|
تظاهرات الخريجين في العراق... شمس حارقة ودولة مارقة... ما هو الحل؟
وليد سلام جميل
كاتب
(Waleed Salam Jameel)
الحوار المتمدن-العدد: 6615 - 2020 / 7 / 11 - 12:06
المحور:
الادارة و الاقتصاد
آلاف الطلاب يتخرجون سنوياً من مختلف التخصصات، وبعد سنوات من التعب والعناء يحدوهم الأمل إلى الإستقرار وتكوين حياتهم الخاصة وإذا بهم يجدون أنفسهم على الأرصفة وأمام مواقع الوزارات حسب التخصص وتحت الشمس الحارقة يتظاهرون مطالبين بوظائف تنصفهم وتناسب جهدهم والسنين التي أمضوها في التعليم... لكن ألا يعلم الخريجون الجدد بأن زملائهم القدامى أيضا مثلهم قد تخرجوا منذ سنين وهم ليسوا بأفضل حال منهم؟!. ولعلّ كلمة (تعيين) اللعينة هي من أكثر الكلمات المتداولة بين أبناء الشعب العراقي... إنها كارثة!.لكنّ السؤال هو أليس لهؤلاء الحق في إيجاد فرصة عمل توفر لهم الحياة الكريمة؟. عدد الموظفين في العراق كان يبلغ 850 الف موظف في عام 2003 وقد بلغ في 2020 نحو 6 ملايين ونصف المليون الموظف أي بزيادة تقدر بأكثر من 700 % !... هكذا صرّح وزير الإعمار والإسكان السابق بنكين ريكاني في حوار متلفز!. الخبير في الشؤون الاقتصادية باسم جميل انطوان يرى في حديث لرصيف22 أن أعداد الموظفين العراقيين بحجمها الحالي لا تشكل أهمية تنموية أو اقتصادية للدولة العراقية، لأن نحو 70% منهم فائضون عن الحاجة. في وقت تصرف الدولة رواتب تصل الى 60% من الموازنة الكلية للبلاد في كل عام. لذا فالبطالة المقنعة واضحة بشكل كبير في دوائر الدولة. وفي تقرير رصيف22 يلفت نائب مدير معهد الأصلاح الاقتصادي رحيم ابو رغيف إلى أن المعهد أجرى خلال العام 2013 مسحاً على 11 وزارة عراقية عاملة اختار منها أكثر من 5 آلاف موظف، وكانت طبيعة المسح ترمي إلى معرفة الوقت الذي يعمل فيه الموظف العمومي في دائرته. وبيّن المسح أن عمل هؤلاء يكون من 10 الى 20 دقيقة خلال 7 ساعات عمل رسمية، وهذه النسبة لا تمثل حالة منتجة للموظف بكل المقاييس، بل تنعكس سلباً على السلك الوظيفي لان بقاء الموظف دون عمل، لساعات طويلة، تجعله عرضة للتورط في عمليات ابتزاز للمواطنين عبر تقاضي الرشى منهم لإنجاز عمل معين في دائرته، أو في دوائر أخرى، فضلاً عن عدم تطوره في العمل مما ينعكس سلباَ على واقع المجتمع والاقتصاد العام للبلاد. هذه الأرقام الكارثية تؤشر ببساطة ووضوح إلى أنّ العراق ليس فيه أجهزة دولة فعّالة بل أجهزة ترقيعية لا تعمل وفق خطط حقيقية منتجة وأن هذه الزيادة في أعداد الموظفين هي نتيجة الخراب الذي قامت به الأحزاب على مدى 17 سنة من أجل الدعايات الانتخابية وكسب مؤيدين لها لتواصل ممارسة فسادها إضافة إلى المحسوبية والمحاصصة الطائفية وتقاسم (الكعكة) العراقية. وفيما يخص العاطلين عن العمل قال وزير العمل والشؤون الاجتماعية الجديد الدكتور عادل الركابي، في مقابلة تليفزيونية على فضائية "الشرقية"، إن العدد الحقيقي للعاطلين عن العمل قد يصل إلى 4 ملايين شخص. ولفت الوزير، إلى أن أكثر من 300 ألف عامل أجنبي بالعراق، أغلبهم في قطاع النفط والفنادق والمناطق السياحية والمولات التجارية، مشيرا إلى أن 90% منهم وجودهم غير قانوني، ولم يحصلوا على إجازة عمل بالبلاد. وبعد هذه الأرقام وهذه الكوارث والكوارث المرتقبة، فما هو الحل وما الذي يجب على هؤلاء الخريجين القيام به؟ أيواصلون إحتجاجاتهم لترد عليهم السلطات برشّهم بالماء الحار أو الضرب بالهروات أم ماذا؟ اقترح الكثير من الإقتصاديين والأكاديميين حلولاً بعضها واقعية وقابلة للتطبيق وبعضها نرجسية مثالية، كما أن البعض كان يضع حلولاً على مستوى الأمد البعيد والبعض على المدى القريب. ويمكننا هنا الإشارة إلى بعض الحلول السهلة والواقعية الآنية وسنضع تصورنا النّهائي لحلول جذرية بعدها. 1- تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث والنّثريات و المصاريف الزائدة عن الحاجة. 2- تقليل عمر التقاعد لتسريح عدد كبير من الموظفين. 3- تقليل عدد الموظفين بنسب كبيرة والبقاء على الحاجة الحقيقية وفق المعايير العالمية المتبعة بهذا الخصوص وفق خطط استراتيجية طويلة ومتوسطة وقصيرة الأمد. 