أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد تومة - أبو إلياس - الدولة – من دولة صناديق الشيطان إلى دولة الحداثة















المزيد.....



الدولة – من دولة صناديق الشيطان إلى دولة الحداثة


محمد تومة - أبو إلياس

الحوار المتمدن-العدد: 1591 - 2006 / 6 / 24 - 08:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


طريق الحقيقة رقم -21-
1- شعارها الثقافي الإستراتيجي:
1- لا أحد يملك الحقيقة.
2- أنا أبحث عن الحقيقة.
3- أنا أملك جزءاً من الحقيقة ومن حقي أن أعبر عنها.
2- شعارها السياسي التكتيكي: الديمقراطية للعربي والفارسي والتركي، والحرية للكردي.
3- أيديولوجيتها: سياسة غصن الزيتون، وفلسفة حقوق الإنسان.
4- شعارها الاقتصادي الإستراتيجي: مجتمع الإبداع والرخاء والعدل.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
عنوان الحلقة.. (( الدولة – من دولة صناديق الشيطان إلى دولة الحداثة ))
- - - - - - - - - - - - - - - - - - -
1- مشاهد من الذاكرة والحياة تحتاج إلى تفسير:
1. ما قاله ونستون تشرشل عن الشعب السوري.
2. ما قاله شكري القوتلي عن الشعب السوري.
3. زجاجة الدواء العجيب.
4. شيخنا القرضاوي والفانوس السحري.
2- المشاهد الأربعة في حياة شعوب الشرق الأوسط والاستنتاج.
3- المقدمة والتحديات أمام شعوب الشرق الأوسط والطريق إلى دولة الحداثة.
4- انهيار الإمبراطورية العثمانية في بداية القرن العشرين وظهور صناديق شيطانية عرفت باسم دول قومية:
5- عائلة سايكس بيكو وتقسيم الشرق الأوسط إلى صناديق شيطانية:
1. الصندوق الإيراني والشياطين في داخله.
2. الصندوق التركي والشياطين في داخله.
3. الصناديق العربية والشياطين في داخلها، والصندوق العراقي كنموذج.
4. الصندوق الفلسطيني والشياطين في داخله.
5. صندوق جامعة الدول العربية والشياطين في داخله.
6. صندوق الرابطة الإسلامية والشياطين في داخله.
6- النرجسية وتعريفها:
أ- 1- تعريف النرجسية.
2- النرجسية والحقيقة.
3- النرجسية والعلم.
4- النرجسية والتاريخ.
بـ- أساس وعي النرجسية الفلسفية.
1- المثالية الموضوعية.
2- المثالية الذاتية.
جـ- الكاتب عفيف الأخضر والنرجسية الدينية والقومية في الممارسة.
7- انقلاب السحر على الساحر وبدء مشروع الشرق الأوسط الديمقراطي وتهرب فرنسا من هذا المشروع.
1. الحرب وأسبابها.
2. مسؤولية الغرب في أحداث 11 أيلول 2001م.
3. النرجسيتان الدينية والقومية وخلق مجتمعات متناحرة.
4. وقف حركة التنمية.
5. سرقة المال العام.
6. حياة المجتمعات في الشرق الأوسط.
7. حياة المجتمعات الأخلاقية.
8. رجال الأمن والنرجسية وإرهاب الدولة وإرهاب المعارضة.
8- إرهاب الدولة وإرهاب المعارضة، تحليلها وبيان الحقيقة:
1. إرهاب الدولة.
2. إرهاب المعارضة.
3. النرجسيتان الدينية والقومية، وظاهرة الإرهاب في الشرق الأوسط.
4. مستقبل الشعوب في الشرق الأوسط، والناس الخيرين والمتنورين، ودور الشعب الكردي في مستقبل الشعوب في الشرق الأوسط.
5. مقارنة عمّا يحدث في العراق باسم المقاومة، والثورات الكردية.
9- السلطة المشروعة والسلطة غير المشروعة:
أ. 1- السلطة المشروعة، كيف يمكن الحصول عليها.
2- السلطة غير المشروعة:
1- مرحلة النرجسية الدينية.
2- مرحلة النرجسية القومية.
3- مرحلة النرجسية الإشتراكية.
بـ. لماذا يلجأ الإرهاب إلى العنف في طلب السلطة؟
1- السلطة السياسية.
2- المشروعية.
3- الإرهاب.
10- الحب والكره ودورهما في حياة الإنسان والعامل السياسي:
1- الحب والكره بين النصوص المقدسة والتاريخ المتحرك.
2- أهمية الوعي لنقيضي الحب والكره والشرط التاريخي.
3- ماذا نعني بالحب والكره النصوصي والحب والكره التاريخي.
1- من الجانب المادي.
2- من الجانب السياسي.
3- من المرأة.
4- من الناحية الثقافية.
4- العملية المعقدة في عاملي النفس: الحب والكره.
5- الحب والكره التاريخي في الحياة الإنتاجية والسياسية.
6- ولكن لماذا الديمقراطية هي الحل. والجواب عند التاريخ.
11- النظام السياسي الديمقراطي التاريخي:
1. أسس الحكم الديمقراطي وشروطها.
2. مرحلة الانتخاب والاختيار الديمقراطي.
3. الحب والكره ودورهما الإيجابي والسلبي في العملية السياسية الديمقراطية.
12- بدء مشروع الشرق الأوسط الديمقراطي وتهرب فرنسا من هذا المشروع:
1. كلمة نقولها للغرب.
2. تهرب فرنسا من مشروع الشرق الأوسط ومن المسؤولية التاريخية والأخلاقية.
13- ظهور دولة الحداثة الديمقراطية في العراق ومقاومة النرجسيات القومية والدينية لها.
14- الورقة الكردية من ورقة شيطانية في يد الشياطين في الشرق الأوسط إلى ورقة رحمانية في يد الخيرين ودورها في العملية الديمقراطية:
1. ما هي البراهين والأدلة.
2. عراق الواقع المعاش والجواب.
15- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م.
16- دور المال ومأساة شعوب الشرق الأوسط.
17- كلمة ختامية من طريق الحقيقة.
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
1- مشاهد من الذاكرة والحياة تحتاج إلى تفسير:
إن إلقاء نظرة فاحصة للخارطة السياسية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية والعلمية للشرق الأوسط للأمم الأربعة العربية والفارسية والتركية والكردية والاقليات المتعايشة معهم، يصاب الإنسان بالدوخة والدوار، ومهما حاول أن يقنع نفسه بأن الأمور تسير نحو الأفضل كي يخلق معه بارقة أمل نحو مستقبل أفضل اليوم أو غداً له ولأولاده وأمته، لا يرى أي شعاع من النور يلوح له في الأفق. ونستطيع أن نقول أن كل الشرق الأوسط قد دخل في نفق مظلم ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بالنتائج أمام الأخطار الداخلية والخارجية والتاريخ. ترى هل تشاؤمنا ذلك ما يبرره؟ وهل تشاؤمنا ظهر فجأة؟
لقد تصفحت صفحات التاريخ علني أكتشف السبب فأسعفتني ذاكرتي التاريخية ومشاهد من الحياة بالأتي:
1- ما قاله ونستون تشرشل عن الشعب السوري :
لقد قال الزعيم الإنكليزي ونستون تشرشل الذي قاد شعبه في الحرب العالمية الثانية نحو النصر ضد ألمانية الهتلرية كلمته المشهورة والموثقة تاريخياً لقد قال (إن الشعب السوري لا يستطيع أن يحكم نفسه بنفسه. ولا يريد أن يحكمه أحد).

2- ما قاله شكري القوتلي عن الشعب السوري:
ثم أتى بعده رئيس الجمهورية السورية شكري القوتلي بالقول, عندما وقع على ميثاق الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958 وبحضور الرئيس جمال عبد الناصر قال شكري القوتلي بعد أن وضع القلم من يده بعد توقيع الميثاق ( الحمد لله لقد تخلصت من حكم سوريا ).
فسأله الرئيس جمال عبد الناصر يومها لماذا قلت هذا الكلام, فأجابه شكري القوتلي ( لقد تخلصت من حكم شعب يعتبر كل فرد في هذا الشعب أنه هو الرئيس)
وأجاب الرئيس جمال عبد الناصر وقال لشكري القوتلي لماذا لم تقل هذا الكلام قبل أن توقع على الميثاق. حيث برهنت الأحداث فيما بعد لعبد الناصر أن رأي شكري القوتلي كان صائباً.
3- زجاجة الدواء العجيب:
منذ عشرين عاماً عزمت أن أزور صديقاً لي يسكن في إحدى قرى ريف حلب ولم تكن يومها أية وسيلة مواصلات سوى ميكرو باص القرية التي كانت تنطلق من كراج الانطلاق. لقد ذهبت إلى الكراج وركبت الميكرو باص منتظراً انطلاقها
إلى القرية. وفجأة دخل شاب وهو يحمل في يده زجاجة من الدواء وبدأ ينادي ويقول هذا الشراب للرشح والسعلة والأنفلونزا ولوجع الرأس والأسنان والمعدة والقرحة والجرب وللسرطان ومقوي للعضلات والعظام إلخ... لم يترك داءً في الدنيا إلا وله هذا الدواء.
لقد أطلقت العنان لخيالي وأنا أسمع كلمات هذا الشاب. لقد تصورت وأنا أسير في شوارع المدينة ومع كل يوم تزداد لوحات الأطباء. وكل طبيب يكتب على لوحته اختصاصه في علم الطب. هذا جراح وذاك مختص بالعظام، وهذا قلبية الخ… وسألت نفسي لماذا كل هؤلاء الأطباء الذين يقضون نصف عمرهم على مقاعد الدراسة كي يحصلوا على العلوم الطبية بغية مداواة أمراض الناس. فلماذا يضيعون كل هذا الوقت مادام الناس وشفاؤهم يتم بواسطة هذه الزجاجة الدوائية السحرية التي يحملها هذا الشاب ويعتبرها الحقيقة المطلقة. وبدأت أسأل نفسي السؤال التالي: ماذا لو صدقنا هذا الشاب وزجاجته الدوائية العجيبة. واستغنينا عن كل هؤلاء الأطباء. هل فعلاً تشفي هذه الزجاجة أمراضنا وبالجملة؟
4- شيخنا القرضاوي والفانوس السحري:
لقد سجلت مشهد هذا الشاب وزجاجته الدوائية في ذاكرتي. ودارت الأيام وتطورت التكنولوجية وظهرت الفضائيات الإعلامية. وكانت فضائية الجزيرة من ضمن هذه الفضائيات وظهر من ضمن برامجها الثقافية. برنامج الشريعة والحياة. وأستاذها شيخنا الجليل القرضاوي. وكلما شاهدت وسمعت هذا البرنامج تذكرت مشهد الشاب الذي كان يحمل زجاجته الدوائية في مكرو باص القرية منذ عشرين عاماً.
القرضاوي والفانوس السحري:
القرضاوي يتلقى الهواتف من كل أنحاء العالم . وكل واحد يعاني من مشكلة في الحياة. ومهما تكن نوعيتها فيزيائية وكيميائية وجيولوجية والكترونية وأخلاقية وسياسية واقتصادية وصحية وعقائدية الخ... فيكون الجواب والحل لها عند شيخنا الجليل القرضاوي .
إنه يحمل في يده فانوساً سحرياً. كالفانوس الذي كان يحمله علاء الدين والمصباح السحري في أحد الأفلام الهندية الذي عرض على شاشات السينما في فترة الخمسينات من القرن العشرين.
في هذا الفلم الهندي، وعندما كان علاء الدين يتعرض لأية مشكلة أو يطلب طلباً كان يفرك فانوسه السحري ويظهر أمامه عامود من الدخان ويتحول هذا العامود من الدخان إلى عملاق بشري ويقول لعلاء الدين ((شوبيك لبيك أنا خادم بين يديك فاطلب يا علاء الدين ما تريد)).
فإن طلب علاء الدين قصراً كان العملاق يلبي طلبه وإن عانى من مشكلة صحية كان له ما أراد. وإن كان يريد أن يرى محبوبته كان له ما يريد لاشيء مستحيل أمام هذا العملاق الذي كان يظهر بمجرد فركة واحدة على الفانوس السحري
ولدى إلقاء نظرة على الخارطة السياسية والحضارية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لعالمنا في الشرق الأوسط وشعوبنا التي تسكن فيها. ومقارنة مع العالم المتحضر والمتقدم. أعود فأسأل نفسي لماذا نحن متخلفون بهذا الشكل المخيف والأخطار تهددنا من الداخل والخارج ومن كل الجهات؟
أسأل نفسي كيف يمكن أن يكون حالنا ونحن لدينا زجاجة الدواء كالتي كان يحملها هذا الشاب وهي شافية لكل أمراضنا؟.
وكيف نعاني من هذا التخلف السياسي والحضاري والعلمي والاقتصادي. ومن القتال والتناحر الذي يفتك بمجتمعنا. مادام يوجد بيننا شيخنا الجليل القرضاوي وفانوسه السحري الذي يطل علينا كل أسبوع ويعطي مواعظه وينير لنا الطريق؟ ترى لماذا لم نهتدي بثقافته ومواعظه وفيها كل الحلول لمشاكلنا وتخلفنا في الحياة؟.
والسؤال هل شيخنا القرضاوي لم يفهمنا؟
أم نحن لم نفهمه ونفهم ثقافته؟
أم ثقافته قديمة قدم الزمان والمكان ومن الصعب على الأجيال الحالية أجيال القرن الحادي والعشرين أن تفهمه؟ أم القضية تحتاج لدولة حداثة عصرية لحل هذه المشاكل والقضايا وتأمين المتطلبات الحيوية للناس؟.
لقد كان أجدادنا وآباؤنا الذين كانوا يعيشون في ظل العهد العثماني يحلمون بإنشاء تلك الدول بعد أن تخلصوا في بداية القرن العشرين من الكابوس العثماني فهل تحقق حلمهم في إقامة دولة الحداثة العصرية؟
ونتابع البحث عن الحقيقة...
2- المشاهد الأربعة في حياة شعوب الشرق الأوسط والاستنتاج.
الاستنتاج من وجهة نظر طريق الحقيقة هو الآتي:
لقد طرحنا في مسلسل طريق الحقيقة وبصورة متكررة السؤال التالي لماذا نحن متخلفون؟
وبناء على سؤالنا أوردنا حكمة كردية من الأدب الكردي والتي تقول:
(( إذا مر عليك إنسان وقال لك إن طربوشك ليس على رأسك. ثم مر عليك رجل ثاني وقال لك إن طربوشك ليس على رأسك. ثم مر عليك ثالث وقال لك إن طربوشك ليس على رأسك. فإذا لم تمد يدك على رأسك لتتأكد من وجود الطربوش حتى ولو كنت تحس بأن طربوشك على رأسك فأنت رجل أحمق )).
ترى كم من المفكرين والمثقفين ومنذ قرن كامل قالوا لسياسينا الذين تناوبوا على السلطة وقالوا بأن الدول التي شكلتها لنا عائلة سايكس بيكو ليست دولاً بل صناديق شيطانية. ولا يمكن لهذه الصناديق أن تخلق تطوراً وتقدماً ولا أن تشبع شعوبنا المأكل والملبس والمسكن والحاجيات ولا الحرية. والمصيبة أن سياسينا كانوا يسوقون هؤلاء المفكرين و المثقفين إلى السجون ويقطعون رزقهم ولسانهم ولا يخرجون من السجون إلا وهم محطمي الجسم والفكر والقلب. أما الذين تمكنوا من الهرب إلى أصقاع الدنيا بحثاً عن ملاذ آمن. عاشوا حياة الغربة وهم يحترقون شوقاً وحسرة وألماً على أوطانهم وشعوبهم .
ترى متى ندرك أن المفكرين والمثقفين الثوريين هم الشعلة المضاءة أمام شعوبهم فلا يجوز تكسيرهم مهما كانت نتائج أقلامهم. والأمة التي تفعل ذلك ليست إلا أمة حمقاء مصيرها التخلف والجهل ترى متى نمد يدينا إلى رأسنا لنتأكد فيما إذا كان الطربوش على رأسنا أم لا؟
ونعود لنقدم تفسيرنا واستنتاجنا للمشاهد الأربعة ونقول إن المشهد الأول و الثاني من الذاكرة. قول ونستون تشرشل وشكري القوتلي يدل بأننا مصابين بمرض خطير. وهو مرض النرجسية. أما المشهد الثالث والرابع يدل بأننا مصابين بمرض آخر خطير هو إدعاؤنا بأننا نملك الحقيقة كاملة. فإدعاء شابنا صاحب الزجاجة الدوائية أنها الدواء لكل الأمراض التي نعاني منها ولا دواء سواه. ولا حاجة أن نبحث عن الحقيقة في مكان أخر.
أما شيخنا الجليل القرضاوي، فهو أيضاً يملك الحقيقة المطلقة في ثقافته. وهذا هو المرض النرجسي الثاني والخطير الذي مازال يفتك بشعوبنا طوال قرن كامل ولازلنا متآلفين مع هذا المرض فهل رجال السياسة ورجال إعلامنا والفضائيات الإعلامية يمدون يدهم على رأسهم ليتأكدوا من وجود طربوشهم؟ أم سيظلون يتمسكون بنرجسيتهم في امتلاك الحقيقة المطلقة والاحتفاظ بثقافتهم إلى ما شاء الله...! وحتى الآن توزع جميع سياسيينا ومفكرينا ومثقفينا ورجال إعلامنا على النرجسيتين:
1- القومية. 2- الدينية.
مقتنعون أن لا حقيقة خارج هاتين النرجسيتين وبنوا كل نظمهم السياسية الثقافية على هاتين النرجسيتين.
فهل فعلاً لا تكمن الحقيقة سوى في هاتين النرجسيتين؟. هذا هو مجال بحثنا في هذه الحلقة.
3- المقدمة والتحديات أمام شعوب الشرق الأوسط والطريق إلى دولة الحداثة:
على امتداد جغرافية الشرق الأوسط وما حولها من الخليج إلى المحيط. حرب وقتل وذبح وفقر وجهل وتهجير و تعذيب, حروب معلنة بين ثلاثة أطراف عقائدية.
1- حرب بين شـــــــــــــــــــعب الله المختار......... وخـيـر أمـــــــــة أخرجـــت الـنـاس...... ] والله يتفرج [
2- حرب بين خـير أمــــة أخـرجـــت الناس......... وأمـــة المســــــــــــــــــــيح الـكـفـار..... ] والله يتفرج [
3- حرب بين حكام خير أمـة أخرجت للناس......... وبين شعوب خير أمة أخرجت للناس..... ] والله يتفرج [
ماذا تعني الحرب؟
الحرب تعني إستعمال السلاح للقتل والذبح وتدمير المدن والقرى وحرق المزروعات وتسميم المياه والأرض واغتصاب النساء وهتك الأعراض. واختطاف الأطفال. وبالاختصار ارتكاب كل الرذائل والفواحش. فلماذا الحرب؟. ولماذا البشر يحاربون بعضهم البعض؟. هل يعني أن الغريزة الحيوانية عند الإنسان أقوى من غريزة الفضيلة الخيرة؟ فإذا كان الأمر هكذا, فلماذا أطلقنا على أنفسنا أسم الإنسان العاقل؟. أليس اسم حيوان ناطق هو الاسم المناسب لنا؟. فإذا كانت كل الأفعال والرذائل الشريرة من صنع الشيطان كما يقول لنا مشايخنا أهل الدين. والفضائل والأعمال الخيرة من صنع الرحمن. ولكن الأفعال الخيرة والشريرة تصدر من الإنسان, هل يعني أن في داخل كل منا شيطان الشر وملاك الخير؟. والسؤال: لماذا يتغلب شيطان الشر في داخلنا على ملاك الخير دائماً في مجتمعاتنا؟. ويقول: لنا مشايخنا أهل العلم الروحاني.. إن الله خلق الكون وكل ماعليه. وإن الله إذا أراد أمراً فيقول كن فيكون.
ونحن نسأل مشايخنا : ترى لماذا خلق الله لنا هذه الحروب كي نقاتل ونقتل بعضنا البعض وهو ] يتفرج علينا [ ويمتع نظره بالدماء التي تسيل من جروحنا ومشاهدة رؤوسنا وهي تتطاير. والرصاص يخترق عظام أطفالنا. والناس الذين يموتون خنقاً بالغازات الكيماوية كما استخدمها صدام حسين ضد الشعب الكردي في العراق, وفي تركيا ضد المدافعين الأكراد عن حريتهم.
إن دماغنا لم يعد يحتمل هذه المشاهد, ولم نكف عن السؤال المرة تلو المرة ونقول: إذا كان الله قد خلق شعب الله المختار وأمة المسيح وهم يتبعون روح الله وكنتم خير أمة أخرجت للناس, فلماذا هم يتقاتلون مادام خالقهم واحد ؟؟؟. هل يمكن أن يكون الله صاحب فتنة ؟!.
لقد أنزل الله كتاب التوراة على الشعب اليهودي وقال لهم: ((أنتم شعب الله المختار على الأرض)). ثم أنزل الله كتاب الإنجيل على الأمة المسيحية وقال لهم ((إن عيسى من روح الله القدسي إنه ولد من بطن مريم العذراء على أثر نفخة منه)). ثم أنزل كتاب القرآن الكريم وباللغة العربية على أمة الإسلام وهي لغة أهل الجنة وقال لهم الله تعالى من سورة آل عمران الآية "110" بسم الله الرحمن الرحيم :((كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون)) وفي آية أخرى قوله تعالى من سورة يوسف الآية "2" بسم الله الرحمن الرحيم (إنا أنزلناه قرآناً عربياً).
وبهذا التنزيل خلق مع البشر على الأرض نرجسية كان لها الأثر المدمر على البشر منذ ما يقرب الألفين ونيف من الأعوام وحتى الآن فأصحاب كتاب التوراة يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار الذي أختارهم الله ليكونوا سادة الأرض ليهدون البشر. وما على الباقين من البشر إلا أن يكونوا تابعين لهم طالما هم أحياء على الأرض. وأصحاب كتاب الإنجيل يعتبرون أنفسهم من أنصار روح الله الذي ولد من مريم العذراء على أثر نفخة . ولذلك يعتبرون أنفسهم هم سادة الأرض وما على الباقين إلا أن يكونوا تابعين لهم. وأخيراً نزل القرآن الكريم على النبي محمد صلى الله عليه وسلم باللغة العربية. ومؤكدا أنه آخر كتاب من السماء ومن يمت وهو ليس مسلماً فسيكون مصيره الحرق في نار جهنم. وعليه ليكون نصيبه الجنة أن يتعلم اللغة العربية لأنها لغة أهل الجنة, وبهذا تكون رسالة الجهاد في الإسلام هو نشر الإسلام ومعها اللغة العربية فوق الكرة الأرضية بأكملها. إن أصحاب كتاب التوراة يعتبرون أن كل ما ورد في كتابهم هو كلام الله وبالتالي هي الحقيقة المطلقة. وكل ما أتى من قبله وبعده مزيف. وبذلك خلق معهم ثقافة نرجسية حتى الجنون. وأصحاب كتاب الإنجيل يعتبرون أن كل ما ورد في كتابهم هو كلام الله وبالتالي هي الحقيقة المطلقة. وبذلك خلق معهم ثقافة نرجسية حتى الجنون .
وأخيراً يعتبر المسلمون أن كتاب القرآن الكريم هو آخر الكتب المقدسة وأن كل ما ورد في كتابهم هو كلام الله وبالتالي هي الحقيقة المطلقة و أن النبي محمد (ص) هو خاتم النبيين وهذا ماأكده محمد صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع ((اليوم أكملت لكم دينكم ورضيت لكم الإسلام ديناً )) وبهذا ألغى الإسلام أي شئ قبله وبعده وبهذا الكلام جفت الأقلام ورفعت الصحف وبذلك خلق معهم ثقافة نرجسية حتى الجنون . وكون القرآن الكريم وقول الله تعالى من سورة يوسف الآية "2" بسم الله الرحمن الرحيم (إنا أنزلناه قرآناً عربياً) فقد استغلت هذه الآية الكريمة لتخلق نرجسية أخرى هي النرجسية القومية, وبذلك يعتبر العربي أنه مركز الكون ( له الصدر دون العالمين أو القبر ) .
إن هذه النرجسيات التوراتية والإنجيلية والقرآنية والعربية المبنية على الحقيقة المطلقة قد خلقت أكبر مشكلة بين بني البشر في العصر الحديث وأصبحت أكبر عائق أمام تعايش البشر مع بعضهم البعض . وحال دون قيام دولة الحداثة في الشرق الأوسط .
لقد عاشت البشرية مع بعضها البعض في ظل كيانات سياسية على شكل إمبراطوريات كانت تضم مختلف القوميات وكان نظامهم السياسي والتشريعي والحقوقي من الكتب المقدسة وكانوا راضين في حياتهم. ولكن عند انتقال البشرية من الكيانات السياسية الإمبراطورية إلى كيانات سياسية على شكل دول صغيرة.... ولكن ليست هناك دولة قومية صافية مائة بالمائة لها قومية واحدة ودين واحد ومذهب واحد حيث اختلطت القوميات والأديان والمذاهب بعضها ببعض, فقد أجبرت هذه الظروف الموضوعية التاريخية إلى إبعاد الدين وكل النرجسيات عن السياسة , وضرورة خلق دول على أساس العلمنة , وشرائع وضعية كي تستطيع أن تحل مشكلة حقوق المواطنة على أساس الحق الإنساني بدلاً من الحق الديني أو القومي أو الطبقي . وبذلك أصبحت النرجسيات ذات الحقائق المطلقة أكبر عائق أمام دول الحداثة. ولنضرب مثالاً على ذلك. لو وجد في وطن ما أصحاب أربع نرجسيات - التوراة والإنجيل والقرآن والقومية ترى كيف يمكن منح حقوق المواطنة ووفق أية نرجسية؟.
ولا واحدة من هذه النرجسيات الأربع تقبل نرجسية الآخر وحقيقته المطلقة ولو فرضنا أن إحدى النرجسيات فرضت نرجسيتها على الآخرين واعتبرتها نظاماً لحقوق المواطنة في الدولة. فكيف يكون حقوق الآخرين في هذه الدولة؟ هل يقبل الآخرون أن يكونوا من أهل الذمة ومحرومين من حقوق المساواة؟ وماذا لو لم يقبلوا وتمردوا؟ هل سيذبحون عن بكرة أبيهم كما فعل صدام حسين وكما تفعل إيران بالأكراد وبالعرب. وتركيا بالأكراد وبقية الأقليات القومية. وكما يفعل الجزائريون ببعضهم البعض وفي السودان بالجنوبيين والدارفيريين ومصر بالأقباط وفي الدول الخليجية والسعودية بالشيعة وفي لبنان الطوائف بعضها ببعض.
وبسبب هذا الوضع لا توجد في أي دولة في الشرق الأوسط وحدة وطنية بل هناك مجتمعات متناحرة وتعتبر الشعوب قطيعاً من الغنم لا تسير إلا بالعصا. والعصا تعني (بالمخابرات) وسبب كل ذلك هذه النرجسيات الدينية والقومية, وبالتالي لم تقم دولة الحداثة بقيمها العصرية وآلتها وفلسفتها وإذا اعتبرنا أن كل ما حدث ويحدث هو من فعل الشيطان كما يقول لنا مشايخنا الكرام, بأن سبب ذلك كله هو أن البشر لم يفهموا ويتقيدوا بشريعة الله واتبعوا الشيطان الرجيم, وإذا كان سبب كل مآسينا هو الشيطان, ترى ألا يحق لنا أن نسأل هل الشيطان بهذه القوة الجسدية, وفلسفته أقوى من فلسفتنا الخيرة حتى يتبعه الناس ويطيعون أوامره ويدمرون بعضهم البعض بهذا الشكل الذي نراه ونسمعه.
ونحن أبناء خير أمة أخرجت للناس لنا طقوسنا في عبادة الله ومن هذه الطقوس هو رجم الشيطان بالحجارة في كل سنة بملايين الأحجار منذ ألف وأربعمائة عام من عمر كتابنا, فلماذا لم يمت هذا الشيطان الذي يصنع هذا الشر بيننا. وفي كل سنة يتوافد إلى مدينة مكة المكرمة أكثر من مليوني مؤمن حيث يذهبون إلى صحن الشيطان ويرمونه بالحجارة, ومن المفارقات العجيبة فبدلاً من أن نقتتل الشيطان يقتلنا الشيطان في كل سنة عند هذا الصحن. يذهب المؤمنون إلى الحج سالمين ويعودون أمواتاً, ومع ذلك فالشيطان باق لم يمت منذ ألف وأربعمائة عام عند ما ظهر هناك. وإذا كانت الغاية من هذا الطقس ألعبادي هو قتل الشر في نفوسنا عندما يقف المؤمنون هناك ويرجمون الشيطان بالحجارة ويتعهدون أمام الله في يوم عرفة. فلماذا يستمر هذا الخلاف والاقتتال بين شعوبنا المسلمة ويستمر التخلف والظلم والقهر والاستبداد. ولماذا لم يرجع هؤلاء المؤمنون بعد أن قتلوا الشر في أنفسهم ليكونوا رسل الهداية والأمن والسلام ومحاربة الظلم والقهر والاستبداد. فإنهم يرجعون ومع رجوعهم ترجع حليمة لعادتها القديمة وبدلاً أن تكون سكينته ذات حد واحد يرجع وسكينته ذات حدين.
ألا يحق لنا أن نبحث عن حقيقة تخلفنا في ثقافة ما ومكان ما آخر ونظام آخر لنكشف سر تخلفنا؟.
لقد جربنا النرجسية الدينية منذ ألف وأربعمائة عام حيث لم تخلق المحبة والوئام والعدل والإنصاف بين أبناء خير أمة أخرجت للناس. بل ساد كل هذا التاريخ الصراع على السلطة والتمسك بها وتوريثها من الآباء إلى الأبناء. وتم سلب المال العام لبناء القصور لأصحاب السلطة ونوابهم. أما ثمانون بالمائة من أمتنا كان نصيبهم الفقر والجهل والذل.
ولقد جربنا النرجسية القومية مئة سنة طوال القرن العشرين ولم يكن حال النرجسية القومية أفضل من النرجسية الدينية وكانت نفس الأهداف, الصراع على السلطة وسلب المال العام وبناء القصور وحياة ألف ليلة وليلة ونسبة ثمانون بالمائة من الشعب نصيبهم الفقر والجهل والذل, ولقد جربنا النرجسية الماركسية وكانت نفس النتيجة والأهداف لم تتغير. والنظام السياسي الوحيد الذي لم يجربه هو النظام السياسي الديمقراطي وفلسفة حقوق الإنسان في النظام الحقوقي.
لقد مضى القرن العشرون وكان من المفترض أن تكون دولة الحداثة قد قامت في الشرق الأوسط لتخلصنا من حياة القرون الوسطى. ترى لماذا لم تقم دولة الحداثة؟

4- انهيار الإمبراطورية العثمانية في بداية القرن العشرين وظهور صناديق شيطانية عرفت باسم دول قومية:
جاك شيراك – والدولة ( والصندوق) .
قبل الكتابة عن تاريخ إقامة الدولة القومية في الشرق الأوسط لابد من التذكير ما قاله الرئيس الفرنسي جاك شيراك في القمة الثلاثية في مدريد العاصمة الاسبانية مع الرئيسيين الاسباني والألماني عام 2004مـ بعد دخول قوات الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة إلى العراق وإزالة صنم بغداد صدام حسين ونظامه السياسي. لقد قال جاك شيراك يومها عبارة ( فتحت أبواب جهنم ) وتناقلتها كافة وسائل الإعلام العالمية. ولكي يكون كلامنا موثوقاً وبناءاً على شعاراتنا في طريق الحقيقة – من لا أحد يملك الحقيقة – أردنا أن نورد هنا ما كتبه لنا مفكرنا العظيم شاكر النابلسي معلقاً على كلام الرئيس جاك شيراك تحت عنوان
( لو أن شيراك قالها حقاً لكانت عين الصواب ).
