أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - شريف منير …. وجدائلُ الجميلات














المزيد.....

شريف منير …. وجدائلُ الجميلات


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6603 - 2020 / 6 / 27 - 13:33
المحور: المجتمع المدني
    


====================
وما ذنبُ الجمال إن كان بالعيونِ قذًى وقيحٌ؟! وما ذنبُ البراءةِ إذا كان بالقلوبِ صديدٌ؟!
نشر الفنانُ الجميل "شريف منير" صورة لابنتيه الصغيرتين "فريدة وكاميليا" على منصّة "انستجرام" التي ينشر عليها ملايينُ الناس ملياراتِ الصور كلَّ نهار. وامتلأت عيونُنا فرحًا بجمال الصبيتين وبرائتهما، وامتلأت صدورُنا بالدعاء لهما بالحماية، كما يفعلُ الطيبون حين يشاهدون زهور القلوب التي تسير على الأرض. صبيتان صغيرتان في عمر الزهور حديثة الإشراق، ترقصُ البراءةُ على صفحات عيونهما، وتطيرُ خصلاتُ جدائلهما مع النسيم حول وجهيهما المليحين، فيُسرُّ من رأى، وتنطقُ الألسنُ بإعلاء المشيئة والدعاء: "ما شاء الله، ربنا يحمي، ربنا يحرس هذا الجمالَ النقي.”
هكذا رأتهما العيونُ "النظيفة" التي تُحبُّ الجمال وترسم بريشته كلَّ شيء في الوجود. فالعيون النظيفة، ترى كلَّ شيء نظيفًا، لأنها مفطورة بماء النقاء. لكنَّ ثمة عيونًا دنسة مريضة، ملؤها الصدأ والصديد. تلك العيون الدنسة تفتِّشُ عن العوارت تحت طبقات الثياب وتُطاردُ الفواحشَ في ساحات البراءة. العيون الصدئة ليست في الرؤوس، بل في أماكن سفلية لا ترقى إلى مستوى العقول حيث جواهر الترقّي. عيون الشهوة الدنسة لا ترى في الجمال إلا دنسًا وشهوةً، لأنها معجونة بماء القيح والصدأ. لهذا تُسقِطُ الفاحشةَ على كل شيء بريء.
أسفل الصورة الجميلة، كتب أصحاب العيون الصدئة تعليقاتٍ بذيئة حول الفنان "شريف منير" وابنتيه ووالدتهما. فانزعجت أسرةُ الفنان وطلبت منه حذف الصورة لوقف نزيف الألم الذي أصاب الجميع. واستجاب الفنانُ وحذف الصورة خوفًا على أسرته. ثم أدرك أن الهروب من مواجهة القبح لن يزيل القبح من الوجود. فقرر خوض المعركة ببسالة. وأعاد نشر الصورة متوعّدًا بالملاحقة القضائية كلَّ من يُطلق كلمة واحدة مسيئة في حقه وحق أسرته.
هكذا تورَدُ الإبل يا صديقي شريف. أُحييكَ ثم أُحييكَ على قرارك بخوض الحرب التي يخوضها التنويريون منذ دهور في مواجهة القبح. الهروبُ من مواجهة القبح لم يزدنا إلا تراجعًا، وأكسبَ القبحَ استفحالا وتوحّشًا ووحشية.
مَن يرى في كل صبيةٍ أو سيدةٍ مادةً للتنمّر الجنسي، ليس إلا "مرضًا" يمشي على قدمين. لاحظوا أنني وصمته بأنه "مرضٌ"، وليس "مريضًا". ذلك النوع من الكائنات الحية هو المادة الخام للمرض؛ لأنه لا يرقى إلى مرتبة "الإنسان" المريض. ذاك أن إنسانيته لم تكتمل بعد. لم يصل إلى مرتبة التحضّر التي تضعه في خانة بني الإنسان. وعلاج ذلك المرض ليس يكمن في إخفاء الصبايا والنساء عن عينيه، بل في إعادة تربية وتأهيل ذلك المرض حتى يشفى. وخطوة العلاج الأولى تكون بإعلام المرضِ أنه مرضٌ. بمواجهته ومحاصرته وإشهار "مرآة ميدوزا" في وجهه حتى يرى كمَّ دمامته؛ فينصعق ويرعوي ويخجل من نفسه، علّه يطلب العلاج ثم يُشفى. وإن لم تنجح التربية في علاجه، عولِج بالقانون والعقاب.
