|
حمى إسقاط التماثيل والنزعة الصفرية عند العراقيين...
موسى فرج
الحوار المتمدن-العدد: 6598 - 2020 / 6 / 20 - 23:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
النزعة الصفرية عند العراقيين صحيح إنها لم ترد في معجم لسان العرب لابن منظور، ولا في معجم العين للخليل بن أحمد الفراهيدي ولكنها مستخدمة من قبل عدد غير قليل من الكتاب العرب يصفون بها طريقة تفكير العراقي، ويقصدون بها إن موقف العراقي دائماً حدي وعلى طريقة عادل إمام يبيض يسود... هذه الأيام وفي حمى المظاهرات المناهضة للعنصرية التي تجتاح الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوربية إثر مقتل المواطن الأمريكي جورج فلويد خنقاً تحت ركبة ضابط الشرطة الأمريكي وتحت وقع الصيحات المنددة بالعنصرية والتمييز تجتاح العالم حمى إسقاط المتظاهرين تماثيل ونصب رموز العنصرية والإتجار بالرقيق...ففي أمريكا بدأوا بتمثال كريستوفر كولومبس الذي اكتشف القارة الأمريكية فأسقطوه أرضاً، ومن ثم أثنوا على تمثال الرئيس الأميركي جيفرسون ليطرحوه أرضاً هو الآخر في فيرجينيا، وفي بريطانيا داسوا تمثال بالأقدام، وغطوا آخر بالملاءات، وسحبوا ثالث وأغرقوه في اليم ... وفي بلجيكا أسقطوا تمثال الملك ليوبولد الثاني... ومع إن قضية إسقاط التماثيل لم تكن جديدة في العالم فقد أُسقطت تماثيل القادة السوفيت في أوكرانيا عام 2013، ورومانيا عام1990 وأثيوبيا عام 1991 وفنزويلا عام 2004، إلا إن العراقيون هم الروّاد في هذا المجال عندما أسقطوا تمثال مود عام 1958 ولم تسبقهم إلى ذلك سوى المجر التي أسقطت تماثيل القادة السوفيت في عام 1956، وفي عام 2003 عبث صبية بغداد وعموم بلاد ما بين النهرين بتماثيل صدام...وسلوك العراقيين في عمليات السحل وتعليق الأجساد قائمة على قدم وساق منذ أمد بعيد وهو ما يؤكد صفرية التفكير العراقي ... قبل عام 2003 كنت في ذهابي وإيابي بين بغداد والسماوه أمرّ على صديق عزيز جداً في الحلة لأقضي معه ساعة أو ساعتين لأواصل رحلتي...كان صديقي الحلاوي الأثير بعثي قديم ومنشق على البعث بعد وصول صدام للسلطة لهذا السبب لا أفوت ذهاباً أو مجيئاً دون المرور عليه لأجد صدره مفتوحاً لنمارس حفلة شتم صدام والبعث براحتنا كان صديقي فيما مضى وفي منتصف الستينيات يشغل منصب مدير بلدية الحلة لكنه إنتهي به المطاف ليتخذ من دكان للعطارة مصدراً للرزق بعد انشقاقه على البعث ولكن والحق يقال فإن صاحبي خلص عمره منشق فالآن ورغم أنه سيد عميدي وبإمكانه وضع عمامة ليغتني لكنه أيضا منشق على المعممين ، في احدى المرات وبينما كنا نجلس في الدكان نشتم على راحتنا أقبلت طفلة لا يتجاوز عمرها 6 سنوات وهي تحمل قبضة من أراق نقدية فئة 50 دينار طبع وناولتها لصديقي وقالت له : عمو أريد بيضه ... وعندما ناولها البيضة وأراد أن يضع النقود في الدرج أمسكت يده القابضة على النقود فتفاجأ وبحلق في وجهي ظناً منه إنه ارتكب خطأً قلت له : الله عليك ذاك نضالكم الطويل مارستموه حتى تسوون البيضه أم الفلسين بهذه القبضة من الدنانير...؟ ضحكنا حتى أبتلت وجناتنا... قال: أحچيلك شغله، قلت تفضل، قال: بردة تشرين 1963 اعتقلونا وأخذونا لسجن الفضيليه ...منو لكَينا كَدامنا ...؟ الشيوعيين اللي أحنا معتقليهم قبل ذلك... بطريقنا للسجن حسبنا أنه راح تصير مشكله ويا الشيوعيين من ندخل للسجن بس تفاجأنا الشيوعيين من دخلنا عليهم بطابور أستقبلونا بأغنية: سبحان الجمعنا بغير ميعاد ...تسامرنا وحچينا والعذيبي تنسم، سبحان الجمعنا بغير ميعاد، صديقي ذكر لي اسم المطربه بس آنا نسيته... قبل أشچم سنه كتبت مقاله ذكرت فيها حكاية صديقي الحلاوي وما قاله عن أغنية تسامرنا وحجينا لزهور حسين وچان تجيني قذيفه صفريه من صديقي الأثير دكتور عدنان الظاهر من أعماق ألمانيا ومن ضفاف نهر الراين وهو يقول: شلون تكَول أغنية تسامرنا وحچينا لزهور حسين ...؟ لا يابه هاي الأغنيه للميعه توفيق شداتحچي أنت ...؟ آنا ما واكَف على أرض صلبه وأوثق الأسماء مثل دكتور رشيد الخيون ، رأساً رفعت الرايه البيضا أمام هجوم صديقي الظاهر واعتذرت ، قبل اشجم يوم كتب لصديقي وقلت إن الفوضى بالعراق مثل نهر أرسطو لا يمكنك دخوله مرتين ...بعد ما دزيت الرساله أنتبهت احتمال عبارة النهر لأفلاطون وانا كتبته لأرسطو وراح أتعرض لقذيف صفريه عراقية مثل قذيفة صديقي دكتور عدنان الظاهر ، رحت للكَوكَل أتأكد من قضية النهر لكَيته لا لأرسطو ولا لأفلاطون وإنما لهيراقليطس ، كتبت لصديقي معتذراً وذكرت له شغلة الأغنيه فكتب لي : بس لمعلوماتك أغنية تسامرنا وحچتنا لا لزهور ولا للميعه وانما لوحيده خليل ...! كَلتله: دكَلّه للظاهر يمعود بوكتها چان سوا علي منع سفر وچان حالني جنحه... قبل أسابيع صادف ذكرى تحرير الفاو وهمين عبر العراقيون عن نزعتهم الصفريه فالبعثيين ترسوا الفيسبوك زرق ورق محتفلين بالمناسبه ويصوروها إنجاز لصدام، ومن يعارضهم يعتبرونه فاقد للوطنية وسليل العماله، والآخرين شجبوا المناسبه ورفضوا الاحتفال بها لأن ضحايا تحرير الفاو بلغ عديدهم 50 ألف عراقي ويقولون عمن يحتفل بالمناسبة أنت بعثي أبن بعثي وسليل صدام ، آنا الفقير لله كَلت يجماعه الحچي مو هيچي لازم نفصل بين قضيتين: تحرير أرض عراقية وهي مناسبة تستوجب الاحتفاء بها ، وفقدان 50 ألف عراقي لأرواحهم مناسبة تستوجب الشجب والإدانة لصدام ونظامه اللذان تسببا بها في أصلها وختامها، قبلها بحوالي شهر مرت مناسبة 9/ 4 وهمين بعضهم أعتبرها تحرير واحتفل بها والبعض الآخر اعتبرها احتلال ولبس السواد ...وكَلنا يجماعه مو هيچي الحچي...لازم نفصل بين قضيتين سقوط نظام صدام نحتفي به واحتلال العراق نحزن بسببه...اليوم نفس الشغله راح تجي 14 تموز وهمين بعضهم يريد يشيطن 14 تموز وقيادتها لأنها تسببت بسحل نوري والوصي وانقتل فيها ملك شاب يعود نسبه إلى الهواشم من قريش، والبعض الآخر يريد يحتفل بيها باعتبارها خلصته من نفوذ الإقطاع وبعض من شيوخ العشائر الذين كانوا يحلقون شوارب أتباعهم ويضطهدون الناس بأكثر مما فعل الضابط الأمريكي بجورج فلويد المواطن الأمريكي الأسود ... وهمين آنا الفقير لله أكَول يجماعه الحچي مو هيچي لازم نفصل بين قضيتين، نظام نوري سعيد ندينه بأبلغ عبارات الإدانة والغوغاء الذين قاموا بالسحل وقتل الملك الشاب ندينهم ونستنكر فعلتهم، ولكن أن نشيطن 14 تموز وقيادتها لأمر لم يقترفونه وإنما نوري سعيد هو من هيأ الأرضية لحصوله ...هذا لا يجوز وكافي عاد لازم نطلع من النزعه الصفرية في تفكيرنا...وتفضلوا شوفوا بعد 62 سنه من إسقاط العراقيين لتمثال مود ستانلي الشعوب بدأت بإسقاط تماثيل رموز العنصرية وفي هذا لم نكن إلا الرواد في هذا المنحى وعود اللي يعتقد هذي الشغله تتعارض مع قيم الحفاظ على الجمال فليذهب إلى ما يكل أنجلو ودافنشي اللذان صنعا الجمال ويمر بطريقه على فان كوخ الذي يصنع من القمامة لوحة مبهرة تشد الأنظار ....
#موسى_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما اجتمع مسؤول كويتي بنظيره العراقي إلا والشيطان ثالثهما ...
...
-
شعارات الكاظمي مثل رضيع يلبس حذاء والده...
-
الفوضى المستدامة في العراق ...
-
رمضانيات...
-
قضية مكافحة الفساد في العراق...ثمة خطأ شائع
-
بين د. قاسم حسين صالح وسعدي الحلي...
-
ما قل ودل...
-
جابر...الذي لم ينصفه قومه...
-
إنهم يأكلون ما لله وما لقيصر وما لعلاوي...
-
علاوي من دون عمام ليس أقل سوءاً من غيره بعمام...
-
من يزرع الفساد يحصد العواقب ...
-
لو فعلناها لقاسمناهم المجد حقاً... دعوة للعراقيين وفي مقدمته
...
-
من يجرؤ ليقضي بين أشياخ القضاء العراقي...؟
-
العراق من محنة الى أخرى في وقت عزَّ فيه الناصر...
-
الاتفاق الصيني بين فقاء عبد المهدي وضجة رفيقات منال يونس...
-
. الاتفاق الصيني ورفيقات منال يونس... (2)
-
الاتفاق الصيني ورفيقات منال يونس...
-
قانون الانتخابات وضياع الرؤية في لجة التفاصيل ...
-
حال البرلماني الفائز وفق الدوائر المتعددة...
-
رداً على رسالة الأستاذ الفاضل حامد الحمداني...*
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|