|
الضغط الجماهيري وحده وليس التوسل الى الأوباش
سامان كريم
الحوار المتمدن-العدد: 29 - 2002 / 1 / 7 - 21:24
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
جواباَ عن رسالة الاستاذ العفيف الأخضر الى توني بلير ("الحياة" في 28 تشرين الاول/أكتوبر) أقول: هناك "ارهاب" في شتى أنحاء العالم ويمارس بأشكال مختلفة من قبل الحكومات والمنظمات الارهابية، وتحديداَ في منطقة الشرق الاوسط وتغذي القوى الدولية، وخصوصاَ الحكومة الامريكية والحكومات الغربية عموماَ، هذا الارهاب هو ليس حالة ثقافية وحضارية بحتة، ولا أزلية أو طبيعية أو حتمية، سواء كان في الشرق الاوسط أو في أي مكان آخر من العالم. أنا أعرف جيداَ أن الحركات الاسلامية السياسية تندرج في مقدمة الارهابيين. لهم جبل من الجرائم في السودان والجزائر وأيران، سواء كانوا على سدة الحكم أو في معسكر المعارضة. فلهم نفس الثقافة والسياسة والتقاليد ونفس الاسلوب في أدارة الامور. ومع كل ذلك فمن الذين قدم لهم الدعم والمساعدة؟ وأعطاهم الامكانات المالية والعسكرية والاستخباراتية؟ ومن الذي ساعد تقويتهم ضد القوى اليسارية والقوى القومية الصاعدة في العالم العربي والبلدان الاخرى في المنطقة بذريعة صد الهجوم الزاحف "للشيوعية في الاتحاد السوفياتي السابق" أو بحجة "خطر الشيوعية"؟ من الذي مهد لهم الطريق الى افغانستان، ومن ثم تنظيمهم في ما يسمى "الافغان العرب"؟ من الذي سلح الطالبان بصواريخ أرض-جو ومن نوع ستينغر؟
أعتقد ان الجواب على هذا النوع من الاسئلة واضح كوضوح الشمس في النهار. أذاَ هناك سياسة معينة في كل مرحلة من المراحل السياسية والاجتماعية، التي تتبناها القوى العظمى فبالأمس كانت "الشيوعية" الخطر الاول، وعلى أثرها تم طرح خطة مارشال لأجيال أوروبا، ولصد النفوذ السوفياتى، وعمل على تغذية وتقوية الحركات الاسلامية في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط والبلدان المجاورة، من قبل الولايات المتحدة الامريكية والبلدان الاخرى في الغرب. إذاَ يجب أن نفرق بين السياسات الحكومية وحركة الحداثة التي بدأت بالفعل منذ الثورة الفرنسية تحت الضغط الجماهيري، وليس من قبل هذه الحكومات كما ظهرت إبان مرحلة 1848-1851 في فرنسا.
الهجمة الارهابية التي تدار الآن على مدار الساعة من قبل القوات الامريكية والبريطانية ومن معها، وليست حرباَ، لابمعناها الدولي وبحسب القوانين الدولية، ولا بالمعنى الذي تجري وتنفذ على الاراضي الافغانية. إن قتل الابرياء وتدمير المستشفيات والطرق لايرتبط بأية صلة بالحرب، بل هو إرهاب دولي يقوده الأميركيون لإعادة حيثيتهم ومكانتهم العالية التي قوضت وتراجعت قبل 11 أيلول (سبتمبر).
جاء في رسالة الاستاذ العفيف الاخضر الى توني بلير: "كما غفر العرب لفرنسا سياستها الاستعمارية بعد استقلال شمال أفريقيا سيغفرون لكم تواطؤكم مع الاستيطان والاحتلال في الارض العربية إذا أعدتم الجولان لسورية وأقمتم دولة فلسطينية قابلة للحياة على معظم الضفة القطاع وعاصمتها القدس، وأراهن على أنهم عندئذ قد يساعدونكم على أعتقال العناصر الارهابية المطلوبة للعدالة". ويطلب الكاتب مساعدة الغرب ".....على الدخول الى الحداثة بسرعة وقوة، الدخول الى الحداثة يعني نزع فتيل قنبلة الانفجار السكاني، المسؤول الاول عن الفقر والامية ونتائجها الكارثية بما فيها الارهاب".