أحد تعريفات الحضارة هي "رقّة التعامل مع الآخر". وبهذا فإن الغلاظ الأفظاظ ذوي الألسن الشهوانية الزلقة من الأجلاف والمتنمرين والمتحرشين بالكلمات، لا ينتمون إلى مظلّة الإنسان المتحضر. مكانهم في الأحراش والغابات لا مع البشر المتحضرين الذين اختاروا أن يمتثلوا لقيم التحضر والترقّي والسمو الأخلاقي الرفيع.
ويزدادُ الأمرُ غرابةً وطرافةً وإضحاكًا حين يدّعي أولئك المتحرشون أنهم حُماة الفضيلة فيضعون على ألسنهم الزلقة كلمات دينية جنبًا إلى جنب جوار كلمات الفُحش والهوس الجنسي والسُّعار الشبقي. فتخرج عباراتٌ متنافرة متناقضة لا محلَّ لها من الوعي والإدراك والعقل. إذ كيف يجتمع الفُحش مع الفضيلة، والشبقُ مع البراءة؟!
بكل ما نملك من إيمان بقضية التنوير، ندعم الفنان الجسور "شريف منير" على إصراره على حمل مشعل التنوير حتى يُعلِّم بناته درسًا بليغًا في انتزاع الحق بالحق والقانون، وعدم التفريط فيه ولا الرضوخ للجبناء المدنسين؛ بل مواجهتهم ودحرهم لكي يكمنوا في جحورهم كما يليق بهم أن يكونوا. وتحية احترام لابنتيه الجميلتين الجسورتين "فريدة وكامليا" لأنهما استوعبتا الدرس الذي أراد أبوهما أن يتعلماه. درس الجسارة والقوة والمواجهة. وأولا تحية احترام لابنته الجميلة "أسما" التي خاضت معركة التنوير قبل شهور حين قالت رأيًا جسورًا رافضًا للأفكار المتطرفة التي أسّس لها أحدُ الدُّعاة البارزين، وتحملّت الفتاةُ العزلاءُ رصاصات الكلام الجارح، لكنها صمدت ولم تخف من علوّ موجة تقديس البشر المجاني دون إعمال العقل.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درس شريف منير ... لكريماته
- عيدُ الأبِ …. الخجولُ
- اللّهُمَّ اشفِ مرضانا … ومرضى -العالمين-!!!
- الكمامة والقمامة ولغةٌ (قايلة) للسقوط
- احترام فيروس كورونا!
- البابا تواضروس … في شهر رمضان
- التكفيريون: بارتْ تجارتُهم
- منسي: اللي زيّنا عمرُه قُصَيّر
- الطبيعةُ تتنفَّس!
- لا تسخروا من السُّخرية… في السخرية حياةٌ
- -فرج فودة- الذي عاش أكثر من قاتليه
- أخيرًا… وصايا السَّلف الصالح في مناهجنا
- مسلسلات رمضان … في زمن الكورونا
- يُفطرون على دماءِ الصائمين… شكرًا للإرهاب!
- ما لون قبّعتُك … في زمن كورونا؟
- رِهانًا على وعي الأسرة المصرية
- مصرُ العظيمةُ … رمضانُ الكريم
- حين منحني -الأبنودي- منديله لأبكي
- صمتُ السَّعف … صمتُ رمضان
- مِنَصَّةُ الأخلاق … في درس كورونا


المزيد.....




- الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة ...
- الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد ...
- الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي ...
- الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - شريف منير …. وجدائلُ الجميلات