جلال الصباغ
الحوار المتمدن-العدد: 6614 - 2020 / 7 / 9 - 00:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كتب الروائي الفرنسي فيكتور هيكو رائعته البؤساء في عام 1862والتي كان بطلها جان فالجان، الذي سجن أربعة عشر عاما بسبب سرقته للخبز الذي اطعم فيه أخته وأطفالها، ليطلق بعد ذلك سراحه ويعيش حياة حافلة، تعكس البؤس والفقر والظلم الذي عاشه المجتمع الفرنسي في تلك الفترة.
استذكرت أحداث تلك الرواية العظيمة وأنا أقرأ خبرا مفاده أن شرطة الناصرية تعتقل مواطنا اخذ ثلاث "شيلمانات" من احد الجسور لكي يصنع منها سقفا لأطفاله،. والشرطة فَرحة بالطبع بهذا الانجاز الكبير وهم يلقون القبض على هذا "المجرم الخطير" الذي يهدد اقتصاد العراق وسلمه الأهلي. هذا الحادث الذي سيعيد هيبة الدولة المفقودة على أيدي هذا المواطن الجاحد وأمثاله!
إننا بالفعل نعيش فصول مسرحية كوميدية، لكن هذه الكوميديا سوداء مأساوية أبطالها فريقين هما فريق السلطة، وابرز صفات شخصياته، انها مؤمنة مدعومة من رجال دين في الداخل والخارج، ينهبون المليارات ويركبون "الجكسارات" ويؤسسون المليشيات، وابرز أعمالهم هي القتل والخطف والتهجير وممارسة السياسة، خدمة لأسيادهم في إيران وتركيا وأمريكا، كما أنهم يتميزون بورعهم وصلواتهم وصيامهم، وأعمال القتل أو النهب لا يقومون بها إلا تحت إشراف رجال الدين من اجل ضمان قيامهم بهذه الأفعال دون الوقوع بالمحرمات، كما أن ما قدموه منذ جاءت بهم أمريكا على ظهور دباباتها هو إفقار الناس ونشر الخرافة وإنهاء الصناعة وغلق المعامل ومحاربة الزراعة، بالإضافة إلى إن التعليم والصحة والكهرباء في زمنهم تعيش أسوء حالاتها.
اما الثاني فهو فريق الجماهير، وابرز صفات هذا الفريق الذي يشكل الغالبية العظمى، أنهم يعشون بلا ماء او كهرباء او سكن ملائم، ونسب البطالة والفقر في صفوفهم وصلت إلى مستويات قياسية، وكلما حاولوا الانتفاض والاحتجاج ضد فريق السلطة، يتعرضون للقتل والخطف والاعتقال، كما يرافق أي تظاهرات يقوم بها فريق الجماهير حملات للتخوين والتشويه والتسقيط يشارك فيها رجال دين وصحفيين ومثقفين.
هكذا يعيش المواطن في العراق، تسلب جميع حقوقه في التعليم والصحة والسكن، ويحرم من حقه في العمل والحياة الحرة الكريمة، بينما يعيش الحكام متنعمين بالمليارات التي نهبوها بظل حماية جيشهم وشرطتهم ومليشياتهم، وإذا ما طالب المواطن بحقه، فالاغتيال والخطف والقمع والاعتقال موجود وبكثرة، كما حدث مع صديقنا في الناصرية.
#جلال_الصباغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