|
كيف أشرق نورُ 30 يونيو؟
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 6608 - 2020 / 7 / 2 - 22:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هذه شهادتي للتاريخ. (موعدنا 30 يونيو)، كانت العبارةَ التي أختتمُ بها جميعَ مقالاتي منذ قررنا قبل سنوات سبع تطهيرَ عرش مصر من سرطان الإخوان، وإسقاط الجواسيس الذين سرقوها بليلٍ، فيما نحن غافلون. على مدى شهرين كاملين بدأتُ الحشدَ ليوم عظيم من عمري؛ بكامل عُدّتي وعتادي. أسلحتي هي: (القلمُ) في مقالاتي، (الحاسوبُ) في التغريدات والبوستات، (الحنجرةُ) على شاشات الفضائيات والإذاعات والمحاضرات، و(اللافتاتُ) أحملثها وأجوب الطرقات والشوارع. تخلّل ذلكما الشهرين (اعتصامُ المثقفين)، الذي أشرق مع بداية يونيو 2013. وكان "اعتصامُ المثقفين" الشرارةَ التي انطلقت من دار الأوبرا تضامنًا مع "مديرة دار الأوبرا" آنذاك، "د. إيناس عبد الدايم"، وزير الثقافة الحالية، التي قرر وزير الثقافة الإخواني آنذاك "علاء عبد العزيز" إقالتَها. ولم نقبل، نحن الشارعَ الثقافي، هذا العبثَ فخرجنا من دار الأوبرا لنحتلَّ وزارة الثقافة، واعتصمنا بها لا نبرحُها أبدًا حتى نمنع الوزيرَ الإخواني من دخولها. قاومنا بلطجيةَ الإخوان الذين تحرّشوا بنا، ولقّنا البلطجيين "أحمد المغير، وعمرو عبد الهادي"، الإخوانيين الهارببين الآن، درسًا لا ينسياه. أجّج اعتصامُنا حماسَ الشعب المصريَّ ضد خونة الأوطان. وتصاعدت مطالبُنا من إقالة وزير الثقافة الإخواني (عدو الثقافة والفنون)، إلى إسقاط المرحوم "مرسي العياط" (عدو الوطن ) عن عرش مصر. رددنا على تحريم الفنون بأن رقصنا "زوربا" مع فرقة باليه القاهرة في الشارع أمام وزارة الثقافة في شارع "شجر الدر" بالزمالك، وشاركتنا جموعُ الشعب المصري من المارّة وحُراس العقارات وسُيّاس الچراچات، فكانت تظاهرةً شعبية راقصة فائقة الجمال. من داخل الاعتصام هتفتُ للإخوان: “أهلا بكم في عُشّ الدبابير، موعدُ رحيلكم آنَ أيها الإخوان". فالمثقفُ قد يصمتُ ويغضُّ الطرفَ مادام عُشُّه الثقافيُّ مُحصّنًا وشرنقته الإبداعية في أمان. فإذا ما تهدَّد ذلك العشَّ خطرٌ ما، خرج عن صمته وانتفض. وهو ما كان. التحمَ المثقفون والفنانون والأدباء على قول واحد وقرار: “لا محلَّ للإخوان في ديارنا". ربضنا في مقر وزارة الثقافة قرابة الشهر. هنا أيقنتُ أن إسقاطَ الإخوان بات وشيكًا. حين تمطّع أحدُ أعضاء حزب النور السلفيّ، وهَرَف قائلا: "الباليه فنّ العُراة"!! ثم أفتى بتحريمه، سألتني صديقتي الباليرينا النحيلة "نيفين الكيلاني" والدمعُ في عينيها: (هل أجسامُنا مثيرة للشهوات حقًّا ونحن نرقصُ الباليه؟) فأجبتها بسخطٍ: (من تُثِر شهواتِه الفراشاتُ، فعيناه ليستا في رأسه، بل في مكان آخر!) هنا أدركتُ أن إسقاطَ الإخوان، بات قابَ قوسين أو أدنى. فالإخوانُ وحزبُ النور وتيارُ الإسلام السياسي والتكفيريون، جميعهم تنويعاتٌ مختلفة على نغمةٍ نشاذ واحدة تكره العلمَ والفنَ والحياة، بقدر ما