تحسين هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 6625 - 2020 / 7 / 22 - 00:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مختصر - العلمانية .. ما لها وما عليها
لا شك بان العلمانية اساسها فصل الدين عن الدولة اي تسمية الاشياء بمسمياتها فالمعابد هي المكان الطبيعي لممارسة الشعائر الدينية وتعليم الاتباع اصوله ومعتقادته . والسلطات الحكومية هي التي تحكم البلاد وتشرع القوانين وتعينهما السلطة القضائية .
وبذلك فان حجز الدين في مكانه الصحيح ومنعه من التدخل في شؤون ادارة البلاد باي شكل من الاشكال سيعطي المساحة الكافية لانتشار الحريات الدستورية وحقوق الانسان وحقوق المراة وتطبيق المواثيق الدولية التي تكفل احترام الانسان والانسانية , وهذا ما للعلمانية بكل بساطة .
اما ما عليها وبالتاكيد الحديث عن العالم الثالث وفق التسميات العنصرية الغربية وبالاخص اكثر في العراق فان قبولها وسط هذا المد الديني الشاسع وتغييب عقول الناس ليس بسيطا حيث اصبحت كل حياتهم هي الدين وان لاحياة سواه حتى راح احدهم يمسك بالتقويم الهجري للبحث عن اية مناسبة دينية - وخاصة الشيعة وهم السواد الاعظم في البلاد – ليهرول الى الشوارع حاملا الاعلام الملونة والشعارات الدينية ويمضي قدما لعشرات الكيلومترات وربما المئات مشيا على الاقدام مما يستهلك وقت البلاد وطاقاتها البشرية وبالتاكيد طاقاتها الفكرية التي يفترض ان تكون طاقات خلاقة بدلا من استلابها بطريقة همجية وبتشجيع ومباركة رجال الدين للسير اياما وليالي لا على هدى الا لقناعة ليسوا متاكدين حقيقة من وجودها او عدمها وربما هي من وحي التاريخ ولكن لوجود مباركة اصحاب العمائم تصبح كل الاوهام والخدع حقائق غير قابلة للنقاش , انا لست ضد هذه المقدسات من حيث المبدا لاسيما وانا انتمي لنفس المذهب ولكن ضد عملية ادائها بهذه الطريقة وبتلقين رجال الدين الذي قد واكرر قد تكون الحكومة عاجزة عن الوقوف بوجهه , ولا اخوض في تفاصيل .
المهم , فان العلمانية لغرض ان تلقى قبولا في هذا المجتمع فهي بحاجة الى تهذيب المجتمع ليعرف كيفية الموازنة بين الدين وباقي مجالات الحياة وان يفهم ان الدين ما هو الاعلاقة شخصية بين مخلوق وخالق ولها اوقاتها وربما اولى خطوات الحل هو ايجاد فرص عمل جدية للشباب مبنية على اساس الالتزام الرسمي اي وظائف حكومية او باشراف حازم من ارباب العمل , وبعدها القضاء على التسرب من المدارس للطلاب والسعي لمحو الامية , لان التعليم يمنح المرأ صلاحية التفكير وصحة الاختيار مع ملاحظة تعديل المناهج التعليمية فيما يخص المواد الدينية وتحجيمها ومنع الاولاد من العيش في اوهام التاريخ المسرود في الكتب المنهجية ويتعلموا انه مجرد تجارب انسانية وليست هي الحاضر او الواقع الفعلي لحياتنا .
ايجاد اماكن ترفيهية للشباب والعوائل تمكنهم من تجاوز محنة الاختناق في المنازل والجلوس اما التلفاز لمشاهدة – في الاعم الاغلب – القنوات والبرامج الدينية وفق ما يامر به المتحكم في البيت مهما كانت تسميته .
اعادة اعداد المسارح وقاعات الفن التشكيلي وقاعات العرض الموسيقية للرقي بمستوى الناس الفني والحسي .
وهذه ببساطة تخلق في المجتمع حالة من التغير الذهني التي قد تدفع به او ببعضه الى النظر الى الفكر الديني بحيادية مما قد يساعد على تمهيد الارض للاعلان عن الفكرة العلمانية .
وبمعنى اخر , فاننا بحاجة الى مجتمع يفهم معنى الحرية والانسانية ويقتنع بان الدين لا يمنحنا فرصة التقدم والتطور والحصول على الحرية واحترام القيم الانسانية كما هي العلمانية , ومن جانب اخر فانه سيعرف بان لا مانع من احترام المقدسات ولكن ان لا يجعل المتعبد من رجل الدين هو الامر الناهي وهو الحق وما خلا ذلك فهو باطل وحرام .
هذا فيما يتعلق بسلطة رجال الدين وانصياع الناس لهم من خلال الترويج للفكر الديني والمذهبي وزلكن هناك ما يشكل خطورة اخرى متناغمة مع النصياع للفكر الديني والمذهبي الا وهي خطورة المجتمع القبلي .
ان وضع الطريق المعبد باسلوب سلس للمجتمع بكل فئاته قد يرسم الطريق الى المجتمع لفهم الديمقراطية اولا ومن ثم فهم العلمانية , وهنا اود ان انوه بان ليس المقصود بالمجتمع هو المعنى المطلق وانما المقصود هو عامة الناس الذين يشكلون مصدر القرار في صندوق الانتخابات . ولاننا نعيش في مجتمع قبلي وعشائري بنسبته الكبرى وان الكلمة النافذة اولا لرجل الدين ثم الى شيخ القبيلة او العشيرة او ايا كانت تسميته وبالتالي فان المفهوم الديمقراطي الذي يعبر عنه صندوق الانتخاب هو من الاساس خاضع لسيطرة رجل الدين وبعده شيخ العشيرة فما يقوله هؤلاء هو الذي يكون سواء اكان المرشح جيدا او سيئا فهذا ليس بالامر الضروري لانعدام وجود الاختيار لدى هذا المواطن البسيط الذي هو اسير لارادة رجل الدين او شيخ العشيرة الذي يلزمه باعطاء صوته لمن هو محدد من قبله هو لا وفقا لخيارات المواطن , وذلك لان الالتزام العشائري التزام اجتماعي وعقد ملزم بين افراد العشيرة يجب ان تنفذ بنوده في السراء والضراء وبذلك انتهت ارادة المواطن البسيط الذي نتحدث عنه وهم السواد الاعظم في البلاد ولم تبق ارادة حرة للتعبير الديمقراطي الصحيح الا للنخبة من المجتمع او من هو مدني بطبيعة تكوينه وهؤلاء لايشكلون الغالبية في المجتمع كون المجتمع بطبيعته هو ذو نزعة قبلية عشارية .
قد يرى البعض ان هذه وجهة نظر متجنية او قد غاليت فيها ولكن الحقيقة ومن خلال متابعتي للحملات الانتخابية منذ سقوط النظام السباق الى الان فان هذا ملخص ما يحخدث في البلاد ولذلك نرى من هم ليسوا كفوئين قد عشعشوا في البرلمان منذ تاسيسه وكانه ملك صرف وان الوجوه المتغيرة فيه هم القلة القليلة وهذا ربما يكون دليلا واضحا يدعم وجهة نظري لاسيما ما حدث في فترة المالكي لمدة ثمان سنوات .
وهنا اتجنب الحديث عن التاثيرات الخارجية ونفوذ الاحزاب والمليشيات لما لها من تاثير في كل ما تقدم وذلك لضيق المساحة .
#تحسين_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