هشام جمال داوود
الحوار المتمدن-العدد: 6610 - 2020 / 7 / 5 - 03:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في بلد مثل العراق ووضعه المتأرجح بين الكوارث الاقتصادية والصحية والسياسية وعلى كل الأصعدة.
فأي نوع من القيادة يحتاج كي يقفز من حالٍ إلى آخر متجاوزاً هذه الأزمات؟
فلو عدنا الى التاريخ، فهو يحدثنا ان أبا مسلم الخراساني في أحد الأيام كان في مدينة مرو الإيرانية، فقابله رجل يعمل صائغاً للذهب، وأبو مسلم يمشي فخوراً تفاخر الفاتح المنتصر، فقال له الصائغ ((لا أرى عملاً صالحاً أكثر من اعلان الجهاد ضدك باسم الله، ولكن بما أنني لا امتلك القدرة على ذلك بيدي فسوف افعله بلساني، ولكن الله سيراني يوم الحشر وباسمه اكرهك)).
ما كان من أبي مسلم بعد سماعه لكلام الصائغ إلا أن قطع رأسه، دون أي محاولة للتحري او الاستفهام عن الأسباب التي دفعت به لقول هذا الكلام.
العراقيون اليوم يتأملون ظهور نموذج جديد يعمل على ضرب أكثر من جهة ويسلك سلوك الخراساني ظناً منهم بأن العنف يولد الإصلاح.
اما التجربة الثانية، فيحدثنا بها التاريخ أيضا ولكن هذه المرة عن المأمون ابن هارون الرشيد، اثناء خلافته كان يمشي برفقة أحد قادته العسكريين فصادفه رجل متدين الى حد التزمت، ورفض ان يسلم عليه، فلما استفسر المأمون عن السبب قال له: الومك على افساد الجيش بثلاث طرق.
الأول: السماح ببيع الخمر في المعسكر.
الثاني: ترك الجواري الصبايا دون حجاب يمنع الجنود من رؤيتهن.
الثالث: السماح بالمنكر والشر.
لم يقم المأمون بعد سماعه لكلام الرجل بقطع رأسه كما فعل الخراساني، انما استخدم منهجية التوليد السقراطية في استجواب الآخر خطوة بخطوة وكلمة بكلمة للوصول إلى الحقيقة التي تقف وراء كل شيء.
وعن طريق هذا الأسلوب اكتشف المأمون التطبيق السيء للسلطة عند قادة الجيش وعاقبهم بدلاً من معاقبة الرجل.
أليس هذا النموذج هو الانجح مع أي شعب من شعوب العالم؟ ولكن كيف لنا بنموذج مماثل إن كان كل رؤساء الوزراء لا تتعدى مساحة حركتهم اسوار الخضراء وهم ابعد ما يكونوا عن الاحتاك بالناس.
#هشام_جمال_داوود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