أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان الشمس - غوستاف لوبون ...قراءة لكتاب سيكولوجية الجماهير















المزيد.....

غوستاف لوبون ...قراءة لكتاب سيكولوجية الجماهير


سلمان الشمس

الحوار المتمدن-العدد: 6587 - 2020 / 6 / 8 - 01:40
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


غوستاف لوبون
قراءة لكتاب سيكولوجية الجماهير

كلمة جمهور بمعناها العادي تعني أي تجمعا لمجموعة من الأفراد، أيا تكن هويتهم القومية او مهنتهم او جنسهم وأيا تكن المصادفة التي جمعتهم... لكن من وجهة النظر النفسية يتخذ مصطلح الجمهور معنى مختلف تماما ، ألف فرد مجتمعين مصادفة بساحة عامة بدون هدف محدد لا يشكلون جمهورا نفسيا ، ولكن تحت ظروف معينة اذا امتلكت مجموعة من البشر خصائص وصفات تختلف عن خصائص كل فرد ، حين تنطمس شخصية الفرد وتصبح جزءا من روح جماعية عابرة ومؤقتة ، روح تتمتع بخصائص محددة ومختلفة عن خصائص الأفراد المشكلين للجماعة ، عندئذ تصبح هذه الجماعة جمهورا منظما او جمهورا نفسيا.

مهما تكن نوعية الأفراد المشكلين للجمهور ومهما تكن اهتماماتهم ومزاجهم ونمط حياتهم... فأن مجرد تحول هولاء الأفراد الى جمهور يزودهم بنوع من الروح الجماعية , هذه الروح تجعلهم يتصرفون ويفكرون ويحسون بطريقة مختلفة عن الطريقة التي كانوا يتصرفون بها كأفراد ، هذا يشبه ما يحصل بالكيمياء حيث تتداخل العناصر مع بعضها مشكلة مادة جديدة تتحلى بخصائص مختلفة عن خصائص كل عنصر.

اللاوعي قائدا
في مسار حياتنا يقودنا ويوجهنا قائدان الوعي واللاوعي ، الوعي هو حالة الإدراك التي نصل اليها من خلال تعاملنا مع محيطنا ومن خلال الحواس الخمسة ، أي ان الوعي هو مجموعة الأفكار والمعرفة التي تشكل رؤيتنا للعالم ، ولكن لكل واحد منا ذكريات مؤلمة ورغبات مقموعة وأحداث وقعت لنا بالطفولة لم نعد نتذكرها ، فكم مرة مررنا بمواقف محرجة ورأينا مشاهد مرعبة كلها نسيت...هل يمكن القول أنه لم يعد لها أثر ؟
الجواب عند فرويد بالنفي فهو يرى إنها سجلت بذاكرة مختلفة عن الذاكرة الواعية ، إنها الذاكرة اللاواعية.....سجلت في اللاوعي او العقل الباطن ، للمرء ذاكرتين ، واعية يمكن له استرجاعها وقت ما شاء ، وأخرى غائبة ومنسية في غياهب النفس لا يمكن استرجاعها بيسر.
هذه الصفات العامة للطبع والتي يتحكم بها اللاوعي ، هي التي نجدها مستنفرة لدى الجماهير ، فالكفاءات العقلية للبشر تمحى وتذوب بالروح الجماعية فالقائد هو اللاوعي ، هذا الاستنفار المشترك لتراكمات العقل الباطن هو الذي يفسر عجز الجماهير على انجاز الأعمال التي تتطلب ذكاءا او جهدا عقليا ، فالجماهير، على حد قول لوبون ، بالمحصلة لا تجمع الذكاء بل تجمع التفاهة ، هذا الاستنفار قد يفسر الشجاعة والتضحية والإقدام التي تبرز لدى الأشخاص العادين بعد انخراطهم بالجمهور ، فالفرد المنضوي بالجمهور يكتسب بواسطة العدد شعورا عارما بالقوة وهو ينصاع الى غرائزه عن طوع واختيار ، ولان الجمهور مغفل وغير مسؤول ، ولما كان الإحساس بالمسؤولية هو الذي يردع البشر ، ففي حالة الجمهور لا يوجد رادع يمنع من فعل أي شيء ، فكل شيء مباح وكل الأفعال مبررة تحت يافطات متعددة الأشكال ثورية و دينية...