يكرهون الوطن. شكرتُ الرجلَ الذي فضح فكرَهم المريض حين كشف أنه لم يرَ في راقصة الباليه الساحرة إلا الشهوة الدنسة، وطلبتُ من فرقة باليه القاهرة أن يهبطوا من برجهم العاجي/ خشبات مسارح الأوبرا، ويقدموا رقصة للناس في الشارع، كما كان يفعل فنانو التروبادور في إسبانيا. وبالفعل استجابوا ورقصوا الباليه في الشارع ورقصنا معهم. أمسك بيدي راقصُ الباليه الأول بمصر "هاني حسن" وهو يعلّمني خطوات الرقصة ومعي مئات المصريين من مختلف المشارب والمستويات. أقسمنا نحن المثقفين ألا نفُضَّ اعتصامَنا، حتى لو أُقيل الوزير المزعوم، حتى يلتحم اعتصامُنا بثورة 30 يونيو الشعبية الخالدة. وكانت لوحةُ المثقفين التي رسمناها باعتصامنا الطويل القطعةَ الفنية الأرقى والأكثرَ أناقة بين كل ما أنتجته الشعوبُ من قطع فنية خالدة. وحين حان يوم 30 يونيو، هدرت جموعُ الشعب من كل صوب تنادي بسقوط الخونة عن عرش بلادنا. ساندنا وحما مشوارَنا وبارك إرادتَنا الشعبيةَ، جيشُنا المصري العظيم. وجرت المياهُ في النهر من جديد. كنا على يقين من أن بداية النور والتنوير والانعتاق سوف تبدأ في اليوم التالي لإسقاط مرسي العياط، يوم 3 يوليو 2013. لكن مشوارَ النتوير مازال طويلا وشائكًا وقاسيًّا، لأن البناءَ عسيرٌ بعد طول هدم مظلم ومنظّم بدأه أعداءُ الحياة منذ نصف قرن يضربون خاصرة التنوير بمعاول الظلام والتجهيل ومحاربة الفكر والعلم والفنون. طويلٌ مشوارُنا التنويريُّ حتى نوقدَ ما يكفي من شموع لمحو الظلام الذي رسمه الظلاميون في أركان مصر وجوانبها. دعونا نوقد شموعَ التنوير في مصر ونعمل بجدّ كما يعملُ الرئيسُ السيسي بجد، حتى ننهضَ بمصرَ؛ وتُكلَّلَ ثورتُنا بالنجاح، ويغمر قلبَ مصرَ الفرحُ. مصرُ اليوم تنهضُ في وثباتٍ متسارعة لا يُنكرها إلا أعمى أو كذوب. وسوف يشرقُ غدٌ قريبٌ على مصرَ، وهي "قد الدنيا". “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.” ***
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مانديلا … محمود أمين العالم … وثقافة السُّموّ
-
شريف منير …. وجدائلُ الجميلات
-
درس شريف منير ... لكريماته
-
عيدُ الأبِ …. الخجولُ
-
اللّهُمَّ اشفِ مرضانا … ومرضى -العالمين-!!!
-
الكمامة والقمامة ولغةٌ (قايلة) للسقوط
-
احترام فيروس كورونا!
-
البابا تواضروس … في شهر رمضان
-
التكفيريون: بارتْ تجارتُهم
-
منسي: اللي زيّنا عمرُه قُصَيّر
-
الطبيعةُ تتنفَّس!
-
لا تسخروا من السُّخرية… في السخرية حياةٌ
-
-فرج فودة- الذي عاش أكثر من قاتليه
-
أخيرًا… وصايا السَّلف الصالح في مناهجنا
-
مسلسلات رمضان … في زمن الكورونا
-
يُفطرون على دماءِ الصائمين… شكرًا للإرهاب!
-
ما لون قبّعتُك … في زمن كورونا؟
-
رِهانًا على وعي الأسرة المصرية
-
مصرُ العظيمةُ … رمضانُ الكريم
-
حين منحني -الأبنودي- منديله لأبكي
المزيد.....
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -ديشون- بصلية صار
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|