المصدر: الحوار المتمدن العدد 959 التاريخ 17/9/2004مـ
يقول الكاتب لنا معلقاً (نَعمْ، وألف نعم، فقد كان العراقُ جهنماً والتحالفُ فتحَ أبوابها ليُخرجَ منها الشياطين الحُمرَ والخُضر والزُرق والسود والبيض!). وأضاف تصحيحاً وإنما (فتحنا صندوق باندورا Boîte de Pandore). ثم يضيف كاتبنا شاكر نابلسي (ومن هنا كان قصد شيراك القول بأننا كلنا مسئولون عن فتح هذا الصندوق الذي خرجت منه كل الشرور، وما علينا إلآ أن نغلقه جميعاً، فيبقى لنا أمل السلام والقضاء على كل جذور الإرهاب ). ثم يتابع الكاتب الحديث فيكتب لنا عن آرائه فيما تسعفه ذاكرته التاريخية ويقول (أن العراق منذ العام 1958 كان حقاً جهنماً امتلأت بالشياطين الحُمر والخُضر والزُرق والسود والبيض، وزاد عدد هذه الشياطين في عهد صدام حسين زيادة كبيرة. في حين لا يُعفى النظام الملكي السابق (1920-1958) من وجود شياطين فيه. وكان فيه جهنم أخرى يقف على بوابتها واقِدَاها: نوري السعيد والأمير عبد الآلة. ولعل هذا الملايين التي هاجرت من العراق الجنة في كافة العهود أي منذ 1920 إلى الآن، لم تهجر الجنة إلا عندما تحولت إلى جهنم وجحيم لا يُطاق. في عهد صدام أصبح لا مكان في العراق للمؤمنين المطهرين من الدينيين والقوميين والماركسيين والليبراليين وغيرهم، حيث سادت شياطين جهنم على الحياة العراقية بكل مناحيها، ولم يعد للمؤمنين المُطهرين غير السجون والمقابر الجماعية والطرد خارج العراق. وأصبح العراق بحق جهنم العرب الذين لم يعرفوها، ولم يعوها، ولم يسمعوا صوت المعذبين فيها إلا بعد فجر التاسع من نيسان 2003، عندما انهارت أصنام الجاهلية العربية الجديدة في العراق ). ثم يتابع الكاتب ويقول (والدليل فعلاً على أن العراق أصبح "جهنم العرب" وجحيمهم هو هذه الشياطين الحمراء والخضراء والزرقاء والسوداء والبيضاء التي تملأ الفضاء العراقي، وتلوث مياه دجلة والفرات بالدم البشري، والتي تدفقت من كل أنحاء العالم العربي دفاعاً عن الجحيم الذي كان قائماً قبل التاسع من نيسان 2003 ، وأطفأت شمس العراق بسيول من الدماء البريئة، وأحالت أيام العراق إلى مذابح ومجازر للمدنيين ورجال الشرطة والأمن والخبراء الذين جاءوا من كل أصقاع الأرض لبناء العراق الجديد. إن أبواب "جحيم العراق" التي أغلقت على شياطينها في العهد الملكي والعهد الجمهوري القاسمي والتكريتي، وفتحتها قوات التحالف فجر التاسع من نيسان 2004 لطرد الشياطين منها، جعلت كافة شياطين العالم العربي من حُمر وخُضر وزُرق وسود وبيض تتدفق على العراق لإغلاق الجحيم مرة أخرى على شياطينه. فكان القضاء على شياطين "جحيم العراق" بمثابة القضاء على معظم شياطين "جحيم العرب" ككل). ويقول الكاتب بنهاية مقاله كلمات هامة تترك للباحث عن الحقيقة شرحها وتفسيرها من الواقع:
1- فأينما وجدت الديكتاتورية الطاغية كانت هناك جهنم.
2- وأينما وجدت سيطرة رجال الدين على القرار السياسي والتربوي والتعليمي وحقوق المرأة وإقامة المجتمع المدني كانت هناك جهنم التي وقودها المعارضة والأفكار الليبرالية.
3- وأينما وجد الحكم الوراثي من الآباء للأبناء وتعديل الدساتير من أجل فرد واحد وُجدت جهنم.
4- وأينما اعتقل وعُذب وطُورد دعاة الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي وُجدت جهنم.
5- وهكذا أقام بعض الحكام العرب "جهنم الأرض" لمواطنيهم، قبل أن يعرف هؤلاء "جهنم السماء".
6- وأن العالم العربي بعبارة أخرى عبارة عن جهنم واسعة بانتظار من يفتح أبوابها، ويُخرج منها شياطينها، ويقاتلهم، ويقتلهم على غرار ما يحصل في العراق الآن.
7- العالم العربي جهنم بأنظمته السياسية المهترئة، وبمناهج التعليم الدينية الظلامية، وبانتشار الإرهاب فيه، وبنهب المال العام، وبتحكم رجال الدين بالسلطة وبأصحاب السلطة الذين لا شرعية لهم. لذا، فهم يطلبون شرعيتهم من رجال الدين لكي يلفقوا لهم الفتاوى، ويؤلفوا لهم الأحاديث النبوية الكاذبة من أجل دعم سلطانهم، ويرددون على مسامعهم الأحاديث النبوية الموضوعة في العهد الأموي من أجل إطاعة المستبدين والمغتصبين للسلطة.
8- لقد أصبح العالم العربي الآن جهنماً فعلية، والدليل الساطع هو هذه الملايين التي هاجرت من العالم العربي، وهجرت هذه الجهنم إلى الغرب من مثقفين وعلماء ومفكرين وفنانين وأكاديميين وعمال.. الخ. وهذه الطوابير الطويلة التي تصطف كل صباح ومنذ ساعات الفجر الأولى على أبواب القنصليات الأوروبية والأمريكية طالبة الهجرة إلى الغرب. ولو فتحت هذه القنصليات أبواب الهجرة على مصراعيها لهاجر كل الناس إلى الغرب، ولما بقي في العالم العربي غير الحكام وعبيدهم.
ويختتم الكاتب عبارته بالعبارة التالية (نَعمْ، وألف نعم، مسيو شيراك، فقد "كان العراقُ جهنماً والتحالفُ فتحَ أبوابها" ليُخرجَ منها الشياطين الحُمرَ والخُضر والزُرق والسود والبيض).
ونحن في طريق الحقيقة لنا قولنا في ما قاله الرئيس جاك شيراك ونحن نسأل قبل أن نقول كلمتنا؟: -
1- لماذا استبدل جاك شيراك اسم الدولة (بصندوق الشياطين)؟.
2- هل كانت تسميته عن جهل أو رد فعل عاطفي أو رد فعل انفعالي أم عن علم ودراية تامة بالحقائق التاريخية؟.
ولكن قبل الإجابة على هذين السؤالين لابد من الرجوع إلى التاريخ خلال القرن العشرين للشرق الأوسط, لنرى هل فعلاً قامت دولة للبشر؟ .. أم قامت صناديق للشياطين؟.
ونحن في طريق الحقيقة نقول: - إن الرئيس جاك شيراك لم يطلق هذا الاسم على دول الشرق الأوسط عن جهل بل عن علم ودراية تامة بحقائق الأمور التاريخية. فهو سليل عائلة ذكية ذات رؤية إستراتيجية ( عائلة سايكس بيكو) هذه العائلة التي رسمت خارطة الشرق الأوسط. وعندما رسموا هذه الخريطة لم يضعوا أسس الدولة القومية الحديثة كما ظهرت في الغرب. بل وضعوا أسس صندوق الشياطين. والرئيس جاك شيراك يعلم علم اليقين... ماذا وضعت عائلة سايكس بيكو من أنواع الشياطين داخل كل صندوق. وعندما وضعوا هذه الشياطين وهم يدركون تماماً على المدى الإستراتيجي البعيد ماذا ستفعل هذه الشياطين بشعوب هذه المنطقة الحساسة من العالم. هذه المنطقة الحيوية بالنسبة للغرب كونها قائمة على بحر من المواد الأولية الهائلة لكل الآلة الصناعية الغربية. وإنها بنفس الوقت سوق تجاري حيوي كبير لمنتجاته الصناعية. فلكي تكون هذه المنطقة تحت سيطرة الغرب وحاجة الغرب إليها فكان لابد أن يسلطوا الشياطين داخل كل صندوق على شعوبهم. وسميت هذه الصناديق بالدولة. ولا حاجة ماذا يمكن أن تفعل الشياطين داخل كل صندوق.
5- عائلة سايكس بيكو وتقسيم الشرق الأوسط إلى صناديق شيطانية:
1- الصندوق الإيراني والشياطين في داخله.
2- الصندوق التركي والشياطين في داخله.
3- الصناديق العربية والشياطين في داخلها، والصندوق العراقي كنموذج.
4- الصندوق الفلسطيني والشياطين في داخله.
5- صندوق جامعة الدول العربية والشياطين في داخله.
6- صندوق الرابطة الإسلامية والشياطين في داخله.
1- الصندوق الإيراني والشياطين في داخله :
مر الصندوق الإيراني خلال القرن العشرين بمرحلتين:
أ‌- مرحلة النرجسية القومية .... الشاه.
ب‌- مرحلة النرجسية الدينية ..... الخميني.
أ‌- مرحلة النرجسية القومية .... الشاه: يتألف المجتمع الإيراني بشرياً من القوميات التالية: - الفرس والأكراد والأذربيجانيين والبلوش والعرب. لقد اختارت عائلة سايكس بيكو القومية الفارسية كحارس للصندوق الإيراني والقوميات الأربع الأخرى تحولت إلى ورقة شيطانية داخلياً وخارجياً. لقد بنى الحراس الفرس القوميون أجهزة أمنية سميت بالسافاك. وأيديولوجياً تبنت ثقافة النرجسية القومية الفارسية ذات التراث السياسي القديم وتم تسليط الجهاز الأمني الهائل على القوميات الأخرى قتلاً وسجناً ونهباً لأموالهم ومرتكبة أعمالاً وحشية لا أول لها ولا آخر هذا داخلياً. أما خارجياً لقد أفرزت الحرب العالمية الثانية عن إقامة كيانين سياسيين في إيران وهما جمهورية مهاباد الكردية وجمهورية أذربيجان عام 1946مـ بدعم من السوفيت. ولم يكن في نية السوفيت في دعم هذين الكيانين حتى النهاية بل اتخذوا من هذين الكيانين كورقتين شيطانيتين بغية المساومة وعقد صفقات مع الغرب مقابل التخلي عنهما وهذا ما تم فعلاً. لقد قام الغرب وهذه المرة بزعامة أمريكا ضد هذين الكيانين السياسيين وتم الضغط على السوفيت لسحب قواتهم وتأييدهم لهذين الكيانين وبعد موافقة السوفيت على مطلب الغرب انهار هذان الكيانان بعد أن شنت عليهم قوات الشاه وبدعم انكليزي وأمريكي. وهكذا تحولت طموحات الشعب الكردي والأذربيجاني والعربي والبلوشي في الاستقلال والحرية إلى كابوس مرعب من النرجسية القومية الفارسية طوال القرن العشرين بكامله وإلى ورقة شيطانية ضد الوحدة الوطنية وتقدم المجتمع الإيراني وتحوله إلى مجتمع تناحري لا يقاد إلا بالقوة, وهذا ما فعله جهاز الأمن السافاكي.
ب‌- مرحلة النرجسية الدينية ..... الخميني (خير أمة أخرجت للناس تقتل أمة المسلمين): - وعندما رأى الغرب بزعامة أمريكا أن المجتمع الإيراني على بعد قاب قوسين من الانفجار بحيث لا يمكن التحكم فيه, ولا بد أن يكون هذا الانفجار ذو طابع يساري جرياً على الموضة في ذلك الوقت. وإن النرجسية القومية لم تعد تستطيع أن تسيطر على الوضع فاستبدل الغرب النرجسية القومية بالنرجسية الدينية بغية وقف هذا الانفجار واستبدلوا شاه إيران القومي بشاه ديني وهو الخميني ذو النرجسية الدينية وعلى أساس المذهب الشيعي وهو الفرع الثاني للدين الإسلامي بعد السنة. وكان أول عمل قام به الخميني هو إلغاء كل الجيش الإيراني والسافاك ذي الثقافة والأيديولوجية للنرجسية القومية وأنشأ بدلاً عنه جيشاً وحراساً من ذوي الثقافة النرجسية الدينية المذهبية ولازال الوضع مستمراً. لقد تغير الأبطال والأجهزة الأمنية والأيدلوجية ولكن الفعل لم يتغير وبقي الظلم والاضطهاد والقهر والفقر وقطع الرؤوس وسلب الأموال العامة وسحق القوميات الأخرى بل زادت من تلك الأعمال أضعافاً كونها تحولت إلى خير أمة أخرجت للناس وزاد تناحر المجتمع الإيراني... وإن التكلم عن وحدة وطنية بات طرفةً.إن تحطيم هذه الوحدة الوطنية هو الهدف الإستراتيجي لعائلة سايكس بيكو. فعندما وضعت قضايا الشعوب الإيرانية في يد حراس النرجسية القومية الإيرانية وكانت عائلة سايكس بيكو يدركون تماماً بأن هذه القضايا ستتحول إلى ورقة شيطانية ولا تستطيع النرجسية القومية أن تحل هذه القضايا وسوف ينعكس هذا على الوحدة الوطنية والتآلف بين هذه القوميات تبقي الوحدة الوطنية ضعيفة ومهزوزة وعندها لا يمكن للشعوب الإيرانية أن تصمد أمام أي تدخل خارجي أو انفجار داخلي عندما يحين الوقت للحساب وسوف تكون القومية الفارسية دائماً وأبداً في حاجة إلى حليف خارجي للحفاظ على هيمنتها القومية للسلطة السياسية وسوف يتحول حراس القومية بنتيجة هذه الخارطة الإيرانية إلى امتلاك المليارات من المال وامتلاك القصور وسيتحولون إلى رأسماليين ولا أحد يمكن أن يحميهم سوى الرأسمال الغربي ولا يمكن أن يطالبوا الحماية من السوفيت الاشتراكي والذي يبعد عنهم مسافة بضعة أمتار. ومن أجل هذا المال والقصور قاموا فعلاً بارتكاب أبشع المجازر والمظالم وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ولهذا كانت الشعوب الإيرانية مستعدة لأي تغيير في الحراس سواء أكانوا دينيين أو قوميين ولا أحد يأسف عليهم. وهذا ما تم فعلاً وقام الغرب باستبدال شاه إيران القومي بشاه إيران الديني الخميني, ولازال الخمينيون النرجسيون يكملون المشوار لحين الاستغناء عن خدماتهم. وكل المؤشرات الآن تدل أن خدماتهم للغرب والحاجة إليهم قد انتهت وحان وقت استبدالهم ولكن هذه المرة بالديمقراطية التي أصبحت نظام العصر والقرن الحادي والعشرين وحان الوقت لاستبدال فلسفات النرجسية القومية والدينية بفلسفة حقوق الإنسان لأنها باتت ضرورة تاريخية عالمية أصبحت شريعة العصر في منح حقوق المواطنة في أي وطن كان من الكرة الأرضية. ولا نعتقد بأن الشعب الإيراني بكافة قومياته وألوانه سوف يأسف على حراسه تماماً كما لم يأسف الشعب العراقي على حراسه النرجسيين القوميين.
ولا نعتقد بأن الشرق الأوسط سينتظر كثيراً ليرى هذا الحدث في إيران ولهذا نرى حراس النرجسية الدينية في إيران يطلقون تصريحات عنترية ويقومون بأعمال بهلوانية تماماً كما كان يفعله صدام حسين من قبلهم.
ترى هل يمكن لهذه التصريحات العنترية والحركات البهلوانية فيها أية فائدة؟. وكلمة أخيرة نقولها: -
ترى لماذا يقتل أبناء خير أمة أخرجت للناس الفارسية الإسلامية, الشعوب الكردية والعربية والبلوشية والأذربيجانية المسلمين؟. فلماذا تعتبر النرجسية الدينية الفارسية هذه الشعوب في إيران أبناء الجارية وهم محرومون من كل حقوقهم الإنسانية والقومية؟. هل من تفسير لذلك في القرآن الكريم الذي يرفعه أبناء خير أمة أخرجت للناس؟.
2- الصندوق التركي والشياطين في داخله:
الصندوق التركي أيضاً مر بمر حلتين تاريخيتين
1 - مرحلة النرجسية الدينية ........ العثمانية.
2 - مرحلة النرجسية القومية ........ الجمهورية التركية.
1- مرحلة النرجسية الدينية ........ العثمانية: - إذا كان هناك وصف للصندوق التركي. فليس هناك وصف يمكن أن يوصف به سوى اعتباره بصندوق عجائب الدنيا الثمانية بدلاً من عجائب الدنيا السبعة. وقد يستغرب الإنسان وكل من له إلمام بسيط بالتاريخ لابد له أن يسأل كيف استطاع هذا الصندوق العجيب أن يستمر كل هذه المدة دون أن ينفجر. إن هذا الصندوق يشبه برميل من البارود فكيف تم حمايته من الانفجار؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه من خلال شرحنا لتاريخ هذا الصندوق الشيطاني يتألف المجتمع التركي بشرياً من الشعوب. والأقليات الآتية الأتراك الأكراد العرب والأرمن وبقايا اليونانيين والجركس واللاز والسريان و الكلدن والآشوريين. فإذا حذف الأكراد والعرب والأرمن وبقية القوميات من المجتمع التركي فيكون الأتراك هم الأقلية ولا تتجاوز نسبتهم. 10% من السكان والأكراد والعرب والأرمن والأشوريون والكلدان و السريان هم من سكان المنطقة الأصليين. أما الأتراك هم الوافدون إلى هذه الأرض ولابد من الوقوف على هذه الوافدية كثيراً كي نعرف سر هذا الصندوق الشيطاني. والذي لحق ضرره جميع الشعوب الأخرى في المنطقة وأعاق تقدمهم وتحولهم مع بداية القرن العشرين نحو دولة الحداثة. تاريخياً قامت حضارات عريقة في هذه المنطقة تعاقب عليها أقوام وعلى التسلسل السومريون والأكاديون والبابليون والآشوريون والمديديون والفرس والإغريق والعرب المسلمون وكل الوثائق التاريخية تدل على هذا التسلسل على هذه الأرض ومنذ عشرة آلاف سنة قبل الميلاد لم تظهر أية وثيقة تاريخية تدل على وجود شعب تركي (العثماني) في هذه المنطقة ولم يظهر اسم التركي سوى في العهد العباسي العربي الإسلامي .
لقد وفد الأتراك (العثمانيون ) إلى المنطقة على شكل قبائل رحل من شرق آسيا وهم يحملون معهم سحنتهم المغولية ويختلفون عن سكان المنطقة في سحنتهم وعاداتهم وتقاليدهم ولغتهم ودينهم مثل بعد الأرض عن السماء هرباً من الجوع والقحط مندفعين نحو المناطق المخضرة حيث يوجد الماء والخضار ولم تكن يومها سوى كردستان متوفرة لهذه العوامل ورحب بهم الأكراد الذين تركوا دينهم اليزيدي واعتنقوا الإسلام وسمحوا لهم بنصب خيامهم, ووفقاً للعقيدة الإسلامية التي اعتنقها الأكراد والتي تقول إنما المؤمنون إخوة وهكذا اعتنق الأتراك (العثمانيون) الإسلام ودخلوا في نطاق الإخوة المؤمنة وهكذا أصبحوا من سكان المنطقة وتزوج خلفاء وأمراء العباسيين من نسائهم. حتى أصبح الأتراك القوة العسكرية الضاربة بالدولة العباسية وبيدهم يتم تعيين الخليفة العباسي أو خلعه بالإضافة إلى بيت المال المسلمين ولم يبق للخليفة العباسي من سلطة سوى الدعاء له في الجوامع. لقد خرج من الأتراك القائد محمد الفاتح الذي قاد الحملة العسكرية على القسطنطينية التي كانت عاصمة البيزنطيين في الشرق واستطاع أن يفتحها ويجعلها عاصمة لبني عثمان وسميت فيما بعد باستانبول, ثم توسع الأتراك (بني عثمان) حتى بغداد والقاهرة وبقيت بلاد العرب والمسلمين. ومن هنا بدأ مسلسل سلاطين بني عثمان الذي دام حكمهم أربعة قرون من الزمن وكلها حروب واستبداد وتخلف وفقر وذل تحت يافطة رفع راية الإسلام ونشره في أصقاع الدنيا وهكذا استفاد الأتراك (بني عثمان) من تقمصهم الديانة الإسلامية وأصبحوا أصحاب أرض وعاصمة مركزية في الشرق الأوسط. وانقلبت مقاييس العدل والحقوق رأساً على عقب. لقد مارس السلاطين العثمانيون سياسة التخلص من سحنتهم المغولية بأن تزوجوا من نساء الجركس المعروفين بجمال نسائهم من حيث شقار اللون وزرقة العيون وبذلك تخلصوا من سحنتهم المغولية بنسبة ثمانين بالمائة. ومع استلام بني عثمان السلطة وأصبح لهم عاصمة مركزية اسطنبول واختلال موازين العدل انقلبت كل الأمور وبدأت تسير بالمقلوب من ذلك الحين وحتى يومنا هذا.
فصاحب الأرض أصبح بدون أرض, والمحروم من الأرض أصبح صاحب الأرض, والغازي أصبح حاكماً, والمغزى عليه أصبح محكوماً. واللص أصبح شريفاً والشريف أصبح لصاً. وصاحب الحق أصبح باطلاً والباطل أصبح صاحب الحق. والقاتل أصبح مسالماً. والمسالم أصبح إرهابياً. وصاحب اللغة والأدب أصبح بدون لغة وأدب. والذي لم يكن يملك لغة وأدب أصبح صاحب لغة وأدب. وصاحب التاريخ والحضارة أصبح بلا تاريخ وحضارة. وبلا تاريخ وحضارة أصبح صاحب تاريخ وحضارة. والذي كان يسكن في القصور أصبح يسكن في الخيام. والذي كان يسكن في الخيام أصبح يسكن في القصور. الصادق أصبح كاذباً. والكاذب أصبح صادقاً. المهاجر أصبح صاحب مسكن وأرض. وصاحب المسكن والأرض أصبح مهاجراً. لقد حاول الأتراك (بني عثمان) والأتراك بعدهم أن يدمروا اللغة العربية لغة القرآن ليعمروا على أنقاضها اللغة التركية. لقد كان تاريخ حكم سلاطين بني عثمان مدة أربع قرون كلها مجازر بشرية.
1- مجزرة بحق بقايا سكان الإغريق بعد فتح القسطنطينية.
2- مجازر في البلقان.
3- مجازر بشرية بحق الشعب الأرمني لإبادته عن بكرة أبيه.
4- مجازر بحق الشعب الكردي وخاصة بمنطقة ديرسم الكردية ولازالت المجزرة مستمرة حتى الآن وفي العهد الجمهوري تم تدمير أربعة آلاف قرية كردية وتهجير خمسة ملايين من قراهم إلى المجهول.
5- وارتكاب مجازر بحق الشعب العربي وكان آخرها ما قام به جمال باشا السفاح بالإعدام شنقاً خيرة مناضلي الشعب العربي وهم شهداء ستة أيار بدمشق وبيروت.
(زينوا المرجة والمرجة لينا شامنا فرجة وهي مزينة).
2- مرحلة النرجسية القومية ........ الجمهورية التركية: - لقد استبدل الغرب انكلترا وفرنسا وأمريكا الصندوق العثماني ذو النرجسية الدينية بالصندوق القومي. وأطلقوا اسماً على هذا الصندوق وأسموه الجمهورية التركية وهم يدركون تماماً كم من الشعوب موجودة داخل هذا الصندوق. ووفق شعار (سعيد من يقول أنا تركي) قامت النرجسية القومية التركية بذبح الأكراد والأرمن والعرب واللاز وبقايا الشعب اليوناني, إنهم حاولوا خلال قرن كامل إيجاد أمة خيالية طوباوية تركية صافية مائة بالمائة ولهذا تم إنكار وجود أي قومية أخرى فوق الأراضي التركية وتبنوا أيديولوجيات إبادة جماعية لكل شعب لا يقول أنا تركي . ولتنفيذ هذه الأيديولوجية النرجسية القومية تم استخدام أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. ثم أضافت عائلة سايكس بيكو شياطين أخرى لهذا الصندوق .
1- لقد سلخت عائلة سايكس بيكو لواء إسكندرون من سوريا وضمتها لتركيا وخلقت بذلك شرخاً كبيراً بين جارين.
2- تعاونت فرنسا مع تركيا للقضاء على الثورة الكردية في تركيا عام 1925مـ بقيادة الشيخ سعيد وذلك بأن سمحت للقوات التركية بنقل جيوشها بواسطة الخط الحديدي المار بداخل سوريا من موقع ميدان اكبس وحتى منطقة نصيبين في القامشلي حيث كانت سوريا يومها خاضعة للاستعمار الفرنسي والغاية كانت تطويق الثورة الكردية.
3- قبل الغرب تركيا في منظمة الحلف الأطلسي العسكرية وقامت المنظمة بإمداد تركيا بكافة الإمدادات العسكرية وحمايتها.
4- أقامت أمريكا قاعدة أنجرلك على الأرض التركية وعشرات من قواعد التجسس والتنصت ضد الاتحاد السوفيتي والدول المجاورة.
5- عقدت تركيا تحالفاً استراتيجياًُ مع إسرائيل ضد العرب.
6- إن الانتهاكات التي كانت ترتكب بحقوق الإنسان في تركيا أكثر من أي بلد في الشرق الأوسط وكان الغرب يعلم بذلك ويسكت عنها.
7- عصابات قتل منظمة (كونترا) بعلم ودعم من الدولة مهمتها قتل السياسيين والمثقفين الأكراد وتصفية اليسار التركي.
8- تسليح مليشيات كردية (حماة القرى) ضد حزب العمال الكردستاني.
9- سجون رهيبة تفوق في رهبتها سجن الباستيل.
إن كل هذه القضايا والمشاكل داخل هذا الصندوق تحولت إلى قضايا ومشاكل شيطانية لقد عرفت هذه الجمهورية باسم بطلها مصطفى كمال أتاتورك. إن هذه القضايا والمشاكل تحولت إلى شياطين لعبوا دورين. 1- الدور الداخلي. 2- الدور الخارجي.
# ماذا فعلت هذه الشياطين داخل الصندوق التركي؟ لقد صنع الغرب الصندوق التركي بناءاً على الظروف الموضوعية التي ظهرت بعد ثورة أكتوبر الاشتراكية في روسيا عام 1917مـ. هذه الظروف الموضوعية خلقت مع الغرب مخاوف من المد الروسي ورياح الاشتراكية من الامتداد نحو الشرق الأوسط والذي اعتبرها الغرب خطاً أحمر ومنطقة حيوية أمنياً واقتصادياً وتجارياً ولأجل ذلك قام الغرب بصنع صندوقين وهما الصندوقان الإيراني والتركي ووضع فيهما كل الشياطين التي ذكرناها, إن هذه القضايا والمشاكل القومية والدينية والاقتصادية والاجتماعية والأيديولوجية لم تحل وفق قوانين الدولة العصرية القائمة على النظام السياسي الديمقراطي ومنح حقوق المواطنة على أساس فلسفة حقوق الإنسان. قد تحولت هذه القضايا والمشاكل إلى شياطين وتفرخت هذه الشياطين طوال قرن كامل. وكان من الطبيعي أن يكون هناك نظام حكم شيطاني في هذه الصناديق لحكم هذه الشياطين.
# شياطين الصندوق الإيراني والتركي وحكمهم للشعوب وردود الأفعال: لقد تناوبت النرجسية الدينية الإسلامية بشقيها السني والشيعي. والنرجسية القومية الفارسية والتركية على حكم الشياطين داخل الصندوقين وكانت آثارهما المدمرة داخلياً على الأجيال المتعاقبة.
1- لقد كان ضرر حكم الشياطين على الشعب الكردي أكتر من الأمم الثلاثة الأخرى. وتم إنكار وجود شعب كردي في منطقة الشرق الأوسط. علماً أن الشعب الكردي موجود في منطقة الشرق الأوسط منذ أكثر من عشرة آلاف سنة وكل الوثائق التاريخية تدل على ذلك . إن سياسة إنكار وجود شعب كردي يعد بالملايين من قبل الصندوقين الإيراني والتركي خلال القرن العشرين بكامله يعني قتله وإبادته حيث ما وجد أي فرد من هذا الشعب يدعي أن كردي. وهذا ما تم في الممارسة فعلاً وعلى مسمع ومرأى الغرب الذي صنع هذه الصناديق وهذا يعني والنتيجة لهذه السياسة الشيطانية في الإنكار والإبادة لهذا الشعب, سوف لن يستسلم للموت وسيقاوم وهذا ما تم فعلاً خلال القرن العشرين بكامله ويكفي أن نذكر هنا عدد الثورات التي قامت داخل الصندوق التركي. أ- ثورة الشيخ سعيد عام 1925مـ.
بـ- ثورة إحسان نوري باشا عام 1930مـ.
جـ- ثورة سيد رضا عام 1939مـ.
د- ثورة حزب العمال الكردستاني عام 1984مـ التي لازالت مستمرة حتى الآن.
لقد كلفت هذه السياسة الشيطانية وأيديولوجيتها النرجسية القومية الشعبين التركي والكردي ملايين من الضحايا والتهجير. وكان الغرب صانع هذه الصناديق على علم ودراية تامة بكل ما يحدث داخل هذين الصندوقين ولم يحركوا ساكناً بل كان العكس تماماً فكان الصندوق التركي يتلقى مساعدات مادية ومعنوية وعسكرية تقدر بمليارات الدولارات سنوياً وبدون قيد وشرط وكان هذا الصندوق مدللاً عند الغرب بشكل غريب كالطفل المدلل عند أبيه لا يرد له طلب. لقد خلق هذا الدلال لشياطين الصندوق التركي أحلاماً نرجسية قومية عالية المستوى. وبدأ شياطين الصندوق التركي يحلمون بامتداد نرجسيتهم القومية من قبرص غرباً وحتى الدول والجمهوريات الشرقية الإسلامية التي انفصلت عن الإتحاد السوفيتي والتي يعتبرها الصندوق التركي ذات أصول تركية. فإذا كان هذا هو حكم شياطين النرجسية التركية الإستراتيجية. فكيف يمكن أن يعترف بوجود شعب أو قومية أخرى داخل هذه الإمبراطورية. وأمام تحقيق هذا الحلم الإمبراطوري الشيطاني لابد من إبادة كل من يدعي أنه غير تركي داخل هذا الصندوق.
2- الشعب العربي: لقد تم سلخ لواء الاسكندرون من سوريا على أثر مساومة بين فرنسا وتركيا الكمالية وضم قسراً إلى الصندوق التركي ومنعت عليهم لغتهم وثقافتهم وتم سحقهم ومحاولة صهرهم طوال القرن العشرين.
3- الشعب الأرمني: لقد استمر شياطين الصندوق التركي بتنفيذ سياسة الإبادة الكاملة للشعب الأرمني التي بدأت في عهد النرجسية الدينية واستمرت في الجمهورية.
4- لقد تم سحق وإبادة كل البقايا البشرية (الإغريقية واليونانية) وألقي بهم في البحر.
5- لم تسلم الطوائف الدينية المسيحية واليزيدية والعلوية من الإبادة.