التنويم المغناطيسي
من الواضح ان الشخص المنوم مغناطيسيا يفقد شخصيته الواعية وبالتالي يرتكب الشخص المنوم كثير من الأعمال المخالفة لطبعه الحقيقي وعاداته ، وعلى نفس الشاكلة فأن المراقبة الدقيقة لسلوك الفرد المنضوي بالجمهور تبين ان هذا الشخص يسقط بحالة تشبه كثيرا حالة الانجذاب الشديد التي يشعر بها المنوم مغناطيسيا تجاه منومه ، وبما ان حياة الدماغ تصبح مشلولة لدى المنوم فأنه يصبح عبدا لكل فعاليته اللاواعية وتصبح الشخصية الواعية مغميا عليها وتلغى إرادة التميز والفهم ، هذا الفرد لا يعود واعيا بأعماله ، وكل اقتراح او تحريض يملئ عليه يتحول الى قوة طائشة لا يمكن ردها او التنبؤ بنتائجها ، وأحيانا تكون هناك كلمة او تثار صورة حتى تندفع الجماهير لترتكب أبشع الأعمال الدموية.

عواطف الجماهير وأخلاقياتها
يرى لوبون انه بمجرد ان ينضوي الفرد داخل صفوف الجمهور فأنه ينزل درجات عديدة في سلم الحضارة ، فهو كفرد منعزل ربما يكون إنسانا مثقفا متعقلا ، ولكنه ما ان ينظم للجمهور حتى يصبح همجيا منقادا بغريزته ، عندئذ يتصف بعفوية الكائنات البدائية وعنفها وضراوتها وحماسها وبطولاتها ، وقد يقترف أعمالا مخالفة لمصالحه الشخصية ، الانخراط بالجمهور يغير العواطف والأفكار الى درجة قد يتحول بها البخيل الى كريم والشكاك الى مؤمن والشريف الى مجرم والجبان الى بطل.....
اذا كان الجمهور اقل مرتبة من الإنسان المنفرد وتحكمه العواطف ، فأنه يمكن للجمهور أن يسير نحو الأفضل او نحو الأسوأ اعتمادا على الطريقة التي يتم تحريضه او تحريكه بها ، من الممكن ان تكون الجماهير مجرمة او بطلة ، من السهل اقتيادهم الى الذبح والقتل باسم النضال من اجل العقيدة ، ومن السهل تحريكهم وبث روح الحماسة فيهم للدفاع عن الشرف ، وبالإمكان تجيشهم واقتيادهم بدون خبز او سلاح ، كما حصل أثناء الحرب الصليبية لتخليص قبر المسيح من أيدي الكفار ، صحيح ان بطولات الجماهير هي بطولات لا واعية لكن التاريخ لا يصنع إلا من هكذا بطولات.

إن العديد من خصائص الجماهير ، مثل سرعة الانفعال والعجز عن المحاكمة العقلية ، وانعدام الرأي الشخصي والروح النقدية ، والمبالغة بالعواطف والمشاعر.....كل ذلك نلاحظه لدى الكائنات التي تنتمي الى الأشكال الدنيا من التطور كالشخص المتوحش او الطفل.

عندما يكون الحاكم إلها

من يحاول ان يفهم فلسفة التاريخ ، عليه ان يفهم النقطة الأساسية الخاصة بنفسية الجماهير والمقصود بها انه على الحاكم ان يكون إلها لهذه الجماهير او لا يكون....................

فمهما يكن الغرض الذي تجمعت من اجله الجماهير ومهما كانت عقائدهم فأن عواطفهم سوف تتلبس لباس العاطفة الدينية..... والعاطفة الدينية لها خصائص بسيطة جدا والتي نجدها واضحة عند الجماهير...... مثل عبادة إنسان , يعتبر بنظرها خارق للعادة ، والخوف من القوة التي تعزى إليه ، الخضوع الأعمى لأوامره ، استحالة أي مناقشة لعقائده ، الرغبة بنشر هذه العقائد ، اعتبار كل من يرفض هذه العقائد عدوا ،التعصب العنيد ، عدم التسامح وحب الدعاية العنيفة الملازمة لكل عاطفة دينية.... وسوى أسقطت هذه العواطف على الإله الذي لا يرى ، او على صنم معبود ، او على بطل او فكرة سياسية فإنها تبقى دائما ذات جوهر ديني ، وبالتالي يمكننا القول ان كل عقائد الجماهير تتلبس لباسا دينيا ، فالبطل الذي تصفق له الجماهير هو بالفعل إله بالنسبة لها ، إله يسوق الملايين الى الموت بمنتهى السهولة مثلما فعل نابليون وهتلر..

