|
علي كوشيب الشاهد الملك في لاهاي
ايليا أرومي كوكو
الحوار المتمدن-العدد: 6590 - 2020 / 6 / 11 - 04:04
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
اخيرا و بالامس القريب شرف المدعو علي كوشيب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي التي سيمثل أمامها بمثابة الشاهد الملك . بوصول مجرم الحرب علي كوشيب الي لاهاي يكون العد التنازلي الفعلي لمثول باقي المجرمين الاربعة الاخرين قد بدأ فعلاً و حقيقة صار في حيز الممكن في الزمان و المكان . و تكون العدالة الدولية قد خطت خطواتها الحقيقة نحو بلورة قانون روما الاساسي لأنصاف ضحايا الحروب و تحقيق مبدأ عدم انفلات المجرمين من العقاب . و تكون المرأة الافريقية مدعية المحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا قد أكدت جديتها و عزمها و قوة شكيمتها بغية ايصال المجرمين الي لاهاي مهما قصر و طال الزمن . ها قد أتت فاتوأكلها . فقد ظلت هذه المرأة الحديدة تواصل دأبها بصرامة و جد و دون كلل او أي نوع من الملل . عملت بنسودا بصبر و طول أناة و قوة تحمل و جلد و تحدي بل و صمود و مثابرة تحسد عليها . لم تغمض عينيها للحظة و لم تغفل قضيتها و لا أهملت يوماً ملف شغلها الشاغل بل ظلت ساهرة أمينة متوقدة الذهن . ظلت بنسودا تركض في سباق مارثوني مهموم تطرق بشدة ابواب و اروقة مجلس الامن و تدخل دهاليز الامم المتحدة كل ستة اشهر مذكرة اياهم بضرورة القيام بواجبهم و الايفاء بالتزاماتهم القانونية العدلية و المهنية و الانسانية . كانت تنادي في كل مرة و تناشد اعضاء مجلس الامن بخصوص الانتهاكات الانسانية والابادات الجماعية و اغتصابات النساء . و تجدد تذكيرهم بكل ما تم بحق نساء دارفور و ما جري هنالك من حرق القري و المدن و المقابر الجماعية و ما وراء كل هذه من نازحيين و لاجئيين و مشردين و مهاجرين و قتلي ناحزت عددهم اكثر من الثلاثمئة انسان و اكثر من اثنين مليون فرد يهيمون علي وجوههم داخل و خارج السودان . هؤلاء من من تسبب المجرم المخلوع عمر احمد البشير و زمرته من المجرمين في فقدانهم لبيوتهم و ديارهم حواكيرهم و أوطانهم . فبوصول علي كوشيب الي لاهاي ضيافة المصونة بأمر الله فاتو بنسودا . بهذا الحضور المشرف جداً لكوشيب الي لاهاي صبيحة الثلاثاء الموافق 9 يوليو 2020م . يكون المخلوع عمر البشير وعبد الرحيم محمد حسين وأحمد هارون وعبد الله بندا. قد تمكنوا فعلاً من لحسوع اكواعهم تماماً و استطاعوا ان يبلوا اوارق المحكمة الجنائية الدولية و يشربوا مويتها بمزاج . فقد بات امر وصولهم الي لاهاي أمر وقت للتقدير و التدبير و تهيئه النفوس و الاجواء و اعداد العدة ليس الا . من بعد الان بات الجميع علي يقين أن الامور تسير علي ما يرام و ان المياه ستجري في مجاريها ليس فوق الجسر او تحتها لكن في مجراها الطبيعي العدل و القانون و المتهم برئ حتي تثبت ادانته . سيذهب المجرمين الي العدالة الدولية و هو الامر الذي طال انتظاره سنيناً عددا . كاد الضحايا ان يفقدوا الامل و ربما فقدها الكثيرين منهم . كما ظن المجرمين بأنهم بمنأي من السؤال و الحكم و والادانة و العدالة و نسوا او تناسوا بأن فوق العالي عالياً و الله العادل فوق الجميع لا ينام و لا تأخذه سنة من نوم . عليه تبقي علي اطراف الحكومة الانتقالية توفيق أمورهم و الاسراع بتسليم باقي المدانيين لمحكمة العدل الدولية . لم يتبقي كثيراً من أوراق اللعب بيدي دولتي الرئيس البرهان و حمدوك للعب فيها تسويف الوقت . فلا سلام يمكن ان يتم في السودان دون تحقيق العدالة . و تسليم المجرمين و محاكمتهم و انصاف الضحايا هي أولي خطوات العدالة و هو المعبد للطريق الصحيح نحو تحقيق السلام الشامل العادل في السودان. و حتي ضحي يوم الغد او بعد الغد ريثما يفيدنا وفد مقدمتنا الي لاهاي علي كوشيب . دعونا في عجالة من أمرنا ان نتعرف بأيجاز عن من يكون هذا العلي كوشيب: من هو علي كوشيب وما دوره في دارفور والتهم الموجهة إليه في المحكمة الجنائية الدولية؟ أعلنت المحكمة الجنائية الدولية أن علي محمد علي عبد الرحمن المعروف بلقب "كوشيب"، أحد زعماء ميليشيات الجنجويد في السودان المطلوب منذ العام 2007، بات موقوفا لديها بعد أن سلم نفسه طوعا في جمهورية إفريقيا الوسطى. وكانت المحكمة أصدرت مذكرة توقيف بحقه في 27 نيسان/أبريل 2007 إثر اتهامه بارتكاب جرائم حرب على خلفية دوره في النزاع الدامي في إقليم دارفور بغرب السودان. وأشارت المحكمة إلى أن "أول مثول لكوشيب" أمام الدائرة الابتدائية الثانية في المحكمة الجنائية الدولية "سيتم في أقرب وقت ممكن". فمن هو علي كوشيب وما موقعه في ميليشيات الجنجويد وما هي طبيعة التهم الموجهة إليه؟ الوسيط يعد كوشيب أول متهم سوداني يُسلم إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكنه يُمثل المتهم الرابع في قائمة المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية بعد الرئيس السوداني السابق عمر البشير ووزير دفاعه عبد الرحيم حسين ووزير الداخلية حينذاك أحمد هارون. ويقبع هؤلاء الثلاثة في سجن في الخرطوم منذ الإطاحة بنظام البشير في أبريل/نيسان 2019. وكان كوشيب الوحيد من بين المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية الذي ظل مطلق السراح بعد سقوط نظام البشير. وقد أفادت وسائل إعلام محلية سودانية مطلع العام أنه أخلى مكتبه في قوات الاحتياطي المركزي التابعة للشرطة بمنطقة "رهيد البردي" وغادر إلى منطقة "سنيطة"غرب ولاية جنوب دارفور، حيث عشيرته، ثم فر من هناك إلى دولة أفريقية مجاورة كان كوشيب، المولود عام 1957، أحد الزعماء القبليين في محلية وادي صالح في غرب دارفور. ويصفه البعض بأنه كان حلقة الوصل في تجنيد عناصر من قبيلة المسيرية وقبائل عربية أخرى في الميليشيات التي دعتمها الحكومة السودانية في دارفور، و"يزعم بأنه قام بتجنيد محاربين، وبتسليح وتمويل وتأمين المؤن والذخائر لميليشيا الجنجويد تحت قيادته"، بحسب موقع المحكمة الجنائية الدولية. وبعد تأسيس قوات الدفاع الشعبي، بات عضوا فعالا في هذه القوات، "كما يزعم بأنه كان قائداً لآلاف من أعضاء ميليشيا الجنجويد في الفترة من آب/أغسطس 2003 إلى آذار/مارس 2004 على وجه التقريب". وقد نشطت هذه الميليشيات بدعم من حكومة البشير في قمع المتمردين والتصدي لهم في دارفور. وتقول المحكمة الجنائية الدولية إن الدائرة الابتدائية الأولى فيها خلصت إلى "أن هنالك أسباباً معقولة للظن بأن نزاعاً مسلحاً وقع بدءاً من آب/أغسطس 2002 بين حكومة السودان بما في ذلك مقاتلين من القوات المسلحة الشعبية السودانية وقوات الدفاع الشعبي فضلاً عن ميليشيا الجنجويد في مواجهة قوات متمردة منظمة منها حركة/جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة في دارفور في السودان ويزعم أن لكوشيب دورا فعالا في هذا النزاع وقد شارك شخصياً في هجمات ضد السكان المدنيين في بلدات كودوم وبنديسي ومكجر وأروالا بين آب/أغسطس 2003 وآذار/مارس 2004. وقد شهدت هذه البلدات "جرائم قتل للمدنيين واغتصاب واعتداء على كرامة النساء والفتيات، واضطهاد، ونقل قسري، وسجن أو حرمان شديد من الحرية، وشن الهجمات المتعمدة ضد المدنيين المذكورين"، بحسب المحكمة الدولية؛ ويُتهم كوشيب بأنه قد شارك مع غيره في ارتكاب هذه الجرائم. أمر قبض في 27 نيسان/أبريل 2007، أصدرت الدائرة الابتدائية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية أمرين بالقبض على علي كوشيب وأحمد هارون وزير الداخلية السابق، الذي مازال محتجزاً لدى الحكومة السودانية. وتشير لائحة الاتهام في المحكمة الجنائية الدولية ضد كوشيب إلى خمسين تهمة، يعتقد بأنه يتحمل