|
أي تصور يقدمه البيجيدي لمواجهة آثار كورونا ؟
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 6584 - 2020 / 6 / 5 - 19:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أصدرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بلاغا بتاريخ 1 يونيو 2020 أشارت فيه إلى اشتغال أطر الحزب على مشروع إعداد مذكرة خاصة بتصوره لتدبير تداعيات الجائحة ولخطة الإنعاش الاقتصادي. جميل أن يحرك الحزب أطره ويوظف "كفاءاتهم وخبراتهم" للمساهمة في بلورة خطة عملية لمواجهة آثار جائحة كورونا الاقتصادية والاجتماعية . لكن السؤال المطروح هو: هل فعلا يتوفر الحزب على "الخبرات" و"الكفاءات" المؤهلة لتقديم حلول عملية للوضعية الناتجة عن الوباء؟ وهل يمكن الوثوق فيما سيقدمه خبراء الحزب وأطره ؟ على مدى ثماني سنوات ، وحزب العدالة والتنمية يقود الحكومة وبين يدي وزرائه أهم الحقائب المرتبطة مباشرة بمفاصل الاقتصاد والتنمية دون أن يفلح في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ، بل لم يزدها إلا تدهورا ؛ حيث عرفت وتيرة إغلاق وإفلاس الشركات ارتفاعا مضطردا ومتسارعا منذ تحمل البيجيدي قيادة الحكومة . وهذا ما أثبتته الدراسة المفصلة التي أعدها مكتب الدراسات "أنفوريسك"، المتخصص في جمع ومعالجة المعلومات القانونية حول النشاط التجاري للمقاولات المغربية ( إفلاس 3 آلاف شركة في العام 2013، ثم 4 آلاف شركة خلال 2014، إلى أن وصلت إلى 8045 شركة مفلسة في 2017،وبلغ العدد حسب تقرير شركة "أولر هيرمس"8536 سنة 2019).فالمغرب، حسب نفس الشركة، لازال ضمن البلدان التي ستعرف نسبةً مرتفعةً على مستوى إفلاس الشركات سنة 2020 . وجدير بالتذكير أن 91 في المائة من حالات الإفلاس طالت المقاولات الصغيرة جدا ، و 40 في المائة من المقاولات أغلقت أبوابها نتيجة التأخر الكبير في استخلاص مستحقاتها من الضريبة على القيمة المضافة) . إن مسؤولية حكومة البيجيدي ثابتة في هذا الإفلاس بكثير من القرارات بدءا من تحرير أسعار المواد النفطية وانتهاء بالمادة 9 من قانون المالية لسنة 2020 والتي لا تلزم الدولة والإدارات العمومية بتنفيذ الأحكام القضائية لفائدة الدائنين الحاملين للسندات أو لأحكام قضائية تنفيذية ضد الدولة . فهذه المادة تنص على أنه "أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخضع أموال وممتلكات الدولة للحجز لهذه الغاية". فأين هي تلك "الكفاءات والخبرات" من هذه الوضعية ؟ أكيد أن "الخبرات" التي تفشل في إنقاذ المقاولات والشركات من الإفلاس في الظروف العادية ستعجز عن تقديم تصور عملي ومتكامل للإنعاش الاقتصادي وتجاوز آثار أزمة كورونا ، خصوصا إذا استحضرنا تقرير المندوبية السامية للتخطيط الذي أعلنت فيه أن أزيد من 135 ألف شركة اضطرت إلى تعليق أنشطتها مؤقتا، فيما أقفلت 6300 أخرى بصفة نهائية بسبب جائحة كورونا. فمنذ تعيين السيد بنكيران رئيسا للحكومة وهو ينهج سياسة تضر بالمصالح العليا للوطن . ذلك أن قرار"عفا الله عما سلف" الذي اتخذه لفائدة ناهبي المال العام وفّر الحماية التامة لهم من أية محاسبة أو مساءلة ؛ بل ضمن لهم الإفلات من العقاب، مما يعد تعطيلا للدستور الذي ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة . الأمر الذي كانت له تداعيات اقتصادية واجتماعية خطيرة (إفلاس الشركات ، تسريح العمال ، البطالة ، ضعف الاستثمارات ، إلغاء التوظيف ، تجميد الترقيات ..) .والأخطر في هذا ارتفاع المديونية الخارجية التي تجاوزت 337،84 مليار درهم والتي تلجأ إليها الحكومة لسد العجز في الميزانية، مما أدى إلى تراجع نسبة النمو والاستثمارات والتشغيل .وحتى عند تولي السيد العثماني رئاسة الحكومة لم يتراجع عن قرار "عفا الله عما سلف"، بل تبناه وسار على نهج سلفه رغم كونه يدرك التكلفة الاقتصادية الكبيرة للفساد الذي يفقد المغرب ، حسب السيد العثماني نفسه في كلمته الافتتاحية لليوم الدراسي لجمعية مهندسي حزب العدالة والتنمية، بتاريخ 28 يوليوز 2018 ، "أن المغرب يفقد ما بين 5 و7 بالمائة من الناتج المحلي الخام بسبب الفساد ".