كيف استطاع إمبراطور الرومان ان يهيمن على مائة مليون ويجبرهم على الطاعة رغم البعد وامتداد الإمبراطورية الواسع ووسائل نقل بدائية ، اذا كانوا يخضعون ويطيعون فذلك لان الإمبراطور الذي يجسد العظمة
الرومانية كان معبودا من قبل الشعب كإله....ففي اصغر قرية من قرى الإمبراطورية كانت له هياكل .....وفي أيامنا هذه لم يعد للفاتحين والمهيمنين على النفوس هياكل شخصية ولكن لهم تماثيل عديدة وصور معلقة ، والعبادة التي يتلقونها من قبل الناس ليست مختلفة كثيرا عن عبادة الأباطرة.....

نستنتج من ذلك ان الجماهير بحاجة الى دين ، فالعقائد السياسية و الاجتماعية والسماوية لا تترسخ لديها إلا بشرط ان تكتسي دائما الحلة الدينية التي تضعها بمنأى عن المناقشة والأخذ والرد.
أحد أبطال روايات دستوفيسكي قرر كسر صور الآلهة والقديسين التي كانت تزين مصلاه الصغير ، وأطفأ الشمعات ، ولكنه لم يضيع لحظة واحدة حتى قام باستبدال الصور الممزقة بمؤلفات الفلاسفة الملحدين وأعاد إشعال الشمعات ، بلا شك ان موضوع عقائده الدينية قد تحول ولكن هل يمكن القول ان عواطفه الدينية قد تغيرت ؟؟

تحريض الجماهير
ثمة عوامل عديدة تحدد آراء الجماهير وعقائدها عوامل بعيدة مثل العرق والتقاليد الموروثة والزمن والمؤسسات السياسية والاجتماعية والتعليم والتربية....وعوامل مباشرة لها القدرة على تجيش وتهيج الجماهير وهي التي تقود الى انفجار تمرد شعبي او إضراب ما.
أول هذه العوامل هي الصور والشعارات التي تتأثر بها الجماهير بشكل خاص.
ان قوة الكلمات مرتبطة بالصور التي تثيرها وهي مستقلة تماما عن معانيها الحقيقية ، والكلمات التي يصعب تحديد معانيها بشكل دقيق هي التي تمتلك أكبر قدرة على التأثير والفعل ، كلمات مثل ديمقراطية ، اشتراكية ،مساواة ، حرية......كلمات غامضة تحتاج الى مجلدات لشرح معانيها ولكن حروفها تمتلك قوة سحرية بالفعل كما لو أنها تحتوي عل حل لكل المشاكل...ما ان تلفظ هذه الكلمات بنوع من الخشوع أمام الجمهور حتى تعلو آيات الاحترام على الوجوه وتنحني الجباه ، ان الغموض الذي يظلل هذه الكلمات يزيد من قوتها السحرية....يكفي على القادة ان يعرفوا كيفية اختيار الكلمات حتى يجعلوا الجماهير تقبل وتفعل أبشع الأشياء.
العامل الآخر هو الوهم ، والذي تعرضت له البشرية منذ فجر التاريخ ...فهي أقامت أكثر المعابد والهياكل والتماثيل لخالقي الأوهام ومبدعيها ، وإذ كانت بالماضي أوهاما دينية أصبحت اليوم أوهاما فلسفية واجتماعية... نجد هؤلاء الملوك – الأوهام يتربعون على عرش كل الحضارات التي ازدهرت وتعاقبت على سطح الأرض فباسم هذه الأوهام أقيمت معابد الكلدانيين ومعابد مصر وباسمها قلبت أوربا أثناء الثورة الفرنسية ،
ان سبب وجود الآلهة والأبطال والشعراء ، مبرر هذا الوجود ،هو خلع بعض الأمل والوهم على حياة البشر الذين لا يمكنهم العيش بدون أمل.
فو دمرنا كل الأعمال الفنية والنصب التذكارية المستلهمة من قبل الدين .. فأي عزاء او أمل سيبقى للبشرية ........
وقد بدا لبعض الوقت ان العلم ممكن ان يضطلع بهذه المهمة ، ولكن الشيء الذي حط من مكانته في نظر البشرية الجائعة للمثل الأعلى ، انه لم يعد يجرؤ على توزيع الوعود هنا وهناك ، كما ان العلم لا يعرف ان يكذب بما فيه الكفاية .

لقد كرس فلاسفة القرن الماضي جهودهم لتدمير الأوهام الدينية والسياسية والاجتماعية التي عاش عليها أجدادنا لقرون عديدة ولكن بتدميرهم هذا جعلوا منابع الأمل والخضوع تجف وتنضب .

