|
الله أم صورة الله البشرية؟
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 6597 - 2020 / 6 / 19 - 14:32
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أوصلتنا النصوص الدينية لمن يقولون عنه أنه الله إلى طريق مسدود لا وجود فيه لإله حقيقى يمكننا الوثوق فى كلامه، لأن النصوص التوراتية والقرآنية المأخوذة عنها قصص السابقين كشفت عن وجهها ومخترعها البشرى، لأنها مجرد قصص تحكى أحداث حاكم دكتاتور دموى لا يحب من يختلف عنه بل من ليس معه فهو عليه، هكذا يفكر هذا الإله ذا الفكر الطفولى حتى أصبح البشر فى نظره أعداءه لأنه ببساطة لم يتحدث معهم ويظهر لهم شخصه كإله، بل كان شخصاً خرج من خيال المتشوقين إلى آلهة تسود عليهم وأجلسوه على كرسى عرشه وسردوا قصص عنه وأساطيره وأوامره الدموية التى يدمر بها مجتمعات بأكملها ليزرعوا الخوف فى قلوب البشر، كما رواها ودونها أدعياءه الرسل فى كتب واطلقوا عليها صفة القداسة حتى لا يشك فيها أحد أو يتجرأ فى وصفها بالخرافات العقيمة.
هذا الطريق المسدود وجدنا فيه سيوف رجال الله يسلطونها على رقابنا لأننا لم نؤمن بكلامهم الطفولى الغريب، ولأننا رفضنا الأنصياع إلى عقائدهم التى ورثوها عن أجدادهم وأجداد أجدادهم ورثوها عن اجداد أجداد أجدادهم وهلم جرا..، وأمام هذا الكلام الموروث والمنقول من جيل إلى جيل شفاهية ثم كتابة لا يوجد أحد على ثقة فى قائل هذه القصص، ومستحيل على الله نفسه الظهور لأنه لا وجود له فى عوالمنا المادية أو الروحية لكن الإنسان البائس يبحث عن إله يتعبد له ولو لم يكن له وجود حقيقى، بل إله يختلف عن الأصنام أنه صنم غير مرئى يقنع نفسه أنه موجود فى مكان ما ويحارب ويقتل من أجله، حتى يكون له أتباع يقنعوا أنفسهم فى وجود هذا الإله ويرفعون إليه أيديهم بالصلوات والتضرعات والتوسلات بأن يرزقهم ويشفيهم من الأمراض ويبعد عنهم الكوارث والجائحات مثل كورونا، رغم أنه كما يقولون هو إله واحد يفعل ما يشاء يفعل الخير ويصيب البشر بالشر والأمراض التى لا يعرفها إلا هو لأنه العليم والخبير والبصير الذى على كل شئ قدير!
قد يضحك بعضكم فى سره مستعجباً: إذا كان الله إله حقيقى خالق كل شئ، هل يحتاج أن يوصف نفسه بانه عليم وخبير وبصير وجبار وقادر على فعل أى شئ...؟؟ وهل هناك آلهة أخرى موجودة تنافسه هذه المكانة التى لا وجود فيها لآلهة أخرى؟ طبيعى أن يكون الخالق عليم بكل شئ بل هو مصدر العلم والسمع والبصر والإرادة والمشيئة بل مصدر وجود كل شئ، إذن هل يوجد إله أو حاكم يتكلم عن نفسه بهذه الطريقة البدائية الطفولية؟ للأسف نعم يوجد إله لكنه بشرى من لحم ودم هو الذى كتب كل هذا وفى أولى النصوص التوراتية وضع أساس الألوهية حين قال فى التوراة العهد القديم فى سفر التكوين 1: 27 : فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. الكلام بسيط وواضح ولا يحتاج علماء دين وكهنة وحاخامات ليفسروا الكلام أكثر من هذا إلا إذا كانوا يريدون تحريفه بتأويل معناه الحقيقى، يستطيع كل إنسان أن يفهم من هذا الكلام أن الإنسان على صورة الله ولكل إنسان أن يتخيل هذا الإله الذى لم يراه أحد، بمعنى أننا لو قلنا: خلق الإنسان الله على صورته، لأن هذه هى الحقيقة التى يخاف المتدينون ورجال الدين تصورها لأنها تنسف وجودهم وتنسف الحاجة إلى تآويلاتهم الخرافية البعيدة عن المنطق والعقل، لأنه إذا كان الله خلق الإنسان على صورته أى أن الإنسان هو صورة الله على الأرض، ولو رجعنا إلى النصوص المكتوبة سنجدها كتابات بشرية تعكس صورة الإنسان وصفاته وشخصيته والتى بدوره عكسها الإنسان على الله أو على صورة الله!!
