|
صراع البقاء في يم العلمانية وعلاقتها بالدولة والدين والمجتمع ..؟
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 1598 - 2006 / 7 / 1 - 00:13
المحور:
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
بعد صراع تاريخي طويل في مسيرة الإنسانية وتقدم العلاقات البشرية المجتمعية وعبر نضال فكري وحضاري وبعد الثورة الفرنسية وإعلان حقوق الإنسان ، اختمر الفكر العلماني حاضناً أسساً مبدئية لترسيخ سعادة هذا الإنسان في العيش الكريم متمتعاً بحقوقه المدنية والاجتماعية والسياسية في حرية منظمة وبرعاية حكومة منتخبة ديمقراطياً وبذلك عرفت العلمانية بالاصطلاح الأوربي هو فصل دين الفردعن الدولة والسياسة ، وان هذا التعريف الموجز والمبسط يتضمن في طيّاته أسساً أهمها حريّة الفرد باختيار الدين الذي يريد وانتقاله إلى دين آخر أو بقائه بلا دين فحرية الفرد ضمن حدود الدستور والقوانين هي الأساس ونظام حكم ديمقراطي ينتخب ممثليه عن طريق الاقتراع الحر دون وجود تكتلات قومية أو دينية واعتبار الدين لله والوطن للجميع حيث تسري ثقافة المواطنة بمنأى عن إيديولوجيات القومية والدينية ، ومما تتقدم فإن العلمانية بصدد علاقات متشابكة سلباً وإيجاباً ولنبدأ بعلاقة العلمانية بالدولة من المهم جداً لتطبيق العلمانية أن يكون نظام الحكم ملائماً للعلمانية فعلاً وليس إسماً فالدولة ذات نظام الحكم الشمولي والاستبدادي وتوريث الحكم مثل هذا النظام لايمكن أن يكون علمانياً حتى لو لم يكن دينياً ولامشاركة دينية سياسية فيها أوانها تسلك طريق الديمقراطية في اختيار ممثلي الشعب عن طريق الانتخابات ( الحرّة ) وفق مقاييس الحرية لديها ، فإن برلمانات مثل هذه الحكومات هي برلمانات ديكورية وحكوماتها متلقية لأوامر الحاكم الفرد وعصبته الحاكمة وأن دور أعضاء البرلمان هو التمثيل ورفع الأيدي بالموافقة ودور الحكومة تنفيذ مقررات القيادة المتمثلة بالحاكم الفرد وبالتالي فإن العلمانية لامكان لها في مثل هذه الأنظمة ، وكذلك في الحكومات الديمقراطية إسماً والتي تحدد مدة حكم رئيس الدولة بدورية أو دورتين انتخابتين مع وجود أحزاب دينية سياسية ومهيمنة وانتفاء دور المجتمع المدني ( ايران مثلاً)فلا مكان للعلمانية في مثل هذه الأنظمة ، ومما سبق فلا مكان للدولة الدينية في مجال العلمانية ، لأن المساواة بين أفراد الشعب لن تتحقق بحكم أغلبية دينية وتعرض حقوق المرأة إلى سيطرة الدين ، وعليه فإن الدولة الديمقراطية فعلاً وقولاً والذي ينص دستورها مساواة أفراد الشعب جميعاً أمام القانون بصرف النظر عن دينه وقوميته وأنه لا يستمد قوانينه من دين معين أو يؤسس دستوره أن دين الدولة كــذا ، وان الحريات العامة مصونة بنص الدستور وتحت مراقبة المؤسسات الاعلامية الخاصة والعامة ومؤسسات المجتمع المدني وما ذكر هو العلاقة الأمثل لدولة العلمانية العلمانية والدين لم تكن العلمانية يوماً ضد الدين بل انها تحمي حقوق الأقليات وخلاف المعادين لها فالعلمانية تحترم كل الأديان لأن جميعها تدعو إلى الخير وتنبذ الشر ، ويكاد مجمّع الأديان يجمع على دستور عام ..لا تقتل ، لاتسرق ، لاتكذب ، لاتزن ، لاتظلم ، اعبد الله ، ولكل دين عقاب وثواب وجنة ونار .. والعلمانية ليست فصلاً بسيطاً للدين عن الدولة بل هو إبعاد مطلق للدين كسلطة سياسية واعتبارها ديناً من جملة الأديان المنتشرة في الدولة وبدون أية ميّزة تشريعية لها كنظام تربوي أو اجتماعي وبعيدأ عن مظاهر التقديس الذاتية لرجال الدين وأقوالهم وفتاويهم ومنظماتهم وأحزابهم ، وبذلك يفقد رجال الدين التدخل بأمور الدنيا ( السلطة) وهي محط اهتمامهم الرئيسي بينما يهددون بالآخرة وعذابها لمن يبعدهم عن سلطة الدنيا وهم يرددون الآخرة خير وأبقى ولكنهم عملياً يفضلون الدنيا على