|
الأديان و الطوائف المتشددة في سورية
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 6598 - 2020 / 6 / 21 - 22:37
المحور:
المجتمع المدني
دين الدّولة هو الإسلام لا يعني بأي حال أنه يقتصر على الإسلام السّني، من وجهة نظري فإن إيران قد تكون أكثر تشدداً من السّعودية ، ربما العكس أيضاً، كلاهما يستعمل الدين كوسيلة ، وطالما نتحدّث عن سورية فلا بد من استبعاد إيران ، و السعودية، حيث يعتبر النظام السوري الطائفي أن جميع السّنة إرهابيين، وهو يحارب الإرهاب. قبل أن ندخل في العمق أرغب أن أسأل: هل يوجد علمانيون في سورية ، بالنسبة لي لا أعرف من هم العلمانيون، أعرف أن هناك دين علماني يؤمن بنظرية دارون التي لم يثبت صحتها، ومع هذا سوف أتجاوز هذا الموضوع ، و أفترض أنه يوجد علمانيون ، فمن هم؟ سوف أضرب مثالاً: دعيت إلى مكتب الحزب الشيوعي في القامشلي كي ألقي محاضرة عن المرأة، لم أكن شيوعية في ذلك الوقت، لكن أعادوا الصلة بي من باب أنهم قد يكسبونني. اشترطت أن يتم تقديمي باسم الأستاذة المحامية، و ليس باسم الرفيقة. طبعاً جميع الحضور أعرفهم ، و يعرفونني بدءاً من أعضاء المنطقية، و انتهاء بزوجات الشيوعيين الذين يحضرون المناسبات من أجل أزواجهم، طبعاً الرّجال كلّهم علمانيون بمعنى أنهم لا يصومون، ولا يصلون، يشربون الخمر، يؤمنون بحريتهم الشخصية، و أغلب النساء لا تسمع من كثرة ترداد الشّعارات على مسامعهن، أغلبهن لا ينتخبن أزواجهم في الانتخابات الحزبية ، وهذا سر قاله لي بعضهنّ. تحدّثت يومها من ضمن ما تحدثت عن المهر، كان الرجال يرغبون بإلغاء المهر لأنه رجعي، أرجو أن تتأنوا في سماع رأيي: كان في ذلك الزمن عرف عند الأكراد،" و أغلب الشيوعيين في القامشلي أكراد " أن يكون مؤخر المهر 500 ليرة سورية ، و المقدم حسب الاتفاق والعرف حيث يدفع العريس المهر لوالد العروس فيجهزّها، أحياناً يحتفظ بقسم منه ، تدور الأيام، ويستولي الزوج على طوق الذّهب أو الإسوار الخاص بزوجته بحجة ضيق ذات اليد، لكن هذا لا يمنع أن الطلاق بيد الرجل، و أنه قد يدفع تلك الخمسمئة ليرة في المحكمة ويطلق بسهولة، وهذا ما حدث مع إحدى صديقاتي، فبعد أن وصلت إلى عمر الخمسين طلقها زوجها ، وبقيت صفر اليدين. يبدو أن النساء ارتحن لطرح موضوع المهر فسألتني إحداهن : هل تؤمنين بالمهر، وكان أبو وليد عضو لجنة منطقية ينتظر إجابتي، قلت للمرأة : ليس للمهر قيمة لأنه بمرور الوقت تنخفض قيمة الليرة ، يجوز أن يكون المهر بالذّهب لو أردتم، لكنّ الزواج شركة، وهذه الشركة تحتاج إلى بناء. لا ضرورة للمهر على أن يكون للمرأة نصف بيت الزوجية مثلاً. انتفض الرفيق، وقال: تحرضين النساء علينا! يريدون أن يلغوا المهر، و الدولة دينية، و الزواج وفق الشريعة، أي أن تصبح المرأة سبيّة يرمونها بين ليلة وضحاها. تلك أمثلة فقط عن العلمانية الخالية من الإنسانية. التعصب الديني عند الأقليات يعادل التّعصب الديني عند الأغلبية ، أحياناً يفوقه، لكن تحت اسم العلمانية .