أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - سعيد علم الدين - العلمانية والديمقراطية وجهان لميدالية ذهبية واحدة















المزيد.....

العلمانية والديمقراطية وجهان لميدالية ذهبية واحدة


سعيد علم الدين

الحوار المتمدن-العدد: 1607 - 2006 / 7 / 10 - 11:19
المحور: ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
    


يكفي العَلمانية فخرا أنها فكرة إنسانية المنبع واللب. ثابتة الخطوة خفيفة الحركة لا تلتفت يمينا أو يسارا ولا تتراجع إلى الوراء، ولم تقع حتى الآن على الوجه طَبْ، بل سارت وتسير مرفوعة الرأس، عامرة الصدر، دافئة القلب، مستقيمة القامة على الدرب. لم تتعثر مرة وان تعثرت قليلا نهضت من جديد، استقامت وأصلحت أحوالها، ثم تابعت سيرها السوي دون تعب، ترافقها الديمقراطية يدا بيد.
فالعلمانية والديمقراطية وجهان لميدالية ذهبية واحدة اسمها الحرية.
ومن دون الحرية فلا ديمقراطية، ومن دون الديمقراطية فلا علمانية، ومن دون العلمانية وفصل الدين عن السياسة فصلا قاطعا، فلا صحوة فعلية، ولا نهضة ثقافية، ولا نقلة حضارية للمجتمعات العربية والإسلامية. التي وللأسف إذا استمرت بها الأحوال بهذا الوبال وعلى هذا المنوال: دق الرأس بالجدار، على هدى ابن لادن الغدار، أو قطع العنق بالسيف على طريقة أبي مصعب الجزار. أو الانتقال من أنظمة الاستبداد السياسي الحزبي القمعي إلى أنظمة الاستعباد الديني الشمولي الهمجي، ومن استعمار غربي إلى استحمار شرقي، ومن صدام إلى بشار. فإننا سنتصومل جميعا دون أدنى شك وسنتحول إلى دجاجات خانعة لتقديم قرابين البيض، وسيحكمنا ديوك أمثال الأسد القرد، ونأكل أجساد بعضنا بتلذذ كما تفعل حيوانات الغابة بالطبع. وندك رؤوسنا المتخلفة بالمدفعية القريبة المدى وبمختلف أنواع الصواريخ وآلات الحرب الحديثة دَك. ولن نبني دولا حديثة ومجتمعات عصرية متطورة وحضارات، وإنما مسالخ ومعتقلات وأقبية مخابرات، وستنتشر الشيع والمذاهب كالفطر فوق الأرض وكالجراد تغزو بعضها البعض، سلبا وسبيا وقتلا ونهب. وستتحرك مجموعات بشرية مبرمجة كآلات الروبوت تفجر نفسها في مساجد الأشقاء بحقد، بدل أن تحترم بيوت الله وتتعبد.
وكما أن الديمقراطية وقيمها الأخلاقية السامية في الحفاظ على التعدد والمساواة في الحقوق والواجبات واحترام الآخر تستوعب في دولة واحدة ما هب ودب من أحزاب وأفكار وأديان ومذاهب وشيع وتيارات ونظريات وفئات وتجمعات وتكتلات وأعراق وقبائل وأجناس ولغات وأقليات ولهجات، وتمنحهم ما لهم من حق، وتعاملهم سواسية دون فرق. فالعلمانية هدفها الأساسي أن تكمل صورة ذلك المجتمع السامي وتكون حَكَما حَكيما منصفا نزيها، وعَلما عليما يَفْصِلُ بين الجميع لكي لا يطغى زيد على عمرو وبالدولة يستبد:
هذا باسم بوذا وآخر باسم يهوذا، وثالث باسم الله ورابع باسم الرب.
فالعلمانية موضوعية علمية، ترفض المداهنة والسمسرة والفوضوية على حساب المصلحة الوطنية. ولمصلحة الوطن العليا ترفض أيضا السياسة عندما تصبح خلطا بين عالم الحقيقة والواقع من ناحية وعالم الدين والغيب من ناحية أخرى وتقول: من يريد في مهنة السياسة وفن الحكم أن ينخرط فأهلا وسهلا به ولكن بشرط: أن يحلق اللحية ويخلع الجبة والعمامة والصليب والقلنسوة ويضعهم على جنب. وعندها يستطيع الدخول في خضم هذا المعترك الصعب، وذلك لكي لا يستغل باسم الدين والمذهب، عواطف البسطاء والعامة من أبناء الشعب، ويجلب للبلد المهالك والفتن.