المسؤولية الجنائية الفردية عنها. وتتوزع التهم في محورين: • اثنان وعشرون تهمة تتعلق بجرائم ضد الإنسانية: (القتل، النقل القسري، الاغتصاب، الاضطهاد، التعذيب، فرض السجن أو الحرمان الشديد من الحرية، وارتكاب أفعال لا إنسانية ما يسبب معاناة شديدة أو أذى خطيراً ) • وثمان وعشرون تهمة تتعلق بجرائم حرب: (القتل، شن الهجمات على السكان المدنيين، الاغتصاب، الاعتداء على كرامة الأشخاص، والنهب وتدمير الممتلكات). مصدر الصورة Reuters Image caption تتهم المحكمة البشير بالمسؤولية عن جرائم حرب ويرى مراقبون أن محاكمة كوشيب المقرب سابقا من الرئيس السوداني المخلوع في المحكمة الجنائية الدولية قد تمهد الطريق إلى محاكمات المطلوبين الأخرين للمحكمة وعلى رأسهم البشير، الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال عام 2009 تتهمه المحكمة فيها بالمسؤولية عن إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها القوات الموالية للحكومة في دارفور. وقد أدى الصراع المسلح في دارفور إلى مقتل نحو 300 الف شخص وتشريد نحو مليونين طبقا لأرقام الأمم المتحدة. و لا تقوم المحكمة الجنائية الدولية بمحاكمة الأشخاص غيابيا، لذا تنتظر تسليمها المطلوبين الآخرين في ملف دارفور بالسودان لغرض الشروع في إجراءات محاكمتهم. شريفة الشملان و موجز قصير عن الشاهد الملك في علم الجريمة وفي ملفات القضاء، وما هو متعارف عليه أن هناك ما يطلق عليه الشاهد الملك، وهو الشاهد الذي يكون داخلاً بالجريمة أصلاً، ولكنه يشهد على زملائه المشاركين معه بالجريمة، مقابل امتيازات خاصة، هذه الامتيازات يتفق معه عليها، خاصة عندما تكون الجريمة كبيرة جداً، كجرائم القتل والسطو واستباحة أرواح وأعراض الناس، أو الجرائم السياسية كجرائم تغيير الأنظمة بالقوة، وحياكة المؤامرات وما إليها. هذا الشاهد يقع على عاتقه ثقل كبير أثناء المحاكمة، فهو مع كل متهم لابد أن يكون موجوداً، وعليه أن يكون يقظا جدا للتفاصيل التي لاشك سيورطه محامو الدفاع بها، كما يجب أن لا تتناقض أقواله لأن كل شك المفروض يفسر لصالح المتهم.
#ايليا_أرومي_كوكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايها النوبة اتحدوا و توحدوا ...
-
ذكري لفض الهامش السوداني المنسي !
-
الثورة الفلويدية ستقتلع دونالد ترامب من جزوره.. !
-
ثورة الامل و التغيير لأمريكا جديدة
-
جورج فلويد ضحية في قائمة العنصرية البغيضة ..
-
العلمانية الخيار الامثل لنظام الحكم في السودان
-
جنوب كردفان شريعة الغاب و الجريمة بلا عقاب !
-
في كادقلي كتمة و حرب في شوارع السوق !
-
حرب الشوارع في سوق كادقلي !
-
الي متي مسلسل الاقتتال الدامي بين النوبة و البني عامر ؟
-
الاقتتال بين النوبة و البني عامر في شرق السودان .
-
ثالوث ( الكورونا و العطش و الجوع ) تضيق الخناق علي شمال كردف
...
-
الكورونا يدشن لعصر و تاريخ رقمي عالمي جديد
-
عبقرية هارون الفاشلة للهروب من السجن بالكورونا المظلومة !
-
الكورونا كبس كبس كبسا ... !!!
-
الوصفة الافريقية المجانية للوقاية من وباء الكورونا
-
تحذير احمد الجبر العائد من جهيم كورونا
-
أمنعوا الاطفال والشباب من حمل السكين .
-
البرهان علي الحدود السودانية المصرية سنترد كل أراضينا .
-
بانوراما 6 ابريل يحبنا و نحبه .
المزيد.....
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
-
زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
-
خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا
...
-
الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد
...
-
ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا
...
-
وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا
...
-
-فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|