|
ألوحدة الوطنية الفلسطينية الخيار المصيري لدحر العدوان ومخطّطات التصفية!!
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 1588 - 2006 / 6 / 21 - 11:03
المحور:
القضية الفلسطينية
رغم كل الظروف المأساوية التي ترافق تصعيد العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في المناطق الفلسطينية المحتلة، في الضفة والقدس الشرقية والقطاع، فان القضية الفلسطينية تبقى حجر الزاوية، الرقم الصعب والاساسي، في معادلة الصراع في المنطقة ومستقبل تطورها، فتقييم القضية الفلسطينية بانها حجر الزاوية في معادلة الصراع في المنطقة يعني من حيث المدلول السياسي انها القضية المركزية على ساحة التطور والصراع في المنطقة والتي بدون ايجاد الحل العادل نسبيا لها والذي يستجيب لثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية غير القابلة للتصرف، الحق في الحرية والدولة والقدس والعودة، لا يمكن توفير قواعد الامن والاستقرار والسلام في منطقة الشرق الاوسط. ونحن نعود اليوم لتأكيد تقييمنا حول مركزية القضية الفلسطينية على اجندة التطور والصراع في المنطقة بالرغم من الضباب الكثيف الذي تنشره الهجمة الاستراتيجية الامبريالية الامريكية للهيمنة في المنطقة وما يرافقها من محاولات لطمس هذه القضية الجوهرية ومصادرة الحقوق الوطنية لشعبها. ومن منظورنا الطبقي العلمي لمسار التطور والصراع في عالمنا ومنطقتنا لم نقع فريسة التضليل الامبريالي الامريكي الذي تجسد باعلان الرئيس الامريكي عن رؤيته بحل يرتكز على دولتين، اسرائيل وفلسطين، تعيشان بسلام! فالدافع والهدف لاطلاق بوش لهذه المقولة قبل حوالي ثلاث سنوات، وفي خضم تورط المحتل الامريكي في اوحال المستنقع العراقي ونيران المقاومة العراقية، لم يكن ابدا اقرارا من الادارة الامريكية واعترافا منها بالحقوق الوطنية الفلسطينية المسنودة بقرارات الشرعية الدولية بل كان الدافع والهدف تجيير هذه المقولة لخدمة الخطة الاستراتيجية الامريكية للهيمنة في المنطقة، تدجين انظمة المنطقة وبلدانها في خدمة المصالح الاستراتيجية والاقتصادية للامبريالية الامريكية واحتكاراتها عابرة القارات ومتعددة الجنسيات. ارادت من وراء "الرؤية" عن الدولتين المتجاورتين، اسرائيل وفلسطين، تخدير الشعوب العربية واعطاء المبرر لحكام بلادها للسير في ركب خدمة المخططات العدوانية الامريكية وصرف الانظار عن الهجمة الاستراتيجية الامريكية لتدجين لبنان ومحاصرة النظام السوري، والضغط على ايران، وفي وقت تقدم فيه مختلف اشكال الدعم، السياسي والدبلوماسي والمادي والعسكري لآلة العدوان الاسرائيلية، لحليفها الاستراتيجي العدواني – المحتل الاسرائيلي ومخططاته لتصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية. فتأييد ادارة جورج دبليو بوش لخطة اعادة الانتشار الشارونية في قطاع غزة وشمال الضفة الغربية من طرف واحد التي جاءت لاختزال خطة خارطة الطريق التي اقرتها مجموعة الاربع (الكوارتيت) الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، ورسالة الضمانات التي قدمها بوش الى شارون في الرابع عشر من نيسان الفين واربعة (الذي يؤيد ضم كتل الاستيطان الى اسرائيل والتنكر لحق اللاجئين في العودة)، كل هذا يعكس حقيقة افراغ رؤية بوش من مضمونها ومن مدلولها الاساسي ، هذا اضافة الى دعم ادارة بوش لجرائم ومجازر المحتل الاسرائيلي والتغطية عليه وتحصينه من العقوبات والادانات في المؤسسات الدولية، وخاصة في مجلس الامن. فالادارة الامريكية رفضت ادانة المجازر التي ارتكبها المحتل مؤخرا في شاطئ بحر غزة وفي غزة وكانت ضحاياها من الناس الابرياء، من الاطفال والنساء والرجال. رغم هذا الانحياز الامريكي الصارخ الى جانب العدوانية الاسرائيلية ورغم الهجمة العدوانية الاستراتيجية الامريكية للهيمنة في المنطقة فان القضية الفلسطينية تبقى القضية المركزية على اجندة المنطقة. وقد استغل المحتل الاسرائيلي وسنده الامريكي نتائج الخيار الدمقراطي للشعب الفلسطيني في المناطق المحتلة في انتخابات التشريعي ونجاح حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في