كل مغريات الجنة ، وبالنتيجة العلمانية تحترم كل الأديان وحريتهم في ممارسة طقوسهم الدينية وبحرية الفرد اعتناق أي دين يشاء ، وله كامل حقوق أي مواطن آخر في دولة المواطنة العلمانية والمجتمع إنني أعتبر هذه العلاقة بين العلمانية والمجتمع من أخطر وأهم العلاقات ومتعلقة بثقافة الشعوب ومدى فهمهم وإدراكهم واستيعابهم الديمقراطية كديمقراطية حضارية ومدى رسوخ هذا الفهم في وجدان الشعوب وترجمته إلى واقع عملي فعلي وليس تقليدي ، فالديمقراطية ليست شعاراً نستورده لنكرر مفرداته كما يفعل أعضاء الأحزاب عندنا وهم يرددون شعاراتهم لمجرد الترديد .. وعليه إذا لم تصل تلك المجتمعات إلى فهم الإنسان ككائن حي مستقل حر يعيش في مجتمع آمن له حقوق وعليه واجبات وقد تحرر فكره من العصبيات القومية والدينية ، وآمن باحترام الإنسان في كل مكان وبالتعددية واحترام الرأي والرأي الآخر والاعتراف بحقوق المرأة في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وأن الدين لله والحياة للجميع وأن الله هو رب العالمين وليس محتكراً على دين وان المعاملة هي أساس التقييم وأن نحترم الآخرين بمعتقدانهم كي يحترموننا بما نؤمن به ، أن نحكّم العقل في معاملاتنا وتقييمنا للآخرين وننبذ العواطف والعنجهيات الفكرية والتعصب الأعمى وأن نعرف موقعنا في عصرنا ومقدار إمكانياتنا المادية في عالم التقدم العلمي والتكنلوجي الهائل ونحاول التقدم بكل إمكاناتنا وألاّ نعود إلى الوراء وأن حكوماتها عندها سيكون للعلمانية دور أساسي في حياة مثل هذه الشعوب نبتكر ولا نكون مقلدين عندها ستكون حكوماتنا ديمقراطية حضارية فعلاً ، لأنه كما أنتم يولّى عليكم ، وعندما تصل الشعوب إلى هذا المستوى من الرقي الفكري
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ممارسة الحب على المسرح ...؟
-
جحافل العولمة تغزو وأشاوس الواوا وطبطب لهم بالمرصاد ...؟
-
الحمائم والصقور مابين البنادق والفنادق ...؟
-
عواء الرجل الميت ، مجموعة قصصية لطلال شاهين
-
البلالفة والمناتفة
-
الارهابيون يحاولون النيل من المفكر عبد الكريم سليمان .؟
-
ضرورة تنظيم الأسرة في حياتنا المعاصرة ...؟
-
طَبَقِيَة الطبقة العاملة والواقع العملي لتغييرات مجدية
-
تنامي الظاهرة الطظية في مصر بعد طظ المرشد العام....؟
-
حقوق المرأة مابين الترابي والقرضاوي والتلويح بالبطاقة الحمرا
...
-
اللص والسكير
-
صراع الحضارات أم سقوط الهة أم توكل قدري
-
جمالية العجيلي في أبطاله
-
كسوف الشمس أم كسوف العقل والحريات
-
الرواية عالم واسع والروائي يتناول ركناً حياً من واقع اجتماعي
...
-
أيتها النساء عليكن النضال ضد النساء
-
هذا لم يحدث في سوربة ..؟
-
لن ينالوا من أفكارك النبيلة ..؟
-
رسالة إلى الأخ السيد حسن آل مهدي
-
لما كانت المرأة نصف المجتمع ، فمن يمثل هذا النصف سياسياً وتش
...
المزيد.....
-
اتصال جديد بين وزير دفاع أمريكا ونظيره الإسرائيلي لبحث -فرص
...
-
وزير الخارجية العماني يدعو القوى الغربية لإجبار إسرائيل على
...
-
يوميات الأراضي الفلسطينية تحت النيران الإسرائيلية/ 1.11.2024
...
-
المركز الإفريقي لمكافحة الأوبئة يحذر: -جدري القردة- خرج عن ا
...
-
جنرال أمريكي: الدول الغربية لا تملك خطة بديلة لأوكرانيا بعد
...
-
الهجمات الإسرائيلية على لبنان وجهود التسوية / 1.11.2024
-
أوستن وغالانت يبحثان فرص الحل الدبلوماسي ووقف الحرب في غزة و
...
-
زلزال بقوة 5 درجات يضرب جزر الكوريل الجنوبية
-
حسين فهمي يتعرض لانتقادات لاذعة بسبب صورة وحفل عشاء مع وفد ص
...
-
ارتفاع إصابات جدري القردة في أفريقيا بنسبة 500% وتحذيرات من
...
المزيد.....
-
ما بعد الإيمان
/ المنصور جعفر
-
العلمانية والدولة والدين والمجتمع
/ محمد النعماني
المزيد.....
|