|
(13) جريمة شرف!
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 6616 - 2020 / 7 / 12 - 10:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
( الفصل الثالث عشر من قصة الخلق) فزّ محمود أبو الجدايل من نومه مذعورا على صراخ فظيع للمى . كانت لمى قد استيقظت مبكرا لتذهب لتدقيق حسابات تجارية لأعمالهما هي وأخيها. تركت محمود يغط في نوم عميق وانصرفت ، وحين فتحت الباب لتخرج فوجئت بوجود جثة مخضبة بالدماء ملقاة أمامه .. صرخت وانكفأت إلى داخل البيت هارعة نحو غرفة النوم . التقاها محمود في الممر. ألقت نفسها على صدره وهي تصرخ وترتجف . راح يربت على ظهرها مهدئا ومتسائلا " شو فيه شو فيه " لم تكن قادرة على الكلام من شدة الرعب الذي انتابها " ج ج جج جه جث جثة جثة " " أف يا إلهي " أدخلها إلى الصالون وأجلسها .. أحضر لها كأس ماء . أسقاها جرعة وانصرف نحو الباب . تبين أن لمى أعادت إغلاقه وهي تصرخ . فتحه . كانت الجثة مطروحة بالعرض أمام الباب. وبدا أنها لفتاة شابة ذات شعر طويل. ترتدي بنطال جنز وقميصا مخضبين بالدماء، وقد ذبحت كما تذبح الشاة دون أن يُفصل رأسها عن جسدها . من الواضح أنها فتاة حقيقية وليست دمية كما كان الرأس المقطوع . بدت الدماء غير جافة على وجنتيها وجبينها وفمها. لم يكن هناك دماء على الأرض ما يشير إلى أنها لم تذبح هنا ، بل جيء بها مذبوحة .. ولم يكن هناك رسالة انذار جديدة لمحمود أبو الجدايل . فقد بات يعرف المصير الذي ينتظره من هؤلاء القوم . كان بعض سكان البناية قد هرعوا على صراخ لمى ووقفوا أعلى الدرج النازل إلى بيت محمود . أحضر محمود هاتفه واتصل بضابط الأمن .. حضر الضابط نفسه مع دورية أمن . وسيارة اسعاف .. تم تصوير الجثة وأخذ بصمات عن جسدها، ومن ثم حملها من قبل رجال الاسعاف، ونقلها إلى المستشفى لإجراء فحوصات عليه، قد تساعد في معرفة دوافع الجريمة ، ولماذا تم وضعها أمام منزل محمود أبو الجدايل . وبعد اجراء الفحوصات ستوضع في ثلاجة الموتى إلى أن تعرف هويتها. لم يشك الضابط اطلاقا في أن يكون محمود أبو الجدايل هو الفاعل أو أن له دوراً في الجريمة . كما أنه لم يشك في أي من سكان البناية ، الذين سبق وأن استجوب بعضهم حول الرأس المقطوع ، لكن الدواعي الأمنية قد تقتضي التحقيق مع بعضهم أيضا . جلس إلى محمود ولمى قليلا ، ليخبر محمود أن التحقيق مع المعتقلين قد يسفر عن نتائج مهمة تتعلق بتنظيم ارهابي اسلامي متطرف. لمى باتت على يقين أنه لم يعد بإمكانها البقاء في هذا البيت ، فإذا استطاعت تناسي الرأس المقطوع ، لأنه كان بلاستيكيا ، فلن يكون في استطاعتها تناسي جثة فتاة شابة كانت مطروحة إلى جانب الباب . فكلما اجتازت الباب خروجا أو دخولا ستجد نفسها أمام الجثة، وقد تضطر إلى رفع قدميها لتتجاوزها دون أن تطأها . - خلص حبيبي . أرجوك لم أعد قادرة على البقاء في هذا البيت .. - حسنا حبيبتي سنرحل . بإمكانك الآن أن تنصرفي إلى عملك . ولا تعودي هنا وسألحق بك في المساء. *** **** لم تكن "شفق" طالبة الطب البشري التي كانت تنتظر تخرجها هذا العام ، تعلم بما يحمله القدر لها من مصائب، حين أقدمت على حب زميلها في الجامعة .. كان حبأ بريئا جميلا بين زميلين عاشقين . لم تتجاوز العلاقة فيه بعض القبل العابرة حين كانت الفرصة تتاح للعاشقين . لكن أحد الطامعين بشفق، أخفق في أن يجعلها تحبه، وحين توقع أن تكون على علاقة ما بأحدهم ، راح يراقبها كلما سنحت له الفرصة ، إلى أن رآها تجلس مع زميلها في مقهى رصيفي .. فأخبر أخاها "شفيق" أن اخته عاشقه ! وربما من المؤسف أن تكون شفق هي ابنة لذلك الشيخ "الفاسق" - حسب تعبير أم بشير- الذي يقبع في السجن الآن . حين علم شفيق بالأمر . انتظر أخته إلى أن عادت إلى البيت . لم يكن يقيم في البيت غيرهما . فالوالدة متوفاة . أدخل أخته إلى غرفة النوم . انهال عليها