نتائج تغيير الانظمة الحاكمة امريكيا

الصادق عبد الله

الحوار المتمدن-العدد: 466 - 2003 / 4 / 23 - 10:00
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 
 
ماهي النتائج التي سوف يرسمها البيت الأبيض بعد ان حقق نصر سهل نسبيًا في العراق ؟
 
قال وكيل وزارة الخارجية للمسئولين الإسرائيليين في فبراير الماضي أن الولايات المتحدة ستتعامل مع إيران, كوريا الشمالية و سوريا بعد ان تنتهي من حربها في العراق . بالتأكيد لدى الولايات المتحدة القوة العسكرية لعمل ذلك, و هو لن يكون أول مرة فواشنطن دفعت سلسلةً من تغييرات الانظمة حول العالم

في الخمسينيات, إدارة إيزنهاور قررت التعامل مع الحكومات الكريهة حسب قولها في إيران , غواتيمالا و فيتنام . لذلك ليس من المستبعد أن تتبني إدارة بوش هذه المغامرات عندما تفكر في تحركاتها القادمة

في أغسطس عام 1953, حققت الولايات المتحدة نجاحها الأول في تغيير النظام الايراني في الشرق الأوسط . اذ قامت بدعم الانقلاب علي رئيس وزراء إيران الدكتور محمد مصدق , و حُلَ مَحَلهَ بمحمد رضا بهلوي الشاه . كان الدكتور محمد مصدق ضحيةً المخابرات الأمريكية المركزية, لتأميمه شركة النفط الايرانية بدعم شعبي و التي كانت تحتكرها بريطانيا منذ نهاية الحرب العالمية الأولى

بعد الانقلاب اعطي الشاة رضا بهلوي الشركات الأمريكية, نصيب الاسد في الاستثمارات البترولية ويقدر بحوالي 40 % من البترول الإيراني . وكانت ميزانية المخابرات الأمريكية المركزية للاطاحة بالدكتور محمد مصدق مليون دولار و300 قتيل . كان تغيير النظام في إيران سريعًا و سهلاً

بعد عشرة أشهر, الرئيس إيزنهاور و وزير خارجيته, جون فوستر , قررا المحاوله مرة ثانيةً . ففي يونيو1954 قامت قوات التحرير في غواتيمالا بمساعده الاستخبارات المركزية الامريكية باطاحة حكومة الرئيس جاكوب أربينز المتهمة بالشيوعية . وقد قام الرئيس جاكوب أربينز بعد ثلاثة سنوات من انتخابه بتأميم الأرض المملوكة لشركة الفاكهة المتحدة , الولايات المتحدة نجحت في تغيير الحكومة مع ضحايا قليلين , و رئيس الدولة الجديد - وضع بواسطة المخابرات الأمريكية المركزية - و أعاد الاراضي المؤممة إلى شركة الفاكهة المتحدة

جاء تغيير النظام في أمريكا الوسطى بسرعة و بسهولة مما اعطي إيزنهاور و جون فوستر في اعادة المحاولة مرة أخرى في فيتنام . وقد كانت اتفاقية جنيف التي أنهت الحرب الفرنسية في إندوتشينا في عام 1954 طالبت بالانتخابات المتزامنة في الشمال و الجنوب لإنشاء حكومة وطنية واحدة لكل فيتنام , والتي اتفق ان تتم في عام 1956 و لكن في أغسطس 1955 اي بعد 14 شهرًا من التغيير الناجح في غواتيمالا, إيزنهاور قرر سد الانتخابات الفيتنامية, وقام بالاعتراف بفيتنام الجنوبية كدولة مستقلة و تنصيب ( نجو دينه ديم ) كرئيس دولة

ونستلخص من هذه القصص هذه النتائج

في إيران, الشاه بسرعة أصبح أكبر حليف للولايات المتحدة في الشرق الأوسط , و لكن الفساد الذي استشري بسبب دخول البترول وسياسة الكبت ولدت معارضة متنامية . ففي يناير 1979 أُطِيحَ بالشاة من قبل التابعين لآية الله روح الله خميني , الذي لاحقًا أصبح أهم مسلم في العصور الحديثة

تكاليف تغيير النظام في غواتيمالا كانت اقل من النتائج التي ترتبت بعد ذلك بحيث اندلعت حرب أهلية بين سلسلة من الحكومات العسكرية المدعومة امريكيا و مقاتلي الفلاحين التي استمرت 36 سنةً . وشرد أكثر من مليون شخص من بيوتهم و قتل قرابة 200,000 شخص َ 90 % كانوا من المدنيون . وقد جلبت لا قانون ولا النظام إلى المناطق المحيطة ببؤرة النزاع ايضا

نتائج تغيير النظام في فيتنام هي أكثر من 58,000 قتيلا في صفوف القوات الامريكية و بين مليونين الي 3 ملايين فيتناميًا ماتوا أثناء الحرب . وانتشرت الحرب الأمريكية إلى كامبوديا المجاورة, حيث قتل الخمير الحمر مليونين آخرين 

ربما لايحدث كل هذا اذا لم تتدخل الولايات المتحدة في شئون الغير ولكن ذلك يبدو مستحيلا . إذا لم ينصب الشاه في ايران بواسطة واشنطن , لكان من الصعب أن تتخيل أصولية إسلامية مسلحة تتولى دولة قويةً مثل إيران بسبب الفساد و الكبت . و غواتيمالا لم تشهد 36 سنة من الحرب الأهلية لولا الدعم الأمريكي للحكومات القمعية . و إذا أجرت فيتنام الانتخابات التي كانت مقررا لها في مواعيدها لفاز الشيوعيون في الأغلب عام 1955 بدلاً من 1973, و حقنت دماء الملايين من الناس

التدخل الأمريكي في شئون الدول الاخري فكرة سيئة, لأن الشعوب تريد صنع تاريخها بنفسها , حتى إذا واجهت حكام امثال صدام حسين . لا يجب أن يكون النصر السريع على العراق نموذج لسلسلة الحملات المستقبلية

 

الصادق عبد الله

كوبنهاجن - الدنمارك

#الصادق_عبد_الله (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات