أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رواء الجصاني - يتفاءلُ الجواهري، فيعود الى بغداد عام 1968... ولكن؟!















المزيد.....

يتفاءلُ الجواهري، فيعود الى بغداد عام 1968... ولكن؟!


رواء الجصاني

الحوار المتمدن-العدد: 6586 - 2020 / 6 / 7 - 01:34
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يتفاءلُ الجواهـري، فيعود الى بغداد
عام 1968... ولكـن؟!
- رواء الجصاني
----------------------------------------------------

بعد سبعة اعوام من الغربة المحرّقة، يقرر محمد مهدي الجواهري العودة للبلاد، من براغ، متفائلاً بعهد جديد، كما هي الحال في حينها عند الكثير من "المتفائلين" ومن بينهم قوى واحزاب سياسية، وشخصيات وطنية، أستدرجتهم، بغفلة، شعارات العهد البعثي الثاني، بعد تموز 1968 ...
وفي حفل احتفاء مهيب، بعودة الجواهري الى البلاد، نظمه رسميون وثقافيون، في متنزه صدر القناة ببغداد، يلقي الشاعر العظيم "رائية" حاشدة بالرؤى والاراء، والتوثيــــــــــــق والمواقف، دعـــــوا عنكم التنويه والوعظ والتنوير.. وجاء مطلعهـــــــا:
أرحْ ركابَك من أينٍ ومن عثَرِ، كفاكَ جيلانِ محمولاً على خطرِ
كفاك موحشٌ دربٍ رُحتَ تقطعُهُ، كأنّ مغبرّه ليلٌ بلا سَحَرِ
ويا أخا الطير فـي وِرْدٍ وفـي صَدَرٍ، فـي كلّ يومٍ له عُشّ على شجر
عُريانَ يحمل مِنقاراً وأجنحةً، أخفّ مالمّ من زادٍ أخو سَفَرِ ..
خفّضْ جَناحَيكَ لا تهزأ بعاصفةٍ، طوى لها النّسرُ كشحيه فلم يَطِرِ
ومنذها، وحتى اليوم، ما زلنا نظنّ بأن تلكم "الرائية" لم تعطَ حقها المطلوب، ولم تشتهر كما تستحق، برغم انها بانوراما اخرى من فرائد الجواهري، وقد جهد ان تكون عصماء في محاورها وبنائها، وموسيقاها حتى. وكيف لا ؟ وهي الأولى له أمام من أحبهم: نخباً وأصدقاء ومحبين، كما ومتربصين ومتفيقهين، في بغداد دجلة الخير، بعد تلكم السبعة اعوام من غربة خالها سبعيناً، بحسب تعبيره ... كما انها -القصيدة - هي الأولى له في أوضاع جديدة شهدتها البلاد، كما اسلفنا، واحتسبها خيراً " ترضيه عقبـــاه" :
يا صورةَ الوطنِ المُهديك مَعرِضُه، أشجى وأبهجَ ما فيه من الصّورِ
غيومَه وانبلاجَ الشمس والقمرِ، وقيظَـه وانثلاجَ الليـل والسـحر
وما يثير الدّمَ الغافـي بـتربتـه، من صحوة الحِقد، أو من غفوة الحذر
والعبقرياتِ لـم تُنهَض ولـم تُثَرِ، والتضحياتِ توالى عن دمٍ هدَر
والناذرينَ نفوسـاً كلّها ثمرٌ، والناهزين لما يُجنى من الثمر
ولكي يفوت الفرصة على النهازين، ويحترز من سموم لؤم واحقاد، واصطياد، راحت القصيدة ذات المئة والسبعة والعشرين بيتا، تبوح وبكل مباشرة، بما يعتلج به صدر صاحبها من عتاب، وغليان نفس، الى جانب شموخ جواهري عميم:
طِرْ ما استطعتَ مطاراً عن نقائصها، وعن مرافعها الجُلّى فزِد وطِر...
وكن فخوراً بما أُعطيتَ من دمه، على الحجولِ، وفـي الأوضاح والغرَر
فإن تحدّاك من عليائه ملَـكٌ، يزهو عليك، فقل إنّي من البشرِ ...
أنّى ثوى ذو طماحٍ فهو مغتربٌ، فـي دارةِ الشمسِ، أو فـي هالةِ القمرِ
وفي مناجاة مع النفس اولاً، وليشدّ الاسماع ويبهرها من جديد، راح شاعر الامتين"يغازل" بلاداً عشقها، متباهياً، ومذكراً من اراد أن يتناسى، بتاريخ جواهري حافل، على مدى عقود مديدة:
يا ساحرَ النفس كالشيطان يا وطناً، هوى ويُصفى على الويلاتِ والغِيَّر ...
حملتُ همّك فـي جنبيّ أصهَرُهُ، فـي لاعجٍ بوقيد الشوق منصهِر
وكنتَ نوريَّ فـي ليلي وغربتِه، حتى كأن النجومَ الزرقَ لم تُنـرِ...
عَـودٌ إليـك بأقـدامٍ موطأةٍ، على دروبٍ، جراحي فوقَها أثري
تبنّتِ الدمَ من روحي ومن بدني، واستلت الضوءَ من ليلي ومن قمري