تقوم الأقليات من الطوائف بالترويج إلى أنها علمانية ، تلك العلمانية هي نفسها التي مارسها الشيوعيون سابقاً ، هي علمانية غير إنسانية لناحية المرأة ، وهنا لا أتحدث عن الحجاب كون الكثير من العلمانيين نساؤهم محجبات ، وفي سورية ليس الحجاب حرية شخصية أبداً، و ليس إكراهاً فهناك بيئات محجبة مئة في المئة . المرأة في أغلب الأحيان تتحجب باختيارها لأن خياراتها في الحياة كخيار صديقتي في المهر، مع الزمن يصبح الحجاب جزءاً من جسدها. في المقابل: بعض الأقليات لا يحجبون نسائهم فهل هم أكثر تطوراً؟ بثينة شعبان غير محجبة، وكذلك أسماء الأسد، وسوزان نجم الدين . هل تعتقدون أن هؤلاء النساء هن أكثر تنوّراً من المحجبة. نحن ننظر إلى موقف المجتمع تجاه المرأة ، وهنا يمكن القول أن المرأة غير موجودة أصلاً ، وربما لا ترث عند بعض الأقليات. إن كانت المرأة من محردة مثلاً فلن تكون محجبة، و ليس بالضرورة أن تكون متمدنة، أو لها حقوق ، و إن كانت من حلب، فسوف تكون محجبة لأنّها ضمن بيئتها، قد لا تحظى بحقوق. حتى في الدول العلمانية ، رغم وجود المساواة ، بل أكثر من ذلك فإن بعضهم يعتز أن حكومته نسوية كالسويد، لكن الرجل الحقيقي يبقى رجلاً فالمساواة لا تعني تغيير الجنس، و يقدّم الحلي لزوجته ، يرعى الأطفال معها، وفيما عدا الاستثناء قد يتفاهمان حول مستقبل الأطفال لو أرادا أن يفترقا. لن يكون هناك علمانية في دولة دينية طائفية كسورية، فالعلمانية هي خيار كالروحانية، لن نصل إلى هذا الخيار إلا إذا بنينا مجتمعاً مدنياً يتعلم الأطفال فيه الإنسانية ، يتم تربيتهم منذ أعوامهم الأولى على حبّ البحث عن الحقيقة. أي أن الأمر يحتاج إلى أجيال حتى يختار الفرد علمانيته أو دينه ، هذا لن يتم في سورية ، ولا في أي مكان من الوطن العربي ، فالعلمانية في الوطن العربي تعني أن تمجد طائفتك ، و تلعن الإسلام ، كما أن تخلف الكثير من المسلمين بلغ أوجه، هم يسمون أنفسهم ثواراً ، ويطالبون بالدولة الإسلامية ، و نحن أين نحن؟ نحن لسنا من أولئك ولا هؤلاء. نحن في القاع كرة يتقاذفها الجميع.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أكثر من ستين عاماً من الرّقص
-
الفن و الأدب في الدولة المستبدة
-
على وشك أن نعبد الأسد!
-
هل البيضة خرجت من الدجاجة، أم الدجاجة خرجت من البيضة ؟ سياسي
...
-
النّظام الأسدي، و الإسلاميون وجهان لعملة واحدة
-
لا تقتلوا الأسد!
-
أنقذوا حياة السّوريين
-
لن ينقذنا أحد
-
جورج فلويد: لماذا يمنحني منظر هؤلاء المتظاهرين الشجعان المنه
...
-
رحيل الأسد ضرورة إنسانيّة
-
الغضب الاستعماري
-
كيف سوف يكون رحيل الأسد؟
-
كيف توفر آراء العالم غير الدينية العزاء في أوقات الأزمات
-
مؤسسة الآغاخان
-
إعادة تدوير الفساد في سورية الأسد، و ما بعد الأسد
-
شراء الجنس
-
ابق يقظاً! إنّه الوباء !
-
قل لي أين تبيض أموالك أقل لك من أنت
-
سوق الدّين، والدّنيا
-
يجب على الأوروبيين والروس أن يتذكروا ما ربطهم ببعضهم البعض:
...
المزيد.....
-
صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق
...
-
أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
-
كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ
...
-
مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
-
ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم
...
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|