إن السبيل الى إنهاء الصراع العربي الاسرائيلي وبناء دولة فلسطينية قابلة للحياة، لايتم بالتوسل الى هؤلاء الأوباش، ولابالطرق الارهابية التي تجري على الارض، بل بالضغط الجماهيري ونضال القوى التقدمية في كلا الجانبين، وفي كلا المجتمعين الفلسطيني والإسرائيلي، والقوى التقدمية والتحررية في العالم لمساندة النضال الجماهيري "ثورة الحجارة" الفلسطينية.
إن الجماهير في البلدان الغربية ليس في مقدورها، بعد الكارثة الإنسانية في واشنطن ونيويورك، أن تدير ظهرها للأحداث في الشرق الاوسط، أو في المناطق الأخرى من العالم، فهي خرجت من حال اللامبالاة التي سادت عقولهم فمضت تبحث بجدية وتصميم، عن سبب أو أسباب هذه الهجمة اللعينة التي وقعت على رؤوسهم هذه المرة. هذه النتبجة هي التي تدعوني الى التفاؤل. وهذه النتيجة لاتستوجب التوسل الى بلير أو بوش أو شرودر، بل توجب على كل انسان تقدمي وتحرري أن يشارك في أزاحة هذه اللامبالاة التي سيطرت على عقول الجماهير في الغرب بواسطة ماكينتهم الاعلامية القوية.
أما في مسألة الحداثة، فلا أرى سبباَ لأدخال عنصر "الانفجار السكاني" ونزع فتيل هذه القنبلة بالتحديث والحداثة. وهذه النظرة تقودنا الى نظرية مالتوس السيئة الصيت. أن عملية الحداثة والتحديث للبنية الاجتماعية وعلى الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية كافة، ناتجة من عمل الإنسان، وفعل الإنسان لتغيير العالم نحو الافضل من الرفاهية والحرية، وذلك بموجب توازن القوى الواقعية بين الاطراف المتصارعة على الأرض في بلد من البلدان أو على الصعيد العالمي، وليس بالتوسل.
فيجب علينا أن نشارك بقوانا الجماهيرية في بلداننا للنهوض بهذه الحركة بالفعل الجماهيري البحت. وأرى أن لدينا قوة هائلة في العالم العربي، ولكنها صامتة، وتترنح تحت تأثير ونفوذ الحركات الاجتماعية الماضوية وعنفوان القهر والظلم. وعلينا أن نتوجه الى الذين في إمكانهم أن يسلكوا هذا الطريق، وليس التوصل الى أوباش العالم المسؤولين عن كل الويلات والازمات في العالم قديماَ? وحديثاَ.
سامان كريم (كاتب عراقي)
#سامان_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بوتين يكشف عن معلومات جديدة بخصوص الصاروخ -أوريشنيك-
-
هجوم روسي على سومي يسفر عن مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين
-
طالب نرويجي خلف القضبان بتهمة التجسس على أمريكا لصالح روسيا
...
-
-حزب الله-: اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية مع ال
...
-
لبنان.. مقتل مدير مستشفى -دار الأمل- الجامعي وعدد من الأشخاص
...
-
بعد 4 أشهر من الفضيحة.. وزيرة الخارجية الألمانية تعلن طلاقها
...
-
مدفيديف حول استخدام الأسلحة النووية: لا يوجد أشخاص مجانين في
...
-
-نيويورك تايمز- عن مسؤولين: شروط وقف إطلاق النار المقترح بين
...
-
بايدن وماكرون يبحثان جهود وقف إطلاق النار في لبنان
-
الكويت.. الداخلية تنفي شائعات بشأن الجنسية
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|