أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق مثليي الجنس - عبدالعزيز عبدالله القناعي - حقوق مجتمع الميم















المزيد.....

حقوق مجتمع الميم


عبدالعزيز عبدالله القناعي

الحوار المتمدن-العدد: 6589 - 2020 / 6 / 10 - 21:39
المحور: حقوق مثليي الجنس
    


قضايا الاختلاف الجنسي والرغبات الجنسية والتحولات الجنسية والاضطرابات الجنسية والمغايرة الجنسية. جميعها قضايا تمثل أزمات كبيرة وعميقة في المجتمعات العربية والاسلامية، لخطورة مناقشتها أو بحثها أو ممارستها أو حتى أن يكون الإنسان طبيعيا أو حرا في التصرف معها. في الكويت تحدث أحد العابرين جنسيا، على أحد مواقع التواصل الاجتماعي، في مقطع صغير وهو يبكي بحرقة وألم وتعاسة عن ما تعرض اليه من اغتصاب وتحرش ومعاملة مهينة عندما كان في سجن الرجال على خلفية قضايا التشبه بالنساء. وتعاقب حكومة الكويت المثليين والعابرين جنسيا بالسجن، باعتبارهم شكليا اقرب الي النساء، وفق المادة 198 من قانون العقوبات التي تجرم التشبه بالنساء. وقد ارتفعت أصوات الناشطين والناشطات بعد هذه الحادثة للمطالبة بإلغاء تلك المادة المجحفة بحق الإنسان وحريته الجنسية. الا أن الحكومة الكويتية، كما في مثيلاتها في الوطن العربي، لا تخضع لمثل تلك الأصوات الحقوقية لحسابات مجتمعية وسياسية لم يتم التخلص منها أو تجاوزها.
هذا الحدث، وهذه القصص المتكررة، على طول وعرض المجتمعات العربية، حول التصرفات اللاأخلاقية والاعتداءات الجنسية والتنمر الاجتماعي تجاه المثليين والعابرين جنسيا وغيرهم، إنما تمثل أحد أبشع انواع السلوكيات الاضطهادية التي ينتهجها البعض، وخصوصا رجال الأمن، في زيادة الألم النفسي، وفي احتقار هذا الانسان، مهما كان مثليا أو عابرا للجنس أو غيره. فالهوية الجنسية اليوم، لم تعد كما كانت في السابق، تمارس في الظلام وخلف الأضواء وفي الغرف المغلقة خوفا من المجتمع وسلطة التقاليد. بل اليوم، أصبحت الدول والمنظمات وهيئات حقوق الإنسان ذات قوة ودعم وتأييد للإنسان، مهما كانت شخصيته الجنسية، بل وتقدم العديد من الدول الغربية حق اللجوء الانساني لمن يتعرض للتهديدات على خلفية هويته الجنسية. وشهدت مؤخرا عدة دول غربية اعترافات بزواج المثليين، وفي تمكينهم وتحصينهم قانونيا من الملاحقات والتنمر وعدم توظيفهم. وهذه الأفعال، لم تأتي من أجل حماية الأقليات الفئوية في المجتمع فقط، وإنما هي تصرفات أخلاقية واجتماعية يدعمها الدستور العلماني الذي يحترم الخصوصيات الفردية والهوية الجنسية، بعد أن ثبت بشكل علمي قاطع ان المثلية وغيرها، ليست أمراض نفسية، ولا علل خلقية، وإنما هي شكل صحي من أشكال التوجه الجنسي عند البشر.
ورغم أن هناك العديد من الابحاث والكتب والدراسات التي ناقشت هذه القضايا من منظور طبي وعلمي ونفسي، الا أن الهدف من هذا المقال، ليس نسخ ولصق مثل هذه النتائج النهائية، فهي موجودة لمن يرغب بالاطلاع عليها في مواقع البحث المعروفة. وإنما هدفي من هذا المقال، هو القاء الضوء على الحلول الواقعية، وعلى أسباب هذا الاضطهاد، وعلى شحن العقل العربي المسلم بقيم المحبة والتعايش وقبول الآخر.
في مجتمعاتنا، نولد ونحن نحمل ثقافة آباؤنا وأجدادنا، وليس هذا فقط، وإنما أخلاقهم وسلوكياتهم ومعتقداتهم وكل طرق حياتهم. نحن لا تسكننا الفردية ولا الاستقلالية ولا التجاوزية الحرة، إنما ما يسكننا، هو التقليد والنقل والاستنساخ والتكرار. فمن نراه اليوم مثليا أو عابرا للجنس أو ترانسجندر ..الخ، كان يطلق عليه لقب جنس ثالث أو (خ..ث) في الماضي، بدون أي تصنيفات فرعية واضحة، تمثل اليوم شكل الانسان وهويته الجنسية وكيانه المادي، لضعف الثقافة والمعرفة وقلة الاطلاع وعدم مواكبة التطورات. كانت الغالبية تحتقرهم وتعتبرهم مرضى ومجانين وذوي سلوكيات منحلة وساقطة ومن أهل جهنم وغيرها من المفردات المهينة، وكان عقابهم الحبس والضرب وحلق الشعر، وبعضهم يذهبون به الي الطب النفسي. كانت النظرة اليهم نابعة من جهل ومن تطرف ومن رؤية دينية وتقاليد قبلية وعادات مجتمعية. رؤية تجعلهم في مرتبة الحيوانات، رغم أن الحيوانات أيضا مثلية الجنس، كما ذكر تقرير أعده بروس بيجميل في عام 1989، قال فيه "انه جرى رصد قرابة 1500 فصيلة حيوانية تتدرج من الرئيسيات وحتى الديدان، منها 500 فصيلة موثقة توثيقا تفصيليا بانها تمارس سلوكا جنسيا مثليا".
