تناحر السياسيين من اجل الوصول الى سدة الحكم ليس بالامر الغريب ولا الشائب في العالم. وفي عالم السياسة، لا يعتبر منافيا للاخلاق . فقد شهدنا دائما هذه التناحرات في مختلف دول العالم واولها امريكا، الدولة العضمى، التي افرزت الانتخابات فيها عن نتائج اعتبرها بوش الابن ومجموعته مزورة وحصل ما حصل الى ان وصل الى الحكم وانطفئت الشعلة الى حين تأتي الانتخابات القادمة.
واليوم، نجد الدول الدكتاتورية تلجأ الى اسلوب الانتخابات، كونه احدى الاساليب المتطورة المعروفة في العالم. ولكن الغريب الذي يحدث في هذه الدول هو عودة العائلة الحاكمة مرة اخرى واثنان وثلاثة الى الحكم برغم الانتخابات، الا اذا تخللتها مصادمات دموية وتصفيات جسدية في الطرقات. لماذا؟؟ لان الحكام المسيطرين على سدة الحكم والانتخابات، يشبهوا جحا، الذي ادعى بيع بيته ، في الوقت الذي غرس مسماره وسط البيت قبل ان يبيعه، وعندما باعه، اخذ يتردد عليه مرارا بحجة المسمار، حتى مله اهل البيت وتركوه له.
فالذي حصل ان صدام جاء الى الحكم بمسمار مغروس سابقا، ليبقى مدى الحياة، لولا خلعه بالقوة. وما قيامه هو وزمرته باجبار الشعب على الخروج مرارا للانتخابات وافتعال نتائجها، الا استهتاره بالديمقراطية والتطور. وقد كانت نتائج قمعه ان الساحة السياسية قد خلت من التجربة الرائدة، خاصة وقد منع معارضيه ومناصريه، على حد سواء، من التنفس السياسي وشل الحركة السياسية في البلد تقريبا ولم يعطي لها فرصة التجديد،. ولهذا نجد اليوم ان الساحة العراقية حافلة بالوجوه والحركات السياسية التي تتطلع الى التنفس السياسي والحكم، بعضها تلجأ الى الوصول الى غاياتها بالطرق البدائية ( مصادمات مسلحة وتصفيات جسدية)، وبعضها بالطرق الحضارية ( الحوار ).
ما يحدث في عراقنا من مصادمات وتصفيات جسدية، نابع من تخوف السياسيين من مسمار صدام اولا وثم مسامير بعضهم البعض، بعد ان استطاعت اميركا قلع احدى مسامير صدام. كذلك، عدم الثقة المتبادلة بين الجميع، من ان الحاكم سيتفرد بالحكم ويحرم بقية السياسيين من التنفس، رغم الانتخابات.
ونحن اذ كنا نحترم الجميع واسلوبهم، بل وحقهم في التدافع، يجب:
1- ان نستنكر جميعنا اتباع الطرق البدائية في المواجهات. فالاذعان الى الحكمة وصوت الضمير، الذي يحمل مأسات العراق الجريح الى العالم، مطلوب من جميع العراقيين، وخاصة السياسيين.
2- لتكن مطالبة الجميع (سياسيين ومفكرين) بالاصرار على اصدار قانون (( يحدد)) بقاء السياسيين في سدة الحكم ( اربعة سنوات كافية جدا في الوقت الحاضر)، لافساح المجال امام الاخرين للتنفس السياسي .
3- التعاون على ايجاد صحافة حرة ( القوة الرابعة في العالم) داخل وخارج العراق، للمشاركة الفعالة في عملية التثقيف والتجديد واحياء الديمقراطية فيه.
ولنجعل من كرسي الرئاسة والحقائب الوزارية، متينة لا ينخرها مسمار جحا.