ضربا ، ثم قيدها من يديها ورجليها ، وكمم فمها ، دون أن تجدي مقاومتها شيئا أمام جسده الرياضي. زلق بنطالها واغتصبها ، دون أن يتنبه إلى أنها كانت عذراء، إلا بعد أن انتهى ، حيث رأى قليلا من الدم على سوأته . كان شفيق في حاجة إلى من يساعده في التخلص من جثة أخته إذا ما قتلها ، فلم يكن مستعدا للسجن ولو ليوم واحد لاقتراف جريمة بدواعي الشرف . وكان يفضل التخلص من الجثة بشكل سري . اتصل بصديق له لا يقل حماقة وإجراما عنه .. وحين لمس شفيق أن صديقه " عقاب " يرغب في اغتصاب شفق أتاح له ذلك . أخيرا حمل شفيق وعقاب شفق إلى المطبخ ، ليذبحها شفيق بسكين كما تذبح الشاة . تركاها تسبح بدمها وجلسا في الصالون يحتسيان العرق إلى أن يمضي الليل ليخرجا بجثتها قبيل الفجر . كان عقاب من الجماعة الإرهابية إياها ، التي تلاحق محمود أبو الجدايل، وكان يعرف بيت محمود جيدا . فهو أحد الذين ذهبوا لوضع الرأس المقطوع أمام بيته . وحين سأله شفيق أين سنذهب بالجثة ؟ ضرب يده على صدره قائلا: هذه علي لا تفكر في الأمر . - هل نلقيها في خرابة ؟ - لا لا ! - نذهب خارج المدينة ونبحث عن مكان نتركها فيه ؟ - رحت لبعيد . لن نخرج من المدينة اطمئن ! - لعلك تقصد أن نقطعها ونضع أشلاءها في القمامة ؟ - لأ يا أخي حرام ! خليك انساني !!! - طيب طمني الساعة تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل . أين سنذهب بالجثة ! - أريد أن أرعب أحدهم بوجود جثتها ، وإن أسعفنا الحظ ستتهمه القوى الأمنية بارتكاب الجريمة! - نعم ؟ ومن هو هذا المتعوس ؟ - لا تعرفه ! لكن ربما سمعت عنه ، فهو مشهور! - لعلك تقصد محمود أبو الجدايل ؟ - عرفت ! هو بالضبط ! ونظراً لأن شفيق أكثر غباء من عقاب ، فقد أعجبته الفكرة . فهو حاقد على محمود أبو الجدايل بعد أن حرمه من مضاجعة أم بشير التي كان يغزوها مقابل عشرة دنانير كلما تأججت شهوته . فقد دوولت شائعات في وادي الحدادين تبين أنها صحيحة ، تؤكد أن محمود أبو الجدايل هو من قام بإنقاذ أم بشير وأولادها من وضعهم الفظيع . ورغم أنه غير مرتبط (بجماعة الدعوة) إلا أن الفكرة راقت له .. قبيل الفجر بقرابة ساعة ، لفا الجثة ببطانية ووضعاها في صندوق سيارة شفيق. انطلقا نحو جبل اللويبده . كانت الشوراع خالية والناس نيام . توقفا أمام البناء الذي يقطن فيه محمود أبو الجدايل . نزلا من السيارة واستطلعا المكان حولهما ، من الشارع إلى شرفات الأبنية والنوافذ . لم يكن هناك أحد . حتى القطط كانت نائمة . أنزلا الجثة . حملها شفيق على كتفه بينما سار " عقاب " خلفه . مددا الجثة أمام باب بيت محمود، وسحبا البطانية من تحتها، وانطلقا عائدين . ألقى شفيق بالبطانية في حاوية قمامه ، ودخل إلى بيته لينظف أرض المطبخ من الدماء . ومن ثم يذهب إلى غرفة النوم لينام وقد استفحل به السكر. *******
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(12) مذهب وحدة الوجود حسب الصوفية الحديثةّ!
-
(11) أحلى وأجمل وأعظم أخ !
-
(10) فاسق وبغي وقوّاد!
-
(9) لماذا كان للوجود غاية ؟
-
(8) الرزق على الله !!
-
قصة الخلق . الفصل الأول كاملا .
-
(7) عقل الخالق مصدر عقول الكائنات !
-
(6) غرام يحاكي الأسطورة في كهف لوط !
-
(5) الخلق الحيوي مسودة لوجود فيزيائي!
-
( 4) زيارة لأسرة الضحية!
-
(3) لوحة فنية تحاكي المطلق.
-
(2) هل جاء الوجود من العدم ؟
-
العقل الخالق طاقة غير طقمادية !
-
الخالق لا يقوم بالخلق بشكل مباشر!
-
كيف يمكن أن نتقبل الموت بنفس مطمئنة؟!
-
ألله لم يكن سعيدا حتى بوجود جنة لديه !
-
الخالق خلق السموات والأرض وما بينهما أكيد لا ليلعب!
-
الله طاقة عقلانية عظمى!
-
احترام المعتقدات البشرية لا يعني عدم التطرق إلى سلبياتها!
-
مناهج الأزهر تجيز للمسلم أكل لحم المرتد والكافر !
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|