وبحسب ما نجتهد ايضا، نرى ان اختيار الجواهري، لبحر وموسيقى، وتفعيلات "أرح ركابك" جاء مقصوداً ليطابق بحر وموسيقى وتفعيلات "يا دجلة الخير" (*) الأشهر ... بل ضمّن فيها العديد من مفرداتها ومعانيها، وحتى بعض مقاطع من أبياتها، في العصماء الجديدة، كما يُبان ذلك بجلاء، للمتابع المقارن، والمقارب:
"يا دجلةَ الخـير" ما هـانت مطامحنـا، كما وَهِمنا، ولم نَصْدُقْكِ فـي الخبـر
ها قد أَقَـلْـنـا على سفحيك يؤنسُنا، لوذ الحمائمِ بين الطين والنّهَر
وعانَقَتْنا حِسانُ النخل واصطفقتْ، جدائلُ السّعفِ المُزهاة لا الشّـعر ...
"يا دجـلة الخير" والأيّـامُ تَسـحقُنـا، بين البشائرِ نرجوهنّ والنّذر ...
كما وراح الشاعر الخالد يخاطب واهمين، حاولوا ان يَطالوا وقائع وشواهد تاريخية مثبتة... ولم يتوقف في هديره، إلا وهو قد ألجم المقصودين، علانية وتورية، بما يستحقون، فراحوا منكفئيـــن، ولم يُسمع لهم رد مباشـــــر، بل ولا حتى همس يذكر، رداً او تعقيباً، او غيرهما :
يا (دجلة الخير) إنّا بعضُ من عَصَرت، كفّ لوى مِعصميها أيّ معتصر ..
عِفنا لها ناطحاتِ الجوّ فارعـةً، ونازعتنا على ضَحيانَ مؤتجَر
أغرت بيَ السبعةَ الأعوامَ تَحسَبها، هوجَ العواصف تُستعدى على الشجر
لم تدرِ أنّ جذوري غيرُ خائسةٍ، كالجِذرِ منها، ولاعُودي بذي خَور...
يا جازعينَ بأن غامت سماؤهُمُ، وما يزالون في فَينانَ مزدهر
رأيتمُ كيف هان الصبرُ عندكمُ، وكيف كان على اللأواء مصطَبري ...
يا (دجلةَ الخير) نحنُ الممتلين غنىً، بنا انعطافٌ على ملآنَ مفتقِر
ثم راحت " الرائية" تشدد وتصعد، متفجرة بغضب عارم، ليس اشتهاءً، وانما بعض تعبير عن بعض هضيمة التاع بها "أبن الفراتين" من وطـــن وأهـــل وصحــــاب :
واللهِ لو أُوهَبُ الدنيا بأجمعِهـا، ما بِعتُ عزّي بذُلّ المترَفِ البطِر
قالوا يظنّون بي شيئاً من الصّغَر، فقلت فيهم وبي شيءٌ من الصَعَر
رثيت للعقرب اللّدغى جِبِلّتُها، لفرط ما حُمّلَت سُمّاً على الإبر
لولا مغبّـةُ ما تَجني ذُنـابَـتُـهـا، لقلتُ: رفقاً بهذا الزاحفِ القَذِر ...
وفي مقطع تالٍ، واخير من عصمائه فاض الجواهري لينور مرة اخرى، ويوشي ببعض هواجس، وتخيلات، بل وربما تحريض غير مباشر، دفعاً لمآسِ تنبأ بها، وقد بدأت، وحلت فعلاً، بعد سنوات، بل أشهر معدودات، حين عاد الفاشيون لجذورهم ... ومعروف للجميع ما ساد في البلاد طوال حكمهم البغيض، وحتى سقوطهم المذل عام 2003 :
ويا قُوى الخيرِ كوني خيرَ صاريةٍ، يُوقى الغريقُ بهـا دُوّامةَ الخطر
نجوى خليصِ هوىً ما انفكّ بينكُمُ، خمسينَ عاماً مَلاء السمع والبصر
لـم يمشِ يوماً إلى تَجْرٍ بمعتركٍ، ولا تدرّبَ فـي حانوتِ متّجِر ...
لُمّي صفوفَكِ يشْمَخْ فـي تلاحمها، مجدٌ يُضاف إلى أمجادك الأُخَر
واستأصلي البؤَرَ السوداءَ، واقتلعي، منها الجذورَ، ولا تُبقي ولا تذري ...
إنّ الدياجيرَ لا تُجلى غياهبُها، إلا إذا التمّ شملُ الأنجم الزّهُر...
ونخبةُ القوم يستهدي بأوجهِها، شعبٌ تخبطَ فـي عمروٍ وفـي عُـمر
ومما نلفت الانتباه اليه أيضاً، بصدد تلكم الرائية العصماء، ان الجواهري قد حرص، شخصياً، على شرح العديد من أبياتها، مقاطع وكلمات وتعابير، وبشكل مباشر... ولعلنا لا نبالغ في القول، ان قصائد الديوان الجواهري العامرة جميعها لم تشهد مثل تلكم الشروح التي تولاها الشاعر العظيم بنفسه، وبتفاصيل مطولة، ولربما بلا ضرورة أحياناً ... ويبدو انه أراد ان يثبت المزيد من المقاصد مما جاء به فحوى وشكل ومبنى ومعنى "أرح ركابك" المبهرة.
-------------------------------------------------------------------------
(*) قصيدة "يا دجلة الخيـر" الشهيرة نظمها الجواهري في براغ اواخلر عام 1962 ومطلعها:
حييّتُ سفحكِ عن بعدِ فحييني، يا دجلةَ الخيـر يا أمّ البساتينِ
حييـتُ سفحكِ ظمآناَ الوذ به، لوذ الحمائمِ بيّن الماء والطينِ



