|
هواة سوق الوهِم ، سوق الانتخابات
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6607 - 2020 / 7 / 1 - 09:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تجري حملة على قدم وساق ، تدعو الى المشاركة المكثفة في الانتخابات التشريعية والجماعية القادمة ، لقطع الطريق على حزب العدالة والتنمية تحت شعار " لن نصوت لحزب العدالة والتنمية ، وسنصوت لغيره " . من خلال التدقيق في الحملة ، خاصة الدعوات الكثيرة التي تدعو الى التصويت العقابي للحزب الإسلاموي تاجر الدين ، يبدو انها ، أي الحملة ليست بريئة ، وانّ من يقف وراءها لن يكون غير الدولة التي تتطلع كثيرا للانتخابات ، لأنها تعتقد عن خطئ ، انّها تعطيها مصداقية إزاء الدول المانحة ، بتبيض استبدادها الذي سيصبح ناعما ، كما تُمكّنها من ضبط الوضع السياسي والاجتماعي ، للحفاظ على نفس النسق التقليدي في إدارة الدولة ، وفي تدبير الشأن العام ، أي استعمال الديمقراطية الهلامية ، لبلوغ وضع لا ديمقراطي ، بل وضعا يتنافى مطلقا مع الديمقراطية ، حتى في حدودها الدنيا والبسيطة .. ، وطبعا تندمج في هذه الحملة المخدومة والمسعورة ، كل الأحزاب المستفيدة من الوضع التقليدي منذ زمان ، والأحزاب التي تنوي الاستفادة منه ، كالأحزاب المُكوّنة لفدرالية اليسار الديمقراطي ، وهي الحزب الاشتراكي الموحد ، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي ، وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي .. --- فإذا لم يكن الغرض من الانتخابات ، هو تنشيط الوضع السياسي العام ، لمعرفة وجهة المسار ، او المسارات المختلفة التي تَحْكُم تفكير وتصرف الشارع ، وبالضبط الكتلة الناخبة . --- واذا لم يكن من وراء الانتخابات ، معرفة البرامج الحزبية الانتخابية لجميع الأحزاب التي ستتنافس الأرضية ، وتتنافس ربح وتحصيل أصوات الناخبين الواعين بشؤونهم وبأمورهم . --- واذا لم يكن ومن راء الانتخابات ، التنافس من قبل جميع الأحزاب التي ستشارك في العملية الانتخابية ، للفوز بالنتائج قصد تشكيل البرلمان من قبل الأحزاب الفائزة ، وتشكيل الحكومة التي ستنبثق عن الأحزاب الفائزة ، لتنفيذ البرنامج الانتخابي الذي على أساسه دخلوا الى الحكومة التي صوت على احزابها الناخبون . --- واذا لم يكن الهدف من الانتخابات ، تحديد المسؤولية السياسية للأحزاب المُكوّنة للحكومة عند نهاية ولايتها ، بحيث تصبح صناديق الاقتراع التي جاءت بأحزاب الحكومة ، هي نفسها آلة عقابها اذا خفقت في إنجاح تطبيق برنامجها الانتخابي امام جمهور الناخبين والكتلة الناخبة ... فما الجدوى من تنظيم الانتخابات كما يجري به العمل في المغرب ، اذا كان البرنامج الذي ستتنافس الأحزاب الفائزة على تطبيقه ليس برنامجها ، بل انه برنامج الملك الذي أشرفت اجهزته المختلفة ، وعلى راسها وزارة الداخلية ، على كل العملية الانتخابوية ، ولم يصوت عليه الناخبون الذين صوتوا على البرامج الانتخابوية للأحزاب التي شاركت في الانتخابات ؟ فإذا كانت الأحزاب التي شاركت في انتخابات الملك ، ترمي بعرض الحائط ، برنامجها الانتخابوي التي دخلت على أساسه الحملة السعار الانتخابوية ، لتتنافس فيما بينها على من يحصل له شرف تطبيق برنامج الملك ، فما الفائدة ، وما الجدوى من تنظيم الانتخابات اطلاقا ، خاصة وانّها جد مكلفة في المال ، والجهد ، والوقت ؟ وهنا ، اين يمكن تحديد مسؤولية الأحزاب التي ستُكوّن حكومة الملك ، التي ستنبثق من برلمان الملك ، والبرنامج الانتخابوي الذي تعمل على أساسه ، ولإنجاحه ، ليس برنامجها ، بل هو برنامج الملك الذي اشرف على تحضيره ، مستشاروه ، ولم تحضِّره تلك الأحزاب التي طرحت اثناء الحملة المسعورة الانتخابوية ، برامجها التي تم الاستغناء عنها ، بمجرد اعلان نتائج الانتخابات ، ولتشرع في تسابق أرنبي وسلوقي ، لتنفيذ برنامج الملك ... فهل هنا يتحمل المسؤولية ، الملك صاحب البرنامج الذي لم يتم التصويت عليه ، وهو البرنامج الوحيد الذي اشتغلت عليه حكومة الملك ، ام يتحمل المسؤولية ( وزراء ) الأحزاب الذين شكلوا حكومة الملك ، وقد يكونوا اساؤوا تدبير وتنفيد برنامج الملك المُنزّل من فوق ، وغير المصوت عليه ؟ ان اية مناقشة سياسية دستورية ، او فقهية سلطانية للناظم السياسي المغربي ، ستكون عرجاء اذا اقتصرت فقط على ملامسة الشق الظاهري لتصريف اعمال الحكومة ، وفي طرح الأسئلة في البرلمان ، وفي اللجان المختلفة من برلمانية وغير برلمانية ، ونطّتْ على اصل المشكل الذي يضبط لوحده ماهية وتركيبة النظام السياسي المغربي ، والذي هو الدستور من جهة ، وإمارة امير المؤمنين من جهة أخرى .. الدستور ، هو دستور الملك ، لأنه هو منْ منحه لرعاياه الاوفياء ، لذلك ، ورغم ان الدستور يركز الحكم في شخص الملك وحده دون غيره ، ويجعل منه هو وحده الآمر والناهي ، واصل الحكم الحقيقي ، فان تقيد الملك بتطبيق مقتضيات الدستور ، ليس لزاما ولا مفروضا عليه ، لأنه دستوره في ملكه لا في ملك غيره، ولا يحق لاحد انّ يتحجج بخرق بنود وفصول الدستور ، وهنا وفي اطار هذه الجدلية بين الملك وبين دستوره الممنوح ، لا يحق لأي فاعل ان يحتج على الملك ، بسبب تعطيل بند او فصل من الدستور ، او تطبيقه تطيقا غير لائق ، او ان يتصرف الملك ضد مقتضيات دستوره الذي منحه للرعايا ، ما دام ان الملك يبقى ولوحده ، الممثل الاسمى للامة وليس للشعب ، لان مصطلح الامة ، وليس الشعب يحيل اتوماتيكيا الى السلاح الضارب الذي يشرعن به الملك نظام حكمه ، الذي يضرب عرض الحائط حتى بالدستور ، الذي هو نظام الامارة ، والامامة ، والراعي الكبير ، فشخص الملك في امارة امير المؤمنين كأمير ، يسمو على شخصه كملك في النظام الدستوري الذي يحكم فصوله دستور الملك الممنوح .. اذن إذا كان المغرب قد عرف منذ اكثر من ربع قرن الانتخابات التي ساهمت في تثبيت ، وفي الحفاظ على الوضع بشكله الماضوي ، والتقليداني ، ولم تساهم في احداث تغيير ولو نسبي حتى لا نقول القطيعة مع التقاليد المرعية ، والطقوس المخزنية التي أصبحت مثار سخرية وضحك ، من قبل الدول الديمقراطية الغربية ، فما الجدوى من المشاركة في الانتخابات عندما يكون الغرض منها ، هو الحفاظ على الستاتيكو ، والحفاظ على نفس القيم الأركاييكية التي تحيل الى الأزمنة الغابرة ؟ ----- والخطورة عندما تدعي بعض الجماعات انتسابها الى الفكر الديمقراطي ، العصري ، والحداثي ، وفي نفس الوقت تتسارع وعن بيّنة واختيار ، من اجل الارتماء في الحضن المخزني الحنون والعطوف ، من اجل التعيُّش والتعويض عن السنوات العجاف ، أي الاستعداد والتحضير للعْق الفتات ، وما عافه الضبع وليس السبع ، من بقايا الموائد التي تُحضّر بأموال دافعي الضرائب المختلفة ....... ----- ، وليس من اجل الإصلاح السياسي والدستوري ، لان فاقد الشيء لا يعطيه ، سيما وان أي اصلاح للنظام السياسي ، هو رهين بمبادرة الملك ، وليس رهين بغيره ، لان قواعد تعديل الدستور تبقى بيد الملك ، وبإرادته ، ولن تستطيع اية قوة فرض التغيير عليه ، اللهم اذا نزل الشعب الى الشارع ، واتجه نحو العصيان المدني ، وهذه الحالة تبقى احدى متمنيات بعض الافراد القليلِ العدد ، الذين لا يمثلون أي شيء في الساحة ، حتى لا نقول ان لهم ثقل سياسي وجماهيري ، يدفع بهم الى إنجاح خروج الشعب ، والى الدعوة الى العصيان ، وكم نظّر هنا ( المنظرون ) الحالمون ، حين كان الشيوخ والنساء ، يخرجون للمطالبة بالقفة ، وبالدّعم ، وهم يرفعون شعارهم الخالد الذي يرفعوه في السلم ، كما يرفعوه في الجّايْحاتْ " عاش الملك / عاش الملك " ، " عاش سيدنا / عاش سيدنا " ، ومؤخرا وامام البرلمان لمهاجري الطليان " لا حكومة لا برلمان ، الملك هو الأمان " ، كما لا يفوتنا التذكير بما نشرته المواقع الاجتماعية المختلفة بعنوان " الثورة بدأت في تماسينت بالريف بالحسيمة " ، " الجماهير الشعبية ببلدة تماسينت تنتفض من جديد / الحسيمة " ، لكن من خلال البحث والتقصّي ، فما سمُّوه بثوار تماسينت ، كانوا يطالبون بالدعم ، أي ب 800 درهم .... فعن اية ثورة يتحدث مروجو هذه الترهات المفضوحة ؟ ...لخ فإذا كان النظام لم يخضع ، ولم ينحني ، ولم يحني الرأس حتى في اشد الازمات التي مر منها ، فكيف سيخضع لفرد او فردين ، لشخص او شخصين ، يعتمدان نضال الفيسبوك من خارج المغرب ؟ ربما ان قناعة أحزاب فيدرالية أحزاب اليسار الديمقراطي بهذه الحقيقية ، هي ما دفع بهم الى الانخراط مع الأحزاب المرخص لها ، بالدعوة للمشاركة في الانتخابات بدعوى معاقبة حزب العدالة والتنمية الاسلاموي ، في حين سواء بقي الحزب الاسلاموي ، او جاءت الفدرالية ، فلن يتغير أي شيء ، بل سيستمر الوضع كما هو ، وسيصبح دور أحزاب الفدرالية ، هو نفسه دور الأحزاب التي تتنافس لتطبيق البرنامج اللاّإنتخابي للملك ، لأنه لم يشارك كبرنامج مع برامج الأحزاب الانتخابوي في الحملة الانتخابية ، فهو برنامج شريف من دار المخزن الشريفة ، فلذلك فالجميع يهرعون