اكتساح البرلمان وتأليف الحكومة الفلسطينية، استغل اعداء الحقوق الوطنية الفلسطينية هذا الواقع الجديد على الساحة الفلسطينية كفرصة سانحة لتصفية الحق الشرعي الفلسطيني بالتحرر والاستقلال الوطني. وبحجة ان حركة حماس ارهابية ولا تعامل مع حكومة ارهابية صعّد المحتل من عدوانيته بفرض الحصار الاقتصادي التجويعي على المناطق الفلسطينية المحتلة واهلها من جهة، وتصعيد عمليات القصف والمجازر واغتيال شخصيات وقيادات فلسطينية. وراهن المحتل على الفلتان الامني في المناطق الفلسطينية وعلى التناقضات بين السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس والحكومة الفلسطينية برئاسة اسماعيل هنية احد قادة حركة حماس البارزين، وعلى الصدامات المسلحة بين عناصر من فتح والامن الوقائي من جهة وعن حماس من جهة اخرى، راهن على حالة الفوضى والصراع ليؤكد للعالم انه لا يوجد عنوان فلسطيني ند وشريك يمكن التفاوض معه وفي وقت تعمل فيه حكومة الاحتلال، حكومة اولمرت كاديما وبيرتس العمل لتسويق برنامج الانطواء والتجميع ورسم الحدود الاسرائيلية من طرف واحد، والذي مدلوله السياسي اذا ما انجز، ضم اكثر من نصف مساحة المناطق المحتلة الى اسرائيل وتحويل ما تبقى من ارض فلسطينية الى جزر وكانتونات لا تواصل اقليمي في ما بينها، ودفن الحق الوطني الشرعي الفلسطيني باقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات المقومات الطبيعية القابلة للتطور والحياة. وعمليا وصلت قضية الحقوق الوطنية الفلسطينية الى مفترق طرق مصيري وكارثي ينذر بنكبة فلسطينية جديدة تعيد الى الاذهان نكبة الثمانية والاربعين. فالشعب الفلسطيني وقف امام مفترق طرق يحتم عليه اختيار احد الخيارين: اما المذبحة واما المصلحة. اما مواصلة تقديم المبررات المشجعة للمحتل الغاشم لمواصلة تصعيده لعدوانيته وللجرائم وللمجازر التي يرتكبها ضد البشر والشجر والحجر في المناطق المحتلة، ومواصلة مخططه لاغتيال وتصفية القضية الفلسطينية وتجسيد المذبحة لتجنيز الحقوق الوطنية الفلسطينية، اما مواصلة الفلتان الامني، وممارسة وكأنه توجد سلطة الرأسين على الساحة الفلسطينية، ومواصلة الفرقة والتمزق والصراعات الفلسطينية الفلسطينية وتمسك حركة حماس السلطة بمواقف حماس المعارضة غير المقبولة عالميا وغير الملتزمة بتعهدات واتفاقات سابقة وقعتها القيادة الشرعية الفلسطينية، اما اختيار هذه المذبحة للجسد الفلسطيني وللحق الوطني الشرعي الفلسطيني واما اختيار ما يخدم المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ويجند التضامن العالمي مع الحق الفلسطيني الوطني بالتحرر والاستقلال الوطني ويستفيد من تناقضات المصالح والمواقف حتى في معسكر الاعداء للحقوق الشرعية الفلسطينية. فالمصلحة العليا للشعب الفلسطيني لانجاز حقه الوطني بالدولة والقدس والعودة تستدعي رص صفوف وحدته الوطنية المتمسكة بثوابت الحقوق الشرعية الفلسطينية. ما نأمله ان تكون البشائر حول التوصل الى اتفاق على طاولة الحوار بين مختلف الفصائل الفلسطينية صادقة. وان مختلف الفصائل وافقت على جوهر ما تضمنته وثيقة الحركة الاسيرة الفلسطينية، خاصة فيما يتعلق بالقضاء على الفلتان الامني الفلسطيني وبالنضال لاقامة دولة فلسطينية مستقلة في حدود الرابع من حزيران السبعة والستين، عاصمتها القدس الشرقية وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وشرعية المقاومة للاحتلال في حدود المناطق المحتلة وغيرها. فالوفاق الوطني يوفر المناخ الملائم والظروف الملائمة ويمهّد الطريق لقيام حكومة الوحدة الوطنية من مختلف التيارات الفلسطينية من حماس وفتح والجبهتين الشعبية والدمقراطية وحزب الشعب الفلسطيني وغيرهم، او حكومة مؤقتة تخنوقراطية متفق عليها. وقيام حكومة وحدة وطنية تساعد على فك الحصار التجويعي الاجرامي المفروض على المناطق المحتلة وتصادر حجة المحتل وسنده الامريكي والاوروبي بان لا تعامل مع حكومة حماس كتبرير للعقوبة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. كما ان قيام حكومة وحدة وطنية مرجعيتها