الا أن الغريب، وفي عالم اليوم، وانفتاح اليوم، وتواصله المعرفي والتكنولوجي والاعلامي، لا يزال هذا المجتمع، مجتمع الميم، يعاني من وجود نفس العقليات. أجساد تلبس أفخم لباس وتتعلم في أرقى الجامعات وتسافر وتأكل وتستمتع بكل ما حولها، الا أنها تحمل عقولا مريضة، عقول منغلقة على ثقافة الاجداد، لا يرغبون برؤية من يختلف عنهم وهو يعيش شخصيته الحقيقية وينتصر على سجونه الجنسية، ليصبح ويتحول ويمارس ما يرغب فيه بكل حرية لأنه أنسان فقط. مثل هذه العقول، هي العقول المرعبة والخطيرة، العقول التي لا تحمل سلاحا في الحقيقة، ولكنها تحمل افكارا هدامة وتصرفات بشعة يمكن اعتبارها أخطر أنواع الاسلحة في العصر الحديث.
ما نحن بحاجه اليه لوضع الحلول يتجاوز بكثير القوانين الرادعة، والمواد القانونية الداعمة لوجودهم وحرياتهم الجنسية. نحن بحاجة الي ثورة أخلاقية وفكرية وجنسية، واعادة النظر بكثير من المفاهيم والقيم والمناهج والخطابات الدينية والرسمية. نحن بحاجة الي رؤية الأمور وفق المنطق والعقل والعلم والواقع. أن نجعل من كل انسان قيمة في ذاته، قيمة في جوهره، قيمة في ما يعطيه من سلوكيات ايجابية واخلاقيات عملية لا علاقة لها بشكله أو بهويته. تلك القيم والمبادئ المتعلقة باحترام الانسان فقط، رغم انها حداثية الفكرة وأخلاقية المعاملة، الا انها لم تستوطن ثقافتنا، ولم تسكن مناهجنا، ولم تمثل لنا اسلوبا عصريا في التعامل مع الآخر المختلف، لاننا مازلنا نعيش داخل سجن العادات والتقاليد والعقل الجمعي. ذلك السجن الذي يجعلنا نخشى من الاعتراف بحقيقتنا وداخلنا الجنسي. ذلك السجن الذي يجعلنا نرغب بتنميط ذواتنا وفق الأكثرية والأغلبية وما يقوله الناس. ذلك السجن الذي يطالبنا كل يوم بالمزيد من الانغلاق والهروب والخوف والتردد.
فإذا أردنا أن لا تتكرر مثل هذه الحوادث المفجعة، ومثل تلك الانتهاكات الصارخة بحق الإنسان المثلي أو العابر جنسيا، علينا أن نتمسك بمواثيق حقوق الإنسان، أن نتمسك بما وصلت اليه الحداثة الفكرية والممارسة الديمقراطية في شأن الحريات الفردية والجنسية. أن نثق تماما بأن الإنسان الذي يخطئ هو الإنسان الذي يمارس عملا ضارا، عملا يهدد السلم ويدعو الي الايذاء والكراهية والحروب والقتل. وما عدا ذلك، هو عمل يندرج تحت مسمى الحريات الشخصية التي تمثل الانسان ذاته ولا تمثل المجتمع بكل فئاته. علينا أن نتمسك بالمواطنة والمساواة والعدالة الاجتماعية. فمثل تلك القيم والمبادئ والاخلاقيات، هي التي جعلت الأمم من غيرنا تتجاوز عثراتها وتصحح أخطاؤها وتستمر في العمل والانتاج والابداع. فكل ما يمارسه الانسان في حياته العملية، سواء رجل أو أمرأة أو عابر أو مثلي، هو اضافة للبشرية، إضافة تخدم المجتمع وتساهم في تطور البلد.
إن الاختلاف قيمة عظيمة ومستوى عال ومتقدم من احترام حقوق الانسان، ومن تقدير الفرد لذاته. نعم قد يكون هناك رفض وعدم موافقة لوجود مجتمع الميم، وهذا أمر طبيعي وحتى صحي، ولكن المهم والأهم أن يكون التعامل المجتمعي لمثل هذه القضايا ينطلق من منطلق احترام الانسان، وليس من منطلق الاساءة اليه أو نفيه أو ممارسة العنف ضده، فمثل هذه التصرفات الوحشية لم تعد مقبولة أخلاقيا وقانونيا وحضاريا، بل تمثل الجانب البدائي للسلوك الانساني، وقد انتهت منه اليوم المجتمعات المتقدمة، وحريا بنا أن نكون، ليس مثلهم تماما، ولكن أن نفهم القضايا الجنسية بمنظور جديد، منظور يقطع مع العقاب الي منظور حقوقي وديمقراطي في تقبل الآخر وفهم وجوده وأحقية أن يكون مواطنا صالحا في المجتمع الواحد مهما كانت هويته الجنسية.