هل وصلت الفكرة؟ إنها فكرة بسيطة لكنها أختفت من تفكيرنا بفعل تآويلات وتفسيرات رجال الدين التى أبعدت عقولنا عن الحقيقة الواقعية، فى الأديان الثلاثة يتفقون أن الله أو الإنسان كل واحد منهم هو صورة الآخر مع الأختلاف فى أن الإنسان صورة مصغرة من الله، لكنه يتمتع بنفس الصفات التى كتبها وعكسها عن نفسه وطبقها على صورة الله وجعله الخالق العظيم الجبار المهيمن إلى آخر الصفات التى تليق بالإله الواحد، أى أن الإنسان الأول ولا أقصد أدم وحواء الأسطوريين وإنما الإنسان الأول الذى بدأ التفكير فى آلهة مختلفة عن آلهة الوثنيين أى الأصنام المادية التى لها نفس أشكال الإنسان من جسم وهيئة حقيقية أمامه، أرتقى بفكره وخياله ليجعل الله الإله الجديد غير مرئى وأصبغ عليه كل ما يشاء هذا الإنسان من صفات وأعمال وقصص أسطورية كانت تذخر بها الحضارات والشعوب القديمة، وقام بتطويعها لخلق قصة الإنسان الأول كما رواها سفر التكوين وبقية أسفار موسى الخمسة، التى يرويها القرىن بأسلوب كاتب عربى عاش وسط اليهود والمسيحيين فى بيئة صحراوية أدبية وليست جاهلية كما يتهمهم البعض، بل كانت بيئة متقدمة لغوياً وأدبياً وكتبوا الشعر العربى الفصيح الذى يتم تدريسه فى الكتب التعليمية حتى الآن، وهذا دليل أنه لا يختلف ولا يقل قدراً عن فصاحة وأسلوب القرآن إلا فى المادة التى يتكلم عنها صاحب الشعر أو صاحب القرآن.
أترككم مع هذه الأفكار لتعيدوا قراءتها بهدوء وتأنى وحياد بعيداً عن الإنفعال لأنها مجرد أفكار قد نتفق أو نختلف معها، المهم أن يقول كل إنسان رأيه دون وجود سلطة تمنع عقله من التفكير بحرية نحو السماء وما أدراك ما هى السماء! نستكمل المرة القادمة فى مقال جديد.
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الله يكذب قصصه السحرية
-
تعرية الله من الألوهية
-
معجزة الله السحر مثل البشر المشعوذين
-
ذنوب الله وإنكارها
-
الله لا ينسى لكنها أخطاء
-
نسيان الله الإنسانى
-
تهافت سحر رب العالمين
-
الله الرب الساحر
-
الوداع يا الله
-
هزيمة الله وأنتصار كورونا
-
كورونا يُقَيِّد أيدى الله
-
كورونا والإله الغائب
-
إستسلام المرأة لعورتها ونجاستها
-
إيمان الدكتور مجدى يعقوب
-
الأزهر بين الإسلام والتجديد
-
مؤتمر التجديد لشيخ الأزهر
-
زعيم الأمة والثورة الإسلامية
-
التحية إلى زعيم الأمة الإسلامية
-
أفاعى الدين والدنيا
-
رئيس الخلافة وذوات الحجاب
المزيد.....
-
تردد قناة طيور الجنة كيدز 2024 نايل سات وعربسات وخطوات ضبط ا
...
-
خبيران: -سوريا الجديدة- تواجه تحديات أمنية وسط محاولات لتوظي
...
-
أردوغان يهنئ يهود تركيا بعيد حانوكا
-
“السلام عليكم.. وعليكم السلام” بكل بساطة اضبط الآن التردد ال
...
-
“صار عندنا بيبي جميل” بخطوات بسيطة اضبط الآن تردد قناة طيور
...
-
“صار عنا بيبي بحكي بو” ثبت الآن التردد الجديد 2025 لقناة طيو
...
-
هل تتخوف تل أبيب من تكوّن دولة إسلامية متطرفة في دمشق؟
-
الجهاد الاسلامي: الشعب اليمني حر ويواصل اسناده لغزة رغم حجم
...
-
الجهاد الاسلامي: اليمن سند حقيقي وجزء اساس من هذه المعركة
-
مصادر سورية: الاشتباكات تدور في مناطق تسكنها الطائفة العلوية
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|