|
حول مجلس الأمن الوطني؟؟
تيسير عبدالجبار الآلوسي
(Tayseer A. Al Alousi)
الحوار المتمدن-العدد: 1592 - 2006 / 6 / 25 - 09:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اقترحنا في مرحلة سابقة مسألة تشكيل مجلس الأمن الوطني حلاَ َ موضوعيا مناسبا لأزمات عديدة مركبة، منها تجاوز إشكال توزيع المناصب والمسؤوليات وهي أعقد إشكالية فيما يتعلق بعدد من الأحزاب والفئات الطائفية الاتجاه؛ فيما الحقيقة تقول: إنَّ هذه الإشكالية هي أسهل إشكالية فيما يتعلق بمطالب الواقع وحاجاته المتعطشة لإجابة جدية مسؤولة تنقذ أرواح الأبرياء وتعالج أزمات الوضع المتردي... وقد انتهينا، منذ مدة ثقيلة على المواطن قصيرة لصيادي الفرص ومنتهزيها، من أزمة التشكيل الوزاري التي مثلت أزمة رؤى ومصالح وبرامج، أغلبها مفردات سلبية ومخاطر تخص الأحزاب المسيطرة على الوضع بقوتين واحدة تعود لميليشيات وقوى مسلحة بالعنف والدم وأخرى مرتبطة بمخلفات التجهيل والمسخ الفكري والسياسي للعقل العراقي وهو ما تسبَّب في قطع الصلة بين القوى العراقية النبيلة وفئات الشعب العريضة لردح غير قصير من زمن الويلات وخلخل لغة التفاعلات المؤسساتية الديموقراطية وآفاق تحريكها الواقع الجديد... إنَّ عديدا من المهام الخطيرة يجري التحاور بشأنها لاستكمال فرض تصورات القوى صاحبة النفوذ والسطوة؛ ولكنَّنا هنا نحاول تسليط الضوء على واحدة من تلك الشؤون ألا وهي مسألة استكمال تشكيل مجلس الأمن الوطني وتفعيل سلطته ومهامه.. ويعنينا هنا توكيد ما جاء في مقترحاتنا السابقة المنسجمة مع مطالب الواقع وحاجاته وهي التي تأتي من منظور ابن الشارع البسيط المتأثر بكل مفردات الأزمات التي تعصف به في ظل وضع الهاوية الذي نعيشه وليس حافتها! ومرة أخرى نجد لغة اللعبة الانتخابية التي دخلناها من دون توفير شروطها الموضوعية لظروف معروفة، حيث مطالب كل فئة تدعو لمحاصصة أسّها الأعظم التقسيم الطائفي الذي يضع أبناء المجتمع العراقي في حال من التعارض والتشرذم بما يمهد لمخططات أبعد.. حيث يطفو على السطح بحث محموم عن تسلّم منصب الأمين العام لمجلس الأمن الوطني من هذه الفئة الطائفية أو تلك.. ينبغي قبل كل شيء أنْ نتفق على أنَّ جوهر العملية السياسية السلمية لا يمكن أن يمضي على أساس من هزالة وجود المؤسسة الحكومية وضعفها بخاصة في مجال وجوب ولزوم احتكار السلاح والقوة من قبل الحكومة صاحبة السلطة والسيادة باسم الدستور والشعب؛ وألا يكون في الوطن أيّ شريك في مجالات الجيش الوطني الموحد والشرطة المحلية صاحبة السلطة والسيادة على الشارع العراقي باسم القانون والقضاء العراقيين.. كما سيكون لزاما ألا تتعدد مراكز القرار داخل المؤسسة الواحدة وألا نجد سلطات لقوى الاختراقات الأجنبية والمحلية بأي مسمى كان.. وهكذا سيكون أول مهام مجلس الأمن الوطني توحيد مركز القرار السياسي الأمني، بخلق آليات التنسيق بين وزارات الداخلية والدفاع والمخابرات الوطنية وبقية الجهات المختصة بما يعني خضوع تلك المؤسسات للمجلس سياسيا على الرغم من استقلاليتها تنفيذيا ووحدتها في إطار مجلس الوزراء وسياقات العمل فيه.. لكن مجلسا مسؤولا وجديا فاعلا لا يمكنه أن يقوم من دون هذه المهمة التأسيسية... ولكي نؤكد حرصنا على تنفيذ هذه المهمة وعلى تفعيل دور مجلس الأمن الوطني وجب تحديد صلاحياته بوضوح لكي يسطيع أعضاؤه ورئاسته أداء المهام بدقة.. ومن هنا وجب أن نمضي نحو القول بأن مجلس الأمن الوطني سيكون العقل الستراتيجي العراقي الذي ينهض بوضع الخطط الأمنية وآليات وضعها على أرض الواقع.. وبصرف النظر عمَّن تقع سياسته في موضعِ ِ، بعضه يشكل مخاطر جدية كبيرة للوطن ولمجموع العراقيين، فإنَّ التركيز يقع اليوم على كسب التأييد الأوسع للرؤية الموضوعية التي يمكنها أن تبدأ رحلة الإنقاذ من أجل التوجه نحو مشروع إعادة إعمار الذات وبناء ما تهدَّم بل تعمير أرض السواد وإعادة وجهها المشرق حضارة روحية ومادية... وفي مثل هذه المسيرة لا يوجد من يقف فوق القانون وفوق سلطته وسلطة مؤسسات المجتمع الأساسية فليس من مقدَّسِ ِ سيد مقابل شعب بفئاته ومواطنيه، تابع راكع بل الشعب كله هو السيد الذي يقرر عبر مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الحكومة التي تسير على وفق الدستور وقوانين تسنّها المؤسسات التشريعية وتضبط موازينها ومساراتها المؤسسات القضائية... فإذا انتهينا هنا من تسجيل موجز لمحاور رئيسة تشكل أبرز مهام مجلس الأمن الوطني نجد أنه من المناسب التوكيد من جديد على أن تبقى