#عبدالعزيز_عبدالله_القناعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنوير .. في فهم أدوات العلمانية
- كأس العالم ومظاهرات أمريكا
- طرد الكورونا أفضل من طرد الوافدين في الكويت
- الإخوان المسلمين والماسونية .. مقارنة باطلة
- صفقة القرن .. النداء الأخير للسلام
- اسقاط الولاية عن النساء مطلب حضاري وانساني
- في رثاء وهجاء شيمون بيريز
- البوركيني والكاوبوي الاسلامي
- مكانة الدين في مجتمعاتنا العربية بعد تطبيق العلمانية
- لماذا يحن العرب الي صدام حسين اليوم؟!!
- لماذا تتجه المجتمعات الخليجية نحو التطرف الإسلامي؟
- العقل العربي وحصار الدين والحاكم العربي
- الأخ رشيد وإخفاق الإسلام والمسلمين
- دونالد ترامب والكراهية الإسلامية
- احداث باريس وشهية المسلمين
- العلمانية مصدر الحياة
- الخوف من نقد المقدسات الدينية
- المواطن الكويتي والإرهاب الإسلامي
- أزمة لا يمثلون الإسلام بالعقل العربي
- دعوة الي التنوير


المزيد.....




- الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة ...
- الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد ...
- الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي ...
- الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...


المزيد.....

- الجنسانية والتضامن: مثليات ومثليون دعماً لعمال المناجم / ديارمايد كيليهير
- مجتمع الميم-عين في الأردن: -حبيبي… إحنا شعب ما بيسكُت!- / خالد عبد الهادي
- هوموفوبيا / نبيل نوري لكَزار موحان
- المثلية الجنسية تاريخيا لدى مجموعة من المدنيات الثقافية. / صفوان قسام
- تكنولوجيات المعلومات والاتصالات كحلبة مصارعة: دراسة حالة علم ... / لارا منصور
- المثلية الجنسية بين التاريخ و الديانات الإبراهيمية / أحمد محمود سعيد
- المثلية الجنسية قدر أم اختيار؟ / ياسمين عزيز عزت
- المثلية الجنسية في اتحاد السوفيتي / مازن كم الماز
- المثليون والثورة على السائد / بونوا بريفيل
- المثليّة الجنسيّة عند النساء في الشرق الأوسط: تاريخها وتصوير ... / سمر حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق مثليي الجنس - عبدالعزيز عبدالله القناعي - حقوق مجتمع الميم