أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الجماجم ليست للغفران














المزيد.....

الجماجم ليست للغفران


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6610 - 2020 / 7 / 5 - 19:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


صرخ يوماً الشاعر الفلسطيني " محمود درويش" وطني ! لم يعطني حبي لك غير أخشاب صليبي .
صور الجماجم الجزائرية التي حطمت شاشات الفضائيات برعشة عظامها وحفر العيون التي كانت تنظر من بعيد، قادمة من صدأ الاستعمار الفرنسي الذي صنع من تلك الجماجم التي كانت يوماً ثائرة ، متحفاً يلتهم باستمتاع تاريخ قسوته واستعماره على الدول الضعيفة .
قبل أسبوع رجعت جماجم الثوار الى الجزائر، ليس كابوساً ودفاتر شيكات تُصرف في بنوك الرضى والغفران الاستعماري ، رجعت الجماجم بعد أن كانت على رفوف متحف الغرور الاستعماري في باريس .
لقد تعطفت وتكرمت الحكومة الفرنسية بالإفراج عن رفات 24 شهيداً من رموز المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي في منتصف القرن التاسع عشر، وقد كان الاحتلال الفرنسي أعدمهم بقطع رؤوسهم ، وأخذ الرؤوس إلى العاصمة الفرنسية بحجة الدراسات " الأنثروبولوجية " .
وكانت قضية الرؤوس المقطوعة قد تفجرت عام 2011 حين كشف المؤرخ الجزائري علي فريد بالقاضي خلال بحثه حول المقاومة الشعبية الجزائرية، عن المتحف المتواجد في باريس ويضم 18 الف جمجمة من مختلف أنحاء العالم، منها جماجم جزائرية معروضة تطلق تنهدات الوطن، وتبكي صدى تاريخ الكبرياء المحبوس في صناديق الفرجة .
لقد أشار الباحث" علي فريد بالقاضي" إلى جانب متحف الجماجم ، أنه في عام 1845 قتل الاستعمار الفرنسي 1600 عائلة جزائرية من قبيلة " أولاد رباح"، والتي لا تُعرف أين جماجمها.
أما الجماجم التي برزت في المتحف الفرنسي – العار- كما أطلق الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر صرخته " عارنا في الجزائر" فكانت جمجمة " الشريف بو بغلة " قائد المقاومة في منطقة القبائل و " عيسى الحمادي" المسؤول العسكري لديه و " الشيخ بوزيان" قائد ثورة الزعاطشة بالجنوب الشرقي ومستشاره العسكري موسى الدرقاوي وكذلك سي مختار قويدر التيطراوي ومحمد بن علال بن مبارك المسؤول العسكري في عهد الأمير عبد القادر .
منظر الجماجم الجزائرية التي نزلت عن رفوف المتحف الفرنسي، وركبت الطائرة عائدة الى الجزائر، لم تستطع إحصاء القتلى والشهداء الذين قتلوا واستشهدوا بعدهم، لكن تلك الجماجم أحصت كم من ليالي الحنين والدهشة والفضول الجزائري حلمت ؟ وكم من مباهج الوطن تمنت أن تراها بعد تلك التضحيات، وتعرف أين وصلت خطوات لاستقلال والبناء .
عنجهية الاستعمار الفرنسي ولعنة متحفه الجماجمي ، ذكرتني بعنجهية الاحتلال الإسرائيلي ومقابر الأرقام الخاصة بالشهداء الفلسطينيين، وقد سميت مقابر الأرقام لأن سلطات الاحتلال تضع أمام كل قبر لافتة حديدية صغيرة تحمل رقماً يرمز للشهيد دون اسمه، وتُعتبر مقابر الأرقام مناطق عسكرية مغلقة ، إذ تمنع سلطات الاحتلال الدخول إليها من دون موافقة عسكرية .
ولا تقتصر مقبرة الأرقام على مقبرة واحدة، بل هناك عدة مقابر للأرقام : مقبرة " عميعاد" قرب مدينة صفد و مقبرة" جسر آدم في غور الأردن " ومقبرة جسر بنات يعقوب الواقعة بالقرب من الحدود السورية الفلسطينية، وقد استخدمت لاحتجاز جثامين الفدائيين المتسللين من سورية ولبنان وبلغ عدد الجثامين التي احتجزت 243 جثماناً وقد أغلقت عام 2001 . هذه المقابر أشبه بمتحف الجماجم الفرنسي، الفرق أن المتحف فوق الأرض ومقابر الأرقام تحت الأرض، تخرج الجماجم الفلسطينية عند المساومة السياسية، وتبقى عائلات الشهداء في مواسم الحزن والسواد.
أحيناً نتوهم أننا نستطيع الخروج من غروب التاريخ، نتوهم أننا ننتقل إلى عصور جديدة ترفع قلوبنا وأروحنا من حقول الذل ومستنقعات الوجع ، لكن نكتشف أن التاريخ يخيط مناديل الحزن ويعيد خيوطها إلى ماكنات الشهوة الاستعمارية والاحتلالية، التي درزت بإبرها خرائط الوطن، وحولته إلى قطع من الأثواب المهترئة ذات الألوان المصبوغة بأصباغ مزيفة .
نتوهم أن النوافذ والأبواب السياسية قد فتحت واللقاءات أصبحت ميادين الأعياد والزنابق البيضاء التي تزين المطارات والوفود التي تسير على السجاجيد الحمراء. وهناك من مسح الذاكرة وجعل العلاقات مع المحتل والمستعمر مرايا الابتسامات والتصريحات الإنسانية ، لكن لم يعرفوا أن هناك في صهيل الخلايا وفي قاع الروح وتحت القفص الصدري غدة تشع مرارة عنوانها عدم النسيان، لن نغفر ولن ننسى ومن يحاول القول " اللي فات مات" نؤكد اللي فات هو جزء من الحاضر والمستقبل.