للظفر بشرف تطبيقه ... ان الدعوة الى المشاركة المكثفة في الانتخابات القادمة ، من تشريعية وجماعية ، بغية معاقبة الحزب الاسلاموي العدالة والتنمية ، التي تشارك فيها بجدية أحزاب فدرالية اليسار الديمقراطي ، هي دعوة سخيفة ، وتبقى مقلبا للناخبين لدفعهم الى المشاركة ، التي لن يكون هدفها التصويت العقابي للحزب الاسلاموي ، لكنها ستكون دعوة لتمكين أحزاب الفدرالية من استعمال الناخبين المُسَطّلين ، قصد تسهيل الدخول الى برلمان الملك كموظفين ، وانْ امكن الدخول الى حكومته كموظفين سامين ، في شكل وزراء ، لان شغلهم ومهمتهم محصوران فقط في تنفيد برنامج الملك ... فمسؤوليتهم تتحدد في نجاعة تنفيد برنامج الملك ، ولا تتحدد في نتائج تنفيذ برنامج الملك ، لان البرنامج هو برنامجه ، وليس ببرنامجهم حتى يسألوا عليه .. ان كل الأحزاب التي تدعو الى المشاركة في الانتخابات التشريعية ، وفي ظل دستور الملك الممنوح ، الذي يركز بين يديه وحده الحكم ، لا بيد غيره ، وهي تعرف مسبقا ، كأحزاب الفدرالية ، انها ستكون مُنفّذا طيّعا لبرنامج ليس برنامجها ، هي تقبل ان تشتغل تحت سلطة الملك ، كموظفين سامين في البرلمان ، كما في الحكومة ، ومن ثم فهي تقبل وبوعي ، انْ لا يتعدى دورها دور مِعول وآلة الملك ، الذي يستعمله في تحقيق برنامجه اللاّإنتخابي الذي لم يشارك في الانتخابات .. فعندما تدعو نبيلة منيب ، ومعها أحزاب الفدرالية الى المشاركة المكثفة في الانتخابات ، وتتسابق للدخول الى الحكومة ، لكي لا تحكم ، وتصبح مِعولا ينفد اجندات لا علاقة لها بالبرنامج الانتخابوي الذي طرحوه في الحملة الانتخابية ، فهنا السؤال : ما الفرق بين فدرالية اليسار الديمقراطي ، وبين الحزب الاسلاموي العدالة والتنمية ، وبين كل الأحزاب المتواجدة في الساحة ؟ وقد اكد هذه الحقيقة عبدالاله بنكيران عندما قال ما مِنْ مرة ، وفي مناسبات ، وبدون مناسبات " أنا لا احكم ، الملك وحده يحكم ، وانا أعِينُه واساعده فقط " ، أي ان الشخص اعترف بانه مجرد مِعول وآلية بيد الملك لتنفيذ برنامج الملك ... ان السيدة نبيلة منيب التي أصبحت متخلفة جدا ، عن الوعي السياسي الذي بدت ملامحه في الظهور وسط عيّنات مختلفة من الشعب المغربي ، تعتقد عن خطئ ، ومعها كل أحزاب الفدرالية ، انه من السهولة تطويع القطيع ، واستعماله لتكرار تجارب نصف قرن من العمل السياسي الناجح بالنسبة للحكم ، والفاشل بالنسبة للمعارضة السياسية التي كانت تطالب بالحكم ، ثم أصبحت تطالب باقتسامه ، وانتهى بها المطاف الى الاكتفاء فقط بالمشاركة في الحكومات كموظفين سامين عند الملك ، وليسوا بوزراء ... ان السيدة منيب ، ومعها الفدرالية يعتقدون عن خطئ ، ان تناول الشأن العام ، وحسن تدبيره ، واحترام القانون ، والحقوق ، وإقامة العدل الاجتماعي ، والمساوات ، وربط المسؤولية بالمحاسبة ، والحد من الفوارق الطبقية وعلى كافة الأصعدة ، متوقف فقط على جرّ الناس الى مكاتب التصويت كالقطيع ، في حين