|
نستطيع حل الازمة النووية الايرانية
نعوم تشومسكي
الحوار المتمدن-العدد: 1589 - 2006 / 6 / 22 - 09:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من الصعب ان يكون الالحاح لوقف انتشار السلاح النووي، والتحرك نحو الغاءه اكثر من ذلك. الفشل في القيام بذلك من شبه المؤكد ان يؤدي بنا الى عواقب وخيمة، تصل حتى الى نهاية التجربة البيولوجية الوحيدة للذكاء الاعلى. حيث ان التهديد بالخطر هو الازمة، فالوسائل التي سوف تجعلنا نفلت منها موجودة.
شبه الانصهار يحوم فوق ايران وبرنامجها النووي. قبل ١٩٧٩، عندما كان الشاه في السلطة، دعمت واشنطن بقوة تلك البرامج النووية. اليوم الزعم الرئيسي هو ان ايران ليست في حاجة الى القوة النووية، ولذلك هي تسعى لبرنامج سري لتصنيع السلاح النووي. العام الماضي كتب هنري كيسنجر في الواشنطن بوست، "بالنسبة لدولة رئيسية في انتاج البترول مثل ايران، الطاقة النووية هي مضيعة للموارد المتاحة لديها".
منذ ثلاثين عاما، مع ذلك، عندما كان كيسنجر وزير خارجية الرئيس جيرالد فورد، كان موقفه هو ان "ادخال الطاقة النووية سوف يساهم في تلبية الاحتياجات المتنامية للاقتصاد الايراني ويحرر احتياطياتها الباقية من البترول للتصدير والتحويل من خلال صناعة البتروكيماويات".
في العام الماضي سأل دافنا ليزر من الواشنطن بوست كيسنجر عن انقلاب رأيه. اجاب كيسنجر بصراحته الهجومية المعتادة: "لقد كانوا بلدا حليفا".
في ١٩٧٦ ادارة فورد "تبنت الخطط الايرانية لبناء صناعة طاقة نووية مكثفة، ولكنها بذلت مجهودا شاقا لاكمال صفقة بمليارات عدة من الدولارات تمنح طهران السيطرة على كميات هائلة من البلوتونيوم واليورانيوم المخصب - وهما طريقا صنع القنبلة النووية"، هذا ما كتبه لينزر. كبار المخططين في ادارة بوش، الذين يدينون هذه البرامج الان، كانوا وقتها في مناصب امن قومي هامة وقتها: ديك تشيني، دونالد رامسفيلد بول وولفوفيتز.
بالتأكيد لا يرحب الايرانيون كما الغرب بالقاء التاريخ في المزابل. انهم يعرفون ان الولايات المتحدة، وخلفها حلفاءها، كانوا يعذبون الايرانيين لمدة تزيد عن خمسين عام، منذ اطاح الانقلاب العسكري الامريكي البريطاني بالحكومة البرلمانية واعاد الشاه الى العرش، الذي حكم بدوره بالحديد والنار حتى طردته هبة شعبية عام ١٩٧٩.
ثم دعمت ادارة ريجان بعدها عدوان صدام حسين على ايران، مزودة اياه بالمعونات العسكرية وغيرها التي مكنته من ذبح مئآت الالاف من الايرانيين (ومعهم كذلك الاكراد العراقيين). ثم جاءت عقوبات الرئيس كلينتون القاسية، وتلتها تهديدات بوش بالهجوم على ايران - تلك التهديدات نفسها خرق خطير لميثاق الامم المتحدة.
في الشهر الماضي وافقت ادارة بوش بشروط على الانضمام الى حلفائها الاوروبيين في مباحثات مباشرة مع ايران، ولكنها رفضت سحب تهديداتها بالهجوم، مما جعل بشكل افتراضي اي عرض بالتفاوض امر لا معنى له ما دام يأتي والمسدس مصوب نحو جبهتك. يزودنا التاريخ الحديث بمزيد من الاسباب للشك في نوايا واشنطن.
في مايو ٢٠٠٣، طبقا لفلاينت ليفريت، الذي كان وقتها مسئولا كبيرا في مجلس الامن القومي لادارة بوش، اقترحت حكومة محمد خاتمي الاصلاحية "اجندة لعملية دبلوماسية مقصود بها تسوية على اساس شامل لكل الاختلافات بين الجانبين الولايات المتحدة وايران".
نشرت الفاينانشال تايمز في الشهر الماضي ان بنود العملية الدبلوماسية تضمنت "اسلحة الدمار الشامل، حل الدولتين للصراع الفسلطيني الاسرائيلي، مستقبل منظمة حزب الله اللبنانية، التعاون مع وكالة امان الطاقة النووية التابعة للامم المتحدة". رفضت ادارة بوش، ووبخت الدبلوماسي السويسري الذي نقل العرض.
بعد ذلك بعام، ابرم الاتحاد الاوروبي وايران مقايضة: ايران تعلق تخصيب اليورانيوم بشكل مؤقت، وفي المقابل اوروبا تمنح ضمانات بأن الولايات المتحدة واسرائيل لن تهاجما ايران. تحت الضغط الامريكي، تراجعت اوروبا، وجددت ايران عمليات تخصيب اليورانيوم.