# ماذا تركت النرجسية الدينية والقومية من آثار نفسية على الأجيال: لقد كان وقع الآثار النفسية على الأجيال للسياسة التي مارستها شياطين النرجسية الدينية والقومية في الصندوقين الإيراني والتركي على العرب والكرد والأرمن والكلدان والآشوريين واليونانيون وعلى الجماهير الكادحة الفارسية والتركية والكردية آثراً كبيراً وخاصة في الصندوق التركي. لقد ارتضى الكردي والعربي المسلم أصحاب الأرض الأصليين بالأخ التركي المسلم الوافد من بعيد وقبل به كأخ مسلم وفق العقيدة الإسلامية. ولنرى ماذا كانت نتيجة هذا القبول؟؟... وماذا فعلت هذه الأخوة المؤمنة؟؟... إن قصة الأخ المؤمن التركي مع العربي والكردي تشبه تلك القصة وهي (تعاطف طفل ورقة قلبه على ثعبان كان قد مزقته موجة الفيضان وألقته على الشاطئ حيث أخذه الطفل إلى البيت وعندما نال الثعبان الدفء والأمان زحف وأفرغ سمومه في جسد الطفل وأرداه قتيلاً) والأجيال تسأل سواء أكان عربياً أو كردياً أو أرمنياً أو يونانياً هذا السؤال.. هل يمكن لأخ جاء من بعيد إلى هذه المنطقة وقبلوه أخاً مؤمناً وأسكنوه بينهم وأصبح واحداً من أفراد خير أمة للناس وبعد أن شعر بالأمن والأمان تحول إلى أفعى يفرغ سمومه في جسد العربي والكردي والفارسي والأرمني والسرياني واليوناني ويخلق الفتن بينهم ثم يستولي على كل أملاكهم ويحولهم إلى عبيد. ثم يتحول الأمر معه إلى حلم نرجسي والحلم النرجسي إلى حلم إمبراطوري لا يمكن تحقيقه إلا على تحطيم العربي والفارسي والكردي وكل الشعوب والأقليات والطوائف الأخرى في منطقة الشرق الأوسط. فإما أن يكونوا أتراكاً وإما الموت وفق فلسفة (سعيد من يقول أنا تركي). والمصيبة الأكبر وقع على الشعبين الفارسي والتركي بالذات نتيجة تبني هاتين النرجسيتين الدينية والقومية. وممارسة السياسة من قبل الشياطين في هذين الصندوقين الإيراني والتركي مما خلق مع الأجيال التركية والفارسية حلماً إمبراطورياً طوباوياً لا يمكن تحقيقه بعد كل الذي حصل من تغيير في الحركة التاريخية العالمية. لقد قام شياطين الصندوقين الإيراني والتركي بنشر ثقافة هاتين النرجسيتين في برامجها التعليمية بدءً من الصف الأول الابتدائي حتى آخر صف في المرحلة الجامعية وأصبح من المستحيل تحقيق أي نظام ديمقراطي في هذين الصندوقين دون تدخل خارجي من قوة عظمى قوية. وبدون ذلك سيكون هذان الصندوقان منبعاً للإرهاب في الشرق الأوسط ودعماً لكل الحركات الإرهابية في العالم. ولكن لماذا لا يمكن تحقيق الديمقراطية؟ لأن الديمقراطية تعني التعددية والاعتراف بالآخر وترفض المركزية في السلطة. وهذا خلاف كلا الصندوقين الإيراني والتركي اللذان ثقفا كل الأجيال بثقافة رفض الآخر وعدم قبول التعددية وإحلال ثقافة مركزية متشددة في السلطة. علماً أن واقع الصندوقيين البشري المتعدد القوميات والأديان والمذاهب تقتضي اللامركزية في السلطة وهذا غير ممكن إلا في ظل نظام سياسي ديمقراطي يعترف بالتعددية وبالآخر. لقد برهنت لكل شعوب العالم أن الديمقراطية هو النظام الوحيد الذي يمكن للشعوب من أن تحل مشاكلها الداخلية والخارجية وأن تحظى بالنمو والتطور والتقدم وتخلق الأمن والسلام الاجتماعي بين المجتمعات. إن الشعبين الفارسي والتركي بعيدين عن عملية التطور التاريخي وفق معايير العصر ولا يمكن أن يدخلا روح العصر إلا بالديمقراطية وهنا تكون النرجسيتان الدينية والقومية هما العائقان الوحيدان أمام الشعبين الفارسي والتركي ولهذا طرح التاريخ في الشرق الأوسط قضية تحطيم المركزية في السلطة, وباتت الضرورة التاريخية تطرح وبقوة الفدرالية أو الكونفدرالية. هذان الشكلان من النظام السياسي الوحيدان الملائمان لشعوب الشرق الأوسط. واللذان يؤمنان الأمن والسلام الاجتماعي بين شعوبها ويعطي الحق لكل إقليم في إدارة نفسه وتطويره بدلاً من أن يكون الكل في خدمة المركز. والمركز في يد شياطين النرجسية الدينية والقومية فتكون حياة ومصير الكل وأرزاقهم في خدمة أحلام الطوباوية الإمبراطورية لا معنى لها في عالم اليوم. إن مركزية السلطة السياسية أصبحت مكروهة ولم تعد مقبولة في حركة التطور التاريخي العالمي. إن البشرية التقدمية تحمل ذكريات مؤلمة عن المركزية. إن الحربين العالميتين اللتين حدثتا خلال القرن العشرين كانت من نتيجة هذه المركزية. إن برلين وروما وموسكو وبغداد هذه المدن خلقت أقوى دكتاتوريات القرن العشرين وأشدها دموية هم هتلر وموسوليني وستالين وصدام حسين ولقد جروا على البشرية مآسي وكوارث لازالت البشرية تتذكرها. إن الذاكرة البشرية والضمير البشري وعقله لم يعد يقبل هذه المركزية في السلطة لتكون قوة هائلة في يد الطغاة وبظهور أسلحة التدمير الشامل قد يجر هؤلاء الطغاة البشرية بأكملها إلى الهلاك. إن اللامركزية باتت ضرورة تاريخية لا مفر منها. لا تتوقف ضرورتها على طلب أحد أو رفضه بل تتوقف على إرادة التاريخ. فإن أردتها أصبحت مع التاريخ, وهنا يقبلك التاريخ كصديق. وإن رفضتها وقفت ضد التاريخ عند ذلك سيسحقك التاريخ. إن المشكلة التي نجابهها نحن شعوب الشرق الأوسط هو مجابهة حركة التاريخ وقد تكون هذه النقطة غير واضحة وقد يسأل سائل وكيف ذلك؟ ونحن في طريق الحقيقة نوضح وننذر بنفس الوقت ونقول: إن التاريخ غير ثابت والتاريخ له حركة والحركة دائماً إلى الأمام ولا يمكن إرجاع هذه الحركة إلى الوراء. وعندما نقول إن مشكلة شعوب الشرق الأوسط بأكملها تقف الآن في مجابهة التاريخ وتحاول إرجاع حركة التاريخ إلى الوراء. إن مشاكلنا وقضايانا وفقرنا وذلنا وتخلفنا مرتبط كلها بوقوفنا في مجابهة التاريخ ونحاول إرجاعه إلى الوراء, وليست مرتبطة بأمريكا وانكلترا وفرنسا والإمبريالية والصهيونية والرجعية... الخ.
ونكرر ونقول إن الوقوف في مجابهة التاريخ وإعلان الحرب عليه ومحاولة وقف حركة التاريخ وإرجاعه إلى الوراء عملية خطرة, سيسحقنا التاريخ ويحولنا إلى عبيد نفقد الحرية والسيادة. إن كل ما يحدث لشعوب الشرق الأوسط وما سيحدث سببه ثقافة النرجسية الدينية والقومية ليس لدينا أية ثقافة ووعي للتاريخ وحركته سوى ثقافة ووعي هاتين الثقافتين. ولذلك خلقت أكبر مشكلة في نفسية ووجدان وعقل أجيالنا الحالية. فلا هم يستطيعون أن يرجعوا إلى الوراء ولا هم يستطيعون أن ينطلقوا إلى المستقبل كي يسيروا مع حركة التطور العالمي ولا يفهمون ماذا يجري في الواقع الحاضر.
إن اللامركزية في السلطة بديلاً عن المركزية باتت ضرورة تاريخية لحركة التطور البشري.
3- الصناديق العربية والشياطين في داخلها، والصندوق العراقي كنموذج: يتألف الصندوق العراقي من قوميات واديان ومذاهب مختلفة ومتعددة, وعندما صنعت عائلة سايكس بيكو هذا الصندوق اختارت العرب السنة لهذه المهمة ووضعت السلطة في أيديهم ورسمت لهم أيديولوجية قومية شوفينية قائمة على فلسفة النرجسية القومية. ودستور حزب البعث يقول (إن الأقليات هم جراثيم في جسم الأمة العربية يجب إزالتهم أو إذابتهم) وفي بند آخر يقول (يجلى عن الوطن العربي كل من يدعوا إلى تكتل عنصري). وبناءاً على هذه الأيديولوجية المبنية على النرجسية القومية قام صدام حسين بتنفيذها ونزل بالقوميات والأديان والمذاهب قتلاً وتهجيراً وتدميرا مدة خمسة وثلاثون عاماًُ من حكمه لقد استخدم ثلاثة أسلحة تدميرية شاملة ضد الشعب العراقي ومكوناته.
1- السلاح القومي..... النرجسي.
2- السلاح الطائفي.... النرجسي.
3- السلاح المذهبي.... النرجسي.
وكل سلاح من هذه الأسلحة يعتبر سلاح تدمير شامل, إن امتلاك أي شيطان سياسي أي نوع من هذه الأسلحة سيدمر البشرية بكاملها. ولا نبالغ بذلك لأن حركة التطور التاريخي البشري قد حولت الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة. ولذلك إن إشعال أي حريق في أحد منازل القرية إذا لم يكافح فإن النار ستأتي إلى جميع منازل القرية. وبناءاً على هذا التطور التاريخي أصبح مكافحة النار مسؤولية جماعية وليست مسؤولية فردية لا تقع المسؤولية على من يشعل النار في داره ولا يمكن أن يدعي صاحب البيت بأنه حر في إشعال النار في داره, إن مشروعية ممارسة الحرية أصبحت خاضعة للشرط التاريخي, والتاريخ العالمي صنع لنا قرية كونية, وهنا يأتي تغيير مفهوم السيادة.
لقد ذكر بند في ميثاق الأمم المتحدة التي تشكلت في القرن العشرين والتي تقول بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما من قبل الآخرين. وتحت يافطة هذا البند كان شياطين أي دولة تمارس الحرية. فهم كانوا أحراراً في أن يبيدوا شعباً كاملاً داخل حدود دولتهم ويشعلوا النار كيفما يريدون. ولكن التاريخ العالمي قد تجاوز هذا البند في ميثاق الأمم المتحدة. إن أي انتهاك لحقوق الإنسان أو ارتكاب مجازر جماعية أو ممارسة التعذيب لم يعد مسؤولية فردية لأية دولة كانت بل تحولت إلى مسؤولية جماعية.
ولهذا فإن حرية الإنسان وكافة النظم الحقوقية للمواطنة تغيرت. وصدرت وثائق عالمية بهذا الخصوص وقمنا بنشر بنودها الثلاثين في نهاية هذه الحلقة باسم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
لم يعد لأي حاكم في أي مكان من الكرة الأرضية أن يحكم الناس بالمقاييس والأيديولوجيات القديمة مع مواطنيه. لأن المواطن أياً كان موطنه أصبح مواطناً كونياً وليس وطنياً أو إقليمياً في حريته وحقوقه الإنسانية. وهذا لم يدركه بعد أصحاب النرجسية الدينية والقومية وفي الشرق الأوسط ولا يستطيعون أن يغيروا أنفسهم وثقافتهم ونظمهم السياسية والاجتماعية والحقوقية ولازالوا أسرى لثقافة هذه النرجسيات. إن الكارثة التي حلت بالعراق والمصيبة التي جرها صدام حسين على نفسه وعائلته وكل طاقمه السياسي. حيث سلط ثلاثة أسلحة للتدمير الشامل على الشعب العراقي.
1- سلط سلاح النرجسية القومية على الأكراد والآشوريون والتركمان والسريان وارتكب بهذا السلاح مجازر جماعية وهاهي القبور الجماعية تشهد على ذلك .
2- وسلط النرجسية الطائفية للتدمير الشامل على اليهود واليزيديين والصابئة والمسيحيين وارتكب بهذا السلاح مجازر جماعية .
3- وسلط سلاح النرجسية المذهبية السنية للتدمير الشامل على الشيعة وتم قبر عدة مئات من الألوف في مقابر جماعية .
# أخبار المال العام في الصندوق العراقي الشيطاني: بقي علينا أن نقول كلمتنا الأخيرة في الصندوق العراقي الشيطاني والتي هي نموذج ومثال للصناديق العربية من المحيط إلى الخليج. وكلمتنا الأخيرة هي: ترى ماذا كان حال المال العام في هذا الصندوق؟. وهو بيت القصيد للنرجسيتين الدينية والقومية. فمهما حاولوا إخفاء نواياهم وقرعتهم ومهما تكن شعاراتهم وكلامهم. يبقى المال العام هو وراء كل خطابهم السياسي والثقافي. ويمكننا بعد أن فتح هذا الصندوق في 9 نيسان من عام 2003مـ للإطلاع على كل الحقائق التي جرت خلال الخمسة والثلاثين عاماً من عمر هذا النظام. ويمكننا أن نضيف رقماً آخر إلى عجائب الدنيا السبعة ونوضع حال المال العام بعجائب الدنيا التسعة في هذا الصندوق. إن وسائل الإعلام تورد لنا أرقاماً خيالية من الأعداد لقصور الطاغية صدام حسين وحاشيته الشيطانية. فمنهم من يقول أن الرقم ثمانون قصراً ومنهم من يقول مائة قصراً وأحياناً يذكرون أربعمائة قصر. فكلما دخل جيش التحالف أو الجيش العراقي مدينة أو منطقة أو حتى قرية ترد في وسائل الإعلام اسم قصر صدام وأحياناً يقولون قصور صدام. وعجباً نتساءل كيف يمكن لرئيس واحد أن يملك كل هذه القصور وبأي مال بنى هذه القصور؟ فهل كان راتبه يساعده في بناء كل هذه القصور وإنشاء هذه المزارع ومراكز الاصطياف؟. والخبر الثاني الذي نسمعه من وسائل الإعلام. أخبار كوبونات النفط وتذكر وسائل الإعلام قوائم طويلة بأسماء شخصيات سياسية وثقافية وإعلامية وإذاعات وقنوات تلفزيونية كلها مشتراة ومدفوعة لهم من المال العام للشعب العراقي ليطبلوا وليزمروا للطاغية صدام حسين ولنظامه النرجسي القومي. والخبر الثالث تكاد لا تخلو أي مدينة ومنطقة وناحية وقرية من صنم لصدام حسين فلو قدرنا المال الذي صرف لصنع هذه الأصنام لسمعنا العجائب هذا بالإضافة إلى أرقام خيالية عن عدد رجال المخابرات والجواسيس والمخبرين والمفسدين لا يمكن أن يصدقه إنسان. فكم من المال العام كان يصرف لهذا الجهاز الضخم الذي لا لزوم له في دولة الديمقراطية.
إن ما نشاهده على شاشات التلفزة حول العراق. شعب يشكو من الفقر شعب لازال يلبس الكلابية والجاروخ ويسكن في منازل تشبه كهوف العصر الحجري. وشعب يسكن فوق أرض هذا الوطن فيه من الأنهار ما يكفي كل الشرق الأوسط وهو يشكو من قلة الماء. وطن فيه ثاني احتياطي البترول في العالم وشعبه يشكو من النور. شعب لا يزال ثلاثة أرباعه يركب الحمار والجمل ولازال يتغذى من حليب الناقة ويأكل ثمار النخيل. ونعود ونسأل أين المال العام؟.ولماذا يعيش هذا الشعب بهذا الشكل المأساوي. والعالم غادر القرن العشرين ودخل القرن الحادي والعشرين. والمصيبة الأكبر التي نزلت بالمال العام عندما فتح هذا الصندوق في 9 من نيسان عام 2003مـ واختفى الشياطين وانهزموا وأخذوا معهم كل مال الخزينة بالكامل.
فكيف يمكن للشعب العراقي بتعداده السبعة وعشرين مليون نسمة أن يعيش؟.... ولا غرابة في ذلك أيها القارئ الكريم هكذا تكون النتيجة لحكم الشياطين وهذا هو النموذج المثالي الذي صنعته لنا عائلة سايكس بيكو والتي تمثل كل الصناديق العربية الأخرى البالغة اثنان وعشرون صندوقاً من الخليج إلى المحيط, وعندما يأتي الوقت لفتح هذه الصناديق سوف ترون وتسمعون العجائب وربما تصل عجائب الدنيا السبعة إلى المائة. ولا حاجة أن نتكلم عن الصناديق الأخرى وأعتقد أن كل ما كان بداخلها معروفة لدى وسائل الإعلام العالمية.
4- الصندوق الفلسطيني والشياطين في داخله: أقاموا عليها صندوقاً لليهود بموجب وعد بلفور وحرم الشعب الفلسطيني من هذا الصندوق. والمسلسل معروف لكل الشرق الأوسط منذ عام 1948مـ وحتى الآن. وقام شياطين هذا الصندوق من اليهود بتبني أيديولوجية نرجسية دينية بناءاً على القول الذي ورد في التوراة بأنهم (شعب الله المختار) واتخذوا شعارهم حدود إسرائيل من النيل إلى الفرات. وكانت نتيجة هذا الصندوق الحروب 1948مـ, 1956مـ, 1967مـ, 1973مـ,
5- - صندوق جامعة الدول العربية والشياطين في داخله: أثناء فترة حكم الشاه النرجسي القومي للصندوق الإيراني كان يتردد في وسائل الإعلام كثيراً (شاهنشاه) وكلمة شاهنشاه بالفارسية تعني ملك الملوك وهذا يعني أن هناك ملك الملوك, وهكذا جاءت فكرة إنشاء الجامعة العربية, وهذا يعني أن هناك صناديق فلا بد أن يكون هناك صندوقاً لهذه الصناديق, وهكذا تم إنشاء الجامعة العربية لتكون ملكاً لكل الصناديق العربية. فإذا كان في داخل كل صندوق كل هذه الشياطين التي وضعتها عائلة سايكس بيكو كما بينا سابقاً ترى كم تحوي داخل صندوق الصناديق من الشياطين؟. ولنرى ماذا جرى للأمة العربية من خلال تولية هذا الصندوق لشؤون الأمة العربية خلال القرن العشرين.
1- لقد حلت الكارثة الأولى بالأمة العربية في فلسطين عام 1948مـ ولم يستطيع هذا الصندوق من منع الكارثة ولم يستطيع أن يجد لها حلاً بعد الكارثة وحتى الآن.
2- لقد جرت الحروب حول فلسطين عام 1948مـ, 1956مـ, 1967مـ, 1973مـ. ولم يستطيع هذا الصندوق من منع هذه الكارثة وتم تدويل القضية وخرجت من نطاق المنطقة.
3- شياطين الصندوق العراقي شن حرباً على شعبه العربي والكردي وكل قومياته ومذاهبه وطوائفه الدينية وحول جغرافية العراق كلها إلى مقابر جماعية ولم يستطيع صندوق الجامعة العربية من إنقاذ الشعب العراقي حتى جاءت قوة خارجية فأنقذت الشعب العراقي من الهلاك.
4- لقد خلق التيار النرجسي القومي فتنة في لبنان بين طوائفه الدينية وأشعل حرباً أهلية راح ضحيتها مئات الألوف من البشر بالإضافة إلى التدمير الهائل للبنى التحتية وتهجير عشرات الألوف من لبنان هرباً من الموت ولم يستطيع هذا الصندوق أن يحل مشكلة لبنان وإنقاذه من الهلاك, وتم تدويل القضية.
5- لقد شن صدام حسين حرباً على دولة الكويت التي هي عضو في هذا الصندوق ومسح الكويت من الخارطة السياسية. وأنزل جيش صدام قتلاً وتدميراً ونهباً للشعب الكويتي وانتهاك أعراض نسائه, وأحرق آبار بتروله ولم يستطيع هذا الصندوق من إنقاذ الكويت حتى جاءت قوى خارجية وخلصته.
6- لقد شن جمال عبد الناصر حرباً على اليمن السعيد وحوله إلى يمن تعيس ولم يستطيع هذا الصندوق من إنقاذ اليمن.
7- لقد نشبت حرباً أهلية في السودان بين شماله وجنوبه منذ أكثر من ثلاثين عاماً راح ضحيتها مئات الألوف من البشر ولم يستطع هذا الصندوق من إيقاف هذا النزيف, وتم تدويله.
8- اشتعلت حرباً أهلية في الجزائر راح ضحيتها حتى الآن مئات الألوف ذبحاً من الوريد إلى الوريد ولازال مسلسل الذبح جارياً ولن يستطيع هذا الصندوق من إيقاف هذا المسلسل المرعب للذبح في الجزائر.
9- لقد نشبت حرب بين المغرب وصحرائه ولازالت المشكلة مستمرة وعالقة ولن يستطيع هذا الصندوق من حل المشكلة, وتم تدويلها.
10- وهاهي ميلشيات الجنجويد السوداني تشن حرب إبادة على إقليم دارفور السوداني ولم يستطع هذا الصندوق من حلها وتحولت المشكلة إلى مشكلة دولية.
11- والشعب الأمازيغي في الجزائر يعاني من الاضطهاد ومحروم من حقوقه القومية ويطالبون بالمساواة في الحقوق ولم يستطع هذا الصندوق أن يحل المشكلة.
والسؤال: ترى لماذا نزلت كل هذه المصائب وخلقت هذه المشاكل للأمة العربية في ظل وجود هذا الصندوق الذي لم يستطع أن يمنع أو يحل أي مشكلة لدى وقوعها؟.
والجواب: لأن هذا الصندوق هو صندوق الشياطين وليس صندوق الرحمانيين وعندما يستبدل هذا الصندوق الشيطاني بالرحماني, عندها تحل كافة القضايا والمشاكل للأمة العربية.
6- صندوق الرابطة الإسلامية والشياطين في داخله: قرر المسلمون الذين يتوزعون بين أقوام وأمم مختلفة في العالم أن يضعوا لهم صندوقاً أيضاً حتى تكون شاهنشاه الصناديق الإسلامية على اختلافها. ولا نختلف حول اسم هذا الصندوق سواء أكان اسمه رابطة الدول الإسلامية أو منظمة الوحدة الإسلامية. ومهمته الأساسية إيجاد علاقة ود وسلام وإخوة وتضامن بين المؤمنين كونهم جميعاً أبناء (كنتم خير أمة أخرجت للناس) فهل قام هذا الصندوق بهذه المهمة.
1- لقد شن جمال عبد الناصر حرباً على اليمن وهم مسلمون ولم يمنع هذا الصندوق الإسلامي هذه الحرب
2- الحرب الأهلية مشتعلة في الجزائر والمسلمون يقتلون بعضهم البعض. ولم يستطع هذا الصندوق من إيقاف هذه الحرب.
3- لقد قامت حرب أهلية في سوريا والمسلمون قتلوا بعضهم البعض ولم يستطع هذا الصندوق من إيقاف هذه الحرب.
4- لقد شن صدام حسين حرباً على الشعب الكردي المسلم منذ نهاية الستينات وحتى إسقاط نظامه 2003مـ وقتل من الشعب الكردي المئات من الألوف تحت اسم الأنفال وحتى استعمال الغازات الكيماوية في حلبجة ولم يستطع هذا الصندوق من إيقاف هذه الحرب.
5- لقد شن صدام حسين الحرب على جنوب العراق على المذهب الشيعي وقتل منهم مئات الآلاف وهم مسلمون ولم يستطع هذا الصندوق من إيقاف هذه الحرب.
6- لقد شن صدام حسين حرباً على إيران المسلمة. ودامت ثماني سنوات ولم يستطع هذا الصندوق من إيقاف هذه الحرب.
7- والصندوق الإيراني الخميني المسلم يشن حرباً ضروساً على الشعب الكردي المسلم في كردستان المحتلة من قبل إيران وعلى العرب المسلمين في الأهواز المحتلة من قبل إيران ولم يستطع هذا الصندوق من إيقاف هذه الحرب.
8- والصندوق التركي المسلم شن ويشن حروباً متتالية على الشعب الكردي المسلم بغية إبادته ومسحه من الوجود ولم يستطع هذا الصندوق من إيقاف هذه الحرب.
9- شن صدام حسين حرباً على الكويت المسلمة ولم يستطع هذا الصندوق من إيقاف هذه الحرب.
ترى لماذا هذا الصندوق؟ وما الفائدة من وجوده؟.
والسؤال الأهم هو لماذا لم تقم بواجباتها وتحقيق أهدافها التي أعلنتها وفق ما تميليه العقيدة الإسلامية؟.
والجواب: لأن هذا الصندوق صنع لا من أجل أن تكون سكانها شعوب مسلمة ملتزمة بقواعد دينها كما أمرها الله. بل صنعت لتسكنها شياطين الصناديق الموزعة على الشعوب المسلمة. وعقيدة الشياطين ليس فيها مبادئ إنسانية ولا سماوية ولا هدفها المحافظة على حياة الإنسان وكرامته وسوف يستمر هذا الصندوق الشيطاني في تحطيم الأمل مع كل إنسان مسلم في العيش بحياة إنسانية كريمة إلى أن يهدي الله الشعوب الإسلامية أو قوة خارجية وهذا على الأرجح لفتح هذا الصندوق وطرد الشياطين منها.
6- النرجسية وتعريفها:
أ- 1- تعريف النرجسية.
2- النرجسية والحقيقة.
3- النرجسية والعلم.
4- النرجسية والتاريخ.
بـ- أساس وعي النرجسية الفلسفية.
1- المثالية الموضوعية.
2- المثالية الذاتية.
جـ- الكاتب عفيف الأخضر والنرجسية الدينية والقومية في الممارسة.
أ- تعريف النرجسية:
1- تعريف النرجسية: حب الذات حتى الجنون.
2- النرجسية والحقيقة: الإنسان النرجسي يعتقد ما يؤمن به أو يعرفه هي الحقيقة المطلة ولا حقيقة سوى ما يؤمن به وكل الآخرين على ضلال.
3- النرجسية والعلم: النرجسي لا يؤمن بالعلم لأن وعي النرجسي قائم على الوحدانية. والعلم قائم على القطبين المتضادين المنفصلين ولا يمكن لأي مادة أو جسم أن يلعب دور النقيض. فكل شيء أو فكر أن يكون له نقيض أو مخالف أو معارض, والإنسان النرجسي لا يعترف بالآخر وأفكاره وعقيدته. وإنما يعتبر ما يعرفه أو ما يؤمن به هو الحقيقة المطلقة.
4- النرجسية والتاريخ: يؤمن النرجسي بثبات التاريخ. وأن التاريخ صنع لمرة واحدة وإلى الأبد. ويعتبر نهاية التاريخ هو تاريخ نزول الكتب المقدسة وآخر الأنبياء هو محمد (ص), وبموت محمد (ص) كان نهاية التاريخ بجانبيه المادي والروحي. والذي حدث بعد موت محمد (ص) فإن التاريخ لم يتوقف عن الحركة لا في جانبه المادي ولا في جانبه الروحي. وقد تغير كل شيء ملبسنا ومسكننا ومواصلاتنا وحاجاتنا. وفي الجانب الروحي تغيرت كتبنا ونظمنا السياسية وآدابنا وشعرنا. إن النرجسية تعتبر هذا التغيير بدعة - والبدعة ضلالة - وكل ضلالة في جهنم. وكل ما يتبنى هذه البدع يقلد الكفار. ويعتبر كافراً وملحداً يحل سفك دمه.
بـ- أساس وعي النرجسية الفلسفية: يستمد النرجسي وعيه الفلسفي من نظريتين فلسفيتين.
1- المثالية الموضوعية.
2- المثالية الذاتية.
1- المثالية الموضوعية: إن جميع معتنقي الفكر الديني يستمدون وعيهم الفلسفي من المثالية الموضوعية. والمثالية الموضوعية تقول: - إن أصل العالم وعي موضوعي شأن غير شخصي. هذا الوعي الموضوعي سماهم البعض (عالم المثل) والآخر سماه (الروح المطلق) (والعقل الكوني) (الإرادة الكونية) وأخيراً (الإله).
يقول المثاليون الموضوعيون بعزل الوعي عن الإنسان وعن الطبيعة ويحملونه إلى جوهر مطلق. وتنظير المثاليين الموضوعيين إلى العالم المادي إنه حصيلة نشاط مثل هذا الوعي الغيبي. وهذا الوعي الغيبي الشأن غير شخصي. نزل إلى البشر بكتب أربعة على أنبيائه وهم :
1- الزبور على النبي داوود.
2- التوراة على النبي موسى.
3- الإنجيل على النبي عيسى.
4- القرآن على النبي محمد (ص).
وبنزول هذه الكتب السماوية الأربعة في الشرق الأوسط انقسم البشر في هذه المنطقة بين هذه الكتب الأربعة. وظهرت مشاكل ونرجسيات دينية كان لها الأثر البعيد بدأت منذ أكثر من ألفي عام ولازالت مستمرة.
1- إن كلاً من أنصار ومعتنقي أحد هذه الكتب المقدسة يعتقدون أن كتابهم هو كلام الله والكتب الأخرى مزيفة أو محرفة وبذلك خلق معهم نفسية نرجسية
2- وهناك بعض من أنصار ومعتنقي أحد هذه الكتب المقدسة يعتقدون بأن نبيهم سيظهر مرة ثانية ويخلص البشرية من الضلال والظلم والقهر ويحقق العدل بين الناس وهاهي قد مضى أكثر من ألفي عام ولم يظهر أحد منهم.
3- لقد خلق هذا الاعتقاد وعياً ونفسية نرجسية كانت نتيجتها حروب ودم وقتل وذبح منذ أن نزلت هذه الكتب.والسبب في ذلك تلك الآيات المذكورة في هذه الكتب المقدسة, التوراة يعتبر الشعب اليهودي هو شعب الله المختار لهداية البشرية. والإنجيل يعتبر المسيح من روح الله وعليه تقع مسؤولية هداية البشرية على الأرض. والقرآن الكريم يذكر المسلمين (كنتم خير أمة أخرجت للناس) وقول الله تعالى من سورة يوسف الآية "2" بسم الله الرحمن الرحيم (إنا أنزلناه قرآناً عربياً) وعلى هذا مادام المسلمون هم خير أمة أخرجت للناس فهم المكلفون من الله بهداية البشرية على الأرض.
2- المثالية الذاتية: يستمد المثاليون الذاتيون وعيهم الفلسفي من هذه النظرة الفلسفية الذاتية وتنتسب إليها جميع النرجسيات القومية المتعصبة والشوفينية والعرقية.
والمثالي الذاتي: يعتبر فكره وأحاسيسه وإدراكه وانفعالاته وعواطفه هي الأولى. وما العالم الخارجي المادي. مرهون بنشاطه الشخصي المعرفي ويعتبر العالم المحيط بالإنسان وليد أحاسيسه. ومن الطبيعي أن هذا الاعتقاد يؤدي بصاحبه إلى النتيجة الحتمية وهو (الأنا وحدية) وبالتالي وفي الممارسة العملية يرفض الآخر المختلف معه ويؤدي بصاحبه بأن تكون إرادته هي الآمرة. وبالتالي قوميته هي الآمرة. ورفض القوميات الأخرى وهذه حاله نرجسية خطيرة. إن أصحاب النرجسية القومية يرفضون الديمقراطية وثقافتها. لأن الديمقراطية تعني التعددية والاعتراف بالآخر. وهذه القيم معارضة مع توجهات النرجسية القومية والتي تسعى إلى الهيمنة, ولا تريد قومية أخرى أن تشاركها. ولهذا نرى أن جميع النظم الديكتاتورية تنشأ من القوميات النرجسية وهو مرض خطير يؤدي بهذه القومية ومؤيديها إما إلى حرب أهلية أو حرب خارجية.
إن هذه النرجسية لا تستطيع أن تتلاءم مع عالم اليوم التوجه التاريخ نحو اندماج ثقافي وسياسي وحضاري واقتصادي عالمي وسميت هذه الحركة التاريخية (العولمة). إنها دائماً تسعى انطلاقا من نرجسيتها هي إلى الهيمنة على الآخرين. لا انطلاقاً من قوة حضارية يخلقها. بل من حالة نفسية وثقافية عشائرية بحتة. (لنا الصدر دون العالمين أو القبر) (لغة أهل الجنة العربية) (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)..... الخ من هذه الثقافة النرجسية هذه الثقافة يرددها صباحاً ومساءاً, ويدرسها في المناهج التعليمية والتربوية, ويحولها إلى شعارات يتغنى بها حتى لو كان راكباً حماراً وفي يده السيف والترس ليحارب العالم.
