في22 نيسان أبريل 1979 كان سمير القنطار يقود مجموعة من أربعة فدائيين من جبهة التحرير الفلسطينية التي كان يتزعمها الراحل طلعت يعقوب ( توفي سنة 1988) أبحرت من شاطئ الجنوب اللبناني إلى الشواطئ الفلسطينية في نهاريا،حيث كانوا يريدون اختطاف عالم الذرة الإسرائيلي (داني هران) الذي قتل فيما بعد وخلال عملية الاشتباك التي جرت بين الفدائيين بقيادة البطل اللبناني في عرض البحر، هذا بعد أن نجح سمير ومعه رفيقه الأسير الذي تحرر سنة 1985 ، السوري أسعد الأبرص في الوصول إلى زورقهم المطاطي والإبحار مع عالم الذرة وأبنته، بينما كان البطلان سمير عبد الواحد ومهنا المؤيد يشغلان جنود الاحتلال وحرس الحدود في نهاريا كي يتمكن سمير واسعد من الإبحار بهدوء مع رهائنهم من الإسرائيليين.لكن الأمر أكتشف ولاحقت الزوارق الحربية والسفن الإسرائيلية وطائرات الهليكوبتر زورق المجموعة وعندما تأكد للإسرائيليين بأن حظوظ وصول المجموعة للبر اللبناني قد تكون ممكنة وفعلية قاموا بإطلاق الرصاص والقنابل والاشتباك مع المجموعة مما أدى إلى مقتل عالم الذرة الإسرائيلي وابنته برصاص جيش الدفاع وكذلك إصابة كل من سمير واسعد بجراح وأسرهما كلاهما. وقد حكم على سمير بالسجن المؤبد 35 مرة هذا بالإضافة ل47 سنة إضافية بحيث بلغت عدد سنوات الحكم مجتمعة 542 سنة قضا منها سمير لغاية الآن 24 عاما وها هو على أعتاب دخول عامه الخامس والعشرين. ويعتبر سمير من أهم القيادات الوطنية في السجون وواحد من أعلامها الوطنيين والقوميين وأحد أبرز القادة في المعتقلات والسجون ومن أقدمهم بجوار شيخ المعتقلين أبو السكر وبعض الأسرى القلائل الذين أمضوا أيضا سنوات طويلة في السجن ولازالوا يواجهون بصر وثبات وحزم وإيمان وعزيمة مصيرهم الآني وينتظرون من المخلصين لقضياهم العمل الفعلي والد ؤوب من أجل نصرة حريتهم والعمل لتحريرهم بكل الوسائل والطرق الممكنة.
وفي معرض استغلالها لعملية اعتقال السيد أبو العباس زعيم الجناح المنشق عن جبهة التحرير الفلسطينية والذي كان يشغل منصب نائب الأمين العام للجبهة أثناء فترة تنفيذ عملية نهاريا،حاولت إسرائيل استغلال عملية الاعتقال وقرب حلول ذكرى العملية التي آلمتها وأنزلت فيها خسائر هامة بالإضافة لمقتل عالم الذرة المذكور والذي كان من موظفي مفاعل ديمونا النووي. وتقول (سمدار هران) زوجة عالم الذرة الإسرائيلي المقتول في العملية أنها فقدت زوجها وابنتيها بسبب العملية المذكورة، أي أنها لم تنس، هذا عادي وطبيعي ولا يستطيع الإنسان أن ينسى أحبائه الذين قتلوا ويقتلون في الحروب، لكن ماذا تقول الأمهات الفلسطينيات عن فلذات أكبادهن الذين قتلوا و يقتلون كل يوم وبنفس السلاح وبفعل نفس الأيادي السوداء التي قتلت أجدادهم وآباءهم منذ النكبة وحتى الآن. أما إسرائيل فهي كعادتها تريد إسرائيل استثمار عملية اعتقال أبو العباس لتكرر أن الإرهاب صفة من صفات الفلسطينيين مع أن الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية تؤكد على عدم جواز ملاحقة أي فلسطيني ارتكب أعمالا ضد إسرائيل وأمريكا حتى يوم 28-09-1993 وعلى هذا الأساس شارك أبو العباس في مؤتمر غزة للمجلس الوطني الفلسطيني وقام بعدة زيارات لقطاع غزة من معبر رفح وبموافقة إسرائيلية، كما هو معروف فأن أبو العباس وافق أيضا هو ومن معه من الجناح الذي يقوده في تنظيم جبهة التحرير الفلسطينية على اتفاقية أوسلو ومشتقاتها. والملفت للنظر في هذه القضية أن الذين يقفون وراء اعتقال أبو العباس يريدون فقط تحقيق انتصارات ولو وهمية وشكلية على ما يسمونه الإرهاب العالمي، فهل اعتقال أبو العباس انتصارا على الإرهاب أم انكسارا للأسباب؟ انه بكل تأكيد انكسار للسياسة الأمريكية المنسجمة مع الدجل والكذب والتحريف والتزييف الذي يجتاح أمريكا بعدما اغرق إسرائيل. أبو العباس شخصية فلسطينية قيادية لها مكانتها السياسية في هيكلية منظمة التحرير الفلسطينية وهو عضو في المجلس الوطني الفلسطيني، لذا فأن اعتقاله يشكل اعتداءا على الشرعية الفلسطينية ومساسا بالمشاعر الوطنية الفلسطينية على الرغم من أن هناك من الفلسطينيين من لا يتفق مع أساليب وسياسات أبو العباس في العمل ولا يوافقه الرأي في خياراته السياسية التي يعتبرها ذاك البعض بأنها لم تكن صائبة منذ أن قام بالانشقاق عن جبهة التحرير الفلسطينية، هذا التنظيم الفلسطيني الذي أنجب أبطالا وروادا مشهود لهم في العمل القومي والوطني وليس سمير القنطار أولهم أو آخرهم لكنه بالتأكيد واحدا من رموزهم المنيرة والمستنيرة.
في يوم الأسرى العرب المميز ويوم سمير القنطار الأكثر تميزا ومفخرة للشعوب العربية، يؤكد الشعب الفلسطيني بصموده ومثابرته بأنه لازال ملتزما بحرية سمير وإخوانه ورفاقه من الأسرى والمعتقلين العرب والفلسطينيين والامميين، هؤلاء البواسل الذين قاتلوا مع الشعب الفلسطيني من اجل حرية واستقلال وتحرير فلسطين.هؤلاء الذين لهم علينا دين ولنا أن نعمل من أجل سد هذا الدين، ولا يتم تسديد الديون إلا بتحريرهم من المعتقلات والزنازين والسجون التي حولها سمير ورفاقه لمدارس تخرج أجيالا جديدة من ثوار فلسطين الذين خرجوا من السجون ليفجروا الانتفاضة ويقودوا المقاومة في فلسطين.
في يوم سمير القنطار ويوم الأسير العربي المصادف 22 ابريل نيسان من كل عام نقول لسمير الكبير أنه لا مكان بيننا لمن يساوم على حريتكم، و حرية شعبنا هي كحريتكم مقدسة ومحفوظة وحاضرة دائما ولن تتم بدون حريتكم، فحرية فلسطين المحتلة وفك قيدها من حريتكم ومن فك قيدكم، فلن يفك القيد إلا جماعة، فأنتم وفلسطين سوف تتحررون ولو بعد حين.. أما رسائلكم من خلف القضبان فهي الحافز الذي يجعل الإصرار فينا يكبر ويزداد ويعلو عاليا حتى يطال بكبريائكم عزة الأرض وما عليها وما فوقها من سماء.
فلن تدم عتمة الليل ولن تطل وحشة الزنزانة ولا بد للقيد أن ينكسر وللحرية الساطعة أن تجاور ضياء الشمس في بهجتها ونورها القادم مع أنواركم. نحن نتعلم منكم كيف نداوي الجراح وكيف نتمكن من الاستمرار على الرغم من حريتنا المقيدة بعار التجربة وسخط الاتفاقيات وما صنعته المذلة بالذين وقفوا في المحطات التي كانت على طريق الخلاص.في يومك ورفاقك وإخوتك الأسرى العرب في سجون الاحتلال نقدم لكم تحياتنا وسلامنا وعهدنا على متابعة المسيرة حتى إطلاق حريتكم وزوال حرية الاحتلال في العبث بأرضنا،وما على سجانكم سوى الاستعداد لإطلاق سراح نفسه من سجنه الذي سجنكم به طيلة تلك الأعوام،لأن إرادة الشعوب هي التي تنتصر على قمع الجلاد مهما طال الزمن ومهما كان جبروت القهر وسلطة الإرهاب والقمع.