البرامج النووية الايرانية، للمدى المعلن عنه، تقع في اطار حقوقها طبقا للمادة الرابعة من معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي ( NPT)، التي تخول للدول الغير نووية الحق في انتاج الوقود من اجل الطاقة النووية. حجة ادارة بوش تطلب تشديد المادة الرابعة، واعتقد ان هذا المطلب يحمل وجاهة ما.
عندما بدأ سريان اتفاقية الحد من انتشار السلاح النووي في ١٩٧٠ كانت هناك فجوة ملموسة بين انتاج الوقود من اجل الطاقة السلمية وانتاج الوقود من اجل السلاح النووي. ولكن التقدم التكنولوجي ضيق من هذه الفجوة. ومع ذلك، اي مراجعة للمادة الرابعة يجب عليها ان تضمن اتاحة الوصول بلا عراقيل الى الاستخدامات الغير عسكرية، وفق شروط المقايضة المبدأية التي قامت عليها اتفاقية الحد من الانتشار النووي بين الدول النووية المعلنة والدول الغير نووية.
في ٢٠٠٣ طرح محمد البرادعي اقتراحا معقولا يحقق هذه الغاية، ومحمد البرادعي هو رأس الوكالة الدولية للطاقة الذرية: بان كل عمليات انتاج ومعالجة المادة التي يمكن استخدامها في صنع اسلحة نووية تصبح تحت الاشراف والسيطرة الدولية، مع "ضمانات بأن كل المستخدمين الشرعيين لها سوف يحصلون على ما يحتاجونه من هذه المواد". تلك الخطوة كان يجب ان تكون الخطوة الاولى، وفق اقتراح البرادعي، نحو تنفيذ كامل لقرار الامم المتحدة في ١٩٩٣ حول معاهدة حظر المواد الانشطارية ( Fissban).
اقتراح البرادعي لم تقبله الى اليوم سوى دولة واحدة، على حد معلوماتي: ايران، في فبراير، في مقابلة مع علي لاريجاني، المفاوض النووي الرئيسي لايران. ترفض الولايات المتحدة معاهدة حظر المواد الانشطارية خاضعة للتفتيش - وتقف تقريبا بمفردها. في نوفمبر ٢٠٠٤، لجنة نزع السلاح التابعة للامم المتحدة صوتت في صالح معاهدة حظر المواد الانشطارية خاضعة للتفتيش. كانت التصويت ١٤٧ دولة مع ودولة واحدة ضد هي الولايات المتحدة، مع امتناع دولتان عن التصويت: اسرائيل وبريطانيا. تصويت العام الماضي في الجمعية العامة للامم المتحدة على المعاهدة نفسها كان ١٧٩ الى اثنين، وايضا امتنعت كلا من اسرائيل وبريطانيا. انضمت دولة بالاو الى موقف الولايات المتحدة.
هناك عدة سبل لتخفيف بل وربما انهاء تلك الازمات. اولها هو المناداة بانهاء التهديدات الصحيحة جدا من قبل الولايات المتحدة واسرائيل التي تحث ايران بشكل افتراضي على تطوير اسلحة نووية كرادع.
الخطوة الثانية هي ضم باقي العالم الى القبول بمعاهدة حظر على المواد الانشطارية مع التفتيش عليها، بالاضافة الى اقتراح البرادعي او شيء مماثل.
الخطوة الثالثة سوف تكون هي الوفاء بالمادة السادسة من معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي، التي تلزم الدول النووية ببذل جهود "مخلصة النية" في التخلص من السلاح النووي، تماشيا مع الالتزام القانوني، كما قررته المحكمة العالمية. لم توف اي دولة نووية بهذا الالتزام، ولكن الولايات المتحدة تتقدمهم في انتهاكها لهذه المادة.
الخطوات المتوازنة في هذا الاتجاه قد تزيل حدة الازمة القادمة مع ايران. فوق كل شيء، من الهام ان نعط اهمية لكلمات محمد البرادعي: "لا يوجد حل عسكري لهذا الوضع. الحل العسكري امر لا يمكن تصوره. الحل الوحيد والباقي هو الحل على اساس التفاوض". وهو الامر الذي يمكن تحقيقه.
كتاب شومسكي الاخير هو "دول فاشلة: اساءة استخدام القوة والهجوم على الديموقراطية. شومسكي استاذ اللغويات والفلسفة في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا.
#نعوم_تشومسكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التغيير الاجتماعي اليوم محاورة بين نعوم شومسكي وستيفن ديوريل
-
دروس أزمة الغذاء في أفغانستان
-
علينا التحرك الآن لمنع هيروشيما أخرى – أو أسوأ
-
اللجوء إلى الترويع
-
الدولة والكوربوريشن
-
الإمبراطورية المنطوية على نفسها
-
بدون وجه حق وبالقوة العالم الأمثل في نظر واشنطن
-
ليس العراق إلا اختبارا
-
مجازر صبرا و شاتيلا
-
تلخيص كتاب: الحادي عشر من أيلول والعولمة
-
الولايات المتحدة بين الافراط في القوة وفي السيطرة الارهاب، س
...
-
حول موضوع التفجيرات الأخيرة
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|