أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - اللّهُمَّ اشفِ مرضانا … ومرضى -العالمين-!!!














المزيد.....

اللّهُمَّ اشفِ مرضانا … ومرضى -العالمين-!!!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6595 - 2020 / 6 / 17 - 02:18
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial
Twitter: @FatimaNaoot
Instagram: @FatimaNaoot
TickTock: @fatimanaoot

وكأنني أنتظرُ سماعَ ذلك الدعاءَ البديع منذ دهور. تلقَّفتِ الدعاءَ أذناي، كما يتلقَّفُ الظمآنُ قطرةَ غيثٍ جادتْ بها السماءُ بغتةً على صحراءَ جافّةٍ تئِنُّ تحت هجير الشمس في لحظةِ قيظٍ عاصف. لم أصدّق ما سمعتُ للتوّ، وخِلتُ أنني أسمعُ صدى أحلامي القديمة التي كنتُ أثرثرُ بها مع زملائي وزميلاتي في المدرسة ثم في الجامعة. كنتُ أحدِّثُهم عن شساعة الحُبِّ، فيحدثونني عن ضيقه! أحاجِجُهم برحابة الرحمة، فيُحاجِجونني بانحسارها. أجادلُهم حول انبساط المغفرة، فيجادلونني حول انحصارها. نختلفُ، نتغاضبُ، نتخاصمُ، ثم نمضي كلٌّ في طريق. وفي اليوم التالي نعودُ صافين كجدولٍ رقراق لم يمسَسه سوءٌ. قلوبُنا خضراءُ غضّةٌ لم تعرف بعدُ ما يعكّر صفوَ نقائها. فإذا ما عَنَّ في الأفق نقاشٌ جديد، عاودنا الاختلافَ والخلافَ والمغاضبةَ والخصامَ ثم: الصفحُ الجميل. يرحلُ عن عالمنا قريبٌ لزميل لنا أو زميلة، فيدعو الرفاقُ للزميل بطول العمر، وبالرحمة والمغفرة للمتوفَى. خاتمين دعاءهم: “…. وموتى المسلمين.”!!! فأندهشُ وأغضبُ من القائل، هامسةً في حَزَن: “لماذا تبخلُ في الدعاء يا صاح؟! هل تنقُصُ الرحمةُ إن دعونا بها للموتى جميعًا؟! هل في الأمنياتِ الطيباتِ شُحٌّ؟" ثم أدركتُ أن بخلاءَ الدعواتِ غيرُ ملومين. أنَّى نلومُهم وهم يسمعون الدعاءَ على هذا النحو من مشايخهم كلَّ حين؛ فيرددونه حرفيًّا كما هو، دونما يمرُّ على عقولهم لينظروا في وجاهته. وأدركتُ أنني تعلّمتُ الدعاءَ للعالمين بالرحمة والشفاء والنجاح والنجاة، من أبي وأمي اللذين أبدًا لم يسمحا بأن تدخل في بيتنا أو عالمنا كلمةُ تمييز أو طائفية أو عنصرية، يكون من شأنها أن تُقلِّصَ بِساطَ الكون الشاسع إلى كمشةِ نسيجٍ صغيرة في عُروة فصيلٍ أو فريقٍ أو طائفةٍ، من دون العالم الملياريّ. علّمني أبي المتصوّفُ حافظُ القرآن أن مَن يحبَّ اللهَ حقًّا، لابد أن يحبَّ جميعَ خلق الله. وأنَّ من تمام حُبّ الله، والإيمان المطلق بأنه الرحمن الرحيم، أنْ نطلبَ منه الرحمةَ والمغفرةَ لنا وللبشر أجمعين. ومرَّتِِ السنواتُ والعقودُ، ولم أزِد إلا استمساكًا بُحلمي القديم في أن أشهدَ اليومَ الذي لا أسمعُ فيه دعواتٍ "بخيلةً" إلى الله الذي وسعتْ رحمتُه كلَّ شيء.
