أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - العنصرية والطائفية والرُكبات على الرَقبات














المزيد.....

العنصرية والطائفية والرُكبات على الرَقبات


جلبير الأشقر
(Gilbert Achcar)


الحوار المتمدن-العدد: 6589 - 2020 / 6 / 10 - 11:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الوقت الذي تغمر بلدان الغرب موجة عارمة، بلغت في الولايات المتحدة الأمريكية حجم تسونامي بشري وسياسي، نبذاً للعنصرية والاستعلاء العرقي إثر حاثة اغتيال جورج فلويد، تمنّينا أن تغمر هذه الموجة منطقتنا العربية التي لا تقلّ فيها العنصرية تأصّلاً، بل تزيد في الحقيقة. فإن نماذج الحقد العرقي البشعة مستشرية في ربوعنا، سواء تعلّقت بلون البشرة أو بالأصل القومي/الإثني أو بالإثنين معاً. فمن الاعتداءات العنصرية على السودانيين في مصر إلى الاضطهاد العنصري الشنيع الذي يتعرّض له المهاجرون السود في ليبيا إلى شتى الممارسات العرقية في سائر بلدان المغرب الكبير (وهي تبلغ أوجّها في موريتانيا التي لم تتخطّ بعد تراث العبودية البغيض)، إلى العنصرية المؤسسية التي شكّلت ركناً من أركان نظام عمر البشير في السودان والتي لا تزال الميليشيات المسلّحة التي جسّدتها متربّعة على السلطة، إلى المشاهد المألوفة في منطقة الخليج حيث تكتمل العنصرية باستعلاء معمّم إزاء الأجانب ولاسيما أفقرهم وأفقرهنّ، أي سواد اليد العاملة، إلى الحقد العرقي إزاء الكُرد في العراق وسوريا، إلى الاضطهاد العرقي والطبقي والذكوري الشنيع الذي تتعرّض له عاملات المنازل القادمات من شتى البلدان الأفريقية والآسيوية في لبنان والأردن على غرار الدول الخليجية، إلى حالات كثيرة أخرى، فإن منطقتنا، والحق يُقال، هي إحدى أكثر مناطق العالم عنصرية على الإطلاق. وكم من «جورج فلويد» و«جورجينا فلويد» يُقتلان كل يوم في ربوعنا بدون أن يرفّ لمجتمعاتنا جفن!
ذلك أن الثقافة الرجعية الموروثة من أزمنة غابرة وجائرة لا تزال متأصلة في منطقتنا، تكرّسها أنظمة هي ذاتها موروثة من تلك الأزمنة، تُديم ثقافتها البغيضة وتروجّها يومياً بشتى الوسائط، بدءاً بما يسمّى «الإعلام» وهو أقرب إلى التجهيل. فإن قِيَم الزمن التاريخي الحديث، تلك التي بزغت منذ القرن الثامن عشر وانتصرت في قسم كبير من المعمورة، قِيَم «الحرية والمساواة والأخوّة» كما لخّصها شعار الثورة الفرنسية على الاستبداد المَلَكي، تلك القِيَم لم تترسّخ بعد في منطقتنا، ولا تزال تحاول شقّ جدار الظلم السميك، كما حصل أثناء مرحلة «الربيع» (أي الأشهر الأولى التي استحقّت فعلاً ذلك اللقب) في كل انتفاضة من الانتفاضات العشر التي شهدتها ربوعنا خلال العقد المنصرم.

بيد أن موجة الاحتجاج العالمي على العنصرية لم تطل ربوعنا، ويا للأسف، اللهّم سوى بتظاهرة صغيرة في تونس العاصمة وأخرى أصغر في بيت لحم ومواقف تضامنية هنا وهناك، كما في ساحة التحرير في بغداد. بل على العكس، فقد رأينا بعض الجماعات في لبنان تحاول الردّ على التضامن البشري الرائع الذي أبداه المناهضون للعنصرية من البيض الأمريكيين مع مواطنيهم السود، تحاول الردّ على ذلك التضامن بأشنع مواقف الاستفزاز الطائفي وأغباها. وهؤلاء من حيث يدرون أو لا يدرون أدوات لسياسة عريقة في القِدَم، تتيح لذوي الملكية والسلطة أن يفرّقوا بين القابعين في أسفل الهرم الاجتماعي كي يصونوا سيادتهم عليهم أجمعين.
قامت الانتفاضتان العراقية واللبنانية في الخريف الماضي وهما تنبذان بقوة التفرقة الطائفية، إدراكاً من المبادرين والمبادرات إليها أن تلك التفرقة هي أنجع الوسائل التي يحوز عليها أعضاء الطبقة السائدة بكافة مكوّناتها الطائفية كي يواصلوا الضغط برُكباتهم على رَقبات الشعب، على غرار ما أصاب جورج فلويد. ومنذ ذلك الحين وأعضاء الطبقة السائدة في البلدين يبذلون مساعي حثيثة وموتورة كي يعيدوا الأمور إلى نصابها الطائفي، وذلك بتحريكهم لذلك الجمع ضمن «بيئة» كل منهم، الذي يعميهم الولاء الطائفي (وما يرتهن به من أجر لدى بعضهم) إلى حدّ أنهم لا يرون أن أوضاع عائلاتهم المعيشية تنهار بسرعة فائقة وأن الشرخ لا يني يتعمق بين عامة الشعب بكل طوائفه في قاعدة الهرم الاجتماعي، والطبقة السائدة بجميع أعضائها في قمة هذا الهرم. إلّا أن عجلة التاريخ تدور بالضرورة في الاتجاه التقدّمي الذي تسير البشرية نحوه منذ آلاف السنين، ولو رجعت القهقرى من حين إلى آخر فإن قدرة الطبقات الرجعية على أن تخدع البسطاء تتقلصّ لا مُحال، لاسيما حينما تسرّع الأزمة الاقتصادية في تعريتها.



#جلبير_الأشقر (هاشتاغ)       Gilbert_Achcar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصهيونية بنت العنصرية الاستعلائية البيضاء
- فلسطين: من تقسيم إلى آخر
- رثاء الأمة العربية وشرط نهضتها
- الإدمان على النفط ومعالجته الملحّة
- رامي مخلوف المسكين…
- لبنان: عادت حليمة إلى عادتها القديمة
- هبوط أسعار النفط ومصيرنا
- أكباش الفداء أو عندما تسود اللاعقلانية
- بين قانون الغاب والشمولية
- الأديان بين الفائدة والضرر
- البشرية والوباء والاشتراكية
- وباءٌ مضاد للثورة؟
- المملكة السعودية وحرب النفط
- مهمة مستحيلة: الأمم المتحدة والملف الليبي
- تصدّياً للحملة العالمية على المسلمين
- تحية لشبيبة السودان الثورية
- أردوغان ومخاطر لعب الشطرنج مع بوتين
- هل فشلت اتفاقيات أوسلو أم نجحت؟
- أرادها نتنياهو “فرصة القرن” فهل ينتزعها الفلسطينيون؟
- دعهم إذاً يأكلون الكعك…


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلبير الأشقر - العنصرية والطائفية والرُكبات على الرَقبات