ان المشكل واضح ، ويكمن في الدستور الممنوح ، كما يكمن في عقد البيعة ، وفي إمارة امير المؤمنين التي تعطي لرئيس الدولة ليس كملك ، بل كأمير ، و إمام سلطات استثنائية خارقة ، هي فوق حتى دستور الملك الممنوح ، لان بناء الدولة المخزنية الذي جاء على انقاض الدولة العصبية ، والقبائلية المشاعة ، كان أساسه دينيا ، ومن يتكلم عن الدين ، وعن الدولة الثيوقراطية والاثوقراطية ، لا علاقة تجمعه بالدولة الديمقراطية اللاّئكية .. في النظام السياسي المخزني الذي يبني نظام الحكم على أساس الدين ، لا يمكن لأي حزب ، ومهما بلغت قوته ، ومهما بلغ عدد المقاعد التي يكون قد حصل عليها في البرلمان ، ان يؤثر على اصل ومشروعية النظام السياسي المغربي ، التي يحكمها عقد البيعة ، وتحكمها الإمارة ، لان تحرك الأحزاب ، ومهما رفعت من الشعارات البراقة ، واستعملت الديماغوجية ، فإنها مُتحكّم فيها بشكل جد مُحْكم . وبالرجوع الى اجتهادات الدولة المخزنية لضبط الشارع ، وضبط الأحزاب ، والمنظمات ، والنقابات ، والاستفراد لوحدها بالحكم وبالسلطة ، والجاه ، والثروة ، والمال ... ، يكفي الرجوع الى التنظيم الانتخابي ، حتى نُدحْض سمفونية الدعوة للمشاركة في الانتخابات ، التي تقف وراءها أحزاب الفدرالية ، للدخول الى البرلمان كأشخاص وليس كفريق ، لأنه يستحيل عليهم حصد ما فوق أربعة ، او ستة مقاعد في الانتخابات ، و انّ تواجدهم في البرلمان ، لن يكون مؤثرا او ضاغطا على الحكومة التي هي حكومة الملك ، فدورهم لن يتعدى النّطّ هنا وهناك ، خاصة وانهم كبسْتنة زودوا النظام بمجموعة من ( الأطر ) التي قدمت خدمات للنظام قبل التحاقها به ، كمحمد الصبار مثلا .. فبالرجوع الى التنظيم الانتخابي الذي أشرفت على إنجازه وزارة الداخلية ، وبتوجيه من مستشاري القصر ، فانه يستحيل على أي حزب سياسي ، او كتلة سياسية ، ان يسيطر ولو كموظفين سامين ( وزراء ) ، على الحكومة التي دائما تكون بينها نسبة من الموظفين السامين ( وزراء ) غير منتسبين للأحزاب ، ولم يشاركوا في الانتخابات ، وهم ضمن الحكومة لخدمة برنامج الملك الذي يسهر على اعداده وتحضير مستشارو الملك .. ان التقطيع الانتخابي الذي حضّرته وزارة الداخلية بذكاء الشياطين ، وكفاءة العفاريت ، رغم ان الانتخابات هي انتخابات الملك ، والجميع يتنافس ، ويتسابق لتنفيذ برنامج الملك ، أدى بطريقة بوليسية ، الى حصر الكثافة السكانية الفاعلة والمؤثرة على مستوى الجهات ، والعمالات ، والاقاليم . وقد ترتب عن هذا الحصر البوليسي للكثافة السكانية ، حصر الكتلة الناخبة داخل كل جهة ، وعمالة ، وإقليم .... ان هذه الكتلة المضبوطة ، وستزيد اكثر ضبطا ، وتحكما ، وتوجيها ، مع البطاقة الوطنية الجديدة ، التي يحضر لها دهاقنة البوليس الذين يشرحون كل شيء ، وحتى الماء ، شرحا بوليسيا ، وحتى التاريخ يشرحونه بالبوليسية ، لضبط المجتمع والافراد عن بُعد ، ترتبط جدليا بالتقطيع الانتخابي المصنوع على المقاس الذي