|
الأديان لم تقدم أجوبة للاسئلة التي طرحتها كورونا
كمال آيت بن يوبا
كاتب
(Kamal Ait Ben Yuba)
الحوار المتمدن-العدد: 6614 - 2020 / 7 / 9 - 05:18
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في القدرة الإلهية العظمى ثقتنا الحرية ديننا العقل رسولنا الطبيعة كتابنا المساواة و الأخوة مبادئنا
موضوع مختلف
قبل فرض الحجر الصحي بالمغرب في 20 مارس 2020 ، كنت أشتري بعض الحاجات من عند أحد الباعة ففاجأني بالسؤال: ألا تعلم ماذا جرى في الصين يا أستاذ ؟ قلت : ماذا حدث ؟ قال: لقد سلط الله فيروس كورونا على الصينيين يفتك بهم .. فسألته : و ماذا في ذلك ؟؟ فقال: إنه غضب من الله عليهم لأنهم نكلوا بالمسلمين الإيغور.
فتذكرت لثوان تلك الصور من فيديو رأيته عن عمليات إرهابية قام بها متطرفون إيغور في الصين ..ربما لا يعرفها هذا البائع و لم يرها و ذلك الفيديو الذي يقول فيه عبد الله عزام الفلسطيني إبن مدينة جنين و أستاذ أسامة بن لادن أن الإسلام إرهاب و الإرهاب فريضة في دين الله و أن كل مسلم هو إرهابي و مرعب ..و إستشهد بنصوص من الثراث الاسلامي منها "و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و رباط الخيل ترهبون به عدو الله و عدوكم"..مضيفا أن المسلمين المعتدلين الموديريت الناعمون المرنون المنفتحون هؤلاء في واد و دين الله في واد ...(أنظر روابط الفيديوهات اسفله )
فقلت : آهاه ؟؟
قال : نعم ...
في مرة أخرى لما وصلت كورونا للمغرب و بدأت إجراءات الدولة الإحترازية والإستباقية بعد تسجيل بعض الإصابات بكورونا حسب ما تم الاعلان عنه حدث و ذهبت عند نفس البائع .طلبت منه بعض المقتنيات فهرع يجمعها و هو في حالة غير طبيعية يتذمر و غضبان .فسألته مالك يا سيدي ؟ فقال : لقد جاؤوا عندي (يقصد السلطات العمومية) وقالوا يجب اغلاق المحل مع الخامسة مساء أو السادسة لا أتذكر بالضبط .لأنه ستبدأ حالة الطوارئ ..
فسألته :بسبب كورونا التي كانت في الصين ؟؟
قال : نعم ثم سكت ..
فقلت له : كم ثمن كل هذا ؟
قال : كذا و كذا ..
دفعت ثمن المقتنيات و إنصرفت دون الحديث عن كورونا و لا عن كلامه عن الصين التي قال انها تسلطت عليها كورونا بغضب من الله ... إنتهى الحوار...
هذا التفسير المنقول دائما عن الفقهاء و الشيوخ حينما تصيب اي فاجعة من يعتبرونهم أعداء أي غضب الله عليهم ينقلب لإبتلاء حينما يصيبهم هم .و قد يفسرون هذه الحالة الاخيرة بالغضب الالهي ايضا...
علما ان الغضب و الفرح و السرور و غير ذلك من الحالات تزيد و تنقص فيستحيل ان تكون من حالات الله أو القدرة الالهية العظمى لأنها موصوفة لزوما بالمطلق .و المطلق لا يمكن ان يوصف بغير المطلق ..هذه الحالات هي صفات بشرية تم اسقاطها من طرف الكتبة القدامى على القدرة الالهية العظمى في العصر الأبوي اي في العصر الذي كان القدامى يعتقدون فيه ان "الله" أبوهم" كفرد من العائلة البشرية و رضاه يشبه رضى الوالدين ...
نحن في ((إتحاد الربوبيين الناطقين بالعربية أيضا)) نقول أن لله أو بمصطلحاتنا القدرة الإلهية العظمى لها علم مطلق و حضور مطلق و قدرة مطلقة و بالتالي فكل ما توصف به هو مطلق و فوق بشري لا يمكنه ان يزيد أو ينقص كما أسلفنا و لا يمكن ان يتصف به البشر ..و لذلك أضفنا صفة العظمى للاسم.كلمة عظمى كاسم تفضيل ليس لها حدود ...يعني أعظم شخصية في الوجود لان الكون الذي اوجدته له مقاييس تفوق الخيال ...
