صوت الشعب العراقي- اذاعة الحزب الشيوعي العراقي
تعليق
15/4/2003
متى يصحو الشارع العربي
تلتبس الرؤيا لدى قسم كبير من الشارع العربي في مقارنته بين صمود العراق ومقاومته القوات الغازية، كما يفترض، وبين سقوطه بهذه السهولة تحت الاحتلال .
وهذا الالتباس ناجم اصلا عن قصور في التمييز بين الشعب العراقي وبين الدكتاتورية التي حكمته وافرغته من اي رغبة او عاطفة تجاه النظام والحاكم الفرد الذي اختزل العراق طوال عقود في شخصه. يضاف الى ذلك وهم القوة والمنعة الذي اسبغه المروجون والمرتزقة على النظام الدكتاتوري بخطاب مكرور خدعوا به الشارع العربي البائس المحبط بامكانية الصمود والانتصار وقلب المعادلة والموازين لا في العراق فحسب بل في المنطقة باسرها، لصالح الشعارات التي يرفعها الشارع نفسه.
لقد نفخ هؤلاء المروجون والمرتزقة في نفير الحرب حين صوروها كفاحا وجهادا، ليصحوا فجأة على انهيار ذلك الوهم الذي صوروه في مخيلتهم وخطاباتهم. وعوضا عن الاعتراف بالخيبة والقراءة الصحيحة لما جرى وتفسير اسبابه راحوا يلوذون بتأويل الاحداث لجهة الابتعاد عن الواقع والاستمرار في خداع النفس والاخرين. وبدلا من الحديث عن الدكتاتورية الصدامية وخيانتها العظمى وفضح جرائمها وعزلتها عن جماهير شعبنا، تلك العزلة التي لعبت الدور الاكبر في سقوطها المخزي، راحت هذه الابواق الدعائية تركز على اعمال الفوضى والسلب والنهب، قاصدة تسفيه الشعب العراقي واظهاره كشعب لا يستحق العطف والثناء.
ان هذه الابواق التي استمرأت الارتزاق تتصرف وكأنها تريد ان تثأر من شعبنا الذي خيب آمالها، ولم يدافع عن الدكتاتورية المجرمة. ان موقفها المشين هذا وهي تحاول ان تلصق بشعبنا عامة صفة الفوضى والسرقة والنهب عبر اجهزة اعلامها المختلفة، انما تلتقي بصورة غير مباشرة مع ما يروج له الاعلام الغربي والامريكي تحديدا بضرورة بقاء قوات التحالف زمنا طويلا بزعم ان الشعب العراقي غير ناضج بما فيه الكفاية ليدير شؤونه بنفسه.
لقد عاش شعبنا 35 عاما في دوامة الابادة والحروب والقمع والتنكيل لا مثيل لها في كل ارجاء المعمورة، يضاف الى ذلك تشويه رهيب للوعي الاجتماعي- السياسي ومسخ للثقافة والاخلاق والقيم والنفوس. وليس غريبا ان يحدث كل هذا مضافا اليه حقد الشعب الجائع المعدم، المستلب ابسط مقومات الحياة الانسانية نوعا من الانتقام ضد عناوين ورموز الدكتاتورية المقيتة بأي شكل كان، وتسلكات لا اخلاقية مرفوضة من قبل الغالبية العظمى للعراقيين.
ورغم ذلك فقد افرزت هذه الحالة وبصورة عفوية نقيضها، والمتمثل بالمبادرات الجاهيرية لتشكيل لجان شعبية تتصدى للمظاهر الشاذة التي ولدتها ظروف استثنائية، وهي تنطلق من عواطف وطنية لا يمتلك شيئا منها اولئك الذين باعوا الوطن حفاظا على رؤوسهم. بدل ان يجعلوا "مغول العصر ينتحرون على اسوار بغداد" مرار كما صرح رئيس العصابة المطلوب حيا او ميتا صدام حسين. .
ان ما هو مطلوب اليوم من العرب حكومات واحزابا وشعوبا هو النظر بواقعية الى مأساة شعبنا والتضامن النزيه معه واسناده، وهو يتلمس خطاه في طريق صعب وشائك، في نضاله من اجل ازالة تركة الدكتاتورية الثقيلة وانهاء الوجود العسكري الامريكي ـ البريطاني، واخذ زمام الامور بيده باتجاه تحقيق آماله وتطلعاته الوطنية والانسانية.
فهل نأمل في صحوة عربية قريبة يمكن ان تعوض عن بعض الاساءات التي لحقت بشعبنا العراقي ?