إن النرجسية القومية تنظر إلى أبناء القوميات الأخرى عبيداً يجب إجبارهم على إطاعة قوميته. إنه يرى من المعيب أن يشترك معه في السلطة السياسية كأخ وشريك أو مواطن متساوي الحقوق والواجبات معه. بل يريده عميلاً وعبداً وتابعاً ليس له حق سوى حق العبيد. ومن الطبيعي في مثل هذا الوضع ومع مثل هذه الثقافة لا يمكن التكلم عن الديمقراطية ويكون كل النظام السياسي مؤسس على النظام الديكتاتوري. وفي جميع أنحاء العالم أثبت التاريخ أن نهاية هذه القوميات والأوطان والتي مارست النظم الديكتاتورية على أساس النرجسية القوية معروفة لكل الباحثين عن الحقيقة والنتيجة التي تعطيها هذه النرجسية القومية في كل مكان وزمان هي لا تطور ولا تقدم ولا تنمية ولا حرية ولا تطور سياسي. بل حروب أهلية وخارجية وفي النهاية الرجوع إلى نقطة الصفر وتدمير حتى ما تم بناؤه.
هذا ما أردنا مختصراً من تقديم رؤيتنا ووعينا للنرجسية الدينية والقومية من الناحية الفلسفية. والتزاماً منا بشعاراتنا الثقافية. من لا أحد يملك الحقيقة. رأينا أن نقدم للقارئ أيضاً في هذه الحلقة ما كتبه الآخرون عن النرجسية. ورأينا خير ما كتب عن هذا المرض الخطير هو كاتبنا ومفكرنا المبدع (العفيف الأخضر) عن النرجسية الدينية والقومية.
جـ- الكاتب عفيف الأخضر والنرجسية الدينية والقومية في الممارسة:
المصدر: الحوار المتمدن - العدد: 670 – 2/12/2003مـ
عنوان المقال: لماذا النرجسية الدينية عائق ذهني لاندماجنا في الحداثة؟
يقول الكاتب (النرجسية، كمرض ذهني، هي حب الذات الجنوني الذي يجعل الأنا تحتقر الأنوات الأخرى).
ويضيف الكاتب (الإعلام والتعليم خاصة الديني يعيدان الإنتاج الموسع لهذه النرجسية. الإعلام بما هو مدرسة بلا جدران يدخل التعصب والهذيان النرجسي إلى كل مكان، كما ينتج التعليم الديني بالتسلسل أجيالاً من المهووسين بنقاء الهوية الدينية مثل هوس النازيين بنقاء الهوية العرقية).
ويقول الكاتب عن النرجسية القومية (النرجسية الدينية تخضع لنفس منطق النرجسية القومية: تحويل التفاوت التاريخي بين الثقافات والقوميات إلى تفاوت طبيعي، جوهراني وأخيراً حتمية سحق العرق الآري "الأعلى" لجميع الأعراق "الدنيا" في النازية وحتمية انتصار الإسلام " الدين الوحيد الحق " على جميع الديانات "الباطلة" في النرجسية الدينية) ويضيف الكاتب (الإسلام ليس مستقبل البشرية المحتوم وحسب بل مستقبل الجن أيضاً) ويضيف الكاتب (العالم كله من إنس وجن يجب عليه أن يدخل في الإسلام ويترك أديانه الباطلة وإلا فان مصيره النار).
وماذا كانت نتيجة هذه النرجسية على العرب؟ يقول الكاتب (لعبت هذه النرجسية في نظري، دور العائق الذهني الذي ساهم في ردع نخب وشعوب العالم العربي عن الاندماج في الحداثة. منذ تحول العرب المسلمون من أمة فاتحة إلى أمة مفتوحة وبدأ الفقه الإسلامي ينطوي على نفسه أكثر فأكثر ويتحول إلى فقه جهادي ضد "الكفار" محرماً التشبه بهم وتقليدهم والتبادل معهم. بلدانهم "دار حرب" لم يعد يسمح للمسلم دخولها إلا بفتوى. قادة الإسلام السياسي _ الجهادي اللاجئون في الغرب برروا لجوئهم إليه بفتاوى. عد ابن تيمية "مخالفة الكفار قصداً من مقاصد الشريعة" طبقاً للقانون النرجسي النمطي: الذات لا تحب إلا ذاتها والمسلم لا يقتدي إلا بالمسلم. "وجوب مخالفة الكفار" أقام حاجز نفسياً بين العربي المسلم والحضارة الحديثة وجعله يستبطن تكفير كل ما أنتجه "الكفار" من مؤسسات وعلوم إنسانية وقيم كونيه وتكنولوجيا حتى غدا كل ما يستورده من خارج العالم العربي يحتاج إلى فتوى تسوغه. القهوة، الحنفية، البرنيطة، الكوكاكولا، التلفزيون، علوم الحداثة، حقوق الإنسان، الديمقراطية).
ويضيف الكاتب (هذه النرجسية الدينية الهاذية أنتجتها ظروف تاريخية: حروب النبي مع اليهود، الحروب الصليبية، الحروب ضد المغول، الاستعمار الأوربي وقيام الدولة اليهودية. هذان الحدثان الأخيران أحدثا زلزالاً في النفسية العربية الإسلامية فردت عليهما بردين عقيمين: الانطواء على الذات النرجسية الجريحة وجنون المطالبة بأخذ الثأر).
ويطرح الكاتب الحل للتخلص من آثار هذه النرجسية المدمرة ( لماذا لم ترد ألمانيا ويابان ما بعد الحرب على جرحهما النرجسي بردين مماثلين لردينا؟ غياب النرجسية الدينية المستبطنة في ثقافتهما المعاصرة) ويضيف الكاتب (علمانية كل من اليابان وألمانيا حالتا دون الردود الهاذية عن جرحهما النرجسي. هما قلدتا الغرب واندمجا في حضارته ونحن خالفناه وصارعناه وانغلقنا على قيمه كحلزونه مفزوعة).
وفي مقال آخر يكتب عفيف الأخضر عن النرجسية
المصدر: الحوار المتمدن - العدد: 519 – 20/6/2003مـ
عنوان المقال: كيف تضافر جرحنا النرجسي ونرجسيتنا الدينية علي تدمير مستقبلنا؟
يبدأ الكاتب بالتساؤل باللماذات عن سبب تخلفنا وتقدم الآخرين (لماذا تتقدم معظم البلدان إلي الأمام فيما نتقدم نحن بخطي حثيثة إلي الوراء؟ لماذا نحن من أكثر البلدان غني بالموارد الطبيعية، النفط، الغاز والماء، ومن أكثرهم فقراً في الموارد البشرية؟ لماذا تتضاعف معارف الإنسانية، بفضل ثورة الاتصالات، كل ثلاث سنوات بينما يتضاعف جهلنا وجبننا الفكري وشللننا الذهني؟ لماذا تثير كلمات التسامح، الاعتدال، العقلانية، الواقعية، التنازل، والتفاوض رهابنا بينما يرقص الجميع رقصة الحرب للتصريحات النارية والثأرية؟ لماذا يكون صدام حسين الذي ملأ العراق مقابر جماعية وملأ آذان العرب بالتصريحات العنترية أكثر شعبية من عبد الله الثاني الذي لم يقتل ذبابة ولا يحسن النطق إلا بكلمة السلام الممجوجة في آذاننا التي تطربها أناشيد الحرب؟ لماذا نجحت نخب وشعوب الأرض في إقامة الحداد علي ماضيها فيما تسمرنا نحن في حداد اكتئابي علي ماضينا الذي لا يمضي؟ لماذا يحب الناس الحياة ونحب نحن الموت العنيف: النحر والانتحار ونسميه بطولة واستشهاد؟).
ثم يتابع الكاتب ويشرح لنا حال العرب البائسة (هزائم العرب طوال قرنين أمام الاستعمار الأوربي وإسرائيل عاشوها، علي مستوي شعورهم ولا شعورهم الجمعيين، كجروح نرجسية، كإذلال قومي لا يغسل عاره إلا "الدم والثأر والنار" كما يقول شعار حركة القوميين العرب).
ويسأل الكاتب ويجيب (فما هي النرجسية الجمعية الدينية؟) ويضيف الكاتب (هي الوهم الذي يجعل المؤمن بدين ما يؤمن إيمان العجائز بأن أمته هي شعب الله المختار أو خير أمة أخرجت للناس لتنقذهم من الضلال وتأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر. لقد رصدها الله لهداية الإنسانية وقيادتها فكيف تتواضع لتقلدهم وتتعلم منهم؟ فهي عندئذ تخون رسالتها ولا تعود أهلاً لثقة الله فيها. بل إن تقليدهم شكلاً أو مضموناً يغدو ناقضاً من نواقض الإسلام. تذكروا مئات الفتاوى التي حرمت علوم وقيم ومنتجات الغرب حتى البرنيطة والحنفية).
ثم يسأل الكاتب أسئلة هامة (من أين أتي اليهود بالإدعاء بأنهم شعب الله المختار والمسلمون بأنهم خير أمة أخرجها الله للناس ليكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليهم شهيداً؟).
ويقول الكاتب عن ثقافة النرجسية التي سيطرت على عقولنا وسيكولوجيتنا (هذه المركزية الإثنية أو النرجسية الجمعية هي التي جعلت كل قبيلة أو فرقة تعتقد بأنها هي القبيلة أو "الفرقة الناجية" الوحيدة أما باقي الفرق الأخرى فقد كتبت الأقدار علي جبينها الهلاك، وبأن لغتها هي أم اللغات ومن لا يتكلمها فهو حيوان أعجم وبأن ثقافتها هي أسمي الثقافات وبأن دينها هو وحده الدين الحق أما الديانات الأخرى فقبض الريح وباطل الأباطيل) ويضيف الكاتب (لنرجسية الدينية عندنا مازالت قوية وبدائية. اعتقد البابليون أن قصور ملوكهم شيدت علي مركز الأرض واعتقد اليهود أن هيكل سليمان مقام في مركز الأرض واعتقد المسلمون أن مكة قائمة في مركز الأرض) ويضيف الكاتب (نرجسيتنا الدينية الهاذية تقول لنا بأن ديننا هو مركز الديانات وأماكننا المقدسة هي مركز الكون وأمتنا مركز الأمم أي خير أمة أخرجت للناس، لكن هزائمنا المتكررة، وجروحنا النرجسية النازفة تقول لنا بأننا آخر أمة بين الناس).
7- انقلاب السحر على الساحر وبدء مشروع الشرق الأوسط الديمقراطي وتهرب فرنسا من هذا المشروع.
1- الحرب وأسبابها.
2- مسؤولية الغرب في أحداث 11 أيلول 2001م.
3- النرجسيتان الدينية والقومية وخلق مجتمعات متناحرة.
4- الإنجازات العظيمة التي قدمتها النرجسيتان الدينية والقومية خلال القرن العشرين.
1- الحرب وأسبابها: وأخيراً طفح الكيل وبدأت الصناديق تتفجر وتفتح لطرد الشياطين منها. حيث نفذ صبر البشرية التقدمية ولم تعد تنتظر أكثر من قرن كامل على الشياطين في الشرق الأوسط وهي تعبث بحياة الإنسان وكرامته. فكان لابد من أن يرتكب الشياطين جريمة كبيرة لتشمل صداها الكرة الأرضية بأكملها. وهذا ما حدث. وأعلن الحرب على الإرهاب. ويذكرنا المؤرخون دائماً بأن للحرب سببين:
1- السبب المباشر.
2- السبب غير المباشر.
ولكي نصل إلى الحقيقة لابد من وصف اللوحة التي يعيش فيها شعوب الشرق الأوسط الآن.
1- حرب على الإرهاب من قبل أمريكا وحلفائها الذي ظهر في الشرق الأوسط.
2- مشروع الشرق الأوسط الديمقراطي مطروح على الطاولة وقيد التنفيذ.
3- موقف فرنسا الشاذ ضد المشروع. ونصح أمريكا بعدم فتح الصناديق.
4- مقاومة النرجسيات الدينية والقومية لهذا المشروع ودعمها للإرهاب.
وفعلاً أعلن الحرب على الإرهاب والسبب المباشر لهذه الحرب هو أحداث 11 أيلول عام 2001مـ في نيويورك وواشنطن. والمحللون الذين يصرعون الدنيا على شاشات التلفزة يعلنون بأن سبب إعلان الحرب من قبل أمريكا على الإرهاب هو أسلحة التدمير الشامل.
ونحن نقول لا يمكن معرفة الحقيقة من السبب المباشر بل يجب معرفة الحقيقة من السبب غير المباشر.
إن ظهور ظاهرة الإرهاب العالمي وحدوث أحداث 11 أيلول وإعلان الحرب على الإرهاب وظهور مشروع الشرق الأوسط الديمقراطي وموقف فرنسا الشاذ من هذه الحرب وضد المشروع ومقاومة النرجسية الدينية و القومية لهذا المشروع كل هذا تكمن حقيقته في السبب غير المباشر.
2- مسؤولية الغرب في أحداث 11 أيلول 2001م: مثلما تزرع تحصد. إن حادثة 11 أيلول الإرهابية المأساوية والتي أصبحت السبب المباشر لإعلان الحرب على الإرهاب لم يكن وليد صدفة.ولا ليوم واحد. إن بذور هذه الحادثة الإرهابية زرعتها عائلة سايكس بيكو ورعتها أمريكا وسقتها بماء الحياة لتعيش قرناً كاملاً من الزمن في الشرق الأوسط. ولتطال بعدها يد الإرهاب حتى وصلت إلى نيويورك وواشنطن ومن ثم إلى مدريد ولندن وإلى كل أنحاء العالم. ففي ثقافتنا الدينية قول الله تعالى من سورة النساء الآية "58" بسم الله الرحمن الرحيم (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) ولندع السبب المباشر من أحداث 11 أيلول وما تلاها وإعلان الحرب على الإرهاب ونضعها تحت المجهر لنحللها على هدي هذه الأقوال.
لقد كانت انكلترا وفرنسا قوتان كبيرتان في بداية الحرب العالمية الأولى. وحكمتا ثلاثة أرباع العالم. فهل كان في حكمها عدلاً للمحكومين وعندما منحتا الحقوق هل راعتا الحق في منح هذه الحقوق؟ أم أعطتا الحق للبعض وحرمتا الآخرين لغاية إستراتيجية تخدمهما على حساب تدمير الآخرين؟ والجواب عند التاريخ: إن الشرق الأوسط الذي انطلق منه الشياطين الإرهابية ودمروا برجي التجارة العالمية والبنتاغون. وتم قتل عدة آلاف من البشر خلال ثواني. قد حكمتهما انكلترا وفرنسا. بعد القضاء على الإمبراطورية العثمانية. كان بإمكانهما آنذاك أن يؤسسا دولاً وينشرا ثقافة ديمقراطية وإنسانية. وأن يحلا مشاكل المنطقة القومية والمذهبية والدينية على أساس العدل لرفع الظلم الذي لحق بهم خلال الحكم العثماني. وكل الدلائل التاريخية تدل أنه لم تكن لحكمهما أية عدل يذكر. فبدلاً من إنشاء دول عصرية ذات دساتير عصرية ليعطي الحق لكل المكونات في هذه الدول على أساس العدل و المساواة.
صنعتا من الشرق الأوسط صناديق بدلاً من الدول. وأعطتا السلطة للشياطين داخل كل صندوق وتم تسليطهم على شعوبهم مدة قرن كامل. لقد تخلصت شعوب الشرق الأوسط من الصندوق الشيطاني العثماني الذي أذاقهم الجهل والتخلف والفقر والحروب والاستبداد... وأدخلهم الانكليز والفرنسيون في صناديق أخرى أكثر ظلاماً وقهراً وهولاً. لقد تم تصميم هذه الصناديق من قبل المهندسين (سايكس وبيكو) ووضعت عائلة سايكس بيكو في يد هذه الشياطين أخطر سلاحين قديمين وهما النرجسية الدينية والقومية.
شياطين النرجسية الدينية هم وطنيون. وباسم النرجسية الدينية يدعون بأنهم يريدون الحفاظ على الدين وإعادة مجده القديم. بجانبيه المادي والروحي غير مباليين بحركة التاريخ.
أما شياطين النرجسية القومية وهم وطنيون. وباسم النرجسية القومية يدعون بأنهم يريدون الحفاظ على القومية ووحدتها أو توحيدها وإعادة مجدها القديم, والحفاظ على عاداتها وتقاليدها العشائرية والقبلية. هم لا يرفضون الجانب المادي من التاريخ بل يرفضون الجانب الروحي وبأقصى ما يمكن من الشدة والعنف
3- النرجسيتان الدينية والقومية وخلق مجتمعات متناحرة:
1- إن سوء طالع الشعوب في الشرق الأوسط أن جميع الكتب المقدسة الأربعة الزبور والتوراة والإنجيل والقرآن قد نزلت في الشرق الأوسط بالإضافة إلى وجود عدد كبير من الأديان القديمة وعلى رأسها الزرادشتية واليزيدية...الخ. وإن الأنبياء الأربعة للديانات السماوية هم أيضاً من أبناء منطقة الشرق الأوسط ولدوا وعاشوا فيها. وهذا يعني أن لكل دين معتنقيه. فعندما يعتبر أصحاب أي دين أن دينه يمثل الحقيقة المطلقة فجميع أصحاب هذا الدين نرجسيين. ومن هنا بدأت المشكلة ولم تحل حتى الآن ولما كان الإسلام هو الدين المهيمن على شعوب المنطقة وله الأكثرية. وبتحول هذا الدين إلى نرجسية دينية في هذه الحالة سيكون أمامه مشكلة الأديان الأخرى. كان أمام أصحاب النرجسية الدينية الإسلامية قضيتان عالقتان لتحقيق أهدافهما لدى استلامه السلطة السياسية: - 1- ثقافة الأديان الأخرى. - 2- كيف يمكن التعامل معهم وفق أية حقوق.
2- لقد قال صدام حسين كلمات هامة جداً وهو الممثل المثالي للنرجسية القومية في الشرق الأوسط. وذلك أثناء استلامه السلطة وأمر جيشه بالتوجه نحو كردستان باسم عملية الأنفال: (إما أن نجعلهم يلبسون البريم والكلابية وإما أن يجعلونا أي الأكراد أن نلبس العمامة والسروال) لا حل هناك سوى إما أن يتحولوا إلى عرب أو يحولونا إلى أكراد. إما أبيض وإما أسود.
أما أن يعيش العربي والكردي في وطن واحد هذا أمر مرفوض في منطق العقل العشائري. إما عبد أو سيد.
تتألف مجتمعات الشرق الأوسط من العديد من الأقوام لهم جذورهم التاريخية في هذه الأرض يمتد إلى ما قبل الميلاد بعدة آلاف من السنوات وهم العربي والكردي والآشوري والكلداني والسرياني والفارسي والأرمن واليهود والبلوشي والأذربيجاني والجركس واللاز ما عدا القوم العثماني (التركي) الوافد إلى المنطقة في العهد العباسي الثالث.
إن تعزيز النرجسية القومية الفارسية ووضع السلطة في يدها بدون قيد وشرط ودستور يراعي جميع حقوق القوميات الأخرى يعني ذبح كل الأكراد والعرب والأقليات القومية الأخرى. أي يعني على الجميع أن يكونوا فرساً أو الموت. وهذا ينطبق على النرجسية القومية التركية فإما أن تكون تركياً أو الموت. وهذا ينطبق على النرجسية القومية العربية فإما أن تكون عربياً أو الموت.
وهكذا ظهرت في الشرق الأوسط قضايا ومشاكل قومية ودينية استمرت لمدة قرن كامل. أما لماذا لم تحل هذه المشاكل والقضايا؟.
لقد قسمت عائلة سايكس بيكو أمم الشرق الأوسط إلى قسمين من الأمم: - 1- أمة ظالمة. – 2- أمة مظلومة.
ونتيجة للظروف الموضوعية التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى. أي بعد استلام البلشفيك السلطة في روسيا أكتوبر عام 1917مـ, حيث نشأ صراع سياسي وأيديولوجي على النطاق العالمي. وانقسم العالم بين الكتلتين الاشتراكية والرأسمالية. وكانت إستراتيجية الغرب الرأسمالية الحفاظ على الشرق الأوسط بأي ثمن كان دون الأخذ بعين الاعتبار حقوق الإنسان. فلقد وضعوا أي الغرب ضمن إستراتيجيتهم الاعتماد على ثلاث أمم ظالمة في الشرق الأوسط وهم الفارسية والتركية والعربية حيث هذه الأمم الثلاث تقع ضمن سيطرتها الاستعمارية. كما وضعت عائلة سايكس بيكو سلاحين خطيرين بيد الطبقة السياسية في الأمم الثلاثة الظالمة وهما النرجسية الدينية والقومية. لقد قامت هذه النخب السياسية للأمم الثلاثة الظالمة التي تعاقبت على السلطة بمختلف الأشكال وبالتعاون مع نخبة مثقفة انتهازية لتصفية كل القوة الاجتماعية الديمقراطية داخل كل أمة (الليبراليون, العلمانيون, العقلانيون). فكانت الساحة السياسية مفتوحة أمام الثقافة النرجسية الدينية والقومية في الأمم الثلاث وكل منابر التعبير كانت تحت تصرفهم.
أما حال القوة الاجتماعية الديمقراطية الثانية وهي الأمم المظلومة, فقد تم التعامل معهم وفق تهمة الانفصال والتقسيم والخيانة والعمالة لقوة خارجية (والغريب في الأمر أن هذه القوة الخارجية المقصودة تعني الغرب الرأسمالي. علماً أن جميع الحكام وبدون استثناء والذين تناوبوا على السلطة سواء أكانوا في الصندوق الإيراني أو الصندوق التركي أو الصناديق العربية كان الغرب الرأسمالي يعينهم جميعا. وما كان باستطاعة أي حاكم في الأمم الثلاثة الظالمة أن يحصل على السلطة دون موافقة الغرب. وكان الغرب يطلب منهم أن ينفذوا السياسات التي يرغبون في منطقة الشرق الأوسط).
4- الإنجازات العظيمة التي قدمتها النرجسيتان الدينية والقومية خلال القرن العشرين:
1- لقد دمرت النرجسيتان الدينية والقومية الوحدة الوطنية داخل كل صندوق ولم يعد هناك أية ثقة بين مكونات كل صندوق من القوة الاجتماعية.
2- تسببت في إشعال ثورات ومقاومات من قبل الأمم المظلومة نتيجة لسياسة الصهر والإبادة الجماعية بحقهم.
3- حروب بين النرجسيتين القومية والدينية. الجزائر, السودان, لبنان, سوريا.
4- تناحر بين المذاهب الإسلامية بين الشيعة والسنة والوهابية وغيرها في دول الخليج العربي, العراق, السعودية, وغيرها.
5- وقف حركة التنمية البشرية والاقتصادية.
6- إن الهدف الأساسي كانت للقوة السياسية هو الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها ليبدأ معها الفساد وسرقة المال العام.
7- لقد تحولت حياة مجتمعات الشرق الأوسط إلى حياة غابة على قول المثل إذا لم تكن ذئباً أكلتك الذئاب. إن أغلى شيء في هذه المجتمعات هو المال. وإن أرخص شيء في هذه المجتمعات هو الإنسان وكرامته.
8- حياة المجتمعات في الشرق الأوسط الأخلاقية تحول إلى نصب واحتيال ولصوصية وكذب ودجل ونفاق, لا تعاون ولا تسامح ولا أمان ولا ثقة والشاطر من يدمر الثاني ويقص رجليه.
9- رجال الأمن تحولوا إلى وحوش كاسرة يغرز أظافره في جسد كل من يقع بين يديه وكل أنواع التعذيب مسموح له ليمارسه على الضحية, لا قانون ولا دستور ولا حقوق إنسان ولا قضاء ولا عدالة يحمي الإنسان وكرامته.
10-إن أخطر ظاهرتين أنتجتهما النرجسية الدينية والقومية في الشرق الأوسط هما:
1- إرهاب الدولة المنظم. 2- إرهاب المعارضة.
8- إرهاب الدولة وإرهاب المعارضة، تحليلها وبيان الحقيقة:
1- إرهاب الدولة.
2- إرهاب المعارضة.
3- النرجسيتان الدينية والقومية، وظاهرة الإرهاب في الشرق الأوسط.
4- مستقبل الشعوب في الشرق الأوسط، والناس الخيرين والمتنورين، ودور الشعب الكردي في مستقبل الشعوب في الشرق الأوسط.
5- مقارنة عمّا يحدث في العراق باسم المقاومة، والثورات الكردية.
1- إرهاب الدولة: الدولة تعني النظام (ونقيض النظام تعني الفوضى).
نظراً للنمو السكاني الهائل على الكرة الأرضية والبالغة ست مليارات نسمة. فإن تسيير المجتمعات البشرية الحديثة بدون نظام أي بدون دولة أصبح أمراً مستحيلاً, هذا يعني أن الدولة ضرورة تاريخية لابد منها. وتسيير المجتمعات بالفوضى أمر غير ممكن. إن حاجة المجتمعات للدولة كحاجتها للهواء والماء. وهنا أيضاً تكمن المصيبة التي حلت بشعوب الشرق الأوسط. والسؤال ما هي الأسس والمبادئ والنظام السياسي لهذه الدولة؟. هناك نوعان من الدولة.. – 1- دولة الإرهاب. 2- دولة القانون.
1- دولة الإرهاب: تسيير المجتمع بقوة الإرهاب بواسطة أجهزتها الأمنية الهائلة
2- دولة القانون: تسيير المجتمع وفق مؤسسات المجتمع المدني وذات دستور موافق عليه من قبل الشعب.
إن دولة بدون دستور متفق عليه وموافق عليه من قبل الشعب وبدون نظام حقوقي يعطي لكل مكون حقه سواء أكان قومياً أو طائفياً أو مذهبياً أو جنسياً أو عرقياً. إن دولة فيها كل الحق السياسي والاقتصادي والإداري للمكون الواحد والآخرون محرمون من هذه الحقوق والسؤال كيف يمكن إدارة هذا المجتمع وإدارة هذه الدولة؟. والجواب لا يمكن إدارة هذه الدولة إلا بالإرهاب والقهر والاستبداد وهذا لا يمكن أن يتم إلا ببناء أجهزة أمنية هائلة تأخذ من الثروة الوطنية مبلغاً كبيراً. وعلى هذا الأساس تكون العلاقة بين صاحب السلطة وأجهزته الأمنية في هذه الدولة علاقة حياة أو موت. فلكي تستمر هذه الدولة في الوجود لا بد أن يكون سلاح الإرهاب والقهر والاستبداد شغلها الشاغل خلال أربع وعشرين ساعة طالما بقيت هذه الدولة والسبب في ذلك واضح لأن الناس الآخرون المحرومون من هذه الحقوق الإنسانية سواء أكانوا قوميين مختلفون أو أصحاب أديان أو مبادئ لا بد أن يتمردوا على الدولة مطالبين بحقوقهم الإنسانية وكثيراً ما يؤدي هذا إلى حروب أهلية. أما في الحالات التي لم ينفجر فيها الوضع يكون سبب ذلك شدة درجة إرهاب الدولة وأجهزتها الأمنية. إن استمرار هذا المجتمع وعدم انفجار لا يعني أن الناس المحرومون من الحقوق قد تنازلوا أو نسيوا. بل تتحول مطالبهم إلى نار تحت الرماد وحالما تأتيها رياح خارجية تظهر النار إلى السطح. إن كثيراً من أبناء أو مسئوولي هذه الدول نراهم يفتخرون أن دولهم ومجتمعهم يسودها الأمن والسلام. إن هذا الأمن أمن مزيف ومخادع مبني على النفاق لأن الناس يخفون مطالبهم بداخلهم. وينافقون أمام السلطة والأجهزة الأمنية لا تنازلاً عن حقوقهم بل خوفاً على حياتهم, لأن جميع أساليب التعبير عن المطالبة بالحقوق غير مسموح لهم.
وعندما يحين الوقت لمحاسبة هذه الدولة. تستفيد القوة الخارجية من هذا الوضع وتضرب ضربتها في تحطيم هذه الدولة. وتتناثر كل الأجهزة الأمنية الذين كانوا أسوداً على شعبهم فيتحولون إلى أرانب يهربون ويختفون في الكهوف والشعب يتفرج على تحطيم هذه الدولة ولا يبدي أي مقاومة تذكر. وهو غير آسف عليها لأن المواطن لم يكن يتمتع بأي حقوق إنسانية في هذه الدولة وبالتالي لم يعد يشعر بأية كرامة وطنية أو قومية أو دينية أو معيشية. فعن ماذا سيدافع. عندما تقع الكارثة ومثال العراق شاهد على سقوط بغداد المزري في 9 نيسان عام 2003مـ.
2- إرهاب المعارضة: في دولة الإرهاب. مشكلة التناوب على السلطة غير محلولة. والمشروعية السلطوية غير موجودة. إن السلطة لمن يستولي عليها ويجب أن تبقى إلى الأبد.
أما القسم المحروم من هذه السلطة. فيشكل المعارضة وهي أيضاً سلطوية أي تريد السلطة. ولما كان أملها في السلطة كأمل إبليس في الجنة, فلا بد أن تلجأ المعارضة أيضاً إلى الإرهاب وتستخدم كافة الوسائل الإرهابية ضد السلطة الحاكمة. وفي حال استلام هذه المعارضة السلطة فهي أيضاً ستتحول إلى إرهاب الدولة.
أما حياة الشعب بين إرهاب الدولة و إرهاب المعارضة فيتحول إلى ورقة خطابية للخداع والتضليل.
إن مشكلة السلطة السياسية ومشروعيتها هي من أكبر المشاكل السياسية التي تواجه أية دولة في العالم. فمن الناحية الحقوقية. إنه حق مقدس لكل مواطن يعيش على أرض هذه الدولة أن يشارك في العملية السياسية ويشارك في حق تقرير مصيره ومصير وطنه وشعبه. ففي الدولة الطبيعية ذات النظم السياسية الديمقراطية تكون مشكلة تداول السلطة محلولة عن طريق صندوق الانتخاب, وعمر هذه السلطة محدود بزمن معين في الدستور, وفي هذه الدولة يكون في متناول أي مواطن أمل المشاركة في العملية السياسية والحصول على السلطة. أو الأمل في تغير السلطة السياسية إذا لم يعجبه عن طريق الانتخابات الحرة والتعددي القائم على حرية الاختيار. وفي هذه الحالة ليس هناك من حاجة للجوء إلى الإرهاب. لإزالة السلطة. والحصول عليها.
كل سلطة خارج الصندوق الانتخابي هي سلطة إرهابية حتماً وكل سلطة خارجة من داخل الصندوق الانتخابي ليست بحاجة إلى الإرهاب مطلقاً, وكل من يمارس في هذه الحالة الإرهاب لا بد أن يكون مجنوناً مختل العقل يحتاج إلى مستشفى الأمراض العقلية وليس السلطة.
3- النرجسيتان الدينية والقومية، وظاهرة الإرهاب في الشرق الأوسط:
إن الصناديق الشيطانية التي أقيمت بدلاً من الدول في الشرق الأوسط وأيديولوجية هذه الشياطين قد أنتجت لشعوب الشرق الأوسط أبطالاً قوميين ودينين. والأبطال القوميون سموا بالتسميات التالية. (قائد الضرورة, الزعيم الملهم, الأب القائد, فقواد الضرورة, والزعماء الملهمين, والآباء الخالدون, والمهيب, وإلى الأبد). هم الشعب وهم الوطن والتاريخ والحضارة والتكنولوجيا. والدستور والقانون بهم تعيش الشعوب وتحيى وبدونهم تموت الشعوب. إن أقوالهم وأحاسيسهم وخطبهم هو الدستور والقانون والحقوق. وهم معصومون من الخطأ لا يجوز معارضتهم ونقدهم أو عصيان أوامرهم. وكل من يحاول ذلك يعني الموت بانتظاره.