السياسية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني يصادر وينسف الحجة الاسرائيلية انه لا يوجد عنوان وشريك ند فلسطيني لاستئناف المفاوضات السياسية معه حول التسوية السياسية الدائمة، كما تضع المخطط التصفوي للحقوق الوطنية الفلسطينية، مخطط الانطواء ورسم الحدود احادي الجانب الذي يرسمه المحتل الاسرائيلي في زاوية العزلة الدولية. وقيام حكومة وطنية ممهورة ببرنامج سياسي واضح المعالم من حيث تمسكه بثوابت الحقوق الوطنية الفلسطينية يساعد على تجنيد الرأي العام العالمي ومختلف انظمة ودول العالم الى جانب الحقوق الشرعية الفلسطينية ورفض الحلول التصفوية التي يطرحها المحتل الاسرائيلي. فعلى سبيل المثال، عاد رئيس الحكومة الاسرائيلية، ايهود اولمرت، من زيارته الاوروبية، الى فرنسا وبريطانيا "بخفي حنين"، فلم ينجح في تسويق مخطط حكومته التصفوي، مخطط الانطواء ورسم الحدود من طرف واحد للنظامين في فرنسا وبريطانيا، حيث اكد قادتهما انه لا بديل لخطة خارطة الطريق وان يكون الحل ورسم الحدود مبنيا على اساس خطوط الرابع من حزيران السبعة والستين وما قرره الاتحاد الاوروبي من خلال بيان اصدره في الاسبوع الماضي انه يرفض خطة الانطواء احادية الجانب وان تحديد الحدود النهائية لاسرائيل يجب ان يرتكز على حدود الرابع من حزيران السبعة والستين. فالاتحاد الاوروبي الذي لبلاده مصالح اقتصادية وسياسية في بلدان المنطقة وفي فلسطين المحتلة يدرك جيدا ان حلولا احادية الجانب يفرضها المحتل الاسرائيلي بشكل قسري ومن خلال تجاهل صاحب الحق المستباح، الطرف الفلسطيني لن تقود ابدا الى الامن والاستقرار واخماد انفاس بؤرة التوتر والصراع الاسرائيلي – الفلسطيني. ولهذا يضغط الاتحاد الاوروبي باتجاه استئناف المفاوضات السياسية الاسرائيلية – الفلسطينية. وقيام حكومة وفاق وطني فلسطينية تساهم في دفع عجلة هذا الموقف. وقيام النظامين المصري والاردني بالمساعي الحميدة لرأب الصدع الفلسطيني واخماد انفاس التوتر والصراع الفلسطيني – الفلسطيني والمساعدة في انجاح عملية الوحدة الوطنية الفلسطينية لا يخدم فقط المصلحة الوطنية الفلسطينية، بل يخدم مصالح هذين النظامين ايضا. فعدم الاستقرار على الساحة الفلسطينية يعكس اثره السلبي على الاردن ومصر ايضا، خاصة فيما يتعلق بوجود ونشاط التيارات الاسلامية الاصولية في هذين البلدين. كما ان التوصل الى استقرار نسبي في المناطق المحتلة وتخفيض سقف الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني والعمل لانجاز حلول جزئية مرحلية يخدم مصلحة استراتيجية العدوان والهيمنة الامريكية في العراق المحتل وضد مصالح شعوب وبلدان المنطقة.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهام وتحديات أساسية على أجندة الحزب الشيوعي الاسرائيلي
-
ما لكم سوى وحدة الصف الكفاحية إرحموا شعبكم من مغبة تصرفكم!
-
بناء على معطيات تقرير -المعهد الاسرائيلي للدمقراطية-: النيول
...
-
مقاومة المحتلين بدأت قبل الزرقاوي ولن تنتهي بعده! لسنا مع ال
...
-
لن ينجح الدجالون اعداء الحزب الشيوعي في دق الاسافين بين الحز
...
-
ماذا وراء لقاء مبارك – اولمرت في شرم الشيخ؟
-
في الذكرى السنوية ال39 للحرب والاحتلال: اما لهذا الليل المدل
...
-
العربوش عربوش حتى لو وصل اعلى العروش
-
هل ما يبعث على التفاؤل من محادثات أولمرت- بوش في واشنطن؟
-
ألم يحن الوقت لترتيب البيت الفلسطيني؟!
-
على ضوء معطيات دائرة الاحصاء المركزية: هل تعيش اسرائيل فعلا
...
-
زيتون المثلث الذي غرسته يا عبد الحميد ابو عيطة سيبقى أخضر مو
...
-
في الذكرى السنوية ال 61 للنصر على النازية: لتوحيد قوى الكفاح
...
-
على ضوء طرح الميزانية للقراءة الاولى: هل ستتأرجح هذه الحكومة
...
-
حنين مقاتل قديم
-
ألمدلول السياسي للتغيّرات التقدمية العاصفة في بوليفيا وأمريك
...
-
ستبقى أعلام الطبقة العاملة والتضامن والكفاح الحمراء خفّاقة
-
ألعودة حق ولا عودة عنه !
-
ألمدلول الحقيقي للشراكة الاستراتيجية بين حزبي كديما والعمل!
-
لا مكان لذكر الشيطان الطائفي بيننا
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|