحيّة و الحلّ الثوريّ