أما النرجسية الدينية. كذالك فلها أبطالها. (السلطان, الأمير, الملك). يتوارثون السلطة من الأب إلى الابن.
أبطال النرجسية هم حراس القومية والوطنية. ولا حياة لأوطان ولا لقومية من بدونهم. وسلطتهم كانت في جميع صناديق الشرق الأوسط بدون استثناء من الإذاعة بموجب بلاغات عسكرية. وفي ظل النرجسية الدينية والقومية يولد جيل بعد جيل وتولد معه طاقة فكرية وعلمية وبذور المستقبل. لكن أصحاب السلطة للنرجسيتين يقفلون كل أبواب المستقبل والتجديد أمام هذه الأجيال. وهذه الأجيال يولدون ويموتون ولا يجدون أرضاً يزرعون فيها بذور المستقبل كما يتصورونه. ولا يجدون أمامهم سوى أرضاً مملوءة بالأشواك والأفاعي واللصوص و إرهاب الدولة المنظم. إنهم يتعلمون ولكن علمهم من المرحلة الإبتداتئية إلى آخر صف في الجامعة تلقين الماضي والتغني بأمجاد البطل. أما علوم التجديد والإبداع. فلا مكان له بين علومهم. وحتى الذين حصلوا على علوم التجديد والإبداع في الغرب لم يجدوا في أوطانهم آذاناً صاغية لعلمهم. لقد كان عاملان اثنان يشغلان بال أصحاب السلطة النرجسية الدينية والقومية. هما: 1- السلطة. 2- نهب المال العام.
ويساعدهم في التطبيق عاملين وهما أخطر عاملين على حياة شعوب الشرق الأوسط برمته.
1- الجهاز الأمني المخابراتي.
2- المثقفون الانتهازيون.
لقد كان مهمة الجهاز الأمني هو خنق أي صوت معارض للسلطة. وتأديبه أو قتله. ومهمة المثقفين الانتهازيين هو تزييف وتجميل هذا الواقع وخداع وتضليل الشعب. وكما هو مسموح للجهاز المخابراتي جميع أنواع التعذيب والقتل والسحل والسجن وانتهاك أعراض الناس وسلب أموالهم. ودخول بيوت المواطنين في أي وقت شاؤا. لا كرامة للمواطن في هذا الوطن سوى كرامة السلطة (الكرسي) وكذلك كل وسائل الإعلام مسموح لهؤلاء المثقفين الانتهازيين. المقروءة والمسموعة والمرئية وكذلك جميع مناهج التعليم من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعية. ولا ثقافة في الدنيا سوى ثقافة النرجسية القومية أو الدينية. والويل لمن يرفضها. إن التاريخ يتقدم نحو الأمام ولا مكان للثبوت والسكون. يتغير كل شيء ويتبدل ولكن ثقافة النرجسية الدينية والقومية هما ضد التغيير ويكرهان الجديد وكل جهدهما هو تثبيت الواقع سواء أكان سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً. ومن هنا يرى الأجيال الجديدة نفسها تعيش في واقع عفن قد مضى عليه الدهر وشرب. ومجتمع قائم على عادات وتقاليد القرون الوسطى والعصر الجاهلي المتحجر لا مكان فيه لميلاد حركة جديدة. مجتمع ينتح نفسه ويكرره لا مكان للجديد ويعتبر كل جديد بدعة وكفر وخيانة للآباء والأجداد. ولهذا جميع أناشيدنا في شعوب الشرق الأوسط وشعرنا و كتبنا المؤلفة وخطابنا الإعلامي و السياسي هو التغني بأمجاد الآباء والأجداد والأموات. أما الأحياء فلا مكان لهم في ثقافتنا.
إن الثقافة الوحيدة المسموح بها للأحياء هو التغني بأمجاد أصحاب السلطة. إن كل مثقف حي يصور الواقع ويحلل أمراضه وينتقد الحاضر ويطرح الحلول البديلة فهو كافر وخائن وعميل وجاسوس وانفصالي ومقسم ومدمر الوطن .......الخ من هذه الكليشات الجاهزة لكل زمان ومكان. إن هذا الواقع التاريخي المعاش في الشرق الأوسط بكامله بدءاً من الصندوق الإيراني والتركي و مروراً بالصناديق العربية الاثنين والعشرين هو السد المنيع أمام الأجيال المتوالدة. وهذه الأجيال الشابة لا تنظر إلى الماضي وثقافته و أبطاله. بل تريد أن تسير مع التاريخ العالمي إلى الأمام وتريد ثقافة المستقبل. ولكن النرجسيتين الدينية والقومية تحولتا إلى أشباح رهيبة تقطع رأس كل من يطالب بالحداثة والسير نحو المستقبل بدلاً إلى الوراء.
ومن هنا كان لابد من ميلاد ظاهرة الإرهاب. وولد الإرهاب وهاهي نتائجه الخطيرة تصيب الشرق الأوسط والعالم أجمع ولا يدري أحد ماذا تخبئ الأيام من كوارث مرعبة قد لا يخطر على بال أحد. وهكذا نريد أن نستنتج مما قدمناه ونلخص النتيجة ونقول إن ما حدث في 11ايلول في أمريكا وفي مدريد ولندن وفي السعودية وما يحدث الآن في العراق. وما سيحدث في المستقبل هو من صنع عائلة سايكس بيكو وبموافقة أمريكا.
الغرب صنعوا لنا هذه الصناديق وسموها دولاً. ووضعوا في هذه الصناديق كل شياطين الشرق الأوسط ووضعوا لهم دساتير مبنية إما على ثقافة النرجسية الدينية وإما على ثقافة النرجسية القومية.
لقد قتل هؤلاء الشياطين كل الناس الخيرين والمتنورين الذين كانوا يحملون بذور المستقبل وهذا أمر طبيعي لحكم الشياطين.
4- مستقبل الشعوب في الشرق الأوسط، والناس الخيرين والمتنورين، ودور الشعب الكردي في مستقبل الشعوب في الشرق الأوسط:
1- الناس الخيرون والمتنورون للأمم الأربعة عماد الحداثة هم (العلمانيون والليبراليون والديمقراطيون والعقلانيون).
2- الشعوب والأقليات التي حرمتهم النرجسية القومية والدينية من حقوقهم الإنسانية خلال القرن العشرين. والتناقض الرئيسي لهذه الشعوب والأقليات هو الشعب الكردي.
إن مستقبل شعوب الشرق الأوسط التنموية والحضارية يتوقف على تحقيق النظم السياسية الديمقراطية.
فأمن وسلام العالم يتوقف على تحقيق ذلك في الشرق الأوسط كونه قلب العالم. وإذا لم يتحقق ذلك سيكون نتيجة الثقافة النرجسية الدينية والقومية ونظمها السياسية هو الإرهاب للشرق الأوسط والعالم أجمع.
هذه هي قراءة طريق الحقيقة للتاريخ ولنوضح أكثر ما قلناه.
لو قام الانكليز والفرنسيون وبعدهم أمريكا حكمهم في الشرق الأوسط على أساس العدل. ولو منحوا الحقوق على أساس الحق الإنساني وأنشأووا دولاً على هذه الحقوق لما نبع الإرهاب من الشرق الأوسط. ولو أنشأووا دولاً على أساس الآلية الديمقراطية والثقافة الديمقراطية. لكان مثل هذه الدول بحاجة لإدارتها إلى ناس خيريين ومتنورين يحملون قيم الحداثة العلمانية والليبرالية والعقلانية ويؤمنون بحق الآخر بدلاً من صنع صناديق شيطانية وتسليم أمور إدارتها لهم ولفلسفتهم. لما كان اليوم في الشرق الأوسط والعالم مَنْ يعاني من ظاهرة اسمها الإرهاب والكل يعرف الهوية الثقافية للذين قاموا بأحداث 11 أيلول عام 2001مـ وفي مدريد ولندن وفي الشرق الأوسط إنهم أصحاب النرجسيتين الدينية والقومية. فهل من أحد يستطيع أن يثبت لنا ويجد واحداً من بين هؤلاء من الديمقراطيين أو الليبراليين أو العلمانيين.
3- دعنا من تلك الأحداث الإرهابية ولنلقي نظرة فاحصة على حركات الشعوب الديمقراطية التي تقاتل من أجل حقها في الحرية والحياة. ونسأل هل قامت تلك الحركات بأعمال إرهابية خلال عمرها النضالي كله.
4- الشعب الكردي ونضاله الطويل: لقد حرمت عائلة سايكس بيكو الشعب الكردي وهو ثالث قومية من حيث العدد بعد العربية والفارسية والتركية والذي يبلغ تعداده اليوم أربعون مليون من البشر من كافة حقوقه المشروعة كشعب. بالإضافة للأقليات القومية الأخرى. ووزع وطنه كردستان على ثلاثة أمم. وتم تسليم حياة الشعب الكردي في الأمم الثلاثة للنرجسيتين الدينية والقومية وأقاموا عليه ولائم الذبح والقتل والتدمير طوال قرن كامل. فكان من الطبيعي لأي شعب مثله يتعرض للفناء والمسح من تاريخ البشرية أن يقاوم.
لقد انفجر الشعب الكردي وخاض ثلاث مقاومات مسلحة: 1- مقاومة في تركيا. 2- مقاومة في إيران. 3- مقاومة في العراق.
لقد رد على إرهاب الدولة المنظم بالمقاومة المشروعة:
أ‌- لقد حدثت مقاومة مسلحة في إيران تحت لواء الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ أن قضي على جمهورية كردستان في مهاباد عام 1946مـ وحتى الآن.
ب‌- ومقاومة مسلحة في العراق منذ عام 1961مـ وحتى عام 1991مـ تحت قيادة زعيمها ملا مصطفى البارزاني.
ت‌- ومقاومة في تركيا منذ بداية الثمانينات وحتى الآن ولا زالت مستمرة تحت لواء حزب العمال الكردستاني وزعيمها عبد الله أوجلان بالإضافة إلى كل المقاومات السابقة التي ذكرناها.
فهل من أحد يستطيع أن يؤكد في تاريخ الحركة الكردية النضالية والتحررية أن هناك أي عمل إرهابي قاموا به؟؟.
5- مقارنة بما يحدث في العراق وبين الثورات الكردية: في العراق يقولون أننا نقاوم المحتل. لأن أمريكا وحلفائها قد دخلوا العراق محتلين والاحتلال لابد من مقاومته. هذه قاعدة عامة ولها ما يؤيدها كافة الحقوق والمواثيق الدولية. وهذا حق لكل شعوب العالم. وكل من احتلت أرضه يحق له المقاومة.
# الفرق بين الاحتلال والمقاومة والإرهاب والحقيقة:
1- الاحتلال يعني أن قوة خارجية مسلحة قد دخلت أرض شعب واحتلتها بالقوة بغية التحكم بها سياسياً ونهب خيراتها.
2- المقاومة تعني أن الشعب الذي احتلت أرضه قد حرم بالكامل من حقه السياسي والاقتصادي وهو يقاوم ضد هذا المحتل لإرجاع حقه. والمقاومة تعني مشروع وطني يقوم به كافة أفراد الشعب لأن الضرر لحق بكل الشعب.
3- الإرهاب يعني توجيه السلاح إلى صدر المدنيين والبناء التحتي للوطن. الإرهاب هو قتل المدنيين غير المسلحين والذين لا ذنب لهم وهم آمنون ويمارسون حياتهم اليومية. ولكل من النرجسيتين الدينية والقومية ادعاءاتها في ارتكاب الأعمال الإرهابية فمثلاً النرجسية الدينية تقول عن قتل المدنيين بأنهم كفار ومرتدين عن الدين وبهذه التهم التي يستندون عليها بقتل الناس الأبرياء ومن أبناء وطنهم ويقنعون أنفسهم ورفاقهم بمشروعية القتل.
4- الحقيقة كيف تكون المقاومة إرهاباً.
تكون المقاومة إرهاباً عندما لا يكون هناك إجماع وطني على مقاومة المحتل. أي مشروع وطني يوافق عليه كافة شرائع المجتمع وطبقاته لأن الضرر لحق بالكل. والمشروع الوطني لا يظهر على الوجود إلا عندما يكون هناك محتل يحكم الوطن سياسياً ويأخذ كل ثرواته أي شكل (استعماري).
فعندما لا يكون هناك احتلال ولا مشروع وطني. أي إن الذين يحكمون الوطن هم أبناء الوطن, وثروات الوطن يتصرف بها أبناء الوطن فأي عمل مسلح يعني ضد سلطة أبناء البلد وفي هذه الحالة يعني أن أي عمل مسلح غايته ليس المحتل بل هو عمل يستهدف طلب السلطة بالقوة والإكراه التي فقدها ويريد إعادتها. ولكن حق المطالبة بالسلطة هو حق مشروع, وما دام قد فقدها فيحق له إرجاعها.
9- السلطة المشروعة والسلطة غير المشروعة:
نعتبر هذا الموضوع مهم لوعي الأحداث
أ. 1- السلطة المشروعة، كيف يمكن الحصول عليها.
2- السلطة غير المشروعة:
1- مرحلة النرجسية الدينية.
2- مرحلة النرجسية القومية.
3- مرحلة النرجسية الاشتراكية.
بـ. لماذا يلجأ الإرهاب إلى العنف في طلب السلطة؟
1- السلطة السياسية.
2- المشروعية.
3- الإرهاب.
أ. السلطة المشروعة، كيف يمكن الحصول عليها: هناك نوعان من السلطة السياسية 1- سلطة مشروعة. 2- سلطة غير مشروعة.
والسلطة المشروعة وغير المشروعة يشبهان تماماً المال المشروع والمال غير المشروع. إن مصطلح مشروعية السلطة مصطلح هام جداً يتوقف عليها كل العملية السياسية برمتها. فكل إنسان يمارس السياسية. والسياسية تعني السلطة لحكم الناس. إن أول عمل يفكر به السياسي هو السلطة وكيف يمكن الحصول عليها.
1- السلطة المشروعة, كيف يمكن الحصول عليها؟. لما كانت السلطة تعني حكم الناس أي حكم الشعب. ولكي تكون السلطة مشروعة يجب أن تحظى هذه السلطة ولمن يحصل عليها بموافقة الناس الذين يراد حكمهم. وبالتطور التاريخي البشري توصل في نهاية المطاف بعد أن مر بأساليب مختلفة من أشكال تداول السلطة إلى الأسلوب الأسلم الخالي من العنف والإكراه وهو تداول السلطة عن طريق صندوق الانتخاب وهذا الصندوق له شروطه. أولاً على أساس تعددي وحر وسري, يتبارى فيه المطالبون بالسلطة وفق برامج سياسية معلنة وواضحة وأن تجري فترة دعاية كافية لإقناع الناس ببرامجهم. ثم تجري انتخابات والنتيجة التي يعطيها الصندوق تكون ملزمة ويقبلها الراسبون. هنا لا مكان للعنف في هذه العملية وسميت هذه العملية بالديمقراطية (الحكم والسلطة خاضعان لإرادة الشعب).
2- السلطة غير المشروعة: لقد مر هذا الشكل من السلطة بثلاث مراحل
1- مرحلة النرجسية الدينية.
2- مرحلة النرجسية القومية.
3- مرحلة النرجسية الاشتراكية.
وبناء على معيار السلطة العصرية أي الأسلوب الديمقراطي. تكون السلطة في الأيديولوجيات الثلاث الدينية والقومية والاشتراكية غير مشروعة.
والسبب في ذلك يكون الآتي:
أ‌- إن السلطة في النرجسية الدينية تأتي عن طريق التعين أو الوراثة من الأب للابن. أما السلطة في النرجسيتين القومية والاشتراكية تأتي عن طريق الاغتصاب والعنف. وإرادة الشعب ليس له أية قيمة وغائبة تماماً.
ب‌- ثقافياً: تشترك النرجسيات الثلاث في الحقيقة المطلقة فكل نرجسية تدعى أنها تملك الحقيقة المطلقة وأن الشعب جاهل ليس أكثر من قطيع غنم يجب أن يقاد بالعصا. وتختلف النرجسية الدينية عن النرجسيتين القومية والاشتراكية من الناحية الفلسفية بالنسبة للحقيقة المطلقة. فالنرجسية الدينية تعتبر أن سلطتها مستمدة من مشروعية الله الذي هو خالق الكون والعباد. وهو أدرى بأمور البشر والكون ويعرف أسراره. ولهذا أمر الله البشر في تنظيم حياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفق ما ذكر في الكتب المقدسة. وعملية تفسير واجتهاد وتطبيق هذه النصوص المقدسة وكيف يمكن تطبيقها على البشر بحاجة إلى أهل الحل والعقد. وأهل الحل والعقد ينوبون عن الشعب فيما يرونه مناسباً لهم في تنظيم حياتهم. ولهذا فكل من يريد السلطة من السياسيين عليه أن يأخذ مشروعيته للسلطة من أهل الحل والعقد. فكل سلطة لا تحظى بموافقتهم تكون السلطة غير مشروعة.
أما فلسفة النرجسية القومية والاشتراكية. فيعتبر سياسيو هاتين النرجسيتين أن الشعب جاهل وليس سوى قطيع من الغنم. ولذا يجب قيادته حيثما يوجد المرعى الخصب. ومادام الشعب جاهل وليس أكثر من قطيع من الغنم. فالسلطة لا تحتاج لموافقة الشعب الجاهل فالسياسيون يتناوبون على السلطة بالاغتصاب والعنف.
وكلا النرجسيتين يقودون القطيع بالعصا (أجهزة المخابرات). فلا يمكن أن تكون هناك سلطة في ظل هاتين النرجسيتين إلا بالعنف, والعنف يمارس من قبل السلطة الرسمية والمعارضة. ونستطيع أن نقول أن كل سلطة غير مشروعة لا يمكن المحافظة عليها إلا بإرهاب الدولة المنظم. أما المعارضة في النرجسيتين القومية والاشتراكية فلا يمكن الحصول على السلطة إلا بالعنف والإرهاب والشعب هو الضحية للسلطة الرسمية وللمعارضة. إن الإرهاب هو نتيجة حتمية للنرجسيات الثلاثة الدينية والقومية والاشتراكية.
بـ. لماذا يلجأ الإرهاب إلى العنف في طلب السلطة؟
1- السلطة السياسية.
2- المشروعية.
3- الإرهاب.
4- المال.
الإنسان الإرهابي إنسان محافظ في عقله ومبادئه إنسان عقائديي وأيديولوجي إنه ضد التاريخ لأن التاريخ متحرك. وإنه ضد العلم, لأن العلم ينطلق من الحقيقة النسبية إلى الحقيقة المطلقة. إنه إنسان يغذي عقله بفلسفة عقائدية وأيديولوجية قد تجاوزه التاريخ ولذلك فهو ضعيف الحجة والبرهان. إنه لا يستطيع أن يستوعب حركة التاريخ المتغير والمتبدل والمتجه إلى الأمام ولهذا فهو يلجأ إلى الإرهاب لوقف حركة التاريخ. فهو لا يقبل من الناس أن يغيروا ملابسهم ولا طراز مساكنهم ولا طريقة مأكلهم ولا وسائل مواصلاتهم ولا أسلوب سياستهم. ولا يقبل تغير عمامتهم ولا حلق ذقونهم وشواربهم ولا يقبل أن يقلد الكفار في لبس البرنيطا على رؤوسهم ولا وضع ربطة العنق. يكره الحقيقة لأن الحقيقة تنور الناس وتخلصهم من الجهل وتحررهم من الأوهام والخرافات و التصرف العاطفي والانفعالي. ولكي نفهم الإرهابي أكثر فلابد من معرفة هذه الكلمات الأربعة. هناك أربع كلمات متصلات ومتواصلات لا يفترقن في العلوم السياسية لكل من يمارس السياسة. والمواطن العادي صاحب الصوت السياسي إذا لم يع هذه الكلمات الأربع ستكون النتيجة كارثة على من يمارس السياسة والمواطن العادي معاً. وهي:
1- السلطة السياسية. 2- المشروعية. 3- الإرهاب. 4- المال.
1- السلطة السياسية: يعني النظام. ونقيض النظام يعني الفوضى: إن المجتمعات لا تستطيع أن تعيش بدون سلطة أو نظام. و إذا لم يكن هناك نظام سيحل الفوضى وسيعيش الناس في غابة. القوي فيها يأكل الضعيف. وستنطلق كل الشرور بين الناس. لقد مرت المجتمعات البشرية من خلال تطورها التاريخي حتى الآن بنوعين من المجتمعات:
أ- مرحلة المجتمعات ذات الإنتاج الطبيعي. الزراعة وتربية الحيوانات والحرف.
بـ- مرحلة المجتمعات ذات الإنتاج الصناعي - مكننة الزراعة - ومكننة الحرف.
إن السلطة في المجتمعات ذات الإنتاج الطبيعي تختلف كلياً عن السلطة في المجتمعات ذات الإنتاج الصناعي.
فالسلطة في المجتمعات ذات الإنتاج الطبيعي تقوم على الإكراه. فكلما ازداد إكراه الناس لأصحاب السلطة ازدادت سلطتهم قوة. أما السلطة في المجتمعات ذات الإنتاج الصناعي تقوم على حب الناس, فكلما ازداد حب الناس لأصحاب السلطة تزداد قوتهم. والذي يحدد الفرق بين سلطة الإكراه وسلطة المحبة. هو المشروعية.
2- المشروعية ( وأهميتها للسلطة السياسية): تقوم السلطة السياسية في المجتمعات ذات الإنتاج الطبيعي تحت تأثير العامل الأيديولوجي على ثلاثة عوامل:
1- التوريث. 2- التعين. 3- الاغتصاب.
ا- العامل الأيديولوجي في المجتمعات ذات الإنتاج الطبيعي: - عندما تكون الهيمنة في المجتمع لأيديولوجية النرجسية الدينية تنشأ عنها سلطة سياسية على التوريث أو التعين (المبايعة). وعندما تكون الهيمنة في المجتمع لأيديولوجية النرجسية القومية ينشأ عنها سلطة سياسية على الاغتصاب وعندما تكون الهيمنة في المجتمع للنرجسية الاشتراكية ينشأ عنها سلطة سياسية على الاستيلاء. وكل التاريخ البشري للإنتاج الطبيعي يدل أن جميع النظم السياسية التي استلمت السلطة قامت على إكراه الناس. وكره الناس للسلطة. وفي الحالات الثلاثة التوريث والتعين والاغتصاب لا مكان لحب الناس للسلطة. وعندما تنشأ سلطة سياسية على كره الناس ينشأ عنه نظام سياسي قائم على الإرهاب. ولا يمكن أن يدوم هذا النظام إلا بالإرهاب. إن سلاح السلطة السياسية الرسمية هو الإرهاب المنظم بواسطة أجهزة خاصة التي خصصت لها ثلاثة أرباع الثروة الوطنية أو القومية ويساعد هذه السلطة المثقفون الانتهازيون. ودورهم يقوم على تجميل هذه السلطة وكمحامي الدفاع. وطبيعي أن كره الناس للسلطة يختفي في الوجدان. أما سلاح المعارضة الإرهابي هو كره و استياء الناس المخبأ في الوجدان واستيائهم من حياتهم اليومية. والنتيجة أن كلتا النظامين الإرهابيين الرسمي والمعارض لا يدخل حب الناس في هاتين اللعبتين السياسيتين في طلب السلطة. إن الكره هو الإحساس والانفعال السائد بين الناس. وأسلوب التشهير بالكره هو السائد.
10- الحب والكره ودورهما في حياة الإنسان والعامل السياسي:
1- الحب والكره بين النصوص المقدسة والتاريخ المتحرك.
2- أهمية الوعي لنقيضي الحب والكره والشرط التاريخي.
3- ماذا نعني بالحب والكره النصوصي والحب والكره التاريخي.
1- من الجانب المادي.
2- من الجانب السياسي.
3- من المرأة.
4- من الناحية الثقافية.
4- العملية المعقدة في عاملي النفس: الحب والكره.
5- الحب والكره التاريخي في الحياة الإنتاجية والسياسية.
6- ولكن لماذا الديمقراطية هي الحل. والجواب عند التاريخ.
الحب نقيضه الكره والشر نقيضه الخير, كل الناس ينادون بالحب وكل الناس يكرهون الشر ويحبون الخير. فلماذا لا يسود الحب والخير بين الناس؟؟.
والجواب لا يسود الحب و الخير بين الناس. لأن الناس لا يدركون أهمية العامل السياسي ودوره في خلق الحب أو الشر. إنها مشكلة الوعي وهم لا يدركون أن السبب الرئيسي في خلق الحب أو الشر أو الخير هو النظام السياسي أي السلطة. وكما قلنا أن المجتمعات لا تستطيع أن تعيش بدون سلطة سياسية وإلا كانت البديل الفوضى. وهو أمر مستحيل وخطير. وقلنا أن هناك نوعين من السلطة السياسية. السلطة المشروعة والسلطة غير المشروعة. والسلطتان محكومتان بعامل التطور التاريخي بجانبه المادي والروحي والذي يحدد التطور التاريخي هو عملية الإنتاج. وقلنا حتى الآن. مرت المجتمعات البشرية بمرحلتين إنتاجيتين وهما الإنتاج الطبيعي والإنتاج الصناعي. وجميع السلطات السياسية قامت في المجتمعات ذات الإنتاج الطبيعي على الإكراه أي التوريث والتعين والاغتصاب. ولما كانت السلطة السياسية هي التي تدير المجتمع إدارياً وثقافياً ومعيشياً. فهل يمكن لسلطة سياسية حصلت عليها بالتوريث والتعين و الاغتصاب أن تخلق الحب والخير بين الناس؟. إن الأساس المادي للسلطة غير المشروعة هو الإنتاج الطبيعي والجانب الروحي للسلطة غير المشروعة هو النرجسية الدينية والقومية والاشتراكية. ولما كانت السلطة السياسية في المجتمع الطبيعي تؤخذ بالإكراه. فلا يمكن أن يكون هناك حب وخير وتآلف بين الناس. والسلطة السياسية في الإنتاج الصناعي تتحقق لمن يريد الحصول عليها بالحب. ومن الطبيعي أن يخلق الحب بين الناس. ونجد مجتمعات الشرق الأوسط تستخدم تكنولوجيا المجتمع الصناعي كلها وإن كنا لم نصنعها. ولكن المشكلة لم تغير الجانب الروحي. ولازلنا نتعامل مع هذا الواقع المعاش. بأيديولوجيات الجانب الروحي للإنتاج الطبيعي في الحصول على السلطة. ولذلك جميع الأنظمة السياسية السلطوية في الشرق الأوسط أنشئت على الإكراه.
1- الحب والكره بين النصوص المقدسة والتاريخ المتحرك:
الحب والكره نقيضان لا يلتقيان تماماً كالموجب والسالب في علم الفيزياء إن الناس يصفون الحب بالخير ويصفون الكره بالشر. ولكن الحب والكره موضوع نسبي وليس مطلق. ليس هناك حب دائم ومطلق وشر دائم ومطلق كلاهما خاضعان للشرط التاريخي. وإذا قيس الحب والكره بمقياس النصوص الدينية تحول إلى شر وكره. وفي هذه الحالة يختلط الحب بالكره وتكون النتيجة حرق المجتمع. تماماً كما يتصل الموجب بالسالب فيحصل التماس الكهربائي. إن أهمية الكره كأهمية الحب في الحياة الاجتماعية لكل جوانبها السياسية والاقتصادية والثقافية. إن أول شرط علمي في جانبي العدالة الديالكتيكية هو أن لا يلتقيا. والشرط الثاني وهو عدم كبت احدهما بالقوة ومنعه عن التعبير بل يجب أن تكون كافة منابر التعبير مسموحة للنقيضين. إن القضاء على أي من النقيضين يعني القضاء على المجتمع بكامله. إن الصراع هو العملية الأبدية بين الحب والكره. فلولا الحب والكره لما وجد تقدم وتطور وتغيير في المجتمعات.
2- أهمية الوعي لنقيضي الحب والكره والشرط التاريخي: إن الحب والكره يتبادلان المواقع تحت شروط التغيير التاريخي. ليس هناك حب دائم ولا كره دائم. يتحول الحب في زمن تاريخي معين إلى كره, ويتحول الكره في زمن تاريخي معين إلى حب. إن أخطر ما في هذه العملية هو إلباس لباس الحب والجمال لمرحلة تاريخية معينة في الوقت الذي يجب أن تكون هذه المرحلة مكروهة. وكذلك تكمن الخطورة في إلباس لباس الكره والقبح في مرحلة تاريخية معينة قي الوقت الذي يجب أن تلبس لباس الحب والجمال. وتكون محبوبة. وهنا تكمن تخلف شعوب الشرق الأوسط بأكملها وكل نظمها السياسية ودولها والسبب في ذلك. هو نرجسيتا الدينية والقومية فرضت علينا أن نقيس حبنا وكرهنا وفق النصوص وليس وفق الشرط التاريخي فجاءت النتيجة كارثة علينا ولا نعلم ماذا يخبئ لنا التاريخ في المستقبل. لقد أدرنا ظهرنا للشرط التاريخي وكانت النتيجة أن عاقبنا التاريخ بالتخلف الحضاري والاقتصادي والاجتماعي. وفقدنا الأمن والسلام الاجتماعي بين شعوبنا وبين قومياتنا وأدياننا ومذاهبنا. والأخطار الخارجية تهددنا. وهاهم أصحاب دولنا يذهبون شرقاً وغرباً وجنوباً وشمالاً باحثين عن حليف يحميهم.
3- ماذا نعني بالحب والكره النصوصي والحب والكره التاريخي: إن الحب والكره النصوصي. هو حب وكره ثابت مهما تغير الزمن. ويدخل في العادات والتقاليد من الصعب إزالته. وللحب وللكره جانبان مادي وروحي. فالحب النصوصي المادي هو حب شيء مادي مفيد يفيدك في عملية الإنتاج أو حاجة منزلية تخدمك. والحب الروحي هو حب الإنسان لعقيدة أو نظرية سياسية أو علمية تفيدك وتساعدك على وعي المجتمع أو الطبقة أو الطبيعة في مرحلة تاريخية ما. ثم يدخل في وعي الإنسان وتصبح طريقته في التفكير من الصعب تغييره. ومن هنا نشأ تخلف إنسان الشرق الأوسط وبالتالي كل مجتمعاته. ولكن الحب والكره التاريخي بخلاف الحب والكره النصوصي تماماً. إن النظر إلى الحب والكره من وجهة النظر التاريخية تقول إن الأمر المهم في الشيء المادي أو الفكر الروحي هو أن يكون مفيداً للناس وبنفس الوقت أن يكون مساعداً في عملية التطور التاريخي لأن التاريخ ليس ثابتاً وهو في تطور وتغيير مستمر وهذا يعني من وجهة النظر التاريخية أن شيئاً مادياً أو نظرياً أو أسلوباً سياسياً أو عادة كانت مفيدةً ومحبوبةً قد تكون لآلف السنين. وأصبحت عاملاً معرقلاً لحركة التطور التاريخي وتغيرها. إن الاستمرار في حب هذا الشيء المادي أو الروحي يعني التخلف بل إن الكره لهذا الشيء المادي أو الوصف الروحي ينقلب إلى حب والحب ينقلب إلى كره.
فإذا استمرينا في إخضاع حبنا وكرهنا للنصوص. ستستمر مجتمعاتنا في التجمد والسكون ويظهر فيها كل الأزمات. وهذا ما نعيشه اليوم في الشرق الأوسط.
إننا نعيش اليوم في الشرق الأوسط كالآتي: إننا نحب شيء مادي يجب أن نكرهه. ونكره فكرة روحية يجب أن نحبه وهذا يعني أن كل حياتنا التي نعيشها اليوم مركبة بالمقلوب وتسيير بالمقلوب. والسؤال هل يمكن لشعوب الشرق الأوسط أن تحتل مكانتها بين أمم الأرض المتقدمة وتسير مع حركة التطور التاريخي المتجه إلى الأمام مادامت حياتها مركبة بالمقلوب وتسير بالمقلوب؟؟؟. ولكي يكون كلامنا واضحاً نورد بعض الأمثلة من الحياة التي نعيشها اليوم في الشرق الأوسط.