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زمن فهد الكورونا
- في زمن حسن شاكوش
- الوجه الآخر الذي عرفته وداعاً للنجمة نادية لطفي
- نعمة تعانق جثة القانون واسراء عانق جثة النسيان
- عندما يسرق الأسير الفلسطيني ابنه من وراء القضبان
- نرفع العلم فيموت الأسير
- لا تتزوجوا إلا الجميلات
- يا عنب الخليل كن سماً على المحتل
- القبلة الزجاجية
- استقالة ورقة التوت - قصة قصيرة
- الثيران الهائجة والعجول المذبوحة وبينهما ابن نتنياهو
- حين يسرق الموت صندوق الاسرار
- الحفيد يشنق ساعة الجد
- العامل الأسود في الوطن الأبيض
- حدث في يوم العيد
- فنجان التطبيع ودف الرفض
- صالحة تفوز بالجائزة ونحن نركب الحنتوش
- اضربوا الرجال .. وبيضة على رأس كل مسؤول
- المرأة الفلسطينية وتوهج الثامن من آذار
- اطلعوا برة .. وجاء أبو عواد وقال : آه يا ديسكي


المزيد.....




- بايدن يعترف باستخدام كلمة -خاطئة- بشأن ترامب
- الجيش الاسرائيلي: رشقات صاروخية من لبنان اجتازت الحدود نحو ...
- ليبيا.. اكتشاف مقبرة جماعية جديدة في سرت (صور)
- صحيفة هنغارية: التقارير المتداولة حول محاولة اغتيال أوربان م ...
- نتنياهو متحدثا عن محاولة اغتيال ترامب: أخشى أن يحدث مثله في ...
- بايدن وترامب.. من القصف المتبادل للوحدة
- الجيش الروسي يدمر المدفعية البريطانية ذاتية الدفع -إيه أس 90 ...
- -اختراق شارع فيصل-.. بداية حراك شعبي في مصر أم حالة غضب فردي ...
- بعد إطلاق النار على ترامب.. بايدن يوضح ما قصده في -بؤرة الهد ...
- ترامب يختار السيناتور جي دي فانس لمنصب نائب الرئيس


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - الجماجم ليست للغفران