العَلمانية سهلة بسيطة وليست فلسفة معقدة في العمق. حيادية ليس في قلبها كُرهٌ لأحد أو بُغض. تُفْصِلُ فقط بحكمةٍ، الديوكَ المتصارعةَ في المجتمع عن بعض. محترمة بنت بشر وناس وليست بنت آلهة وأباليس، ولهذا فهي مسالمة لا تعتدي على أحد، وليس لها هالة وتقديس، ولا تحتاج إلى صلوات وعبادة وقداديس، في مسجد أو معبد او كنيسة أو كنيس .
عقلانية التفكير لا تخلط الهزل بالجد. يتطاول عليها الغوغاء والجهلة أصحاب الشغب. ويحقد عليها للأسف معظم المسلمين دون سبب. ويكرهها الكثير من العرب، ليس لرشاقتها وخفة دمها، وإنما لعدم محاولتهم فهم مقاصدها والأرب. ولهذا لا بد من توضيحها، رغم أنها واضحة وضوح الشمس، خاصة عندما ينزاح عنها الضباب الحالك وتنقشع السحب. وهذا ما سنسعى إليه في عملنا هذا عن كثب.
العلمانية مشرقة كالشمس أبدا. لا تغيب ولا تغرب، إلا أن بعض سكان المعمورة من نور الحقيقة إلى كهوف العتمة تهرب. وإشراقتها مفيدة جدا وصحية جدا لقيام الدولة الحديثة بدورها على أكمل وجه . ولهذا فنورها للمجتمعات البشرية ضروري كالماء العذب، يروي العطشان في لحظات القيظ. وهو أغلى بكثير من النفط الأسود والذهب.
وما نفع دولة فيها الخيرات بالقناطير، وذهبها الأسود يقدر بمليارات البراميل، وشعبها جائع البطن ينام أرقا على الحصير، تتقاذفه من كل الجهات الأعاصير، وتستبد به أصحاب العمائم واللحى بلا ضمير، وتحكمه ساسة مهابيل؟
ساهمت العلمانية بتواضع في صيانة المجتمعات الحديثة التي أخذت بها. وعملت على تطور تلك المجتمعات بدل الوصاية عليها وتقهقرها. زوبعة الحجاب التي أثارتها حركات التطرف الإسلامي مؤخرا في فرنسا، وأرادت من خلالها التسلل إلى خلخلة أسس المجتمع الفرنسي العلماني من خلال إثبات وجودها العقائدي السلفي، أثبتت أن العلمانية الفرنسية عينها يقظة، واستطاعت بمرونة فائقة وحسم مطلوب التعامل مع هذه الحركات المسيسة للدين وإخماد سعير الفتنة بين أبناء المجتمع.
فالمجتمعات الديمقراطية التي طبقت فكرة العَلمانية بحذافيرها وفصلت بين الدين والدولة، انسجمت مع نفسها فكريا ونجحت سياسيا، وتألقت أخلاقيا، وتعملقت اقتصاديا، وأشعت حضاريا، واستقرت اجتماعيا وحلت مشاكلها العديدة إلى حد ما بشكل مرضي لها وللعالم. ككل الدول الأوروبية شرقا وغربا، وكالصين واليابان وأمريكا الشمالية واستراليا وماليزيا؟ والهند وغيرها من الدول العلمانية.
من ناحية أخرى فالمجتمعات التي تتعامل مع هذه الفكرة حسب الرغبة والأهواء، ساعة تأخذ بها من مؤخرتها حسب المزاج الشعبي العام كالنظام المصري العالق بين مطرقة الإخوان وسندان الشريعة والأوهام، أو تطبقها خطأً كالنظام السوري كيفما يشاء، أو تحاول تطبيقها كالنظام الأردني بكل عناء، أو لا تطبقها أبدا كالنظام الإيراني، أو تحاربها كالوهابية السعودية حربا شعواء، فهي مجتمعات غير منسجمة فكريا مع نفسها، متناحرة مذهبيا، خاوية دينيا، وتتخبط أخلاقيا، وتتراجع