أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - علي عبد الرحيم العبودي - الديالكتيك: فلسفة الفقر...وفقر الفلسفة














المزيد.....

الديالكتيك: فلسفة الفقر...وفقر الفلسفة


علي عبد الرحيم العبودي
باحث عراقي مختص في الاقتصاد السياسي


الحوار المتمدن-العدد: 6621 - 2020 / 7 / 17 - 17:51
المحور: حقوق الانسان
    


تعدّ الديالكتيكية أو فن الحوار بين فكرتين متضادتين للتوصل إلى نتيجة، من الموضوعات الفلسفية المعقدة جداً، هذا ناهيك عن مزُجها مع معضلة الفقر التاريخية كما في عنوان مقالنا هذا، لذا سوف نحاول ان نستخدم اللغة البسيطة أو البيضاء لإيصال الفكرة بشكل مفهوم للجميع وبدون تعقيد.
ركزت المدارس الفكرية الرأسمالية والاشتراكية والإسلامية على موضوعة الفقر المادي أو الفقر المجتمعي بشكله الاوسع، إلا ان الفكر الرأسمالي كان الاقل اهتماما بهذا الموضوع، نظرا لسعيه وراء الربح بالمرتبة الأولى . وعلى العموم لم تُنهي افكار هذه المدارس الفقر ولم تستطيع الحد منه، ومن هنا ينطلق مقالنا: هل ان الفقر المادي هو حتمية تاريخية للفقراء؟ أم ان الفقر جاء نتيجة للكسل وعدم الكفاءة؟ ام ان الفقر هو نتيجة لسلب الحقوق؟ وكيف يمكن الحد من هذه الظاهرة البشعة؟.
إذا كان الفقر المادي حتمية تاريخية، وان الفقراء خلقوا فقراء، وان كل الاشخاص الذين كانوا فقراء وأصبحوا اغنياء فيما بعد، هو نتيجة للسرقة او الإرث حسب فلسفة بعض المفكرين الاسلاميين بهذا الخصوص، فكيف لم يكن هناك فقير في زمن حكم علي بن ابي طالب!، وإذا كان الغنى فاحش، فكيف ان العشرة المبشرين في الجنة حسب الروايات الاسلامية كانوا من الاغنياء في عهدهم!.
وإذا كان الفقر نتيجة للكسل وعدم الكفاءة حسب فلسفة الرأسماليين، فكيف هناك فقراء من الكفاءات والنشطين خاصة في وقتنا الحاضر!، وكيف هناك اثرياء من عديمي الكفاءة!، وخير برهان على ذلك، هو ان العامل يبذل من الجهد اضعاف ما يبذله رب العمل أو الرأسمالي، كما ان هناك من العمال الباحثين عن عمل او الموظفين الصغار من هم اكفء من المدراء واصحاب رأس المال .
وتبعا لذلك، فأن الفقر هو نتيجة حقيقية لسلب الحقوق، إذا كان البلد من البلدان ذات الموارد الوفيرة، حيث يستطيع سد حاجات المواطنين بشكل جيد عن طريق التوزيع العادل للدخل، وهذا ما توصل له فعلا الباحث الاسلامي الاستثنائي (محمد باقر الصدر) الذي عزا سبب الفقر إلى سببين رئيسين : أولهما_ قلة الانتاج في البلد الذي يعاني من فقر الموارد اصلا (وهذا ليس موضوعنا)، والثاني_ سوء التوزيع الناتج عن السلب والاستغلال وعدم العدالة في توزيع الموارد والدخل، الذي يمثل صلب مقالنا . وكذلك يشترك الفكر الماركسي في هذه الرؤية، حيث يعزا اسباب الفقر إلى عدم العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل وسلب حقوق وجهد العمال من قبل اصحاب رأس المال، لذلك حذروا منذ قرن من ألآن في زيادة الفقراء فقرا، والأغنياء غنى، اذا استمر توزيع الدخل بهذا الطريقة المجحفة .
ومع ذلك كانت الفلسفة وما تزال تتسم بالفقر في معالجة هذا الموضوع، والحد من الفقر . فعندما أراد الفكر الإسلاموي الحديث ان يعالج الفقر، دعى الاثرياء للتصدق على الفقراء، باعتبار ان المجتمع مقسم إلى قسمين: قلة من الاغنياء الذين وهبهم الله الغنى ليرى فيهم أثار نعمته، وأغلبية من الفقراء الذين امتحنهم الله ليرى صبرهم، والذي يكفيهم قوت يومهم عبر العمل الذي لا يساوي الاجر أو عبر تصدُق الاثرياء عليهم . وهذه الفلسفة كانت بحاجة إلى غطاء عقائدي لإقناع الفقراء بأنهم فقراء بالوراثة وأنهم احباب الله وعليهم ان يلتزموا الصبر، لان الله هو الذي قدر لهم ان يكونوا فقراء، جاء هنا دور رجل الدين سواء اسلامي أو يهودي أو مسيحي أو اي ديانة اخرى، ليرسخ هذه الفهم في عقول الفقراء .
كذلك الحال في الفلسفة الرأسمالية، حيث جاءوا بفلسفة تقسيم العمل والمنفعة المتبادلة بين العامل ورب العمل (الرأسمالي أو التاجر) على المستوى الجزئي، والمنفعة المتبادلة بين الدول النامية والدول الصناعية على المستوى الكلي، لإقناع العامل بوضعه وضمان عدم تمرده على نظام الانتاج الرأسمالي، والاستمرار باستغلال فائض عمله في التراكم الرأسمالي لدى اصحاب رأس المال .
بخلاف هاتين الفلسفتين الاسلاموية والرأسمالية، جاءت الفلسفة الاشتراكية لتطرح فلسفتها في معالجة الفقر، في إلغاء الملكية الخاصة وتأميم الإنتاج عن طريق الشيوع، وهذه الفلسفة كما وصفها بعض المفكرين بإن تطبيقها يحتاج إلى ملائكة وليس بشر، لصعوبة ادارتها بشكل ناجح على الارض .
وعلى وفق ذلك، اصبح الغني الذي سرق اموال وحقوق الفقراء، وزاد من فقرهم، يتصدق عليهم ويطلب منهم الشكر والعرفان والخضوع، مثلهم كمثل (الذي يسرق اموال أخيه كلها... ويتبرع بتقديم المصروف اليومي إلى أخيه الذي سرقة ... أو كصاحب معمل يعمل فيه العمال لمدة 10 ساعات في اليوم ويعطيهم اجر مساوي لجهد 5 ساعات... ويطلب منهم اللجوء اليه اذا مسهم الضر لضمان تبعيتهم اليه) .
هذا الفقر في الفلسفة للحد من ظاهرة الفقر، لهو اشد وأعظم آثر من الفقر نفسه، لأنه يشرعن ويقدم التبرير الجاهز للأغنياء لاستلاب اموال وحقوق الاخرين بغير حق، وجعلهم يزدادون فقرا مقابل ان يزداد الاثرياء ثراءً . لذا نحتاج إلى فلسفة نرفع بها وعي الفقير، وان نجرده من كل المشاعر العقائدية الضالة التي تشرعن له فقرة واستلاب حقوقه، لذا استعين بمقوله ماركس العظيمة "الفقر لا يصنع ثورة، إنما وعي الفقر هو الذي يصنع ثورة ضد الظالمين وتجار الدماء" .



