|
أية نكسة هذه لما توجه حماس صواريخها ضد الفلسطينيين؟
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 1591 - 2006 / 6 / 24 - 11:52
المحور:
القضية الفلسطينية
كانت فلسطين دوما ، بالنسبة لكل عربي ومسلم ، رمز الإباء والتضحية نتيجة ما قدمه الشعب الفلسطيني من شهداء ومعتقلين ومنفيين . كما ساهمت الإنتاجات الأدبية والفنية المرتبطة بالقضية الفلسطينية في تشكيل الوجدان العربي المتشبع بالقضية ، فضلا عن بلورة وعي سياسي حقيقي لدى غالبية الشعب العربي ، وضمنه ، بل في مقدمته الشعب المغربي الذي لازال يعتبر قضية فلسطين قضيته الوطنية . كل هذا الزخم النضالي والرصيد التاريخي تعصف به رعونة النفوس. إنها صدمة عميقة لكل عربي ومسلم أن يجد نفسه أمام المفارقات التالية : 1 ـ في الوقت الذي يطوف أولمرت ـ رئيس الوزراء الإسرائيلي ـ لحشد التأييد الدولي لـ" خطة التجميع"التي تقضي بإزالة عشرات من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية وضمها في تجمعات استيطانية كبرى وراء حدود محصنة تقتطع أجزاء كبيرة من أراضي الضفة الغربية، نجد الفلسطينيين في حماس وفتح يقتتلون فيما بينهم ، قتال العدو لعدوه . مما يدعم حجة الإسرائيليين بعدم وجود شريك فلسطيني . 2 ـ تشكيل مليشيات قوامها خمسة آلاف شخص لقتال الفلسطينيين دون الإسرائيليين . إذ قررت حركة حماس تكوين قوة مسلحة تابعة لوزارة الداخلية ضدا على قرار الرئيس أبو مازن ،الذي قرر بدوره تشكيل قوة مماثلة . والفلسطينيون بهذه الرعونة يلغون كل الخطوط الحمراء ويضيفون آلة جديدة لاستباحة الدم الفلسطيني إلى جانب الآلة الإسرائيلية. 3 ـ الصواريخ التي ظلت حماس تتوعد بها قوى الاحتلال ها هي ترتد إلى نحور الفلسطينيين فتقتل منهم ما عجزت عنه بين الإسرائيليين . 4 ـ تحول إسرائيل إلى مزود رئيسي بالأسلحة للفلسطينيين بعد أن كانت هدفا لهم ، وفق ما أعلن عنه رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست تساحي هنيغبي من أنه تم نقل أسلحة ليل الأربعاء الخميس 15-6-2006، بموافقة إسرائيل إلى القوات الموالية لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس بكميات ، حسب "صحيفة "يديعوت أحرونوت" بلغت ثلاث شاحنات جاءت من الأردن وتنقل 950 رشاشا أمريكيا من نوع "ام-16" ، كما أوضحت نفس الصحيفة أنه تم نقل حمولة من 400 رشاش "ام-16" إلى الحرس الرئاسي لعباس في رام الله وأخرى من 450 رشاشا إلى القوة ذاتها في غزة. طبعا ما يهم إسرائيل ، ليس تكوين جيش وطني قادر على حماية الدم الفلسطيني ، بل تمكين الأخوة "الأعداء" من أدوات الاقتتال الداخلي ودفعهم إلى حرب أهلية تقضي على الحلم الفلسطيني . ولعل هذا ما قصده أولمرت أمام النواب البريطانيين بقوله " نريد دعم أبو مازن لكي يتمكن من مواجهة حماس". إن تسارع الأحداث والأبعاد التي اتخذتها في فلسطين تكشف عن حقائق عدة أبرزها : أ ـ أن الفلسطينيين ، كحال العرب عموما ، لا تأتيهم فرصة إلا أضاعوها . وهذا ما سبق وقاله آبا إيبن "الفلسطينيون لا يهدرون فرصة لإهدار الفرص أبدا" . ب ـ أن حركة حماس لا تختلف عن الحركات الإسلامية في لجوئها إلى العنف إذا حيل بينها وبين السلطة . فقد لجأت حركة الترابي إلى العنف بدءا بالانقلاب العسكري ضد الصادق المهدي وانتهاء بالمحاكمات الصورية . وكان حال جبهة الإنقاذ الجزائرية أشد عنفا وأكثر دموية لا يقل شراسة عن العنف الذي أشاعته الفصائل الأفغانية قبل