الحضور المطلق مثلا يمكن وصفه بكونها ليست مثلنا نحن الذين لدينا حاضر و ماضي و مستقبل و بداية و نهاية .فالقدرة الالهية العظمى في تصورنا كوجود لا نهائي لها حضور مطلق في جميع الاتجاهات التي قلنا بالنسبة لنا (حاضر و ماضي و مستقبل). و بالتالي فليس لديها ماضي و حاضر ومستقبل و إنما حاضر دائم فقط و هو ما سميناه الحضور المطلق.لأن ليس لها بداية أو نهاية ..و ما ليس له بداية او نهاية لا يمكن تصور ما قبله او ما بعده.
و لأنها هي الوجود الأزلي غير المادي بما انها أوجدت المادة فبالتالي ليست شخصا مذكرا أو شخصا مؤنثا رغم كوننا نستعمل مصطلحا مؤنثا...و هنا ، الاشكال هو قصور لغوي في اللغة ذاتها التي ليس فيها ما يدل على غير المجنس في الاسماء و الضمائر و الافعال و ليس قصورا فكريا في هذه النقطة بالذات كما أوضحنا .
و عمل القدرة الالهية العظمى في الكون هو من خلال القوانين الطبيعية (قوانين إلهية في إعتقدنا) التي إكتشفها العقل عن طريق العلوم العصرية ...
و إذن فانتقال الفيروسات والبكتيريا و الامراض المعدية عموما يتم وفق ما اكتشفته العلوم العصرية يا اما بواسطة الحيوانات او بواسطة الانسان نفسه او من خلال الهواء .و بالتالي فمواجهة الاوبئة و الافات تجب فيها خطوات عملية ترسمها العلوم العصرية و الطب وهي ما تقوم به الدول و تنصح فيه منظمة الصحة العالمية ...و اذن فهي (اي الخطوات العملية) من صميم المتخصصين في المجال العلمي العصري ...و ليست من اختصاص رجال الدين المتخصصين في اللغة و في الفقه الديني ...
.
و لقد رأينا و سمعنا النقاش العلمي الذي كان بين الاطباء و المتخصصين في المجال في مختلف التخصصات في البيولوجيا من أخذ و رد في وسائل الاعلام حول الوسائل و الادوية الطبية الكفيلة بمعالجة الظاهرة الوبائية عبر العالم شارك فيها أطباء مغاربة على رأسهم معالي وزير الصحة و مدير مديرية الأوبئة السيد اليوبي و غيرهم مشكورين... و سكت رجال الدين عن الكلام في المجال (المقصود هنا كل رجال الدين سواء مسلمين او يهود او مسيحيين او غيرهم) ..و حسنا فعلوا ... لأن فاقد الشيء لا يعطيه كما يقولون..
لكن بقي لهم مجال وحيد هو الدعو للصلاة ...
و قد صلينا جميعا نحن المقتنعين بوجود القدرة الالهية العظمى و جدوى الصلاة من اجل الأرض كلها آنذاك ...
و عجز رجال الدين عن تقديم الاجوبة العلمية العصرية على التساؤلات التي تطرحها الحالات التي تتعلق بالاوبئة أو الاشكالات العصرية مرده ببساطة أن المعين الذي ينهلون منه يتحدث عن بيئة 14 قرنا و أكثر ليست هي بيئة اليوم مع التكاثر السكاني و التطور الفكري و العلمي..و قد بينت أزمة كورونا هذا بكل وضوح ...فإذا سألت أحدهم قائلا : إن البضاعة الفلانية كنا نشتريها فقط بكذا أو كذا ، فسيقول لك : هذا كان قديما أما الآن فالأمر مختلف ... بمعنى ان تغير الامور و الزمن يؤدي حتما لتغيير الاثمان كأمر منطقي ...لكن حين يتعلق الامر بالدين يصمتون.
مما يؤدي بنا للإستنتاجات التالية:
في دروس المنطق يمكننا القول بصدد معلومة معينة أنها متناقضة أو كاذبة .
و إذا قلنا أن الأديان المقدسة صارت عاجزة أمام العلم العصري العقلاني اليوم كأننا قلنا أن ذلك المقدس الذي كان متقدما في زمانه لم يعد كذلك الآن .
و بما أن العجز لا يمكن رده لله أو للقدرة الألهية العظمى الموصوفة بالقدرة المطلقة و العلم المطلق كما قلنا و يتفق في هذا الجميع فمعنى ذلك أننا أمام تناقض ..أي أمام معلومات كاذبة ..
إذ كيف يجتمع في عقل بشر سوي أن شيئا موحى به من الله أو من القدرة الإلهية العظمى يصير عاجزا عن تفسير ظواهر سببها الأول الله نفسه ؟؟
الحل الوحيد الذي يبقى أمام عقولنا و هو أن بعض البشر القدماء كتبوا ما كتبوا ثم إدعوا أن المكتوب الذي سمي مقدسا لاحقا كان وحيا من الله أي نسبوه له .و هذا يعني أن الموصوف بالوحي لم يكن كذلك .أي أن ما قالوا لنا من معلومات كانت كاذبة ..