1- مثال من الجانب المادي: لقد استخدم أجدادنا وآباؤنا المحراث الخشبي في الزراعة الذي تجره طاقة الحيوان لآلاف السنين. وكان شيء مادي محبوب ومفيد ويلبي حاجة الإنسان لفترة طويلة من الزمن. ولكن عندما أبدع الإنسان الجرار الحديدي الذي يسير بطاقة البترول. انقلب حبنا للمحراث الخشبي إلى كره له. وإن استمرارنا في حب المحراث يعني تخلفنا في الإنتاج. إن حبنا النصوصي يقول الحب للمحراث والكره للجرار. وحبنا التاريخي يقول الحب للجرار والكره للمحراث.
2- مثال من الجانب السياسي: إن أكثر ما يثير الجدل اليوم في مجتمعات الشرق الأوسط هو الصراع في اختيارنا بين مصطلحين سياسيين وهما: 1- الشورى. 2- الديمقراطية. إن حبنا النصوصي تقول الاختيار للشورى والكره للديمقراطية, وحبنا التاريخي يقول الاختيار للديمقراطية والكره للشورى.
3- من الناحية الاجتماعية: المرأة بين حب وكره النصوص وحب وكره التاريخ. المرأة محكوم عليها بالإعدام في الحب النصوصي. لا تغيير في لباسها, ولا تغيير في عواطفها, ولا اختيار في إرادتها, ولا اختلاط بالرجل, ولا اختيار في تنقلها, فهي تتنقل في حياتها مرتين, مرة من بيت أبيها إلى بيت زوجها, ومرة ثانية من بيت زوجها إلى القبر. ولكن الحب والكره التاريخي يعطي الحق للمرأة في الحب والكره وكل ما يتعلق بحياتها.
4- من الناحية الثقافية: الحب والكره النصوصي ثابت. بثبوت النص لأن النص نزل لمرة واحدة وإلى الأبد وصالحة لكل زمان ومكان. فكل الأمور معالجة في هذه النصوص. ولا يحتاج الآخر إلا إلى اجتهاد أهل الحل والعقد. وبالتالي الحب والكره ثابتان في النص.
أما الحب والكره التاريخي بعكس ذلك. ووجهة النظر التاريخية وهي كالآتي, فمادام الناس يصنعون تاريخهم فهم يغيرون جانبه المادي باستمرار وهذا يعني يغيرون جانبه الروحي أيضاً. ومادام الأمر كذلك. فكل جيل لمرحلة تاريخية معينة فهم الذين يحددون حبهم وكرههم وليس الأسلاف.
4- العملية المعقدة في عاملي النفس: الحب والكره: الحب والكره عاملان نفسيان هامان جداً سواء من الناحية العلمية أو العاطفية. إنهما أسمى عاملين نفسيين وجدا في الإنسان. إن عدم وعي هذين العاملين. والتعامل معهما بجهل أو تلاعب لغاية برغماتية. سيقلب الإنسان إلى وحش. وسيرتكب أعمالاً وحشية تفوق في وحشيتها أي حيوان وحشي. إن ما يميز الإنسان عن الحيوان. هما هذان العاملان النفسيان الحب والكره. ولكن للحيوان أيضاً هذان العاملان النفسيان الحب والكره. ولكن أين يوجد فرق بين الإنسان والحيوان. فالحب والكره عند الحيوان, خاضعان لغريزيته البيولوجية, والحب والكره عند الإنسان خاضعان لعقله الواعي. والإنسان كائن منتج خالق للخيرات ويحتاج دائماً للأدوات. فلولا حب الإنسان لما احتفظ بأدوات إنتاجيه لأنها مفيدة وتلبي الحاجة. ولولا كره الإنسان لما غير أدواته الإنتاجية لأنها لم تعد مفيدة وتلبي الحاجة. فلولا الحب والكره في نفسية الإنسان. لما تقدمت البشرية كما نراها اليوم, ولبقيت في حالة بدائية بجانبيها المادي والروحي. إن الحب والكره عاملان نفسيان هامان جداً يلعبان دور قطبي التناقض الديالكتيكي تماماً كما يلعب خطي الموجب والسالب في الكهرباء. فلولا خطي الموجب والسالب لما عاشت البشرية اليوم على ضوء النور. إن الحب والكره النصوصي يحول الحب إلى كره والكره إلى حب. وينتهي دور العقل التاريخي ويتحول المجتمع إلى غابة. إن الحب والكره النصوصي يستخدم هذين العاملين العلميين لهدف سياسي استراتيجي بينما الحب والكره التاريخي يمنح الإنسان الحرية ويهدف إلى هدف استراتيجي هو الإبداع.
5- الحب والكره التاريخي في الحياة الاجتماعية الإنتاجية والسياسية: إن التاريخ لا يصنعه شخص واحد. إن التاريخ هو عملية إنتاجية لخلق الخيرات المادية لتلبية متطلبات الإنسان الحيوية. ولكن هذه العملية الإنتاجية التاريخية لا يمكن أن تتم إلا بشكل جماعي. فالعملية الإنتاجية تفرض على الإنسان أن يعيش كائناً اجتماعياً لا يستطيع أن يعيش بدونه. وفي كل زمان ومكان عندما يصنع الناس تاريخهم وينتجون ويمارسون معها سياسات معينة وثقافة روحية معينة. وفي كل مرحلة تاريخية من الإنتاج فالناس يملكون منتجاتهم ويتفاوتون في هذه الملكية. ويتوزع في كل مرحلة تاريخية إنتاجية الحب والكره بين ما يملكون والكره بين ما لا يملكون وعندها تخلق حالة من التناحر. وتبدأ عملية الصراع السياسي. فالناس الذين يملكون يحبون الاحتفاظ بما يملكون. ويحبون السياسة التي تحافظ على ملكيتهم, وهذا القسم يسمون بالمحافظين. والناس المحرومون من الملكية أو الذين لا تكفي ملكيتهم لتلبية احتياجاتهم اليومية. يكرهون حرمانهم ويكرهون السياسة والثقافة التي تحرمهم من هذا الحق. وينقسم الحب والكره إلى قسمين أيضاً في كل مرحلة تاريخية. 1- حب وكره شخصي. 2- حب وكره جماعي.
ففي عالم السياسة إن الحب والكره الشخصي والحب والكره الجماعي له دور هام جداً وخطير يتوقف عليه مستقبل المجتمع والشعب بأكمله. إذا لم تتصرف مع هذين العاملين وهذا الانقسام بوعي متطور فستكون النتيجة حتماً حرباً أهلية. وإذا لم يتصرف العامل السياسي مع هذا الوضع بحكمة ودراية ووعي متطور فستكون النتيجة كارثة على المجتمع. إن الحب والكره الشخصي حق إنساني لا يجوز المساس به مهما تكن المبررات. لا يجوز للحب والكره الشخصي أن يتمرد على الحب والكره الجماعي. كما لا يجوز للحب والكره الجماعي أن يلغي أو يقضي على الحب والكره الشخصي. وإذا لم يراعً هذه المبادئ ويصان هذا الحق الشخصي والجمعي في دستور وقانون ستتحول حياة المجتمع إلى أزمة نفسية.
هناك نوعان من التصرف مع هذين العاملين الحب والكره الشخصي والحب والكره الجماعي. وبالتالي هناك نوعان من الدول:
1- الدولة البوليسية.
2- الدولة الديمقراطية.
1- الدولة البوليسية وكيفية ممارستها مع الحب والكره الجماعي والشخصي: إن الجهل بالحقيقة هو السائد في الممارسة. في الدولة البوليسية لا يعرفون كم من النسبة يحبون وكم من النسبة يكرهون وكم من النسبة للحب والكره الشخصي وكم من النسبة للحب والكره الجماعي. فتأتي النتيجة إما فرض الحب والكره الشخصي على الجمعي وفي هذه الحالة الحق الجمعي ملغى. وإما أن يفرض الحب والكره الجمعي على الحب والكره الشخصي. ويكون الحق الشخصي ملغى. وأيضاً في الدولة البوليسية يفرضون الحب والكره الشخصي على الجمعي على أنها الحقيقة المطلقة. وإما يفرضون الحق الجمعي على الشخصي ويعتبرونه الحقيقة المطلقة. وفي كلتا الحالتين يلغون دور العلم والتاريخ في اكتشاف الحقيقة أو التثبت منها. وهكذا دائماً وأبداً تأتي النتيجة في الدول البوليسية معكوسة وتدخل مجتمعات هذه الدول في أزمات قاتلة.
2- أما في الدول ذات النظم الديمقراطية: لا يمكن ممارسة أية سياسة ورسم أهداف إستراتيجية وممارسة التكتيك بدون معرفة النسبة بدقة وبنزاهة تامة. والسبب في هذا الفرق بين الدولة البوليسية والدولة الديمقراطية, إن الدولة البوليسية تقوم على حب وكره الفرد ولا قيمة لحب وكره الجمعي. بينما الدولة الديمقراطية تقوم على حب وكره الجمعي مع الاحتفاظ بحب وكره الشخصي للحقيقة. والصندوق الانتخابي هو الميزان أو المعيار للكشف عن الحقيقة في توزيع النسب وبيان نسبتها. في الدولة البوليسية يخضعون هذا الصندوق للتزييف والتلاعب ويعلنون النتيجة في النسبة 99.99. على أنها الحقيقة. أما في الدول الديمقراطية يخضع الصندوق لرقابة صارمة ومحايدة ونزيهة. أي تلاعب أو تزييف بالصندوق تلغى النتيجة. ويحاسب قانونياً كل من يتلاعب أو يزيف. وهكذا تكون النتيجة ممثلة للحقيقة. وهنا تكمن مشكلة تخلف شعوب الشرق الأوسط وجميع أمراضها الاجتماعية المستعصية عن الحل ودائماً وأبداً نحن بحاجة إلى أطباء أجانب لمداواة أمراضنا وسيظل الوضع هكذا. حتى انتقالنا من الدولة البوليسية إلى الدولة الديمقراطية.
6- ولكن لماذا الديمقراطية هي الحل. والجواب عند التاريخ: لقد أعطى التاريخ الفرص التالية للنص السماوي والوضعي القومي والاشتراكي وفق الأزمان التالية:
1- لقد أعطى التاريخ فرصة للنصوص المقدسة المساوية ألفي سنة وأكثر.
2- وأعطى التاريخ فرصة للنصوص والعادات والتقاليد العشائرية في الشرق الأوسط مائة سنة.
3- وأعطى التاريخ فرصة للنص الاقتصادي الاشتراكي الوضعي سبعين عاماُ.
وماذا كانت النتيجة؟. لم تكن إدارة حب وكره الناس موفقاً حسب النصوص السماوية المقدسة منذ أكثر من ألفي عام. لأن حب الناس وكرههم كان منصباً في خدمة الملوك والسلاطين والأمراء وقصورهم وحاشيتهم. ولم يجر أي فرز في الحب والكره تجاه من كانوا يحكمونهم. ولم تعرف النسبة على الإطلاق. ولهذا كان كل المجتمعات التي خضعت لمثل هذه السياسة كانت متناحرة. وكان هدف حكامها السلطة والمال والنساء والقصور سواءً أن أحبهم الناس أو كرههم.
لقد أتاح التاريخ فرصة مائة عام للقومية في استلام السلطة بنصوص وضعية قائمة على العادات والتقاليد العشائرية. ولم يقم أصحاب القومية بأية محاولة لمعرفة كم من الناس يحبون سلطتهم السياسية وكم من الناس يكرهون سلطتهم. لم تكن هناك قيمة لحبهم أو كرههم. وكانت غايتهم الوحيدة الاحتفاظ بالسلطة التي اغتصبوها والاحتفاظ بالقصور التي ملكوها. والاستمرار في نهب المال العام والنساء. وبقيت المجتمعات متناحرة.
لقد أعطى التاريخ فرصة سبعين عاماً للنظرية الاشتراكية الوضعية كي يخلق مجتمعاً آمناً ومسالماً. وبقيت المجتمعات التي أدارتها بحكمها السياسي متناحرة وزادت المشكلة تعقيداً ولم يجرى أية محاولة لمعرفة كم من الناس يحبون وكم من الناس يكرهون. لأن الناس وكرههم لا قيمة لهما أمام نص وضعي ماركسي مقدس. وهكذا نستطيع وبناءاً على الشواهد التاريخية القريبة والبعيدة والموثقة من قبل المؤرخين أن لا أمل للمجتمعات في التقدم والأمن والسلام التي تهيمن فيها هذه النصوص سواء أكانت سماوية أو وضعية.
والسؤال الهام الذي يفرض نفسه. كيف يمكن أن تستمر سلطة سياسية بدون معرفة حب الناس أو كرههم لها؟. فإذا كان الناس يكرهون هذه السلطة فكيف يمكن إدارتهم؟. وإذا كانت السلطة تدعى بأن الناس يحبون سلطتهم السياسية. فلماذا ترتكب الجرائم وتستعمل شتى أنواع التعذيب بحق الناس؟. ويساق الآلاف إلى السجون؟. فإذا كان الحب والكره بهذه الأهمية في حياة المجتمعات البشرية في النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأثبت التاريخ القديم والحديث في الشرق الأوسط فشل الطريقة السياسية للنصوص السماوية والوضعية القومية والاشتراكية. والسؤال ما هو البديل؟.....
ونحن في طريق الحقيقة نبدي وجهة نظرنا في الحقيقة ونقول: أن البديل هو النظام السياسي والثقافي الديمقراطي.
11- النظام السياسي الديمقراطي التاريخي:
1- أسس الحكم الديمقراطي وشروطها.
2- مرحلة الانتخاب والاختيار الديمقراطي.
3- الحب والكره ودورهما الإيجابي والسلبي في العملية السياسية الديمقراطية.
النظام السياسي الديمقراطي نظام تاريخي يخضع لشرط الزمان والمكان. والحكم فيه للشعب ومن أجل الشعب وإلى الشعب. في كل زمان ومكان تاريخي ينقسم الناس إلى قسمين:
1- قسم يحب النظام السائد وترتبط مصالحهم به.
2- وقسم يكرهون النظام السائد لأنه لا يلبي مصالحهم.
ولا يمكن معرفة نسبة المحبين ونسبة الكارهين إلا عن طريق صندوق الانتخاب وبغية معرفة الحقيقة فلا بد من إجراء عملية انتخاب.
1- أسس الحكم الديمقراطي وشروطها: إن عملية الانتخاب الديمقراطي تحتاج إلى توفير الشروط الديمقراطية التالية:
الشرط الأول:
1- التعددية الطبقية.
2- التعددية الفكرية.
3- التعددية الأيديولوجية وبرامجها السياسية.
4- التعددية القومية. إذا كان هناك عدة قوميات في دولة واحدة.
5- التعددية الطائفية إذا كان هناك طوائف متعددة.
6- التعددية المذهبية بشرط القبول بتناوب السلطة عن طريق الانتخاب.
الشرط الثاني:
1- الاعتراف والقبول بالآخر المختلف.
2- أن تسبق العملية الانتخابية عملية التعيير الحر لكل مكون بغية إقناع الناس بتوجهاتهم السياسية والفكرية والأيديولوجية. دون حرمان أحد.
3- الانطلاق من الحقيقة النسبية.
2- مرحلة الانتخاب والاختيار الديمقراطي: بعد عملية التعبير. يأتي الناس إلى صناديق الانتخابات يدلون بحبهم وكرههم لأي برنامج سياسي. ومن هنا تظهر الحقيقة. فتكون السلطة للأكثرية المحبة. والأقلية الكارهة تأخذ مكانها في المعارضة وتكون كافة حقوقها في النضال من أجل السلطة مصانة بدستور. لأن عملية الحقيقة لا تكون مجرد ظهور رأي الأكثرية, وقد يكون رأي الأقلية الكارهة فيها الحقيقة. لأن الغاية من تخويل السلطة وإعطائها المشروعية من قبل الأكثرية. هي إدارة المجتمع وتأمين متطلبات الناس المعيشية. وإدارة المال العام بشكل سليم ودفع حركة التنمية إلى الأمام والأهم من كل ذلك خلق جو من الأمن والسلام الاجتماعي. فإذا لم تقم السلطة الممنوحة من قبل الأكثرية المحبة بتحقق هذه الأمنيات و الطموحات للشعب. وهذا يعني أن الأكثرية كانت على خطأ في تقديرها وأعطت حبها لأناس وبرهن الواقع أنهم لم يكونوا مؤهلين لهذه السلطة. وعندها سيكون البديل الأقلية الكارهة التي لم توافق على منح السلطة. فالناس المحبون للسلطة ينقلبون إلى كارهين وتصبح الأكثرية أقلية وتصبح الأقلية أكثرية. وعندئذً يلعب الكره الدور النفي والإيجابي في التغير ويكون الصندوق الانتخابي هو العامل الحاسم والفاصل في الحقيقة.
3- الحب والكره ودورهما الإيجابي والسلبي في العملية السياسية الديمقراطية. لا حب ديمقراطي دائم ولا كره ديمقراطي دائم. قد ينقلب الحب كرهاً والكره حباً إنهما يتبادلان المواقع في العملية الديمقراطية التاريخية. ولولا هذا التبادل لما جرى أي تطور سياسي في العالم ولما ظهرت الديمقراطية. ولظل سيف الاستبداد مسلطاً على رقاب الناس تماماً كما هو حالنا في الشرق الأوسط. والسبب في عدم تطورنا السياسي هو ثقافة النرجسيات القومية والاشتراكية والدينية. هذه النرجسيات فرضت على شعوبنا إما حب دائم وإما كره دائم إما أسود وإما أبيض, أما الألوان الأخرى فلا قيمة لها في حياتنا ويجب إزالتها من الطبيعة والحياة الاجتماعية بالإكراه. لقد فرضت علينا النرجسيتان الدينية والقومية حب مجلس الشورى ومضافة رئيس العشيرة (البرلمان) بالإكراه. وفرضوا علينا كره البرلمان الديمقراطي. والسلطة التي تأتي عن طريق الانتخاب. إن حبنا بالإكراه وكرهنا بالحب فيها تكمن مأساة شعوبنا في الشرق الأوسط. فإن حققت لنا السلطة السياسية طموحاتنا أم لم تتحقق يجب علينا أن نحبه وكل من يكرهها يفرض عليه الحب بالإكراه. يلعب الحب والكره في العملية السياسية الديمقراطية دوراً هاماً وحيوياً. وفيها تكمن تطور المجتمعات التي أدركت أهمية هذين العاملين النفسيين في الإنسان. إن النظام السياسي الديمقراطي الوحيد والمتحرر من النصوص سواء أكانت سماوية أو وضعية يمكنه إدارة هذه العملية النفسية. ويضع الحب والكره في خدمة تطور المجتمع. ولا نعتقد أن وجهة نظرنا تحتاج إلى برهان كل الشعوب التي أدارت نظمها السياسية هذه العملية النفسية بالعقل وليس بالنصوص هاهي اليوم تحتل مكانتها بين أمم الأرض المتقدمة. وتقدم إبداعاتها العلمية للبشرية وتقدم نماذج مجتمعات بشرية يسودها الأمن والسلام الاجتماعي وعملية الإبداع في استمرار لعقولها. أما الشعوب التي لم تعطي الأهمية لإدارة هذين العاملين النفسيين في الإنسان ونحن شعوب الشرق الأوسط من هذه الشعوب. فالجهل والتخلف والفقر والتناحر. و تصدير الإرهاب إلى العالم. فإذا كانت الديمقراطية بهذه الأهمية لنا ولأجيالنا في المستقبل ترى من يحمل رسالة الديمقراطية في الشرق الأوسط ويجعلها حلماً يتحقق على أرض الواقع. و نحن نقول أن الشعب الكردي بواقع ظروفه الموضوعية والتاريخية هو التناقض الرئيسي الذي يستطيع أن يحمل هذه الرسالة ويقدم طاقاته لتحقيق هذا الحلم في الشرق الأوسط. إن البحث عن تحقيق الديمقراطية خارج هذا الشعب. نراه خرافة وخداع وتضليل ومضيعة للوقت ولا يساهم هذا الوقت الضائع إلا في زيادة معاناة شعوبنا. إن الأزمات ستنفجر في داخل كل صندوق الإيراني والتركي والصناديق العربية من الخليج إلى المحيط وكل أزمة ستكون أكثر دماراً من الأخرى. لا أمل لنا إلا بالديمقراطية وبشروطها. ودمقرطة الشرق الأوسط باتت ضرورة تاريخية وليس مطلباً أمريكياً أو أوربياً أو أي جهة كانت في العالم. إن حاجة شعوبنا إلى الديمقراطية كحاجة الإنسان إلى الأوكسجين فلا حياة لشعوبنا إلا بالديمقراطية. ولا ديمقراطية لنا. إلا بتحرر الشعب الكردي. وحرية الشعب الكردي مرتبطة بديمقراطية العربي و الفارسي والتركي. فكلما قام الشعب الكردي في حمل رسالة الديمقراطية. كنا أقرب إلى التخلص من مأساتنا المعيشية واقترب الإنسان الكردي نحو حريته.
12- بدء مشروع الشرق الأوسط الديمقراطي وتهرب فرنسا من هذا المشروع:
1- كلمة نقولها للغرب.
2- تهرب فرنسا من مشروع الشرق الأوسط ومن المسؤولية التاريخية والأخلاقية.
تلك هي الحقيقة التي طال انتظارها لشعوب الشرق الأوسط. وهو مشروع ديمقراطية الشرق الأوسط ودام انتظارها قرناً كاملاً. لقد فقد كل إنسان في الشرق الأوسط بأممه الأربعة والأقليات المتعايشة معهم كرامته الإنسانية. لقد فتك المرض والجوع والبطالة والفقر بأجسادهم. وهاجس الخوف من المستقبل كان يؤرقهم دائماً ولم يكن هناك أية بارقة أمل تتراآ لهم في الأفق. التناحر الاجتماعي والقومي والديني والمذهبي هو القانون السائد وكأن الإنسان يعيش في غابة. ماله العام سرق. وكرامته الإنسانية تهان تحت التعذيب في أقبية السجون. شبابنا يتمردون على الحياة, وينتحرون, يقتلون ويقتلون. لقد تحولت السياسة إلى عامل ارتزاق وأخيراً تحول نسبة ثمانين بالمائة إلى متسولين ونصابين ولصوص. ونسبة كبيرة تحولت للبحث عن لقمة عيشهم من بين القمامة وأحزابنا السياسية تنقسم الواحدة إلى عشرة أقسام تحت ضغط دسائس الأمن. ورجال السلطة في الشرق الأوسط تحولوا إلى أصنام للعبادة. والنرجسية الدينية والقومية والاشتراكية أبعدت شعوبنا مئة سنة عن الحداثة والتطور الحضاري والعالمي وحولوا أبناء شعوبنا إلى إرهابيين. كل هذه الأمراض الخطيرة كان سببها حكم الشياطين التي جمعتهم عائلة سايكس بيكو داخل صناديقنا التي كان من المفروض أن تحمل اسم دول الفانوس الوحيد الذي يمكن أن يضيء الطريق أمام شعوبنا للخلاص من كل هذه الأمراض والإحباط النفسي لإنساننا هو فانوس الديمقراطية.
1- كلمة نقولها للغرب. لقد صنعتم لنا هذه الصناديق وجمعتم فيها كل شياطين الشرق الأوسط. لقد مارس الشياطين السلطة خلال قرن كامل وأصبح لهم. من القوة لا تستطيع أية قوة ذاتية في الشرق الأوسط من أن تغير سلطتهم. ولا هم يستطيعون أن يغيروا أنفسهم لأنهم مصابون بالتخمة من سرقة المال العام. ولا تستطيع أية قوة تغير حكم الشياطين إلا الذي صنع لهم هذه الصناديق ووضع السلطة بين أيديهم رغم إرادة شعوبهم. والذي صنع هذه الصناديق هو الغرب الإنجليز والفرنسيون و الأمريكان. وهم أساتذتهم وبرعايتهم مدة قرن كامل. وطالما أن الغرب أساتذتهم وراعيهم. فلا أحد يخدع نفسه ويخدع غيره بأنه باستطاعته أن يغير سلطة الشياطين ويحولها إلى سلطة الرحمانين. أيها الغرب إن لعبتكم السحرية التي لعبتموها في الشرق الأوسط مع شيطانينا انقلبت عليكم وعلينا نحن شعوب الشرق الأوسط. وكانت نتيجة لعبتكم السحرية هذه إنتاج ظاهرة الإرهاب التي لم تكن معروفة لدنيا. لقد وضع الإرهاب أرجلكم وأرجلنا معاً في فلقة واحدة. فإما أن تحرر أرجلكم وأرجلنا معاً من الفلقة. وإما سوط الإرهاب سيكون مسلطاً على أرجلكم و أرجلنا. إن حادثة 11أيول 2001مـ وحوادث مدريد ولندن حوادث بسيطة بالنسبة لما سيحدث مستقبلاً ولن يطول الوقت الذي سيحدث. لقد عبث الشياطين. بحياتنا وحياة أطفالنا قرناً كاملا في ظل رعايتكم ودلالكم لهم. وها هم اليوم يتمردون عليكم ويريدون تدميركم وأنتم ولي نعمتهم مثلما دمرونا. إن مسؤولية تبديل الشياطين بحكم الرحمانيين تقع على عاتقكم وهذا لا يمكن أن يتم إلا بإيجاد نظم سياسية ديمقراطية في الشرق الأوسط وثقافة ديمقراطية. ونظام حقوقي وطني على أساس فلسفة حقوق الإنسان وليس على أساس فلسفة النرجسيات الثلاث الدينية والقومية والاشتراكية. أيها الغرب لقد زرعتم الشوك وها أنتم ونحن نحصد الشوك. لقد لعب الشياطين بالدين والقومية والاشتراكية معاً وكرسوها في خدمة حكم الشياطين وكانت النتيجة لما نعانيه وتعانون معنا اليوم. لا يمكن أن تكون القومية الأيديولوجية شوفينية وعنصرية معاً. ومصدراً للقضاء على القوميات الأخرى وإنكارهم وإزالتهم من الوجود كما يتعاملون في الصندوق الإيراني والتركي والصناديق العربية مع الشعب الكردي والشعوب الأخرى. ولا يمكن أن تكون الكتب السماوية الأربعة التي أنزلت في الشرق الأوسط وعلى الأنبياء الأربعة أن تكون أيديولوجية قتل وذبح وانتحار ونحر وقتل الآخرين ولا يمكن أن يكون قد قصد ماركس وأنجلس من وضع نظرياتهم الاشتراكية في سحق حرية الآخرين وقتلهم. لقد حول الشياطين في الشرق الأوسط القومية والدين والاشتراكية إلى أسلحة أيديولوجية للقتل. رفعوا شعارات باسم المحافظة على الوطن والقومية والدين وتطبيق العدالة الاجتماعية. وكان الهدف الحقيقي وراء كل هذه الشعارات هو تحقيق لثلاثة أهداف لهم
1- السلطة. 2- نهب المال العام. 3- النساء الجميلات
إن فتاوى المشايخ الجهلة والانتهازيين. وعدم فهم المقاصد الإلهية كانت مصيبة حلت بشعوب المنطقة ولازالت تفتك بأرواح مئات الألوف من البشر. ولا يمكن أن يقول الله للبشر أن الحرب أفضل من السلام والتناحر أفضل من الحوار والانتحار أفضل من الحياة والدمار أفضل من البناء.
أصحوا أيها المشايخ الجهلة وكفوا عن فتاويكم المدمرة. وطالبوا بالعدل والسلام والحوار والمحبة بين البشر.
كل الناس بشر وكل إنسان مهما اختلف دينيه ومذهبه وقوميته وجنسه ولونه فهو بحاجة إلى المتطلبات الحيوية الآتية. المأكل والملبس والمسكن والحاجيات والحرية. هذه المتطلبات الخمسة تشكل العامود الفقري لكل إنسان.
لا تمنحوا حقوق المواطنة على أساس الاختلاف في الدين أو القومية أو اللون أو المذهب بل على أساس الحق الإنساني. وإذا فعلتم هذا سوف يكون هناك برداً وسلاماً بين بني البشر في الشرق الأوسط. وإذا خالفتم ذلك فستكون هناك ناراً وحرباً ودماراً يحل عليكم حتى أن نفنى جميعاً معاً.
2- تهرب فرنسا من مشروع الشرق الأوسط ومن المسؤولية التاريخية والأخلاقية: لقد أدركت أمريكا أخيراً رسالتها التاريخية والأخلاقية وعلى لسان رئسها جورج بوش الابن حيث قال: ( إن أمريكا تتحمل المسؤولية التاريخية والأخلاقية لما يحدث ) ونقدت نفسها نقداً شجاعاً. لقد أدركت رسالتها التاريخية ليكون مجتمعها بنظامه السياسي والثقافي والحقوقي مثلاًُ يتحذى به في العالم نتيجة لتطورها الحضاري والعلمي والاجتماعي بعد أن مرت بزمن تاريخي ليس بقليل. وبعد أن تمكنت من تطهير صندوقها الشيطاني من كل الشياطين التي كان الشعب الأمريكي يعاني منهم. تماماً كما نعاني اليوم نحن في الشرق الأوسط. لقد كان شياطين الصندوق الأمريكي أقوى من شياطين الشرق الأوسط بألف مرة. ومع ذلك تمكن الشعب الأمريكي أخيراً من التخلص من هذه الشياطين. وحولوا دولتهم من صندوق لسكن الشياطين إلى سكن للرحمانيين. ودولة ذات دستور وقانون وذات حقوق إنسانية. دولة تتناوب فيها السلطة عن طريق صندوق الانتخاب بدلاً من الإذاعة والتلفزيون والدبابة. دولة فيها حقوق المواطنة على أساس إنساني لا فرق بين أبيض وأسود ومسلم ومسيحي وبوذي.
لقد عانى الهنود الحمر السكان الأصليون للقارة الأمريكية من السكان الوافدين البيض الويلات والذبح والقتل. ولاقى السود الذين جلبوا من أفريقيا كعبيد الويلات لفترة طويلة من الزمن من شياطين الصندوق الأمريكي. ولم تكتفي شياطين الصندوق الأمريكي بجرائمهم الداخلية بل مدوا يد المساعدة والعون للشياطين الخارجين في جنوب إفريقيا وروديسيا وإسرائيل وتركية وكل الشرق الأوسط وأمريكا الجنوبية.
وأخيرا تمكن الشعب الأمريكي من طرد شياطينهم والقضاء عليهم. وها هو اليوم المجتمع الأمريكي بكافة قومياته وألوانه وأجناسه يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات في ظل دستور عادل ودولة قانون وتخلص من التناحر الاجتماعي وساد الأمن والسلام بين مكوناته. وها هي إبداعات الشعب الأمريكي تدخل كل بيت على سطح الكرة الأرضية.
وبدأنا نسمع لأول مرة على لسان الرئيس جورج بوش الابن اسم دولة فلسطين ولأول مرة تهنئة للشعب الكردي بعيد نيروز بدلاً من خطف زعمائه وتسليمه لتركيا. وأيضاً بدأنا نسمع لأول مرة في تاريخ أمريكا مشروعاً للديمقراطية ومبادرة لنجدة شعوب الشرق الأوسط. بدلاً من دعم شياطين السلطة ليستعيد كل إنسان في الشرق الأوسط كرامته الإنسانية التي فقدها منذ قرن كامل بالإضافة للعهد العثماني.