فما الذي يمنع رئيس الحكومة من التصدي لهذا الفساد الذي ينخر المالية العمومية ؟ ولماذا تخلى السيد العثماني عن تطبيق الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي أعلن عنها المغرب سنة 2015 ؟ إنه تواطؤ مع ناهبي المال العام وسعي إلى شرعنة النهب والفساد والرشوة والتهرب الضريبي وكل الآفات التي تنخر الاقتصاد الوطني .وفي المقابل ، يخرج بعض قيادات الحزب "وخبراؤه" بفتاوى واقتراحات الغاية منها إفشال جهود التنمية والتحديث لتوسيع دائرة الفقر (فتاوى تحرّم الاستفادة من قروض برنامج "انطلاقة" الذي أعلن عنه جلالة الملك بهدف دعم المقاولين الشباب لتحقيق مشاريعهم وبنسب فائدة جد منخفضة). يضاف إلى هذا،الاقتراح الذي قدمه بوليف وهو أحد "خبراء" الحزب الذي سبق وتحمل المسؤولية الحكومية ، بخصوص "مأسسة الزكاة" لخلق فرص التنمية و“إعادة توزيع الثروة بطريقة اجتماعية وعادلة، و تفكيك تمركز الثروة”.فالزكاة، بالنسبة إليه "الحل لتوزيع الثروة و تقليص الفوارق الاجتماعية و سد حاجيات المحتاجين بالمغرب ...وتمكن من توسيع الوعاء التمويلي ومحاربة الاكتناز ".لقد كان السيد بوليف وزيرا وصادق على قرار "عفا الله عما سلف" وصوت ضد فرض الضريبة على الثروة ، وعارض تقليص أجور وتعويضات الوزراء والبرلمانيين وإلغاء معاشاتهم بهذه الصفة رغم التكلفة المالية الكبيرة التي تتحملها خزينة الدولة. لقد أثبتت التجربة الحكومية للبيجيدي أنه يفتقر إلى الكفاءات والخبرات الحقيقية . وهو الأمر الذي يجعل رئيس الحكومة يفشل في كل المهام التي كلفه بها جلالة الملك ، ومنها إعداد برنامج واضح لتشغيل الشباب رغم تمديد المهلة التي منحها إياه جلالة الملك .فما الذي منع السيد العثماني من الاستعانة "بخبرات وكفاءات" حزبه في الإعداد المتين لبرنامج التشغيل ؟ أكيد بسبب الافتقار إلى الكفاءات الحقيقية ، خضعت التشكيلة الحكومية لأكثر من تعديل دون أن ينجح السيد العثماني في المهمة .
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رجاء لا تبتزّوا الدولة في ملفات الاغتصاب والاتجار بالبشر.
-
هل سيجيز د.الريسوني اللواط كما شرْعَن من قبل الاغتصاب؟
-
من يتخذ المودودي مرجعه يفقد ولاءه للشعب وللوطن.
-
إنهم يطمسون الهوية الوطنية يا وزير الداخلية.
-
ذكرى 16 ماي: أين المغرب من خطر الإرهاب؟
-
إنجاح التعليم عن بُعد مسؤولية كل القطاعات الحكومية.
-
الحاجة إلى نموذج حزبي جديد.
-
رئيس الحكومة شاهد ما شافش حاجة.
-
من يُنقذ الشعب من حكومة البيجيدي ؟؟
-
حكومة النكوص والإفلاس .
-
إستراتيجية البيجيدي الإجهاز على دولة الحق والقانون.
-
كورونا تفضح مخططات الإسلام السياسي.
-
الفايد شجرة تخفي خطورة مشروع الإسلاميين .
-
على الفايد أن ينشغل بالبحث الزراعي بدل بول البعير.
-
الفايد الذي يضر ولا يفيد.
-
المواطنون بحاجة إلى الأفعال لا الدموع يا رئيس الحكومة.
-
نأسف لما فعله السفهاء يا حماة الوطن والأرواح.
-
صمت الوزارة عن العنف الزوجي في زمن الكورونا.
-
أبعدوا العثماني عن تدبير أزمة كورونا .
-
الجماعة تختار أسلوب الابتزاز وتصفية الحسابات في زمن كورونا.
المزيد.....
-
-تلغراف-: الروح المعنوية في الجيش البريطاني عند أدنى مستوى
-
نزليهم لاطفالك وفرحيهم حالا!!.. الترددات الطفولية والتي تخص
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق: هاجمنا بالطيران المسير فجر الي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تعلن استهداف هدفين للاحتلال في ش
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تنفذ هجومين بالمسيرات على هدفين
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تنفذ هجومين بالمسيرات على شمال ف
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف بالمسيرات 3 مواقع إسرائي
...
-
أطفالك مش هتعمل دوشه من الآن.. تردد قناة طيور الجنة 2024 الج
...
-
مصر.. رأس الطائفة الإنجيلية يوضح دور الكنيسة في مواجهة ظاهرة
...
-
النمسا: طلاب يهود يمنعون رئيس البرلمان من تكريم ضحايا الهولو
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|