اقتصاديا، وتخبو حضاريا وغير مستقرة اجتماعيا وفاشلة سياسيا في حل مشكلة واحدة من مشاكلها العديدة بل وتصدر مشاكلها إلى جميع أنحاء العالم بالجملة والمفرق وعلى ظهور الإبل لولا اختراع السفينة الحديثة والطائرة الأسرع. ككل الدول العربية والإسلامية حيث الخلط بين السياسة والدين هي سياسة بحد ذاتها، أدت إلى هيمنة رجال الدين على السياسة واستغلال رجال السياسة للعواطف الدينية إرضاء للجماهير وعلى حساب العقلانية والموضوعية.
يكفي العلمانية فخرا أنها لم تهبط إلينا بالمظلة من الفضاء الخالي في ساعات الفجر الأولى كنصوص جاهزة للتطبيق دون تجربة وتحقيق. ويكفيها فخرا أنها لم تأت من هضاب الصحراء الكبرى أو فراغات الربع الخالي، وإنما هي ابنة المخاض الإنساني المرير عبر العصور لتنوير هذا الإنسان التنين من اضطهاد أخيه الإنسان باسم الدين، ولتحرير الدولة والسياسة من سيطرة الخرافات والأوهام والشياطين. العلمانية هي ابنة حقبة تاريخية مليئة بالحروب والنزاعات والدماء ونتاج تجربة أليمة كلفت الإنسانية صراعا مريرا على مدى قرون بين حق الدين الإلهي في الهيمنة على الحكام والسياسة والوصاية على الثقافة والفكر والعلم والتسلط على الناس والمجتمع والحياة وبين محاولة الحكام الإفلات من هذه القبضة. ما يحدث اليوم في العالم العربي ليس صراعا على النفوذ في المجتمع بين رجل الدين ورجل السياسة وإنما هو تقاسم لهذا النفوذ بشكل مؤذ جدا وعلى حساب أي تطور اجتماعي. هذا التقاسم أدى إلى الخلط بين الدين والسياسة أو هيمنة الفكر الغيبي الشمولي المقدس المهاجم على الفكر التجريبي الإنساني العلمي المدافع. هذا الوضع المرضي الخطير تعاني منه حاليا كل المجتمعات العربية والإسلامية، ولا خلاص لها ولا مناص إلا بالفصل النهائي بين الدين والسياسة. مثلا ظهور الرؤساء في صلاة الجمعة على التلفزيون هو خلطا بين الدين والسياسة الهدف منه واضح ليس الصلاة وإنما النفاق بالتأثير على عواطف الناس المؤمنة من خلال الإعلام. الرئيس الذي يريد حقا الصلاة والتعبد يستطيع الذهاب بصمت إلى الجامع أو الكنيسة دون ضجة وإعلام ويكون بذلك صادقا مع نفسه والمجتمع



#سعيد_علم_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأوطانُ تُنْهِضُها الهامات وليس التهديد والعنتريات أيها الع ...
- الصوت أمانة شراؤه وبيعه خيانة
- أيها اللبنانيون البسوا ما يفصل لكم حزب الله وأنتم الناجون!
- إلى أين يريد حزب الله أخذ لبنان ؟
- فتح الانتفاضة، انتفاضة على من ؟
- ثورةُ الأَشجارُ
- الإرهاب أصبح ماركة عربية إسلامية مسجلة
- عندما حاولَ الدَّجاجُ الْطيران
- الأمير الكبير وكسرى الصغير
- ولقد شبع اللبنانيون من لحود حتى التخمة القاتلة
- الواقعُ العربي الواقفُ كعامود الخيمةِ فوق الرؤوس
- - يا سامعين الصوت-
- ولا شيءٌ على الجبينِ مكتوب!
- هل سنتعرف قريبا على كوبونات بشار ؟


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- ما بعد الإيمان / المنصور جعفر
- العلمانية والدولة والدين والمجتمع / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - سعيد علم الدين - العلمانية والديمقراطية وجهان لميدالية ذهبية واحدة