تشكيلته غير مترهلة متسعة ويكفي أن يتأسس على أبرز قطاعات الحركة الوطنية وممثليها سياسيا وعلى مستشارين وخبراء متخصصين يساعدون في وضع الخطط العلمية السليمة وعلى أن يكون رئيس الدولة رئيسا وأمينه العام من أكبر قائمة علمانية تلتزم توجها وطنيا غير منحاز لطائفة أو فكر طائفي أحادي انعزالي... ذلك أنّ إشكالية الرئاسة والأمانة العامة تحدد إمكانات تطهير وزاراتنا من الاختراقات التي حلت بها حتى وصلت أعلى المؤسسة فيها.. وتمنع مواصلة توسيع قواعد الأصابع الأجنبية التي تغلغلت بعيدا حتى صارت تنفذ مهامها الإجرامية بحق أبناء شعبنا من مواقع رسمية عليا في الداخلية والدفاع.. هنا ستبدأ مسؤولية وطنية كبرى لمجلس الأمن الوطني بإعادة فرض إرادة القبضة القوية لدولة القانون واحترام حقوق الإنسان وأول أسس احترام حقوق العراقي الحفاظ على حياته وأمنه وتحقيق مطالبه... فهل سنلتفت إلى هذه الحقيقة؟ وهل سيكون لصوت الشعب العراقي دوره في رسم السياسات المنتظرة؟ وهل سيكون الاستحقاق الشعبي الصارخ فينا كفى دما وكفى استهتارا بمصيرنا؟ إنَّ الاستحقاق الأعلى وهو صاحب القدسية أن يحرم الدم العراقي المهدور وتعود القدسية للحرمات العراقية من حرمة البيت والمؤسسة الحكومية والمؤسسة التعليمية والصحية والخدمية وبخلاصتها وموجزها حرمة العراقي وكل ما يخدم وجوده الآمن الحر الإنساني الكريم.. وهذا هو الاستحقاق الذي ينبني عليه اختيار رئيس مجلس الأمن الوطني بوصف مهمة هذا المجلس هي المهمة الوطنية الأولى بإجماع الصوت الشعبي.. فهل من يضع استحقاق بديلا للاستحقاق الشعبي؟! لست أنتظر إجابة ولا أضع تحدِ ِ هنا إذ نأمل خيرا في مسارات العملية السياسية على الرغم من ظروف أوضاعنا الطارئة الشاذة.. ولن يسطيع اللاعبون في ظل غبار الأزمات ومطحنة العنف والدم أن يواصلوا ألاعيبهم التي تمادت في وضع العصي في دولاب تقدمنا قبل أن تنطلق حركة البناء بُعيد الانعتاق... لنتلاحم ولنقف معا ولن يمنعنا الاختلاف فنحن من سيحيل التقاطع إلى تنوع وتعدد ديموقراطي في أفياء دولة المؤسسات الديموقراطية الفديرالية الموحدة... وإنّا لنمضي سويا وها نحن في إطارات تطوير باعنا وسلطتنا الشعبية في عمل مؤسسي مشروع يُنهي لغة العنف ويُلغي سطوة العصابات بإنهاء زمن اضمحلال سلطة الدولة وأيدينا في تكاتف ولو أخطأ بعضنا ولو كبونا مرة أو مرات وإنَّ غدا لناظره قريب..............................
#تيسير_عبدالجبار_الآلوسي (هاشتاغ)
Tayseer_A._Al_Alousi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحقيقة والممكن والادعاء في الخطاب السياسي العراقي الراهن2
-
الحقيقة والممكن والادعاء في الخطاب السياسي العراقي الراهن
-
المهجريون مطالبون بمسيرات شموع لتنوير الدرب
-
فلْنحذَرْ من أقلام السوء وأبواق الشقاق!!
-
دَعْوَةٌ لِتفعيلِ مَسِيرةِ التّسَامُحِ والتّصَالحُِ وتَمْتِي
...
-
أيامُ المدى الثقافية: مهرجانٌ ثقافيّ مُتجَدِّد يَسْتحِقُ الث
...
-
دعوة للتصالح مع الذات
-
العراق إلى أين؟
-
الموقف من الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط؟!
-
مَنْ يكتب المنهج الدراسي الجديد؟ وكيف؟
-
إلى حزب الربيع والحياة في ذكرى التأسيس حزب الشعب ووحدته الوط
...
-
ماالمطلوب اليوم من قادة العراق وحركاته السياسية؟!
-
وقفة مع الوضع النفسي والاجتماعي العراقي الراهن؟؟!
-
من أجل ألا تتكرر مآسينا بأيدي المجرمين من أعداء الشعب العراق
...
-
المشكل في وضع الجامعة العراقية المذهل؟
-
الدكتور سيار الجميل.. شمعة تنويرية يريدون إسكاتها؟!!
-
حول منظمات الثقافة والمثقفين العراقيين في المهجر
-
قوائم الطائفية أول الطريق غش وتضليل!!؟ولسان حال شعبنا العراق
...
-
تصريحات قادة قوائم انتخابية وأنشطتهم تجاوزت الخطوط الحمر لمص
...
-
فضائح الفساد والجريمة ومنطق التبرير الأعرج!
المزيد.....
-
إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
-
مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما
...
-
سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا
...
-
مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك
...
-
خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض
...
-
-إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا
...
-
بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ
...
-
وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
-
إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|