وبما أن الفلسفة و المنطق و العقل الذي كونته القدرة الإلهية العظمى فينا بمشيئتها السرمدية هي هبات إلهية حقيقية ، فهذا هو السبب وراء وجود العلوم العصرية ..
و بما أنها هبات إلهية حقيقية غير مزيفة فهذا هو السبب وراء تقديم العلوم العصرية التي هي نتيجتها الأجوبة المناسبة والصحيحة لوضعنا الحالي بينما عجزت الأديان. لأن معلومات هذه الاخيرة كاذبة اي متناقضة ..
و منه نستنتج أن الأهمية القصوى يجب أن تعطى للعقل و إنجازاته على ما سواه لأنه هبة إلهية .
و لأن السير وفق العقل بما انه هبة إلهية هو سير وفق مشيئة الله ....
فلا يجب أن نمنع السؤال أو الجدل الفلسفي العقلاني أو العلوم العصرية لأن كل هذه الاشياء هي هبات إلهية جيدة تتكاثر منها هبات إلهية جيدة أخرى مثل التكنولوجيا التي نعيش عصرها نحن ...و يجب في نظري أن يدفعنا هذا للافتخار وللشكر لهذه القدرة الالهية العظمى كل وقت و حين أو كلما سمحت الفرصة إذا كنا مقتنعين بوجودها ...
و أخير يمكن طرح السؤال : ما البديل او الطريق البديل بالنسبة لرجال الدين الحاليين ؟
انه ما اقترحناه على قداسة البابا فرنسيس أي أن يتحولوا لأستاذة في الجامعات الدينية بعد أن يتكونوا في العلوم العصرية و في الاعتقاد بوجود القدرة الالهية العظمى بطريقة عقلانية فلسفية على حسابهم الخاص أو على حساب منح تمنحها مؤسسات عالمية متبرعة و ليس على حساب الدول التي ينتمون لها ...فيصير رجال الدين لهم دور عالمي و توحيدي في اي مكان من الارض و ليس في بلدانهم فقط ..و يسمون بعد ذلك أساتذة و ليسوا شيوخا ...
و لأن أغلب بلدان العالم تستعد الآن للخروج من الضائقة الوبائية و منها المغرب بصبر و أناة سالمة ، أتمنى لكل الدول و منها المغرب النجاح في خروجها من الازمة بأقل الأضرار و رجوعها لحالتها الطبيعية افضل مما كانت مع استخلاص العبر و الدروس التي تفرض نفسها في مثل هذه الأحوال ...
آمين.
رابط فيديو عبد الله عزام الذي يقول فيه الأرهاب فريضة في ديننا في مسجد بأفغا نستان القريبة من الصين : https://www.youtube.com/watch?v=umwAs87T1BA رابط فيديو تتمة للفيديو الأول لعبد الله عزام : https://www.youtube.com/watch?v=aINPTqyiVyg رابط فيديو ما يقوم به إرهابيو الإيغور في الصين و الذي أجج رد فعل السلطات الصينية عليهم. https://www.youtube.com/watch?v=JvujOx5wtjY
#كمال_آيت_بن_يوبا (هاشتاغ)
Kamal_Ait_Ben_Yuba#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقديم قرابين الأضحى في المغرب هل سيحتاج لترخيص ؟
-
المغرب يعلن إعادة فتح المساجد ، هنيئا للمعنيين
-
العراقيون لا يهابون رصاص جبناء ايران
-
بيوت مساجد و أجساد ّإلهية في المغرب ، هل هذا ممكن؟
-
قرار المغرب بغلق المساجد لا يستهدف الاسلام السني
-
العاصمة المغربية الرباط من اجمل المدن
-
البحث العلمي قد يمنع إبتزاز الدولة المغربية
-
شكرا فرنسا على الإطاحة بالارهابيين الإسلاميين
-
مدينة القنيطرة المغربية فيها جمال كثير أيضا
-
الحل في نهر إيفروس باليونان The solution in Evros river Gree
...
-
المغرب واليونان ينشئان شركة مغربية كبيرة للنقل البحري
-
المغرب لا يمنع الفلسفة
-
اليونان أرض الأنبياء و ليس الشرق الأوسط Greece is the land o
...
-
مقترحات لقداسة البابا فرنسيس و لمختلف ممثلي الطوائف الدينية
...
-
على العالم أن يقرر في مجازر اليونانيين في بونطوس
-
الجزائر تقرر في التعليم اليوم 10 ماي
-
اليونان ترفع الحجر الصحي اليوم 4 ماي 2020
-
أحلام كادحين بجانب مدرسة
-
أخبار تدعو للتفاؤل من المغرب
-
بيان لإتحاد الربوبيين الناطقين بالعربية أيضا
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|