#علي_عبد_الرحيم_العبودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البريكس قاطرة الاقتصاد العالمي ما بعد كورونا
- اسعار النفط إلى اين؟
- الأمن المجتمعي في مجتمعات الرأسمالية الناجزة بين دولة الرعاي ...
- الاقتصاد العراقي في ظل انخفاض اسعار النفط
- الصراع في بحر قزوين
- تظاهرات 25 اكتوبر : اسبابها..وفواعلها..ومستقبلها
- الثورة العراقية الحالية : اسبابها..وفواعلها..ومستقبلها
- كفاءات العراق بين الإصرار والتهميش
- هاجس الحروب السيبرانية (Cyberwar)
- نظرة حول الاقتصاد العراقي
- بريطانيا ومأزق الانفصال عن الاتحاد الأوروبي
- الفساد الإداري والمالي في العارق بعد عام 2003 : اسبابه...وخص ...
- أرجوحة التنمية في العراق بين أرث الماضي وتطلعات المستقبل : م ...
- الحرب العالمية الثالثة بين الحتمية والأفول
- إيران ما بعد الانسحاب من الاتفاق النووي ما لها وما عليها
- الحشد الشعبي على خطى حزب الدعوة
- ديماغوجيا الاحزاب العراقية لانتخابات عام 2018
- سلوك الناخب في الانتخابات العراقية لعام 2018


المزيد.....




- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - علي عبد الرحيم العبودي - الديالكتيك: فلسفة الفقر...وفقر الفلسفة