وبما ان الأوهام تشكل ضرورة حتمية للشعوب فإنها تتوجه بالغريزة نحو الخطباء البلاغيين كما تتوجه الحشرة نحو الضوء ، والعامل الأكبر لتطور الشعوب لم يكن الحقيقة أبدا وإنما الخطأ ، وإذا كانت الديمقراطية تشهد اليوم ازدياد قوتها وانتشارها لدى الجماهير ، فذلك لأنها تشكل الوهم الوحيد الذي لا يزال حيا حتى الآن .....الجماهير لم تكن في حياتها أبدا ظمأى للحقيقة ، وأمام الحقائق التي تزعجهم فإنهم يحولون أنظارهم باتجاه أخر ، ويفضلون تأليه الخطأ إذا ما جذبهم ،ومن يعرف إيهامهم يصبح سيدا لهم ومن يحاول قشع الأوهام عن أعينهم يصبح ضحية لهم .

العامل الآخر والذي يلعب دورا في تحريض الجماهير هو العقل والذي يعمل بشكل سلبي ، لان الجماهير لا تتأثر بالحجج العقلية ،ولا تفهم إلا الروابط الشاذة بين الأفكار ، فقوانين المنطق العقلاني ليس لها تأثير عليهم.

ان الناس المنطقين والمعتادين على استخدام المنطق بحياتهم يصابون بالدهشة والاستغراب دائما لان كلامهم لا يلقى صدى لدى الجماهير...تماما كالذي يحاول ان يقنع الناس البدائيين او الأطفال بواسطة الحجج العقلية...هنا يذكر لوبون ، بمدى عناد واستمرار الخرافات الدينية طيلة قرون على الرغم من تناقضاتها مع ابسط حدود المنطق.

إذن ليترك العقل للفلاسفة وان لا يطلب منه التدخل كثيرا في قيادة البشر وحكمهم فليس بالعقل ابدعت عواطف كعاطفة الشرف والتفاني والإيمان الديني وحب المجد والوطن.....والتي تعتبر من اكبر البواعث التي تقف خلف تشيد الحضارات.

وسائل التحريض

عندما نريد ان ندخل الأفكار والعقائد ببطء الر روح الجماهير ، نجد أساليب القادة مختلفة ولكنهم يلجأون الى الأساليب الثلاثة ...أسلوب التأكيد وأسلوب التكرار وأسلوب العدوى.
ان التأكيد المجرد والعاري من كل حجج عقلية يشكل الوسيلة الموثوقة لإدخال فكرة ما في روح الجماهير ، وكلما كان التأكيد قاطعا وخاليا من أي برهان كلما فرض نفسه بهيبة اكبر.
الكتب الدينية وقوانين كل العصور استخدمت دائما أسلوب التوكيد المجرد عن كل شيء .....
ولكن التأكيد لا يكتسب تأثيره الفعال إلا بشرط تكراره باستمرار وبنفس الكلمات والصياغات ، فعندما نكرر الشيء مرارا وتكرارا ينتهي به الأمر الى الانغراس في تلك الزوايا العميقة للاوعي حيث تصنع دوافع كل أعمالنا ، فبعد ان تمر فترة من الزمن ننسى من هو مؤلف القول المكرر وينتهي بنا الأمر الى حد الإيمان به ، وعلى ضوء ذلك يمكننا فهم القوة الهائلة للإعلان ، فعندما نقرأ مئة مرة أن أفضل أنواع الحلويات س فإننا إننا قد سمعنا بذلك كثيرا وينتهي بنا الأمر الاقتناع به كأفضل أنواع الحلويات.
ان اقتناع الجمهور بأمر ما وإيمانه به كفيل بنقل هذا الإيمان الى البقية ، ان الأفكار والعواطف والعقائد تمتلك سلطة العدوى بنفس قوة وكثافة الجراثيم ، ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة لدى الحيوانات عندما تتجمع على شكل جمهور.....فصهيل حصان بإسطبل سرعان ما يعقبه صهيل الأحصنة الأخرى....
والعدوى لا تتطلب الحضور المتزامن وتجمع الأفراد في نقطة واحدة بل يمكن ان تنتشر على البعد ، وهذا يتجلى واضحا بتأثر الناس بالموضة والأزياء الدارجة.....