أما فرنسا: دولة القانون الدستور وحقوق الإنسان ودولة تحمل ميراث الثورة الفرنسية ومبادئها القيمة التي يعشقها كل المظلومين في العالم (الحرية والمساواة والآخاء) هذه الشعارات والمبادئ والقيم ما كانت لتظهر لو لم يحطم الشعب الفرنسي سجن باستيل وتطهير صندوقه من حكم الشياطين. فإذا كانت فرنسا تملك باستيلاً واحداًَ وكانت تعاني كل هذا العذاب والمعاناة التي ذكرها لنا المؤرخون. فهل يدرك الرئيس جاك شيراك أن هناك في الشرق الأوسط آلاف السجون مثل سجن باستيل التي شيدتها عائلة سايكس بيكو لنا نحن سكان الشرق الأوسط. ولو دققنا في سجلات نزلاء هذه السجون لرأينا أن نسبة تسعين بالمائة من أصحاب الضمير وأصحاب قلم وفكر يمارس بحقهم شتى أنواع التعذيب الجسدي والنفسي. ونحن نسأل هل يستحق أصحاب الضمير كل هذا العذاب.
لو جرى التعذيب بحق القتله واللصوص والنصابين وسارقي المال العام لكن ما يبرره. أما أن يلاقي سجناء الضمير هذا العذاب فهذه إهانة للضمير العالمي بأسره. والغريب بالأمر أن حكم اللصوص والنصابين وسارقي المال العام هو ثلاثة أشهر ثم يطلق سراحهم وهم بكامل صحتهم ومعنوياتهم. أما حكم أصحاب الضمير فلعشرات السنين وربما العمر كله والذي يحالفه الحظ ويخرج من هذه السجون فإنه يكون محطم الجسم والنفس والمعنوية ليعيش آخر أيام عمره في هذه الدنيا. كل ذلك يجري باسم المحافظة على أمن وسلامة الوطن أو الدولة أو القومية أو الدين, وكأن أصحاب الضمير وحوش كاسرة لا يفهمون معنى الوطنية والقومية والدين والدولة.
ترى لماذا هربت فرنسا من مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية بما ارتكبه الغرب بحق شعوبنا؟؟؟. ولماذا طارت فرنسا خارج السرب وأعطت قوة ومعنوية وأمل للشياطين الإرهابيين وأطالت من عمرهم؟؟. وفتحت الطريق أما الصين وروسيا لتسلك نفس المسالك ثم تبعتهم ألمانيا واسبانيا.
كل ذلك من أجل غاية برغماتية دون الشعور بمشاعر شعوب الشرق الأوسط الذين يعانون من الفقر وسحق الحرية منذ قرن كامل. ترى ماذا ينتظر جاك شيراك كي يشعر بمأساة شعوب الشرق الأوسط؟؟؟. هل ينتظر جاك شيراك أن يدمر برج إيفل فوق رؤوس الفرنسيين حتى يدرك ويشعر بمعاناة شعوب الشرق الأوسط؟.
ونحن أبناء شعوب الشرق الأوسط نقول كلمتنا الأخيرة لفرنسا إذا كانت شياطينكم الذين وضعتموها في صناديقنا في الشرق الأوسط أعزاء عليكم إلى هذه الدرجة فنرجو منكم يا فرنسا أن تأخذوهم ويكونوا في ضيافتكم, وإذا كان سجن الباستيل عزيزاً عليكم ورقت قلوبكم عليها وزرعتم بدلاًُ عنها الباستيل التركي والباستيل الإيراني واثنان وعشرين باستيلاً عربياً فإن شعوب الشرق الأوسط تطلب إليكم إعادتها جميعاً إلى باريس مع الدعاء لكم بالسلامة.
إن شعوبنا في الشرق الأوسط تريد أن تعيش مع بعضها البعض بإخاء وسلام لا فرق بين عربي وفارسي وتركي وكردي وكل قومية أخرى. وتريد هذه الشعوب أن تعيش حياة إنسانية كريمة وسعيدة كما تحبون أن تعيشوا في فرنسا. لقد طردتم شياطينكم من صندوقكم وارتحتم وها أنتم تمارسون الحياة الديمقراطية. فلماذا ترغبون باستمرار شياطيننا في قصف عمرنا إلى الأبد في الشرق الأوسط؟.
13- ظهور دولة الحداثة الديمقراطية في العراق ومقاومة النرجسيات القومية والدينية لها:
وأخيراً أشرقت شمس الديمقراطية على الشرق الأوسط. وظهر عملاق الديمقراطية في العراق. وبدأ يرفع رأسه بعد مرور ألف وعدة قرون من السنين حيث كان هذا العملاق في نوم عميق والآن استيقظ. ولكن لحين أن يكتمل استيقاظه دفع الشعب العراقي ثمناً غالياً من دمه ودموعه. لقد دفع الشعب العراقي هذا الثمن نيابة عن شعوب الشرق الأوسط العربية والفارسية والتركية من حدود أفغانستان وحتى المحيط الأطلسي. وكان أسباب استيقاظ هذا العملاق وظهوره في العراق:
1- لقد عاش الشعب العراقي أتعس حياته منذ ألف وأربعمائة عام وخاصة في الآونة الأخيرة من حكم صدام حسين ذو النرجسية القومية لمدة خمس وثلاثين عاماً. نتج عن هذا الحكم للطاغية صدام حسين هجرة خمسة ملايين من البشر من العراق هرباً من الجحيم, حيث تشتتوا في أنحاء العالم والكثير منهم لم يجد له مكاناً وملاذاً بين أشقائهم العرب المسلمين (خير أمة أخرجت للناس) (العالم الإسلامي). لقد آوتهم أوربا وأمريكا الكافرة وقدمت لهم الملاذ الآمن ولقمة العيش الكريم.
2- لقد سلط الدكتاتور صدام حسين على أبناء المذهب الشيعي كل غضبه وعمل فيهم القتل والذبح والمقابر الجماعية والتهجير.
3- لقد سلط الديكتاتور كل حقده القومي بحق الشعب الكردي باسم عملية الأنفال وضرب مدينة حلبجة الكردية بالغازات الكيماوية المحرمة دولياً حيث قتل في حلبجة في ذلك اليوم المشئوم أكثر من ستة آلاف مواطن عراقي من الأمة الكردية. كما قام بتهجير جماعي للأكراد من مناطق سكانهم الأصلية والتاريخية وخاصة الأكراد الفيليين قسراً إلى خارج الحدود هذا بالإضافة إلى قتل مئات الألوف من شعبنا العراقي من القومية الكردية وإنزالهم في مقابر جماعية يندى لها الجبين الإنساني ويرفضها العقل العربي وضميره الحي. ولا نقول إلا كما جاءت الآية الكريمة بحق عم الرسول (ص) أبي لهب وقوله تعالى من سورة المسد الآية " 1, 2" بسم الله الرحمن الرحيم (تبت يدا أبي لهب وتبَّ ما أغنى عنه ماله وما كسَبَ...) صدق الله العظيم.
4- تم ذبح واغتيال الآلاف من المعارضين السياسيين الذين حاولوا إسقاط النظام وحتى الذين تمكنوا من الهرب خارج الحدود لم يسلموا من الاغتيال.
5- تم نهب المال العام العراقي وصرفه بين شراء ذمم الصحفيين والسياسيين ودور الإعلام في الخارج وفي الداخل لرجال المخابرات والجواسيس والعملاء المأجورين وبناء القصور الصدامية الفخمة.
6- لقد ألغي دور القضاء ولم يكن هناك حكم سوى مشاعر وأحاسيس وانفعالات القائد الملهم والضرورة وحارس البوابة الشرقية للأمة العربية.
7- لقد أشعل مع إيران نيابة عن القوى الخارجية حرباً, حيث قضت هذه الحرب على أجيال كاملة من الشباب العراقي سواء أكانوا عرباً أو أكراداً أو تركماناً أو آشوريين أو سريان.
8- لقد أرسل هذا الديكتاتور مليون جندي مسلح ليحتل الكويت العربية بعدد نفوسها المليون وأنزل فيهم غضبه السادي من قتل وتدمير واغتصاب وهتك للأعراض لم يراع فيهم حرمة العروبة ولا خير أمة أخرجت للناس.
9- لقد زرع الطاغية صدام حسين في العراق أصنامه في كل شارع وعلى كل زاوية ليعبدها الناس طائعين أو مكرهين لم يراع فيهم خير أمة أخرجت للناس ونبيه محمد (ص) الذي أسقط الأصنام منذ ألف وأربعمائة عام ليكون الدين لله وحده لا شريك له. ولولا سقوط الصنم على يد محمد (ص) لما قامت أمة التوحيد.
إن العجب والغرابة أن يحمل هذا الطاغية القرآن الكريم بيده الآثمة بدم شعبه بالعراق والشعب العربي في الكويت والشعب الإسلامي في إيران أثناء حضوره إلى قاعة المحكمة الجنائية.
وبعد كل هذه المآسي والكوارث والآلام التي دفعها الشعب العراقي هل يمكن له أن يتخلى عن عملاقه الديمقراطي الذي ظهر في العراق لينقذه من الهلاك؟ وجوابنا: لا يمكن للشعب العراقي أن يتخلى عن هذا العملاق واحتضانه بالأقوال والأفعال. لقد اندفع الشعب العراقي ثلاث مرات بعدة ملايين نحو الموت وهو غير مبالي بحياته للدفاع عن هذا العملاق من أجل انتخاب ممثليه. لقد برهن الشعب العراقي عن بطولة نادرة كانت غائبة عنه منذ ألف وأربعمائة عام. وبالرغم من عويل وصراخ المخادعين والدجالين وبالرغم من تفجير الإرهابيين عبر الشعب العراقي عن إرادته الحرة وفرضها على العالم أجمع. وهذا ما أكدناه سابقاً وتنبأنا في طريق الحقيقة وقلنا (في المكان الذي يتم فيه سحق كرامة الإنسان ويتعرض لأبشع أنواع الحقارة والتعذيب يظهر الأبطال والمنقذون للخلاص). وسيكون شعب العراق منقذاً ومخلصاً للشرق الأوسط بأكمله من حكم الشياطين واللصوص. إن على الشعب العراقي أن يعي دوره وأن يصمد لما يتعرض له وأن لا ينخدع بصرخات وعويل المخادعين كي لا يضل الطريق مرة ثانية. إن عملية وعي الشعب العراقي والدفاع عنه تقع على عاتق المثقفين المتنورين الشرفاء.
إن طريق الحقيقة تقول إن الديمقراطية تبدأ بالخطوة الأولى. والخطوة الأولى هي عملية الانتخاب عن طريق الصندوق لإظهار إرادة الشعب في الاختيار لتقرير مصير السلطة. وهذه الخطوة قد تمت أمام الرأي العام العالمي. فبالرغم من إرادة الذين يريدون أو يرفضون وهذا أمر طبيعي في العملية الديمقراطية إن حق القبول أو الرفض حق مقدس في العملية الديمقراطية. إن الشعب العراقي له الحق أن يفتخر بهذه الخطوة الأولى في العملية الديمقراطية قبل أي شعب آخر.
# لماذا يكره أصحاب النرجسيات القومية والدينية الديمقراطية: أصحاب النرجسية الدينية والقومية يكرهون الديمقراطية للأسباب التالية:
1. إن أهم آلية للعملية الديمقراطية السياسية هو صندوق الانتخاب على أساس تعددي. ولذا فإن 99,99من أصحاب النرجسية الدينية والقومية إذا رشحوا أنفسهم سيسقطون في الانتخابات وبذلك ستكون نهايتهم إلى الأبد. ولهذا يكرهون الديمقراطية.
2. إنهم لا يستطيعون الحصول على السلطة إلا بالاغتصاب والتعين أو الوراثة وكل هذه الأساليب مرفوضة و غير مشروعة في العملية الديمقراطية لهذا يكرهون الديمقراطية.
3. فقدان السلطة وخروجها من يد أصحاب النرجسية الدينية والقومية يعني العيش بدون المال غير المشروع وكذلك بدون قصور وسيارات و مزارع وخدم و حشم وحراس.
4. والديمقراطية تعني لا وزير في الحكومة ولا نائب في البرلمان ولا مدير مؤسسة بدون موافقة الشعب ولهذا يكرهون الديمقراطية.
5. والديمقراطية تعني الإنسان المناسب في المكان المناسب. ولهذا يكرهون الديمقراطية.
6. الديمقراطية تعني تجديد الشعب لنوابه كل أربع أو خمس سنوات. وأصحاب النرجسية هم من أنصار إلى الأبد.... إلى الأبد ولا يردون التغير ولهذا يكرهون الديمقراطية.
7. الديمقراطية تعني القضاء على المطبلين والمزمرين وشعراء البلاط والصحافيين التافهين والمثقفين الانتهازيين ولهذا يكرهون الديمقراطية.
8. الديمقراطية تعني مراقبة المال العام وكل ما يصرف يجب أن يعرفه الشعب من خلال مراقبة صارمة برلمانية وصحافية وشعبية ومجتمع مدني ولهذا يكرهون الديمقراطية.
لقد جن جنون الكارهين للديمقراطية وفقدوا صوابهم عندما ظهر هذا العملاق الديمقراطي في العراق ولن يكتفوا بإمداد الإرهاب داخل العراق بوسائل التدمير. فهاهي تركيا وإيران تحشد قواتهما العسكرية على الحدود العراقية بغية وقف العملية الديمقراطية فهل سينجحون؟. والجواب عند حركة التاريخ.
14- الورقة الكردية من ورقة شيطانية في يد الشياطين في الشرق الأوسط إلى ورقة رحمانية في يد الخيرين ودورها في العملية الديمقراطية:
1- ما هي البراهين والأدلة.
2- عراق الواقع المعاش والجواب.
ليست هناك قضية في العالم قد ولدت الشياطين كالقضية الكردية وليست هناك قضية تستطيع أن تقضي على الشياطين كالقضية الكردية. مثلما صنعت عائلة سايكس بيكو صناديق الشياطين في الشرق الأوسط وهم الوحيدون الذين يستطيعون تحطيم هذه الصناديق واستبدالها بدولة الرحمانيين وكذلك مثلما ولدت القضية الكردية الشياطين في الشرق الأوسط وهي القضية الوحيدة التي تستطيع تجفيف البطون التي تولد الشياطين. هذه رؤية طريق الحقيقة الإستراتيجية من دوحة الحرية وعبر مسلسلها طريق الحقيقة البالغ حتى الآن العشرين حلقة وها هي الحادي والعشرين. ورؤيتنا الإستراتيجية تقوم على المعطيات التاريخية والواقعية:
1- إن الشعب الكردي يسكن في منطقة جغرافية تعتبر أهم منطقة اقتصادية في الشرق الأوسط. فيها من الخيرات والموارد المتنوعة من مياه للحياة والبترول للاقتصاد. وطبيعة خلابة للسياحة وأراضي خصبة للزراعة ومناخات مختلفة لا تغيب عنها الفصول الأربعة.
2- الشعب الكردي يسكن في أهم وأخطر منطقة جغرافية وجيوبولوتكية في الشرق الأوسط.
3- الشعب الكردي لا يربطه بالميراث النرجسي الديني والقومي والاشتراكي أي رابط.
4- إن الإنسان العربي والفارسي والتركي يمكن خداعه بسهولة بأوهام الماضي. كون أبناء الأمم الثلاث مرتبطين بميراث سياسي للنرجسية الدينية والقومية والشعب الكردي متحرر من هذا الخداع. ولهذا فإن الشعب الكردي هو الوحيد بإمكانه حمل رسالة الديمقراطية وتطبيقها عملياً.
5- لقد آن الأوان كي يدرك الكردي رسالته التاريخية في خلاص أمم المنطقة من كل الشياطين التي تسفك دماء الأبرياء في الشرق الأوسط وبدأ يمد يده للعالم كافة.
1- ما هي البراهين والأدلة: لقد قال أصحاب النرجسية القومية والدينية من الفرس والعرب والترك ومنذ زمن بعيد أن الشعب الكردي سيكون إسرائيل ثانية في خاصرة الأمة العربية والإسلامية. وها هم في إقليم كردستان خير أخوة للعرب والإسلام لقد حاول أصحاب النرجسية الدينية والقومية دائماً رمي الفتنة بين الأكراد ليقتلوا بعضهم البعض. وبسرعة مدهشة هاهم اليوم يتصالحون و يتوحدون ويتصافحون. ونحن العرب والفرس والترك أصحاب النرجسيات القومية والدينية العريقة في التاريخ. مازال الانقسام والحقد والكراهية والصراع على الكراسي يفتك بأرواح الآلاف من الناس في الأمم الثلاث. لقد قال الشيطانيون النرجسيون من أن الأكراد قوم متوحشون لا يعرفون سوى التمرد والقتل ولا يعرفون المدنية والحضارة.
2- عراق الواقع المعاش والجواب: يتألف سكان العراق من قوميتين رئيسيتين هما العرب والأكراد مع وجود أقليات قومية أخرى وجغرافياً يتألف من قسمين الشمال الكردي والجنوب العربي. والشمال والجنوب وحدتهما عائلة سايكس بيكو بعد الحرب العالمية الأولى وشكلت منه صندوقاً سمته دولة العراق. واستمر هذا الصندوق منذ عام 1920مـ وحتى عام 2003مـ يوم سقوط آخر شياطين هذا الصندوق صدام حسين. وتم تحطيم هذا الصندوق ليبنى مكانه دولة ديمقراطية ذات نظام فيدرالي. وذات دستور ومؤسسات المجتمع المدني.
1. وقعت الزلازل على رؤوس أصحاب النرجسية الدينية والقومية وضاعت السلطة منهم والاثنين يكرهون العملية السياسية الديمقراطية, وتمردوا على هذه العملية الديمقراطية ولم يشاركوا فيها. وبدأ القتل والذبح في الجنوب العربي.
2. في الجنوب والوسط أصحاب المذاهب يقتلون بعضهم البعض ويرحلون السكان من قراهم ومدنهم بالآلاف والمسيحيون يقتلون ويرحلون.
3. وفي الجنوب والوسط العربي خطوط المياه والبترول تفجر وعواميد الكهرباء تحطم.
4. في الجنوب والوسط السيارات المفخخة تفجر في الساحات العامة بين العمال وأطفال المدارس وأسواق التجارة وكراجات النقل.
5. في الجنوب والوسط الجوامع والحسينيات والكنائس تدمر وتحرق.
6. في الجنوب والوسط يختطف رجال الصحافة والدبلوماسيين ورجال المؤسسات الخيرية.
7. في الجنوب والوسط حياة الإنسان وماله وعرضه في خطر.
كل هذه الأعمال الإرهابية ترتكب باسم المقاومة وماذا في الشمال الكردي؟.
1. المشاركة في العملية السياسية والانتخابية بنشاط منقطع النظير بكل توجهاتهم السياسة والفكرية .
2. يسود الأمن والسلام بدلاً من القتل والذبح وأصبح ملاذاً أمناً لكل القيادات السياسية في الجنوب والوسط. وملاذاً أمناً لآلاف العائلات المسيحية التي تهرب من الجنوب والوسط وأصحاب المذاهب والأديان يحترمون وتحترم معابدهم.
3. في الشمال خطوط المياه والبترول وعواميد الكهرباء تصان........
4. في الشمال يذهب العمال إلى أعمالهم والتلاميذ إلى مدارسهم بدون خوف وبأمان.
5. في الشمال الصحافيون والدبلوماسيون ورجال الأعمال يطوفون كل المدن بدون حراسة وحراس ولا خوف يهدد حياتهم.
6. في الشمال الجوامع والكنائس تعمر وتزداد.
7. في الشمال حياة الإنسان وماله وعرضه مصان.
وبناءاً على هذه الوقائع فإن طريق الحقيقة تسأل:
مَنْ من الاثنين متمرد ومتوحش ولا يعرف ¬المدنية والحضارة. أصحاب النرجسية الدينية والقومية في الجنوب والوسط أم أصحاب المشاركة السياسية في العملية الديمقراطية. وها هم الأكراد يلعبون دور عامل التوازن في المعادلة العراقية حيث يقدمون كل طاقاتهم السياسية والقيادية للحؤل دون التفرقة في الجنوب والوسط ومنع قيام حرب أهلية. وها هم الأكراد حريصون على وحدة العراق أرضاً وشعباً بكل ألوانه وأطيافه ومذاهبه وأديانه. لقد قال الزعيم الكردي مسعود البارزاني في مؤتمر لندن حتى قبل أن يتسلم السلطة مخاطباً رفاقه والشعب العراقي بأكمله (لا يجب أن يكون توجهنا نحو السلطة قائماً على هدف الانتقام). وبالرغم من أن الزعيم الكردي مسعود البارزاني صرح لعدة مرات بأن ثمانية آلاف من عائلته قد ساقهم صدام حسين إلى الجنوب الصحراوي وتم قتلهم هناك جميعاً شيوخاً وأطفالاً ونساءً وتم دفنهم في قبور جماعية وبلباسهم القومي. وبالزعم من إبادة مائة وثمانين ألف كردي بعميلة الأنفال. وإبادة عدة آلاف بالغازات الكيماوية في حلبجة. ومع ذلك ينادي مسعود البارزاني بعدم الانتقام. فإذا كانت هذه هي أخلاق ومبادئ وسلوك الإنسان الكردي. على الرغم من كل المآسي والآلام التي تسبب لهم أصحاب النرجسية الدينية والقومية. ومع ذلك فالأكراد ينادون بالأخوة والتسامح ويبعدون زرع فكرة الانتقام.
ونحن نسأل في طريق الحقيقة أصحاب النرجسية القومية والدينية سواء أكانوا عرباً أم فرساً أو تركاً السؤال التالي. هل كان الكردي في تاريخ منطقة الشرق الأوسط وعبر كل مراحل التاريخ مستعمراً للعربي أو الفارسي أو التركي أم حدث العكس؟. هل قام الشعب الكردي من خلال التاريخ كله والجوار المشترك بغزوات وإجتياحات مدمرة للشعب العربي أو الفارسي أو التركي أم حدث العكس؟. ألم يكن الكردي بكل تاريخ الشرق الأوسط دائماً وأبداً الصديق الوفي والمخلص للعربي والفارسي والتركي هذه الأمم التي تزعمت مراحل سياسية مختلفة. ألم يكن الأكراد بمفكريهم وضباطهم مثالاً للإخلاص والوفاء للإخوة والتعايش بين الأمم. ترى إلى أية أدلة تاريخية أو حديثة يستندون هؤلاء الشياطين للنرجسية القومية والدينية ألم يوقف مصطفى البارزاني الحرب مع الجيش العراقي عندما نشبت حرب بين الجيوش العربية وإسرائيل عام 1967مـ وعام 1973.
ألم يمتنع مصطفى البارزاني عن تفجير سد دوكان لغرق بغداد بكل ملايينها بطوفان مدمر.
فعلى ماذا يستندون في اتهام الأكراد بإسرائيل ثانية. ليصبح الأكراد خنجراً مسموماً في خاصرة الأمة العربية والإسلامية. وإلى ما هنالك من الخزعبلات التي لا تستند على أية حقائق تاريخية سوى الخداع والتضليل والتشهير. فإذا كان السلام على إسرائيل جريمة فالعَلَمْ الإسرائيلي كان يرفرف في طهران طوال عهد الشاه. وفي أنقرة لازال يرفرف. وكذلك في قطر ومصر والأردن. فمَنْ من الاثنين يشكل خنجراً وإسرائيل ثانية في المنطقة. ألم ينادي ممثلو كل الحركات الكردية وهم يدافعون عن أنفسهم وعن بقائهم أحياءً أمام هجمات النرجسيات القومية و الدينية العربية والفارسية والتركية بالأخوة والسلام. سواء أكانوا في إيران أو تركيا أو العراق. ولكن الأخوة العربية والفارسية والتركية والتي كان من المفروض أن يكونوا أبناء خير أمة أخرجت للناس وفق عقيدتنا الإسلامية التي تجمعنا. كانوا يقابلون هذه الدعوة للأخوة بالإبادة والإمحاء للشعب الكردي من الوجود ولا يقبلون بهم سوى عبيد ولا يحق لهم سوى حق العبيد. ولم يكتف أصحاب النرجسية الدينية والقومية بكل هذا مع الشعب الكردي خلال قرن كامل وهاهم أصحاب النرجسية القومية التركية والنرجسية الدينية الإيرانية يحشدون قواتهم العسكرية بمئات الألوف على حدود العراق لإبادة الشعب الكردي. هذه التحشدات هي أيضاً للقضاء على التجربة العراقية الديمقراطية لمجرد ظهور اسم كرد وكردستان. ويا لها من أخوة مؤمنة لخير أمة أخرجت للناس وهكذا كانت منذ ألف وأربعمائة عام من عمر هذه الأخوة المؤمنة والشعب الكردي يتلقى الضربات المميتة من الأخوة المؤمنين. ونقول ونسأل بعد ما قدمنا أمثلة من التاريخ القديم والحديث. فهل الشعب الكردي يشكل خطراً على الشعب الفارسي والتركي والعربي وخنجراً مسموماً في خاصرتهم أم العكس هو الصحيح؟؟.
هل من جواب عند أصحاب النرجسيتين القومية والدينية معاً؟؟. فلماذا يا إيران وتركيا المؤمنة وأنتم أبناء خير أمة أخرجت للناس تقتلون الشعب الكردي المؤمن ولمصلحة من؟؟. هل استفادت الشعوب العربية والفارسية والتركية من هذا القتل خلال ألف وأربعمائة عام؟. ألم يكن ذلك كان فقط في خدمة النخبة السياسية الحاكمة في الأمم الثلاث وحياتهم المترفة في القصور وبين الحواشي والخدم والرقص مع النساء. والشعوب الثلاثة تموت من الجوع والفقر وتعاني الذل والهوان؟. إلى متى يا أصحاب النرجسية في الأمم الثلاثة تستمرون في خداع شعوبكم؟. ترى هل سألتم شعوبكم يوماً من خلال ألف وأربعمائة عام عما تفعلون بالشعب الكردي وبهذه الأخوة المؤمنة التي ترتبط بها شعوبكم مع الشعب الكردي؟. ولماذا أنتم متكاتفون للقضاء على أمل الشعب العراقي وإرادته الحرة التي أظهرها في ثلاث انتخابات؟. لماذا تريدون إرجاع الشعب العراقي إلى الوراء إلى نار سلطة النرجسية الدينية والقومية؟. وأخيراً ننهي أسئلتنا بالسؤال التالي: ترى هل بإمكانكم أن ترجعوا التاريخ إلى الوراء؟. أم سيسحقكم التاريخ كما سحق من سبقوكم الذين حاولوا الوقوف في وجه حركة التاريخ ومحاولة وقفه؟. وكم نود ونأمل أن تدركوا الآن إن شعوب الشرق الأوسط ملت من ثقافتكم وهم يريدون أن يعيشوا مع بعضهم البعض حياة الأخوة والأمن والسلام وعلى أساس المساواة في الحقوق والإنسانية وليس على أساس الحقوق القومية والدينية والاشتراكية هذا ما يقبله التاريخ. وتاريخ القرن الحادي والعشرين. فكم نود أن تدركوا حكم التاريخ الآن وليس بعد فوات الأوان.
إن العربي له حق الحياة والفارسي له حق الحياة والتركي له حق الحياة والكردي له حق الحياة وكل الأقليات المتعايشة معهم لهم حق الحياة. والجميع لهم الحق في الضرورات الخمس:
1- المأكل. 2- الملبس. 3- السكن. 4- الحاجيات. 5- الحرية.
وإن أدركتم ذلك سلمتم وجنبتم شعوبنا الويلات والدمار والخراب وإن لم تدركوا ذلك ستهلكون وتهلكون معكم شعوبكم ولا ينفع الندم بعد فوات الأوان.
15- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948م:
لماذا حقوق المواطنة على أساس إنساني؟ لقد تجاوز التطور التاريخي الإنساني الذي جرى على سطح الكرة الأرضية. كل الحدود الدينية والقومية والاشتراكية والأيديولوجية والعقائدية. حيث لم يعد يعرف الإنسان على أساس انتمائه الديني أو القومي أو العقائدي. إن التطور العلمي والتكنولوجي الذي أبدعه الإنسان ذاته قد جعله يلغي كل هذه الحدود, لقد حول الإنسان بإبداعه العلمي والتكنولوجي نفسه إلى إنسان كوني. وتحول الكون بأكمله إلى قرية صغيرة وبناءاً على هذا التطور التاريخي العالمي. لم يعد منح حقوق المواطنة في أي دولة كانت على سطح الكرة الأرضية على أساس الدين أو القومية أو الاشتراكية مقبولاً. لأن واقع الإنسان الذي حل هو إنسان كوني لم تعد الحدود الدينية أو القومية أو الاشتراكية إلا حدوداً وهمية وتحولت إلى كابوس يخنق هذا الإنسان الكوني. لقد كررنا عدة مرات في هذا البحث على ضرورة منح حقوق المواطنة على أساس حق إنساني وليس على أساس ديني أو قومي أو مذهبي أو أي عامل آخر. لسنا نحن في طريق الحقيقة نطالب بذلك ولم نطرح أفكاراً خيالية بل الذي يطلب هذا هو التاريخ الذي صنعه الإنسان بنفسه عبر واقعه المادي ويطلب تغيير واقعه الروحي.
لقد أجمع العالم كله على إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وهنا نعرض لك أيها القارئ نصه حتى تعرف حقك الإنساني.
------------------------------------- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ------------------------------------------
ينصرف اصطلاح الشرعة الدولية لحقوق الإنسان إلى ثلاث وثائق تحديداً: أولاً: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948؛ ثانياً: العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عام 1966؛ ثالثاً: العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الصادر عام 1966 والملحقين الإضافيين له.
وقد أطلقت هذا المصطلح لجنة حقوق الإنسان المنبثقة عن الأمم المتحدة في دورتها الثانية المنعقدة في ديسمبر 1947 على سلسلة الوثائق الجاري إعدادها وقتئذ والمتمثلة في: أولاً: إعلان يحدد المبادئ أو المعايير العامة لحقوق الإنسان، وثانياً: اتفاقية دولية تعرف حقوقاً محددة وحدودها. وثالثاً: وثيقة بشأن تدابير التنفيذ. ولاعتبارات عملية لم تصدر تلك الوثائق كلها في وقت واحد وإنما تبنت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 مع التأكيد على لجنة حقوق الإنسان على إعداد مشروع عهد بشأن حقوق الإنسان ومشروع تدابير للتنفيذ. وفي اجتماع الجمعية العامة لدورتها السادسة عام 1951/1952، وبعد نقاش طويل، طلبت الجمعية العامة من لجنة حقوق الإنسان أن تضع عهدين بشأن حقوق الإنسان؛ يشتمل أولها على حقوق مدنية وسياسية، وثانيها على حقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية. وقد تم الانتهاء من إعداد العهدين وأقرتهما الجمعية العامة في عام 1966.
الإعلانات العالمية
نستهل هذا القسم بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1) الذي صدر عام 1948 والذي اعتبر، وبحق، أهم إعلانات الأمم المتحدة وأبعدها أثراً، إذ شكل هذا الإعلان مصدراً أساسياً يلهم الجهود الوطنية والدولية في مجال تعزيز حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وقد حدد الإعلان الاتجاه لكل الأعمال اللاحقة في ميدان حقوق الإنسان، ووفر الفلسفة الأساسية لكثير من الصكوك الدولية الملزمة قانونياً والتي جاءت لتفصل جزءاً من الحقوق التي وردت في الإعلان.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
لما كان الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل أساس الحرية والعدل والسلام في العالم؛
ولما كان تجاهل حقوق الإنسان وازدراؤها قد أفضيا إلى أعمال أثارت بربريتها الضمير الإنساني، وكان البشر قد نادوا ببزوغ عالم يتمتعون فيه بحرية القول والعقيدة، وبالتحرر من الخوف والفاقة، كأسمى ما ترنو إليه نفوسهم؛
ولما كان من الأساس أن تتمتع حقوق الإنسان بحماية النظام القانوني إذا أريد للبشر ألا يضطروا آخر الأمر إلى اللياذ بالتمرد على الطغيان والاضطهاد؛
ولما كان من الجوهري العمل على تنمية علاقات ودية بين الأمم؛
ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أعادت في الميثاق تأكيد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الإنسان وقدره، وبتساوي الرجال والنساء في الحقوق، وحزمت أمرها على النهوض بالتقدم الاجتماعي وبتحسين مستويات الحياة في جو من الحرية أفسح؛
ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالعمل، وبالتعاون مع الأمم المتحدة، على ضمان تعزيز الوفاء بهذا التعهد؛
فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة
تنشر على الملأ هذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بوصفه المثل الأعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة الأمم، كيما يسعى جميع أفراد المجتمع وهيئاته، واضعين هذاالإعلان نصب أعينهم على الدوام، من خلال التعليم والتربية، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات، وكيما يكفلوا، بالتدابير المطّردة الوطنية والدولية، الاعتراف العالمي بها ومراعاتها الفعلية، فيما بين شعوب الدول الأعضاء ذاتها، وفيما بين شعوب الأقاليم الموضوعة تحت ولايتها على السواء.