يناسب الرعية ، وبنوع الخريطة الحزبية التي تمّ ، ويتم تحديدها على مستوى كل هذه المناطق ... فاصبح من ثم قوة كل تنظيم ، او حزب ، ومستوى حجمه ، ودرجة تغلغله ، معروفة مسبقا عند البوليس ، وعند وزارة الداخلية الذين يزودون مستشاري الملك ، بالتقارير الدقيقة عن الحالة السياسية اليومية ، بالساحة السياسية الوطنية ، الامر يعني سهولة التحكم في التوجيه ، وفي تحديد المبادرات والتحركات ... امّا نظام الاقتراع باللاّئحة ، فلم يكن الهدف منه الدفاع عن البرامج الانتخابوية الحزبوية ، كما ادعي سابقا وكذبا ، لكن الهدف منه ، كان هو ضبط وحصر الافراد المرغوب فيهم الدخول الى البرلمان ، والأشخاص المنتمين الى الأحزاب و من الممكن ان يصبحوا موظفين سامين في حكومة الملك ( وزراء ) ، إمّا انهم من أبناء العائلات ، او من أبناء اشخاص خدموا الدولة ( مباركة بوعيدة ) ( قيوح ) ...لخ ، او انهم كأشخاص ، يكونون قد قدموا خدمات حزبية للبوليس ، او لوزارة الداخلية ، وحان وقت تبديل مهامهم بالعمل كموظفين سامين ( برلمانيين ) في البرلمان او ( كوزراء ) . ان الدعوة الى المشاركة المكثفة في الانتخابات ، بدعوى التصويت العقابي ضد الحزب الاسلاموي ، حزب العدالة والتنمية ، و التي تقف وراءها أحزاب فدرالية اليسار الديمقراطي ، والجهاز البوليسي ، والمخزنولوجي القروسطوي من بعيد ، هي دعوة ملغومة تتعامل مع الناس بعقلية القطيع ، خاصة وانهم يُحقّون ويعرفون ، أي أحزاب الفدرالية ، انّ دورهم في البرلمان بالعدد الذي لن يتجاوز الخمسة برلمانيين في ابعد تقدير ، لن يحرك دجاجة عن بيضها ، بل ولنفرض جدلا انهم حصلوا على الأغلبية المطلقة ، لتشكيل الحكومة لوحدهم ، وهذا من قبيل المستحيلات ، فان اشتغالهم على برنامج الملك طبقا للدستور الذي يجعل من الملك هو الحكم ، وليس على برنامجهم الذي سوّقوا له في الانتخابات ، واختفى بقدرة قادر بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات ، سيجعلهم موظفين سامين عند الملك ، دون ان تكون لهم القدرة ، ولا الاستطاعة ، على تعديل الدستور الذي يتحكم مفصليا في الحكم ، ويركز النظام ، بل كل النظام في شخص الملك .. .. وكما قلت أعلاه إنّ هذا التصور يبقى على سبيل الافتراض ، لان فدرالية اليسار الديمقراطي ، ربما قد تنتهي الى النهاية التي انتهت اليها الجبهة الشعبية في تونس ، وانتهت اليها كل أحزاب اليسار التي ظلت تبيع الشعارات من جهة ، ومن جهة أخرى اندمجت ضمن الأنظمة السياسية للبلدان التي تتحرك فيها . النظام السياسي المغربي قوي ، بل انه اقوى مما يُتصور ، بل انه اقوى حتى من حكم الحسن الثاني ، ومصدر قوته انه وحده اللاّعب الرئيسي في الساحة ، فهو صاحب الامر والنهي ، وهو الكل في الكل ، وقد زاده الوحش كورونا بركات لم يكن يحلم بها ، واثبت له وبالحجة والدليل ، ان تسعين في المائة من الرعايا هم مع سيدنا ، ورغم ضنك العيش ، وقساوة الحياة ، والفقر ، والبؤس ، والحقوق المهضومة ... فهي لا تتردد في رفع شعارها الخالد " عاش الملك / عاااااش الملك " ، " عاش سيدنا / عاش سيدنا " بمناسبة او غير مناسبة ، ورغم حقيقة الوضع الصّادم ، فلا يزال البعض يحكي ، ويحكي ، ومن دون عياء أسطوانة " ثورة الجياع قادمة " ، " انتظروا ثورة الجياع " ، " النظام سقط " ، النظام سيسقط " ، " الامارات القرشية ( العربية ) المتحدة ، تتحدث عن انقلاب ضد الملك " ، وفي هذا الصباح أقرأ في احد المواقع وبعنوان عريض " الملك مات / اين الملك " ... والحال ان من خرج في مسيرات يطلب ( القُفّة ) التي لن تكفيه أسبوعا واحدا ، كان يردد الشعار الخالد " عاااش الملك / عاش سيدنا " ... لن يُسقط النظام غير قضية واحدة ، هي إذا خسر الصحراء ، وانفصلت .... لان الصحراء هي من جنّبه السقوط في السبعينات ... واذا أضاع الصحراء ... حتما سيرحل .. فنزاع الصحراء مع أعداء مغربية الصحراء ، ووحدة المغرب ، ووحدة الشعب ، هو صراع وجود اكثر منه صراع حدود ... والنظام المدرك بهذه الحقيقية التي ينتظرها اشخاص نضال النت ، والفيسبوك .. سيكون بليدا اذا فرّط في الصحراء ، لأنه المدخل الأساسي لانفراط كل عُقد / سُبحة / تسْبيحِ المغرب .. ومرة أخرى ما الجدوى من تنظيم الانتخابات ، إذا كان الوضع سيستمر على ما هو عليه ، وما الجدوى من الانتخابات اذا كان هدف السيدة نبيلة منيب ، ومعها فدرالية اليسار الديمقراطي ، هو ان يصبحوا موظفين سامين عند الملك ، برلمانيين او وزراء ، للاشتغال على تنفيد برنامج الملك اللاّإنتخابي ، ورمي عرض الحائط ببرنامجهم الانتخابوي الذي سوّقوا له خلال الحملة الانتخابوية ، قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات ؟ إذن في غياب الدستور الديمقراطي الذي يركز على مبدأ الفصل بين السلط ، ويربط المسؤولية بالمحاسبة ، تصبح مقاطعة الانتخابات واجب وطني ، وفرض عين .. فالمقاطعة تعني مقاطعة الفساد ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حملة مسعورة قريْشية ، سعودية ، إماراتية ، ضد شعوب شمال افريق
...
-
الحلف الاطلسي - ( الناتو )
-
تهديد مصر بالحرب
-
الدعوة لإستقالة الوزير مصطفى الرميد
-
دعوة الى مغادرة المغرب
-
المغرب / فرنسا
-
مصر تطرق ابواب مجلس الأن ، بعد فشل مفاوضات سد النهضة
-
إنتخابات الملك ، لإنتاج برلمان الملك ، ومنه تشكل حكومة الملك
...
-
قراءة سريعة لنتائج الاقتراع السري بالجمعية العامة للأمم المت
...
-
جبهة البوليساريو تفتري على البرلمان الاوربي
-
العقلية الانقلابية
-
حكومة تكنوقراط ، حكومة وحدة وطنية
-
من يحكم ؟
-
هل يتدارك ملك المغرب ما تبقى من الوقت الضائع .....
-
شكرا الوحش كورونا
-
المحكمة العليا الاسبانية
-
حصار قطر / حين يدعو المتورط في قتل الفلسطيني المبحوح ، ضاحي
...
-
تنافس أم صراع بين الجهاز البوليسي الفاشي ، وبين الجهاز السلط
...
-
صفات الملك الحميدة / الاستثناء
-
التغيير
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|