وأخيرًا... اليومُ جاء. في صلاة الجمعة الماضية، 12 يونيو 2020، من مسجد مولانا الإمام الحسين، رضي الُله عنه وأرضاه، استمعنا إلى خُطبةٍ بديعة من الخطيب المثقف الدكتور "مصطفى عبد السلام"، وكانت عن العبادات والأسباب التي تدفعُ البلاءَ عن بني الإنسان. وفي ختام الخطبة القيّمة، رفعَ الخطيبُ دعاءه إلى الله تعالى قائلا: “اللهمّ اشفِ مرضانا ومرضى العالمين". ولم أصدِّق أذني، فأعدتُ عرضَ مقطع الفيديو مرّاتٍ ومرّات لكي أتأكدَ من سلامة سمعي. أثلجَ الخطيبُ قلبي وحقّقَ حُلمي، بارك اللهُ في علمه وفي قلبه. وقع دعاؤه على قلبي وقلوب أسرتي بردًا وسلامًا. نظرتُ إلى أفراد أسرتي وسألتُ: “هل سمعتم دعاءَ هذا الخطيب المثقف؟" فهتفوا في آن: “أخيرًااااااا". فقلتُ لهم في فرح مشوبٍ بالحزن: "تصوروا أن هذه العبارة البديهية، استغرقتني عمرًا كاملا حتى أسمعَها؟!”
فالحمدُ لله كما يليقُ بواسع حكمته أنْ جعل جائحةً فيروسية تحملُ في طيّات جموحها الهادر رسالةً هادئة تقول للبشر إن التضامَّ والتحابَّ والتوادَّ والتراحمَ هو طوقُ النجاة لنا من المحنة اليوم، وبعد زوالها بإذن الله. علّ الَله سمح بتلك التجربة العسرة مع فيروس كورونا، لكي نتفكّر في حياتنا وماذا فعلنا بها. تلك الثروة الهائلة: "الحياة"، فيمَ أهدرناها؟ في الحرب أم في السلام؟ في المحبة أمْ في البغضاء؟ في إعمار الأرض أم في قتل أخضرها وتعتيم أزرقها وتلويث صفاء سمائها؟ في كفل الأيتام أم في الاتّجار بأعضائهم؟ في الترفق بالمرأة أم في إذلالها؟ في تعليم النشء أم في تضليلهم؟ في احترام العلوم والفنون الراقية أم في تحريمها؟ في نشر التنوير أم في إظلام العقول؟ في التعريف الحَسَن بربِّ الكون الواحد الأحد الرحمن الرحيم، أم في تشويه صورته بالدماء والعنف والتباغض؟
الله ارحم موتانا وموتى العالمين. اللهم اشفِ مرضانا ومرضى العالمين. اللهم بارك في أولادنا وأولاد العالمين. اللهم اغفر لنا ذنوبَنا واغفرْ للعالمين. اللهم باركْ بلادَنا الطيبةَ ونجِّها من كلِّ شرٍّ يا أرحم الراحمين.
من جديد أشكر فضيلة د. مصطفى عبد السلام، لدعائه الطيب بإسباغ الشفاء على مرضى العالمين أجمعين. اللهم بارك له في علمه وقلبه العامر بالإيمان والتُّقى والوعي والثقافة والتحضُّر. اللهم استجب. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكمامة والقمامة ولغةٌ (قايلة) للسقوط
- احترام فيروس كورونا!
- البابا تواضروس … في شهر رمضان
- التكفيريون: بارتْ تجارتُهم
- منسي: اللي زيّنا عمرُه قُصَيّر
- الطبيعةُ تتنفَّس!
- لا تسخروا من السُّخرية… في السخرية حياةٌ
- -فرج فودة- الذي عاش أكثر من قاتليه
- أخيرًا… وصايا السَّلف الصالح في مناهجنا
- مسلسلات رمضان … في زمن الكورونا
- يُفطرون على دماءِ الصائمين… شكرًا للإرهاب!
- ما لون قبّعتُك … في زمن كورونا؟
- رِهانًا على وعي الأسرة المصرية
- مصرُ العظيمةُ … رمضانُ الكريم
- حين منحني -الأبنودي- منديله لأبكي
- صمتُ السَّعف … صمتُ رمضان
- مِنَصَّةُ الأخلاق … في درس كورونا
- السيسي … فارسُ المهامّ الصعبة
- وأكره اللي يقول: آمين.. يا عزيزي الرئيس مبارك
- ركلةٌ في أسنان البشر


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - اللّهُمَّ اشفِ مرضانا … ومرضى -العالمين-!!!