مادة 1
يولد جميع الناس أحراراًً ومتساوين في الكرامة والحقوق. وهم قد وهبوا العقل والوجدان، وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء.
مادة 2
لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسياً وغير سياسي، أو الأصل الوطني، أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أي وضع آخر.
وفضلاً عن ذلك، لا يجوز التمييز على أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو الإقليم الذي ينتمي إليه الشخص، سواء أكان مستقلاً أو موضوعاً تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي، أو خاضعاً لأي قيد آخر على سيادته.
مادة 3
لكل فرد حق الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه.
مادة 4
لا يجوز استرقاق أحد أو استعباده، ويحظر الرق والاتجار بالرقيق بجميع صورهما.
مادة 5
لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة.
مادة 6
لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية.
مادة 7
الناس جميعاً سواء أمام القانون، وهم متساوون في حق التمتع بحماية القانون دونما تمييز، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من أي تمييز ينتهك هذا الإعلان ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز.
مادة 8
لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي من أي أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون.
مادة 9
لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً.
مادة 10
لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظراًً منصفاً وعلنياً، للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أي تهمة جزائية توجه إليه.
مادة 11
1ـ لكل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن يثبت ارتكابه لها قانوناً في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات لللازمة للدفاع عن نفسه.
2ـ لا يدان أي شخص بجريمة بسبب أي عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكل جرماً بمقتضى القانون الوطني أو الدولي، كما لا توقع عليه أية عقوبة أشد من تلك التي كانت سارية في الوقت الذي ارتكب فيه الفعل الجرمي.
مادة 12
لا يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسلاته، ولا لحملات تمس شرفه وسمعته. ولكل شخص حق في أن يحميه القانون من مثل ذلك التدخل أو تلك الحملات.
مادة 13
1ـ لكل فرد حق في حرية التنقل وفي اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة.
2ـ لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، أو العودة إلى بلده.
مادة 14
1ـ لكل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خلاصاً من الاضطهاد.
2ـ لا يمكن التذرع بهذا الحق إذا كانت هناك ملاحقة ناشئة عن جريمة غير سياسية أو عن أعمال تناقض مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
مادة 15
1ـ لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
2ـ لا يجوز، تعسفاً، حرمان أي شخص من جنسيته ولا من حقه في تغيير جنسيته.
مادة 16
1ـ للرجل والمرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. وهما يتساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.
2ـ لا يعقد الزواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملاً لا إكراه فيه.
3ـ الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.
مادة 17
1ـ لكل فرد حق التملك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
2ـ لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً.
مادة 18
لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسات والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
مادة 19
لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذاا لحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود.
مادة 20
1ـ لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية.
2ـ لا يجوز إرغام أحد على الانتماء إلى جمعية ما.
مادة 21
1ـ لكل شخص حق المشاركة في إدارة الشؤون العامة لبلده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حرية.
2ـ لكل شخص، بالتساوي مع الآخرين حق تقلد الوظائف العامة في بلده.
3ـ إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويحب أن تتجلى هذه الإرادة من خلال انتخابات نزيهة تجري دورياً بالاقتراع العام وعلى قدم المساواة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويت.
مادة 22
لكل شخص، بوصفه عضواً في المجتمع، حق في الضمان الاجتماعي، ومن حقه أن توفر له، من خلال المجهود القومي والتعاون الدولي، وبما يتفق مع هيكل كل دولة ومواردها، الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي لا غنى عنها لكرامته ولتنامى شخصيته في حرية.
مادة 23
1ـ لكل شخص حق في العمل، وفي حرية اختيار عمله، وفي شروط عمل عادلة ومرضية، وفي الحماية من البطالة.
2ـ لجميع الأفراد، دون أي تمييز، الحق في أجر متساو على العمل المتساوي.
3ـ لكل شخص يعمل حق في مكافأة عادلة ومرضية تكفل له ولأسرته عيشة لائقة بالكرامة البشرية، وتستكمل، عند الاقتضاء، بوسائل أخرى للحماية الاجتماعية.
4ـ لكل شخص حق إنشاء النقابات مع الآخرين والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه.
مادة 24
لكل شخص حق في الراحة وأوقات الفراغ، وخصوصاً في تحديد معقول لساعات العمل وفي إجازات دورية مأجورة.
مادة 25
1ـ لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية وصعيد الخدمات الاجتماعية الضرورية، وله الحق في ما يأمن به الغوائل في حالات البطالة أو المرض أو العجز أو الترمل أو الشيخوخة، أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه.
2ـ للأمومة والطفولة حق في رعاية ومساعدة خاصتين. ولجميع الأطفال حق التمتع بذات الحماية الاجتماعية سواء ولدوا في إطار الزواج أو خارج هذا الإطار.
مادة 26
1ـ لكل شخص حق في التعليم. ويجب أن يوفر التعليم مجاناً، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية. ويكون التعليم الابتدائي إلزامياً. ويكون التعليم الفني والمهني متاحاً للعموم، ويكون التعليم العالمي متاحاً للجميع تبعاً لكفاءتهم.
2ـ يجب أن يستهدف التعليم التنمية الكاملة لشخصية الإنسان وتعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما يجب أن يعزز التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع الأمم وجميع الفئات العنصرية أو الدينية، وأن يؤيد الأنشطة التي تضطلع بها الأمم المتحدة لحفظ السلام.
3ـ للآباء، على سبيل الأولوية، حق اختيار نوع التعليم الذي يعطى لأولادهم.
مادة 27
1ـ لكل شخص حق المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية، وفي الاستمتاع بالفنون، والإسهام في التقدم العلمي وفي الفوائد التي تنجم عنه.
2ـ لكل شخص حق في حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة على أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من صنعه.
مادة 28
لكل فرد حق التمتع بنظام اجتماعي ودولي يمكن أن تتحقق في ظله الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققاً تاماً.
مادة 29
1ـ على كل فرد واجبات إزاء الجماعة، التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النمو الحر الكامل.
2ـ لا يخضع أي فرد، في ممارسة حقوقه وحرياته، إلا للقيود التي يقررها مستهدفاً منها، حصراً، ضمان الاعتراف الواجب بحقوق وحريات الآخرين واحترامها، والوفاء بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي.
3ـ لا يجوز في أي حال أن تمارس هذه الحقوق على نحو يناقض مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها.
مادة 30
ليس في هذا الإعلان أي نص يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أية دولة أو جماعة، أو أي فرد، أي حق في القيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحريات المنصوص عليها فيه.
16- دور المال ومأساة شعوب الشرق الأوسط :
تتعرض شعوب الشرق الأوسط لأكبر عملية خداع وتضليل من قبل السياسيين وأبواق دعايتهم من المثقفين الانتهازيين وأصحاب النرجسيات الثلاثة الدينية والقومية والاشتراكية. إن السياسيين والمثقفين الانتهازيين النرجسيين مشتركون في جريمة واحدة وهي جريمة سرقة المال العام.
السياسي يستخدم العصا والمثقف يخدر عقول الناس كيلا يصحوا على فعل الجريمة. إن منطقة الشرق الأوسط الجغرافية التي فيها من الثروات الطبيعية ما يكفي أضعاف سكانها الحاليين. ومع ذلك جميع التقارير التي تصدر من المنظمات الدولية تؤكد أن أكبر نسبة من الأمية والفقر والبطالة والتخلف وسحق الحريات تكمن في الشرق الوسط. إن جميع هذه الثروات الطبيعية تتحول إلى المال العام. وهذا المال العام يسرق وينهب. وبغية تضليل وخداع شعوب هذه المنطقة بالتغطية على سرقة هذا المال جرى تحالف استراتيجي بين السياسي والمثقف الانتهازي ولكل منهما مهمته. السياسي يستعمل العصا. والمثقف يؤلف أغاني عاطفية لتخدير عقول الناس ليبقوا دائماً وأبداً مخدرين كي لا يصحوا على فعل الجريمة بسرقة المال العام. إن دور المثقف الانتهازي أخطر من دور السياسي بألف مرة وذلك للأسباب التالية:
يختلف الإنسان عن الحيوان فيزلوجياً بالعقل الواعي. وبهذا الوعي يتعامل مع الواقع سواء أكان هذا الواقع طبيعياً أو اجتماعياً. ولكي يتعامل مع هذا الواقع يستخدم وعيه لمعرفة هذا الواقع سواء الطبيعي أو الاجتماعي. ولكن الواقع الاجتماعي يتغير مع حركة التاريخ ويتقدم إلى الأمام دائماً وأبداً وهذا يعني أن المجتمع بحاجة إلى تغيير نفسه باستمرار كي يستطيع أن يسير مع حركة التاريخ. إن حركة تقدم المجتمع ولتغيير واقعه لا يمكن أن يتم إلا بالمال. ولكن المال العام مستهدف من قبل السياسي والمثقف الانتهازي. فإذا كان هناك شعب واع وصاحي العقل وعيونه مفتوحة فكيف يتم سرقة المال العام وبهذا تقع على عاتق المثقف الانتهازي دور كبير في تخدير عقول الناس. فلا بد من دواء لهذا التخدير. وهذا ما صنعوه المثقفون الانتهازيون. لقد ألف المثقفون الانتهازيون في الشرق الأوسط ثلاث أغنيات وثلاثة ألحان عاطفية من العيار الثقيل كي تعطي مفعولها التخديري لمدة مائة سنة ولقد راع هؤلاء المؤلفون والملحنون الشرط الطوباوي. إن جوهر هذه الأغاني هو تحقيق أهداف ولكنها أهداف طوباوية قد تجاوزها الزمن. إنها أغاني جميلة في كلماتها وشجية في ألحانها تطرب السمع وتدخل قلوب الناس ولكنها تدمر عقولهم وتخدرهم. والتاريخ يسير والعالم يتغير ويتقدم ولن يتوقف. وعندما يصحا إنسان الشرق الأوسط من هذا التخدير سوف يرى نفسه قد تأخر عن التاريخ وعندما ينظر لنفسه وللعالم الآخر المتقدم وتكون مرتبته مرتبة أهل الكهف.
الشرق الأوسط تحت سيادة ثلاث أمم الفارسية والتركية والعربية ولكل أمة أغنية خاصة بها للتخدير وتهيمن ثقافة النرجسيتين في الأمم الثلاثة: النرجسية الدينية. والنرجسية القومية.
1- الأمة الفارسية, أغنيتها النرجسية الدينية وهي أمة فارسية واحدة وإعادة ماضيها الإمبراطوري ورسالتها الخالدة هي الهيمنة على شعوب العالم الإسلامي ولحن أغنيتها النرجسية هي شاهنشاه " أي أمة الأمم".
2- الأمة العربية أغنيتها أمة عربية ورسالتها الخالدة لغة أهل الجنة وهدفها الاستراتيجي الوحدة والحرية وإعادة أمجاد الأمة العربية من حدود الصين إلى الأندلس (اسبانيا).
3- الأمة التركية أغنيتها أمة تركية واحدة وصهر جميع شعوب المنطقة في بوثقة القومية التركية وتوحيد جميع الشعوب التركية من تركيا وحتى شرق آسيا وأيديولوجيتها "سعيد من يقول أنا تركي".
الأمم الثلاثة والتي بيدها السلطة السياسية هذه أغنيتهم ورسالتهم الخالدة للبشرية. ومن هنا بدأ الصراع والتناحر والحروب المدمرة منذ أن أنشأة عائلة سايكس بيكو هذه الصناديق الشيطانية لشعوب الشرق الأوسط. أما حال الشعوب في الشرق الأوسط في ظل وهداية هذه النرجسية القومية والدينية. كان عليها أن تدفع الدم والدموع والفقر والذل وسحق حريتها والتخلف فداءاً لتحقيق هذه الأغنيات .
أما حال الشعوب والأقليات التي وقعت تحت سلطة هذه النرجسيات. فكان الإنكار لوجودهم والإبادة بحقهم وصهرهم في نطاق كل قومية إن كان بالتجويع أو بالقوة. فالشعب الكردي و الأمازيغي والأقليات القومية كالعرب في إيران وتركيا. والآشوريون والسريان والكلدان في إيران وتركيا وبعض الدول العربية فلم يكن أمامهم سوى الموت أو الصهر. أم الطوائف والمذاهب المخالفة هي أيضاً لم تسلم من الذبح والقتل والتهميش, فليس أمامهم سوى تغيير دينهم ومذهبهم أو الموت. كاليزيديين في إيران وتركيا وبعض الدول العربية والصابئ والأقباط والمسيحيون في مصر والعراق. لقد خدروا عقول الأجيال لمائة عام منذ بداية القرن العشرين وحتى نهايته بهذه الأغنيات العاطفية ولكن ماذا يوجد وراء الأكمه؟ إن وراء كل هذه الأغنيات المحلية في كلماتها والشجية في لحنها. هو سرقة المال العام ولا شيء غيره.
أخي الفارسي والتركي: إنني إنسان عربي وأنتسب إلى أمة تعدادها قد تجاوز ثلاث مئة مليون نسمة. إنني قد وقعت مثلكم تحت عشق هذه الأغنيات الجميلة وتخدر عقلي. كنت أحلم ومازلت أحلم. بأن تكون أمتي العربية أمة مبدعة. تصنع السيارات والطائرات والقطارات والأدوية والإلكترون وتطلق صواريخها نحو الفضاء لاكتشاف الكواكب. ولكنني اكتشفت أن تلك الإبداعات لا تتحقق بالأغاني الجميلة. بكلماتها ولا بألحانها الشجية بل بالمال.
أخي الكريم إن المال كل شيء في الحياة العصرية ولا يستطيع الإنسان أن يخطو خطوة واحدة بدون المال. إن حياتكم وإنسانيتكم وكرامتكم ومستقبلكم ومستقبل أولادكم تكمن في المال. والمال نوعان: 1- المال الخاص. 2- المال العام.
والمال العام هو المقصود في بحثنا هذا والمال العام يتنج من الثروة الوطنية والقومية الباطنية والظاهرية. ومن المفروض أن يكون هذا المال العام مساهماً في نمو وازدهار وتقدم وتطور الشعوب هذا هو رسالة المال. ولكن إذا تم سرقة المال العام فسيكون النتيجة كارثة على شعوبها. إن أي شعب في العالم إذا لم يضبط ماله العام. بالعقل فستكون النتيجة لما نعانيه اليوم نحن شعوب الشرق الأوسط. إن انخداعنا بالأغاني العاطفية والحان شعاراتها منذ قرن كامل أدى إلى غياب حكم العقل في المال العام. يلعب المال العام دوريين أساسيين: 1- دور التنمية. 2- دور حفظ كرامة الإنسان وحريته.
فإذا تم ضبط المال العام. كانت النتيجة التنمية وحفظ كرامة الإنسان وحريته وإذا لم يتم ضبط المال العام. كانت النتيجة وقف التنمية وسحق حرية الإنسان وكرامته والنظام الفعلي الوحيد الذي أثبت التاريخ البشري الذي يضبط المال العام هو النظام الديمقراطي. وقد برهنا في سياق حلقتنا هذه والسابقة كيف يمكن تحقيق الديمقراطية وما هي القوة الفاعلة على الأرض لتحمل رسالة الديمقراطية وتحقيقها في الشرق الأوسط. أخي الإنسان أمامك خياران: 1- إما حكم العاطفة. 2- وإما حكم العقل.
إن كلمتنا الأخيرة التي نود أن نقولها ونسأل ماذا لو قام أحد أصحاب فاعلي الخير ونشر قائمة بأصحاب مالكي المليارات والملايين في الصندوق الإيراني والتركي ولنضيف إلى قوائم صناديق العربية من الخليج إلى المحيط. ونعتقد سوف ترون العجب في هذه القوائم ربما يبلغ المال المسروق مئات الآلاف من المليارات للمعروفين. أما المخفيون فقد يحتاج إلى عقل الكتروني للكشف عنهم. وتستطيع أخي المواطن بنفسك أن تقوم بالبحث في محركات البحث على الانترنت عن المواقع التي تكشف أسماء وأرقام خالية عن الأموال العامة التي سرقوها أصحاب هذه الصناديق الشيطانية. وعندما تحصلون على الجواب الذي طرحناه دائماً,ً وطرحه غيرنا وهو لماذا نحن متخلفون؟. ولماذا نحن شعوب الشرق الأوسط جائعون؟. ولماذا كثرت عندنا السجون أكثر من الجامعات؟. ولماذا تسحق كرامة الإنسان في أقبة السجون؟. ولماذا يمارس كل أنواع التعذيب في أجساد أهل الضمير؟. إن سبب كل ذلك هو من أجل سرقة المال العام.
أنواع التعذيب في سجون الشرق الأوسط: نعرض لكم بعضاً من أنواع التعذيب في سجون الشرق الأوسط وأجهزتها الأمنية القمعية بشكل عام متوخين الدقة بعدم عرض الخصوصية لكل صندوق شيطاني في الشرق الأوسط وما يضيفه على هذه القائمة تحقيقاً لنرجسيته وساديته ونهبه للمال العام.
1 – الضرب على جميع أقسام الجسم باللكم والصفع والركل والرفس ، باستعمال قبضة اليـد والأقدام وحبال الجلد والأحزمة والعصي والأسواط والمطارق والكيبلات الفولاذيـة المضفورة أو الكيبلات داخل الأنابيب البلاسـتيكية ذات النهاية المفتوحة والمهترئـة .
2 – الدولاب : تعليق الضحية بشدها إلى دولاب مشدود في الجدار أو السقف وضربها ( رجلاً أو امرأة ) بالعصي والهراوات والكيبلات أو الأسواط .
3- الفلقـة : الضرب على باطن القدمين ( بالعصي أو الأسواط أو الكابلات حتى تتمـزق القـدمين ، وتنزف منها الدمـاء ، ومن ثم تتورم ، ولا يتمكن السجين من المشي عليها .
4 – بسـاط الريـح : شـد وثاق الضحية إلى قطعة خشب لها شكل الجسم البشري ، ومن ثم ضربها ( رجلاً أو امرأة ) أو توجيه صدمة كهربائية إلى كل أجزاء الجسم .
5 – الشــبح : شـد وثاق الذراعين خلف الظهر ، وتعليق الضحية ( رجلاً أو امرأة ) من ذراعيها الموثقتين أو القدمين ، وتضرب بالعصا أو توجه لها الصدمات الكهربائية .
6 ـ العبـد الأسـود : شـد وثاق الضحية إلى آلـة متحركة عندما تتحرك تطلق سـيخاً معدنياً يدخل في مخرج ( دبـر ) الضحيـة .
7 – الكرسـي الألماني : كرسي معدني له أجزاء قابلة للحركة يشد غليها وثاق الضحية من اليدين والقدمين ... يتجه مسند الكرسي الخلفي إلى الوراء فيسبب توسعاً كبيراً في العمود الفقري وضغطاً مؤلماً على هنق الضحية وأطرافها . ويقال أن نتيجة هذا التعذيب حصول حالة يصعب فيها التنفس حتى يحصل الاختناق ، مع فقدان الوعي ، وفي بعض الأحيان تتكسر الفقرات .
8 – الكرسي "فلان؟؟" : وهو تعديل أدخله خبراء التعذيب "الفولانيون؟؟" على الكرسي الألماني حيث أضيفت له شفرات معدنية على الأرجل الأمامية للكرسي في موضع شـد قدمي الضحية مسببة نـزفاً دموياً حاداً في رسـغ القـدم ، وكاحله .
9 – استعمال وسائل محلية الصنع لحرق أجزاء من الجسم كالصدر أو الظهر ، أو الأعضاء التناسلية ، أو الأرداف أوز الأقدام ... مثل المراجل الكهربائية ( أوعية مياه حارة ) حيث يضغط جسم الضحية إلى داخلها ... ومنها مواقد البارافين المغطاة بقطع معدنية يكره الضحية على الجلوس عليها .... ومنها الحديد المكهرب ... وأدوات اللحام الكهربائية الأخرى ..
10 – الغســالة : طبل مغزلي أجوف يشبه حوض ماكينة الغسيل المحلية الصنع ، حيث تجبر الضحية على مـد يـديه أو يديها إلى داخله حتى يدخل الذراعين كلهما مما يؤدي إلى سـحق الذراعين أو اليدين والأصابع .
11- الحـرق : وضع قطعة من القطن أو الصوف مبللة بالنفط على مختلف مناطق الجسم ثم إشعالها ، أو سكب النفط على قدمي الضحية وإشعالهما ..
12 ـ ثـقب ظهر الضحية أو صدرها بقضيب معدني مدبب وساخن .
13- إطفاء السجائر في الأجزاء الحساسة من الجسم ، واستعمال الولاعات لحرق اللحى أو الشارب أو شعر أي منطقة في الجسم .
14 – استعمال الكهرباء في إي جزء حساس من الجسم بما في ذلك الأذنان والأنف واللسان والرقبة واليدان والأعضاء التناسلية والمخرج والقدمان .
15 – استعمال الأملاح والمواد القلوية ( المحاليل الحامضية ) مع جروح الضحية وحرقـها .
16 – تشريط وجـه الضحية الشفتين والأذنين والأنف ، بسكين حادة أو موسى الحلاقة .
17 – إجبار الضحية على الوقوف حافية القدمين إلى الجدار ويداها موثوقتان فوق الرأس ، وسحق القدمين
18 – النفـخ الموجـه إلى مناطق حساسة في الجسم ، ومنها الوجـه .
19 – تعليق الضحية من اليدين والقدمين إلى عمود السرير أو الدرابزون وضربها ( رجلاً أو امرأة ) .
20 – الفـروج : شـد الضحية إلى مزلاج دوار من الخشب يشبه شريحة الدوست وجعلها هدفاً للضرب بالعصي .
21 – تعليق الضحية من العنق بطريقة لاتكسر الفقرات .
22- تعليق الضحية بمراوح السقف وضربهم وهي تدور .
23 – الاستلقاء بكامل الثياب في ( بانيـو ) ماء ليلة كاملة .
24 – صب المــاء الساخن من الدوش بشكل متوالي ، ثم يعقبه ماء بارد جداً .
25 – قـرص الجلد أو لف الشعر بالكلابتين ( البلايس ) .
26- قلع أظافر اليدين والقدمين .
27- الاغتصاب الجنسي أو الاعتداء على الحرمات وهتك العفـة .
28 – الجلوس فوق أعناق القناني أو دفع القناني أو العصي داخل الشرج والمستقيم .
29 – الوقـوف على رجـل واحـدة مـدة طويلـة جداً ، أو الجري مع حمل أثقـال .
30 – إبقاء الأنوار الساطعة والضحايا في النوم لمدة أيـام .
31 – استعمال مكبرات الصوت لنقل الجلبة والضوضاء والموسيقى الصاخبة ، وعويل ناس يتعذبون ويصرخون .
32- العزل التام في زنزانة صغيرة مظلمة من غير اتصال مع أي إنسان لمدة أيام .
33 – تغطيس رأس الرجل أو المرأة في الماء حتى لحظة الاختناق .
34 – المكسالة : الاضطجاع على الظهر في مواجهة شفرة تتقدم نحو الضحية قبل أن تمس العنق مباشرة .
35 – تهديد الضحية بأحد القارب ( رجلاً أو امرأة ) كالتعذيب و الاغتصاب الجنسي أو بتر ألطراف .
36 – تعذيب سجناء آخرين بحضور الضحية وأمامها .
37 – التعـري أمام الجنس الآخر ( رجلاً أو امرأة ) مع الشتم .
38 – حـرمـان الضحية من النوم أو الطعام أو الماء أو الهواء النقي أو المرحاض أو المعالجة الطبية .
39 – التعليـق في السقف من اليدين .
ترى هل بقيت أنواع أخرى من أساليب التعذيب في الدنيا ولم تستعمل في تدمير الإنسان في الشرق الأوسط وفي دولة سماها جاك شيراك بالصندوق الشيطاني؟ وهل بقي شيء اسمه الكرامة الإنسانية مع أي فرد من شعوب الشرق الأوسط الذين يعيشون داخل هذه الصناديق الشيطانية ومع الشياطين؟. فهل يمكن التكلم عن التطور والتقدم والإبداع والإصلاح في هذه الصناديق؟. والسؤال ترى لماذا كل هذه الأساليب الوحشية بحق الإنسان؟. والجواب هو المال العام ولا شيء غيره. أما العواطف التي نسمعها في الخطب والإذاعات والتلفزة عن حب الوطن والقومية والدين والاشتراكية. والوحدة والمستقبل. والبناء والتطور كله خداع وتضليل ليس هناك وراء كل هذه الجعجعة الكلامية سوى هدف واحد هو نهب المال العام. فإذا لم يتم ضبط المال العام. ستظل نار الجحيم مسلطة على شعوب الشرق الأوسط إلى أبد الأبديين.
17- كلمة ختامية من طريق الحقيقة:
أخي العربي والفارسي والتركي والكردي وجميع الأقليات والأديان والمذاهب في الشرق الأوسط, كلكم بشر والبشر يجب أن يعيشوا حياة إنسانية كريمة. إن الشرق الأوسط هو قلب العالم الذي تمتد عبر شرايينه طاقة الحياة. إخواني الأعزاء.. كلنا بشر لا فرق بين هذا وذاك مهما اختلفت التسميات والهويات والانتماءات وعلى قدم المساواة في الحقوق والواجبات. وكل واحد منا بحاجة إلى متطلبات خمسة: 1- المأكل. 2- الملبس. 3- المسكن. 4- الحاجيات.5- الحرية. وهذه المتطلبات الخمسة مالكها وسلطانها المال. ولا تستطيع المجتمعات البشرية أن تعيش بدون دولة. فإن الفوضى موت والدولة نظام. ولا يمكن أن تكون هناك دولة بدون المال. والدولة تقوم على المال العام الذي فيه كرامتنا الإنسانية وحكايتنا وحياة أطفالنا وحاضرنا ومستقبلنا وقيمنا الإنسانية والأخلاقية. وبه أمننا وسلامتنا وقوتنا. فإن استطعنا أن نضبط هذا المال العام. كان خلاصنا والحفاظ على قوتنا وحظينا بالأمن والسلام والتقدم والازدهار. وإن لم نستطع ذلك كان فيه هلاكنا. إن النظام السياسي الوحيد الذي يستطيع أن يضبط المال العام في الدولة هو النظام السياسي الديمقراطي. إن الحل الوحيد الذي بقي أمامنا لكي ننقذ أنفسنا من طوفان نوح الجديد يحل بنا هو استبدال صناديقنا الشيطانية بدولة ذات نظام ديمقراطي وقد بينا أسس ومبادئ هذه الدولة. وعندها نستطيع أن نحافظ ونضبط أموالنا. إن كل النظم السياسية التي قامت على النرجسية الدينية والقومية والاشتراكية كانت كارثة على البشر. ولم يكن فيها سوى سرقة المال العام لخدمة الطبقة المالكة وحاشيتها. وها هي قصورهم القديمة والحديثة تشهد على ذلك وأخبارهم وأخبار فسادهم مليء في كتب المؤرخين. إيانا أن ننخدع بأقوال المخادعين. إنهم بارعون بالخداع ولهم ألف وألف أغنية في الخداع والتضليل والنظام الوحيد الذي تم ضبط المال في ظله منذ أن مارس الإنسان السياسية وشكل دول هو النظام السياسي الديمقراطي. ليس النظام الديمقراطي هو نظام حكم الملائكة ويجعل من الإنسان ملاكاً بل ستبقى غريزة الملكية شيطان كبير في نفسية الإنسان في أي مكان وزمان ولكن النظام الديمقراطي يقوم على المبادئ التالية:
1- إنه نظام يجدد نفسه كل أربع أو خمس سنوات عبر عملية الانتخاب لتداول السلطة.
2- فإذا تبين أن الفريق الحاكم للسلطة فاسد يمكن للشعب أن يزيلهم.
3- إن الحرية التي يتمتع بها الإنسان في ظل الديمقراطية. تساعده أن يكشف أي مسؤول فاسد وينشره عبر الصحافة ويشهر به في طول البلاد وعرضها.
4- نظام القضاء مستقل في النظام الديمقراطي ولا سلطان عليه سوى القانون. وهذه الاستقلالية تساعده على محاسبة أي مسؤول مهما يكن مركزه في السلطة وبدون أن يخشى أي عقاب.
5- تكون الشفافية من أهم مكونات النظام الديمقراطي أي جميع الثروة القومية مراقبة ومحسوبة وموثقة وتقدم كشف بالحساب للواردات والمصاريف ومن حق الشعب أن يعرف عن كل ليرة تم جمعها أو صرفها.
6- لا يستطيع الحاكم أن يسحب أي مبلغ من الخزينة وصرفه دون موافقة المؤسسات المنتخبة من الشعب.
إخواني في الشرق الأوسط لقد آن الأوان لنحافظ على مالنا العام إن الطبقة القديمة السلطوية التي نهبت المال العام طوال قرن كامل سوف تحاول المستحيل خداعنا وتضليلنا بشتى الأيديولوجيات الدينية والقومية والاشتراكية. إن الثقافة الوحيدة التي تخلصنا فيما نحن فيه هي ثقافة الديمقراطية وهي الوحيدة التي تستطيع أن تحافظ على المال العام. ومالنا العام فيه كرامتنا وإنسانيتنا وتقدما وتخلفنا وتطورنا وحياتنا وحياة أطفالنا. إن الديمقراطية قول وفعل. لا يكفي للإنسان بأن يكون ديمقراطياً عبر إلقائه خطب طنانة ورنانة عن الديمقراطية بل المحك والمعيار الوحيد للإنسان الديمقراطي هو الممارسة وتقوم الممارسة الديمقراطية على المبادئ الآتية:
1- الاعتراف بالآخر وحقه بالمشاركة السياسية.
2- أن يمسح من عقله كل ثقافة النرجسيات الدينية والقومية والاشتراكية هذه الثقافات المؤسسة على الحقيقة المطلقة.
3- أن يؤمن بمبدأ تداول السلطة عن طريق الانتخاب وعلى أساس تعددي شخصي وفكري.
4- أن يطبق مبدأ العلمنة في الدولة أي فصل الدين عن السياسة لأن السياسة تفسد الدين. والدين يجب أن تبقى مهمته الأخلاق السامية.
5- فصل السلطات الثلاث عن بعضها البعض وكل سلطة مستقلة عن الأخرى.
فإذا آمنتم بالديمقراطية وطبقتم مبادئها على أرض الواقع وفي الممارسة العملية اليوم وليس غداً. سلمتم وسلم مالكم وغدكم.
وختاماً نأمل أن نكون قد قمنا بواجبنا بقلمنا وأشعلنا مصباحاً ينير درب شعوبنا نحو حياة إنسانية كريمة.
ولنترك الخيار لكم ولقناعاتكم على ما حللناه في بحثنا هذا. ولا ندعي بأننا نملك الحقيقة المطلقة الكاملة فإذا رأيتم فيها نوراً ومرشداً في حياتكم خذوها. وإن لم تروا فيها الحقيقة ابحثوا عن الحقيقة مع أناس آخرين وفي مكان آخر.
... ودمتم ...



#محمد_تومة_-_أبو_إلياس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - محمد تومة - أبو إلياس - الدولة – من دولة صناديق الشيطان إلى دولة الحداثة