4- تفعيل الاستثمار في المشاريع الإنتاجية والإسكانية والخدمية، سواء كان هذا الاستثمار حكومياً أو خاصاً أو مختلطاً، ووضع قوانين فعّالة وتجاوز حالة البيروقراطية الطاردة للإستثمار. 5- تفعيل الصندوق السيادي. 6- تفعيل قانون الضرائب واستيفاء رسوم التعرفة الجمركية التي تذهب إلى جيوب الفاسدين. 7- السيطرة على نافذة بيع العملة من البنك المركزي والتي تعتبر من أكبر بوابات النهب للثروة العراقية. 8- السيطرة على النفط والمنافذ الحكومية التي تديرها حكومة إقليم كردستان والتي لا يتم تسليمها إلى الحكومة الإتحادية. 9- تفعيل القطاع الصناعي والزراعي من خلال إقرار قوانين وإجراءات فعّالة. أهذه حلول لأزمة الخريجين؟! لا يا صديقي فإنني أكذب عليك إن قلت لك بأنّ هذه النقاط ستحلّ الأزمة بل هي مجرد تنظيرات مثالية!. أكثرها تصبّ في مصلحة حلول وقتية للأزمة المالية للدولة العراقية ولن تكون نافعة لك قطعاً. إذن ما هو الحل؟ الحل يا صديقي بإعادة هيكلة أجهزة الدولة العراقية بشكل كامل وبناء دولة مؤسسات رصينة وهذا ما لم ولن تقوم به السلطات والأحزاب الفاشلة المتحكمة بمصيرنا. فكيف أفعّل القطاع الصناعي وهناك جهات تفرض أتاوات على المستثمرين؟! وكيف أحمي الأجنبي الذي سيأتي بأمواله إلى العراق ليفتتح المصانع حتى توفر فرص عمل لك في ظل السلاح المنفلت؟! وكيف وكيف ستوفر لك الدولة وظيفة وهذه الأرقام الهائلة من المظفين الفائضين عن الحاجة؟! البلد بحاجة لتقليص الموظفين ةوليس زيادتهم!. لو كان القطاع الصناعي والزراعي فعّالاً وكانت هناك قوانين تحمي حقوقك ومن أهمها هو قانون التقاعد فبالتأكيد ستتجه إلى القطاع الخاص لأنه قطاع تنافسي ليس كالقطاع العام الميت. أتعرف يا صديقي أن الدول المحترمة تحسب لك راتبا تقاعديا أينما عملت سواء في القطاع العام أو الخاص حتى لموظف الشاي. وهذه الرواتب التقاعدية ليست من واردات الدولة العامة بل من القطااع الخاص نفسه... ربما تسألني وكيف ذلك؟ سأقول لك ببساطة هو أن الدولة تشرّع قانوناً يفرض على المنظمات العاملة في القطاع الخاص مبلغاً معيناً يُستقطع شهريا على مدى سنوات عملك وأينما عملت ليودّع في حسابك الخاص حتى تصل مرحلة التقاعد فتوفّر لك الدولة راتباً تقاعدياً شهرياً بلا منّة بل هو من جهودك التي بذلتها في سنيّ عمرك. بإختصار إنّ الحل يبدأ منك ويقع بالنفع عليك، فلا تطالب بالتعيين أمام أبواب الوزارات بل يجب أن نعمل جميعاً من أجل إبعاد زمر الفساد عن أجهزة الدولة العراقية وهذه وظيفتكم فأنتم المتعلمون الذين تمتلكون العلم والمعرفة وهناك الأكاديميون الوطنيون وأصحاب الخبرة وبإجتماع الجميع وتشكيل كيان سياسي يزيح هذه الطغم الفاسدة عن السلطة عبر صناديق الإنتخابات الديمقراطية السلمية هو المنطلق الصحيح من وجهة نظري. وكل الحلول تبدأ مع الدولة الجديدة ومن ينتظر حلولاً من السلطات القائمة وأحزابها فهو واهم ويراب السراب فيحسبه ماءً.
#وليد_سلام_جميل (هاشتاغ)
Waleed_Salam_Jameel#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دولة -التغليس- والكشف العظيم!
-
اصرخ يا بائس... فليحيا العدل!
-
وماذا بعد إقرار قانون الإنتخابات؟!
-
إلى متى ستبقى المعركة مُؤجلة؟ ألم يحن الوقت؟!...
-
الحراك الشّعبي التّشريني في العراق... رؤية تنظيمية قبل فوات
...
-
الحملة الوطنية لإكمال قانون الإنتخابات... ناشطون يطلقون حملة
...
-
الإنتخابات البلدية في العراق: رؤية نحو بناء ديمقراطي تنافسيّ
المزيد.....
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
-
البنك الأوروبي: التوترات التجارية تهدد الاستقرار المالي لمنط
...
-
مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
-
مصر.. الدولار يقترب من مستوى تاريخي و-النقد الدولي- يكشف أسب
...
-
روسيا والجزائر تتصدران قائمة مورّدي الغاز إلى الاتحاد الأورو
...
-
تركيا تخطط لبناء مصنع ضخم في مصر
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|