الغزو الأمريكي . وها هي حماس تشرعن العنف على لسان يونس الأسطل عضوها في المجلس التشريعي الفلسطيني والذي أصدر فتواه الشهيرة يبيح فيها قتل عناصر وأعضاء الأمن الوقائي ،حيث قال: ( إن من يقتل عنصرا من جهاز الأمن الوقائي برتبة ملازم فما أكثر يتقرب بدمه إلى الله داعيا ما تبقي من عناصر الأمن الوقائي للإسراع في التوبة إضافة إلى استباحة مراكزهم ومقراتهم الأمنية( . ج ـ أن الفلسطينيين بحاجة إلى حضن عربي رغم علاته ، فإذا تركوا لأنفسهم كانت المأساة . د ـ أن الإسرائيليين أضاعوا من الفرص أكثر مما أضاع الفلسطينيون . ففي مقالة لـأوري أفنيري منشورة بموقع " الحوار المتمدن" تحت عنوان" إهدار الفرص" ، خلص فيها إلى التالي ( كان بإمكان حكومة إسرائيل، التي انتهجت دعاية الكراهية، طيلة سنوات، ضد عرفات، أن تحتضن وريثه. كانت هذه فرصة ممتازة أخرى للتوصل إلى تسوية معقولة. صحيح أن أبا مازن لم يكن يتمتع بالصلاحية التي تمتع بها عرفات، ولكنه لو أحرز إنجازات سياسية باهرة، لكان سيتمكن هو أيضا من الوصول إلى مكانة قوية. غير أن رئيس الحكومة أريئيل شارون قد قاطعه من الناحية الفعلية، ولقبه بسخرية وعلى الملأ "صوص منتوف الريش"، ورفض حتى الالتقاء به. من لم يوافق على أبي مازن حصل على حماس.. من لا يوافق على حماس سيحصل على الجهاد الإسلامي) . والمقصود هو أن التشدد الإسرائيلي لن يزيد الفلسطينيين إلا تشددا. لهذا على الفلسطينيين أن يدركوا أن مصلحة الشعب الفلسطيني فوق مصلحة فصائله . ومن مصلحة الشعب الفلسطيني تجنيبه الاقتتال والتجويع والقطيعة مع الشعوب التي احتضنت نضاله ووفرت له من الإمكانات المادية والسياسية ما قوى صموده وانتزع الاعتراف الأممي بعدالة قضيته . أما ما صدر عن حركة حماس في بيانها إثر مقتل الزرقاوي من تنويه بجرائمه الفظيعة واعتباره " شهيد الأمة" و " مجاهدا بطلا مرابطا" ، فلن يكون إلا استخفافا بمشاعر تلك الشعوب ، وفي مقدمتها الشعب المغربي الذي فقد اثنين من أبنائه على يد هذا الإرهابي الذي تعظمه حماس . الأمر الذي سيزيد من تعقيد وضعية الفلسطينيين ويغتال وطنهم الجنين .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
موسم هرولة الإسلاميين لاسترضاء الأمريكيين 2
-
موسم هرولة الإسلاميين لاسترضاء الأمريكيين - 1
-
مواجهة الإرهاب مسئولية الجميع
-
بعد ثلاث سنوات أين المغرب من خطر الإرهاب ؟
-
هل يمكن تعميم المنهج السعودي في مواجهة الإرهاب الإسلاموي ؟
-
الشيخ ياسين يجعل من الخرافة فُلك النبي نوح
-
هل يفلح الحوار المتوسطي في تفعيل الحوار المغاربي ؟
-
هؤلاء هم أعداؤك يا وطني
-
رسالة إلى الدكتور شاكر النابلسي
-
القرارات السياسية تتغذى على الأعراف وتوظفها لتهميش المرأة وإ
...
-
الفقه شرعنة للعرف وتشريع للتمييز ضد المرأة
-
عولمة الإرهاب وعولمة الحرب عليه 2
-
لما تصير المرأة ضحية العُرف والفقه والسياسة(1)
-
أصبح ممكنا الحديث عن عولمة الارهاب وعولمة محاربته 1
-
الفكر التفجيري والفكر التخديري وجهان للعمل الإرهابي الذي ضرب
...
-
شيوخ التطرف هم ملهمو الرسام الدنمركي وشياطينه
-
أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن 2
-
التحالف مع العدل والإحسان لا يكون إلا على أساس معاداة النظام
...
-
أمة لا تجتهد إلا في قهر النساء وتبخيسهن -1
-
مغالط من يماثل بين غاندي الهند وياسين المغرب
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|