#رواء_الجصاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصوص ... وأصداء
- نشطاء ورواد يوثقون لبعض تاريخ اتحاد الطلبة العام في العراق
- ايضا .. عن اسماء ورواد في الهيئات العليا لأتحاد الطلبة العرا ...
- اسماء ورواد في الهيئات العليا لأتحاد الطلبة العراقي العام
- رواء الجصاني : هوامش وتساؤلات من مفكرة الاحداث - 7
- من بينهم نوري السعيد وعبد الكريم قاسم وصدام حسين: - حكام الع ...
- رواء الجصاني : هوامش من مفكرة الاحداث الراهنة في العراق - 6
- عراقيون من هذا الزمان (*) 25/ قيس الصراف (ابو نادية)
- رواء الجصاني : هوامش من مفكرة الاحداث في العراق - 5
- وقفات عند اسباب ودوافع ووقائع: العنف السلطوي والمجتمعي في ال ...
- رواء الجصاني: هوامش من مفكرة الاحداث في العراق -4
- عودٌ على بدء.. حول الاحتجاجات في العراق
- هوامش من مفكرة الاحداث في العراق في العراق -3
- ايضا عن بعض رواهن وتداعيات الحراك الشعبي في العراق(*)
- رواء الجصاني: هوامش من مفكرة الحراك الشعبي في العراق -2
- رواء الجصاني: حول بعض مسؤوليات المثقفين الوطنيين
- هوامش من مفكرة الحراك الشعبي الراهن في العراق
- الشباب والشيوخ في مسار الحركة الاحتجاجية الراهنة في العراق
- حول بعض ضرورات التضامن المنتج، والحريص، مع الحراك الشعبي في ...
- رواء الجصاني : هكذا فهمتُ الانتفاضة الشعبية... وتعلمت منها!


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - رواء الجصاني - يتفاءلُ الجواهري، فيعود الى بغداد عام 1968... ولكن؟!