الهيبة الشخصية

اذا كانت الآراء المنتشرة عن طريق التأكيد والتكرار والعدوى تمتلك قوة كبيرة ، فذلك لأنها تمتلك تلك القوة السرية المدعومة بالهيبة أو الاحترام.

والهيبة عبارة عن نوع من الجاذبية التي يمارسها فرد ما على روحنا او يمارسها عمل أدبي او عقيدة ، وهذه الجاذبية تشل كل ملكاتنا النقدية و تملأ روحنا بالدهشة والاحترام.

وقد تكون الهيبة مكتسبة ، يكفي ان يحتل فردا منصبا او يمتلك ثروة او يتزيا ببعض الألقاب حتى يصبح مكللا بهالة الهيبة أيا تكن قيمته الشخصية
معدمة او منحطة ، فالضابط الذي يلبس بزته العسكرية والقاضي المتلفع بردائه ، دائما لهم هيبة.

وقد تكون الهيبة شخصية ، والتي تشكل ملكة مستقلة عن كل لقب او سلطة ، والعدد القليل من الأشخاص الذين يمتلكونها يمارسون سحرا مغناطيسيا حقيقيا على أولئك الذين يحيطون بهم بمن فيهم أندادهم ، أن قادة البشر الكبار من أمثال بوذا والمسيح ونابليون وهتلر....يمتلكون هذا النوع من الهيبة الشخصية في أعلى درجاتها ، وعن طريقها بالذات استطاعوا أن يفرضوا أنفسهم ، فالآلهة والأبطال والعقائد تفرض نفسها فرضا و لا تناقش ، بل إنها تتلاشى مباشرة ما أن تناقشها.

يلعب النجاح دورا مهما بتعزيز الهيبة الشخصية ، ولكن هذه الهيبة تختفي دائما مع الفشل ، فالبطل الذي صفقت له الجماهير بالأمس سوف تحتقره اذا فشل ، بل ان ردت فعلها ستكون عنيفة بمقدار احترامها له ، وعندئذ تنظر الجماهير للبطل الذي سقط كنظير لها وتنتقم منه ، لأنها كانت قد انحنت أمامه وأمام تفوقه المزعوم الذي لم تعد تعترف به.
ربما نخلص من كل تحليلات لوبون الى القول بأن هناك نوعان من الفكر ، الأول يستخدم الفكرة العقلية المفهومة المعتمدة على قوانين العقل والبرهان والمنطق ، والثاني يستخدم الفكرة المجازية أو الصورية المعتمدة على قوانين الذاكرة والخيال والتحريض ، واكبر خطأ يرتكبه القائد هو محاولة إقناع الجماهير بالوسائل العقلانية ، فالجماهير لا تقتنع إلا بالصور الإيحائية والشعارات الحماسية والأوامر المفروضة من فوق....وبهذه المخيلة أثر رجال التاريخ الكبار على الجماهير ، وعن طريق هذا التأثير أنجزت الأديان الكبرى والأعمال التاريخية العظيمة كالمسيحية والبوذية والإصلاح الديني والثورة الفرنسية ، حتى الطغاة المستبدين كانوا حريصين على أثارة مخيلة الجماهير وإلهاب حماسها عن طريق خطبهم القوية وأسطورتهم الذاتية ومعاركهم الحامية......



#سلمان_الشمس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدخل الى فيزياء الكم
- دعوة لانقاذ جرحى الانتفاضة العراقية
- حتى لا تذهب الاحتجاجات الى العنف ...رسالة مفتوحة للمرجعية ال ...
- خيار الحكم الرئاسي للعراق
- نزيف ساحة التحرير
- النظرية النسبية عرض مبسط....الى استاذي جواد البشتيني
- قصة الفلسفة البراغماتية......الى استاذي محمد زكريا توفيق
- بمناسبة قرب انعقاد مؤتمر القوى المدنية بالعراق
- الخروج من مظلة الحزب الشيوعي العراقي
- نظرية التطور 2-2
- نظرية التطور.... 1-2
- نظرية التطور.... 1-2
- التفكير المستقيم والتفكير الاعوج 2-2
- التفكير المستقيم والتفكير الاعوج 1-2
- مهرجان القتل والسحل في العراق(3-3)
- مهرجان القتل والسحل في العراق(1-3)
- هل تذهب مظاهرات واحتجاجات العراقيين الى العنفظ
- الوقاحة القومجية
- الشخصية العراقية بين أغنية البرتقالة وذبح الرهائن
- العقيدة المؤمنة والسلوك الزنديق


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سلمان الشمس - غوستاف لوبون ...قراءة لكتاب سيكولوجية الجماهير